معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

+2
سندباد الشرق
الجبرتي
6 مشترك

    لوط عليه السلام

    لوط عليه السلام Empty لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف الجبرتي الأربعاء 11 يونيو - 4:44

    أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة

    سيرته:

    حال قوم لوط:

    دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء.

    لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة.

    وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.

    ذهاب الملائكة لقوم لوط:

    خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

    قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

    قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.

    سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط له مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:

    (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

    (فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه.

    (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

    (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

    إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.

    أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد".

    هلاك قوم لوط:

    عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.

    التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

    سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟

    خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم.

    كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

    قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم لوط السابقة.

    انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض
    سندباد الشرق
    سندباد الشرق
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 433
    رقم العضوية : 5
    تاريخ التسجيل : 30/05/2008
    نقاط التميز : 758
    معدل تقييم الاداء : 25

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف سندباد الشرق الجمعة 22 أغسطس - 4:49

    علية وعلي نبينا السلام
    لنا في سيرة الانبياء والرسل اعظم العبر
    شكرا يا جبرتي
    avatar
    hader
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 104
    رقم العضوية : 54
    تاريخ التسجيل : 02/08/2008
    نقاط التميز : 143
    معدل تقييم الاداء : 8

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف hader الإثنين 25 أغسطس - 22:49

    لوط عليه السلام 7ea9e910


    الف شكر
    avatar
    حمدي سلامة
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 116
    رقم العضوية : 57
    تاريخ التسجيل : 02/08/2008
    نقاط التميز : 119
    معدل تقييم الاداء : 3

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف حمدي سلامة الخميس 12 فبراير - 0:39

    لوط عليه السلام 787549
    avatar
    صابر
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 419
    رقم العضوية : 187
    تاريخ التسجيل : 28/11/2008
    نقاط التميز : 820
    معدل تقييم الاداء : 137

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف صابر الخميس 5 نوفمبر - 6:17

    ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة: قصة لوط عليه السلام وما حل بهم من النقمة العميمة. وذلك أن لوطا بن هاران بن تارخ ـ وهو آزر كما تقدم ـ ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل، فإبراهيم وهاران وناحور إخوة كما قدمنا، ويقال: إن هاران هذا هو الذي بنى حران، وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب، والله أعلم.

    وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر، وكان أم تلك المحلة، ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة إليها، ولها أهل من أفجر الناس، وأكفرهم وأسوئهم طوية، وأردئهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل، ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين.

    فدعاهم لوط إلي عبادة الله تعالى وحدة لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات، والفواحش والمنكرات، والأفاعيل المستقبحات، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم، واستمروا على فجورهم وكفرانهم، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم وجعلهم مثلة في العالمين، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين.

    أن لوطاً عليه السلام لما دعاهم إلي عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى ولا رجل واحد منهم، ولم يتركوا ما عنه نهوا، بل استمروا على حالهم، ولم يرعووا عن غيهم وضلالهم، وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم. وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم ـ إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا:

    {أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } (سورة النمل:56) .

    فجعلوا غاية المدح ذما يقتضي الإخراج! وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج.

    فطهره الله وأهله إلا امرأته، وأخرجهم منها أحسن إخراج، وتركهم في محلتهم خالدين لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج، لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج، وحر يتوهج، وماؤها ملح أجاج. وما كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن ارتكاب الفاحشة العظمى والفاحشة الكبرى، التي يسبقهم إليها أحد من أهل الدنيا، ولهذا صاروا مثله فيها، وعبرة لمن عليها.

    وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويأتون في ناديهم، وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم، المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه. حتى قيل: إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم، ولا يستحون من مجالسيهم، وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون، ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نميمة من ناقل، وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلاً، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر، ولا ندموا على ما سلف من الماضي ولا راموا في المستقبل تحويلاً فأخذهم الله أخذا وبيلاً.

    وقالوا له فيما قالوا:

    {ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } (سورة العنكبوت:29) .

    فطلبوا منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم، وحلول البأس العظيم، فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم، فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره على القوم المفسدين فغار الله لغيرته، وغضب لغضبته، واستجاب لدعوته، وأجابه إلي طلبته، وبعث رسله الكرام، وملائكته العظام، فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاءوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم:

    قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * {قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } (سورة الذاريات:31ـ34) .

    وقال:

    {وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } (سورة العنكبوت:31ـ32) .

    وقال الله تعالى:

    {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } (سورة هود:74) .

    وذلك أنه كان يرجوا أن يجيبوا أو ينيبوا ويسلموا ويقلعوا ويرجعوا، ولهذا قال تعالى:
    {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } * {يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } (سورة هود:75ـ76) .

    أي: أعرض عن هذا وتكلم في غيره، فإنه قد حتم أمرهم، ووجب عذابهم وتدميرهم وهلاكهم. (إنه قد جاء أمر ربك) أي: قد أمر به من لا يرد أمره، ولا يرد بأسه، ولا معقب لحكمه، (وإنهم آتيهم عذاب غير مردود).
    وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق: أن إبراهيم عليه السلام جعل يقول: أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن؟ قالوا: لا، قال: فمائتا مؤمن؟ قالوا: لا، وقال: فأربعون مؤمناً؟ قالوا: لا، قال: فأربعة عشر مؤمناً؟ قالوا: لا، قال ابن إسحاق: إلي أن قال: أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد؟ قالوا: لا

    {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } (سورة العنكبوت:32) .

    وعند أهل الكتاب أنه قال: يا رب أتهلكهم وفيهم خمسون رجلاً صالحاً؟ فقال الله: لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحاً، ثم تنازل إلي عشرة، فقال الله: لا أهلكهم وفيهم عشرة صالحون.
    avatar
    صابر
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 419
    رقم العضوية : 187
    تاريخ التسجيل : 28/11/2008
    نقاط التميز : 820
    معدل تقييم الاداء : 137

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف صابر الخميس 5 نوفمبر - 6:18

    قال الله تعالى:

    {وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } (سورة هود:77) .

    وقال المفسرون: لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم ـ وهم جبريل ومكائيل وإسرافيل ـ أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم، في صور شبان حسان، اختباراً من الله تعالى لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم، فاستضافوا لوطاً ـ عليه السلام ـ وذلك عند غروب الشمس، فخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم غيره، وحسبهم بشراً من الناس، و (سيئ بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق: شديد بلاؤه، وذلك لما يعلم من مدافعته الليلة عنهم، كما كان يصنع بهم في غيرهم، وكانوا قد اشترطوا عليه ألا يضيف أحداً، ولكن رأي من لا يمكن المحيد عنه.

    وذكر قتادة: أنهم وردوا عليه وهو في أرض له يعمل فيها، فتضيفوا فاستحيا منهم وانطلق أمامهم، وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية وينزلون في غيرها، فقال لهم فيما قال: والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبت من هؤلاء، ثم مشى قليلاً، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات، قال: وكانوا قد أمروا ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك.

    وقال السدي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط. فأتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها، وكانت له ابنتان: اسم الكبرى "أريثا" والصغرى "زغرتا". فقالوا لها: يا جارية، هل من منزل؟ فقال لهم: نعم مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم، فرقت عليهم من قومها، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه! أرادك فتيان على باب المدينة، ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم. وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلاً فقالوا: خل عنا فلنضيف الرجال فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت، فخرجت امرأته فأخبرت قومها؛ فقال: إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاءه قومه يهرعون إليه.

    وقوله: (ومن كانوا يعملون السيئات) أي: هذا ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة
    {قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } (سورة هود:78) .

    يرشدهم إلي غشيان نسائهم وهن بناته شرعاً؛ لأن النبي للأمة منزله الوالد، كما ورد في الحديث، كما قال تعالى:
    {ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ َّ} )سورة الأحزاب:6 ) .

    وفي قول بعض الصحابة والسلف: وهو أب لهم. وهذا كقوله:

    {أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ } * {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } (سورة الشعراء:165ـ166) .

    وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق، وهو الصواب. والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب، وقد تصحف عليهم كما أخطأوا في قولهم: إن الملائكة كانوا اثنين، وإنهم تعشوا عنده، وقد خبط أهل الكتاب في هذه القصة تخبيطاً عظيماً.


    وقوله:

    {فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } (سورة هود:78) .

    نهى لهم عن تعاطي ما لا يليق من الفاحشة، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا فيهم خير، بل الجميع سفهاء، فجرة أقوياء، كفرة أغبياء. وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه قبل أن يسألوه عنه.
    فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد، مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد:

    {قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } (سورة هود:79) .

    يقولون ـ عليهم لعائن الله ـ: علمت يا لوط أنه أرب لنا في نسائنا، وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا. واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم، ولم يخافوا سطوة العظيم، ذي العذاب الأليم. ولهذا قال عليه السلام

    {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } (سورة هود:80) .

    ود أن لو كان له بهم قوة، أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم، ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب.

    وقد قال الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً: "نحن أحق بالشك من إبراهيم، ويرحم الله لوطاً؛ لقد كان يأوي إلي ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي".

    ورواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وقال محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحمة الله على لوط، لقد كان يأوي إلي ركن شديد ـ يعني: الله عز وجل ـ فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه"

    وقال تعالى:

    {وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } * {قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } * {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } * {قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * {قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } ) سورة الحجر:67ـ71( .

    فأمرهم بقربان نسائهم، وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيئاتهم. هذا وهم في ذلك لا ينتهون لا يرعوون، بل كلما نهاهم يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرصون، ولم يعلموا ما حم به القدر مما هم إليه صائرون، وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون. ولهذا قال تعالى مقسماً بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه:

    {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } (سورة الحجر:72) .

    وقال تعالى:

    {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } * {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } (سورة القمر:36ـ38) .

    ذكر المفسرون وغيرهم: أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق، وهم يرمون فتحه وولوجه، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح، فلما ضاق الأمر وعسر الحال وقال ما قال:

    {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } (سورة هود:80) .

    لأحللت بكم النكال. قال الملائكة:

    {قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ } (سورة هود:81) .

    وذكروا أن جبريل عليه السلام خرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم، حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان، ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون إذا كان الغد كان لنا وله شأن!.

    قال الله تعالى:

    {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } (سورة القمر:37ـ38) .

    فذلك أن الملائكة تقدمت إلي لوط، عليه السلام، آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر الليل:

    {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } (سورة هود:81) .

    يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم. وقوله:

    {إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } (سورة هود:81) .

    على قراءة النصب؛ يحتمل أن يكون مستثنى من قوله: (فأسر بأهلك) كأن يقول إلا امرأتك فلا تسر بها، ويحتمل أن يكون من قوله: (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) أي: فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم، ويقوى هذا الاحتمال قراءة الرفع، ولكن الأول أظهر في المعنى. والله أعلم. قال السهيلي: واسم امرأة لوط "والهة" واسم امرأة نوح "والغة".
    وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة، الملعونين النظراء، والأشباه الذين جعلهم الله سلفاً كل خائن مريب:

    {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } (سورة هود:81) .

    فلما خرج لوط عليه السلام بأهله، وهم ابنتاه، لم يتبعه منهم رجل واحد، ويقال: إن امرأته خرجت معه. فالله أعلم. فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكانت عند شروقها، جاءهم من أمر الله ما لا يرد، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد.

    وعند أهل الكتاب: أن الملائكة أمروه أن يصعد إلي رأس الجبل الذي هناك فاستبعده وسأل منهم أن يذهب إلي قرية قريبة منهم فقالوا: اذهب فإنا ننتظرك حتى تصير إليها وتستقر فيها، ثم نحل بهم العذاب، فذكروا أنه ذهب إلي قرية "صوعر" التي يقول الناس: غور زغر، فلما أشرقت الشمس نزل بهم العذاب.

    قال الله تعالى:

    {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } (سورة هود:82ـ83) .

    قالوا: اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن ـ وكن سبع مدن ـ بمن فيهن من الأمم، فقالوا: إنهم كانوا أربعمائة ألف نسمة، وقيل أربعة آلاف ألف نسمة، وما معهم من الحيوانات، وما يتبع تلك المدن من الأرض والأماكن والمعتملات. فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء، حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، قال مجاهد: فكان أول ما سقط منها شرفاتها.

    {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } (سورة هود:82) .

    والسجيل: فارسي معرف، وهو الشديد الصلب القوي، منضود: أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء، مسومة: أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه ثم قال:

    {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } (سورة الذاريات:34) .

    وكما قال تعالى:

    {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } (سورة الشعراء:173) .

    وقال تعالى:

    {وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } * {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } (سورة النجم:53ـ54) .

    يعني: قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل، متتابعة، مسومة، مرقوم على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط من الحاضرين منهم في بلدهم، والغائبين عنها من المسافرين والنازحين والشاذين منها. ويقال: إن امرأة لوط مكثت مع قومها، ويقال: أنها خرجت مع زوجها وبنتيها، ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة، التفتت إلي قومها وخالفت أمر ربها قديماً وحديثاً، وقالت: واقوماه! فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها؛ إذ كانت على دينهم، وكانت عيناً لهم على من يكون عند لوط من الضيفان.

    {ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } (سورة التحرير:10) .

    أي: خاتناهما في الدين فلم يتبعاهما فيه. وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة، حاشا وكلا، فإن الله لا يقدر على نبي قط أن تبغي امرأته، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف: ما بغت امرأة نبي قط، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأ كبيراً. قال الله تعالى في قصة الإفك، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فعاتب الله المؤمنين وأنب وزجر، ووعظ وحذر، وقال فيما قال:

    {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ } * {وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } (سورة النور:15ـ16) .

    أي: سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة. وقوله هاهنا:

    {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } (سورة هود:83) .

    أي: وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم. ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلي أن اللائط يرجم؛ سواء كان محصناً أو لا، ونص عليه الشافعي واحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة.

    واحتجوا أيضاً

    بما رواه الأمام احمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"

    وذهب أبو حنيفة إلي أن اللائط يلقي من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط لقوله تعالى:

    {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } (سورة هود:83) .

    وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها، ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها، لرداءتها ودناءتها، فصارت عبرة ومثلة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره، وكذب رسله، واتبع هواه، وعصي مولاه، ودليل على رحمته بعباده المؤمنين في إنجائه إياهم من المهلكات، وإخراجه إياهم من الظلمات إلي النور، كما قال تعالى:

    {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } (سورة الشعراء:174ـ175) .

    وقال الله تعالى:

    {فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } * {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } * {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } * {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } * {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } (سورة الحجر:73ـ77) .

    أي: من نظر بعين الفراسة والتوسم فيهم، كيف غير الله بتلك البلاد وأهلها وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة. كما روي الترمذي وغيره مرفوعاً: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله". ثم قرأ:

    {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } (سورة الحجر:75) .

    وقوله: (وإنها لبسبيل مقيم) أي: لبطريق مهيع مسلوك إلي الآن. كما قال:

    {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } * {وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } (سورة الصافات:137ـ138) .

    وقال تعالى:

    {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (سورة العنكبوت:35) .

    وقال تعالى:

    {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * {وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } (سورة الذاريات:35ـ37) .

    أي: تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة، وخشي الرحمن بالغيب، وخاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى، فانزجر من محارم الله وترك معاصيه، وخاف أن يشابه قوم لوط. و"من تشبه بقوم فهو منهم"، وإن لم يكن من كل وجه، فمن بعض الوجوه، كما قال بعضهم فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فما قوم لوط منكم ببعيد .

    فالعاقل اللبيب الخائف من ربه الفاهم، يتمثل ما أمره به الله عز وجل، ويقبل ما أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال، والجواري من السراري ذوات الجمال، وإياه أن يتبع كل شيطان مريد، فيحق عليه الوعيد، ويدخل في قوله تعالى:

    {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } (سورة هود:83) .

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف Marwan(Mark71) الخميس 5 نوفمبر - 7:46



    شكرا للاخ صابر على هذه المعلومات عن قوم لوط عليه السلام, بالفعل مكان الخسف هو البحر الميت الموجود بين فلسطين والاردن وهو بحر صغير غني بالاملاح المعدنية بشكل ملفت للانتباه بحيث يمكن لاي شخص اراد السباحة هناك ان يطفو بشكل كامل على سطح الماء وحتى قراءة جريدة اثناء السباحة, ونسبة الملوحة به هي عشر اضعاف نسبة الملوحة في البحر الاحمر على سبيل المثال, وهو اخفض بقعة في الارض عن سطح البحر.. وعين زغر هي عين كانت على الضفة الشرقية الاردنية من البحر وهي التي ورد اسمها في حديث تميم الداري..المهم في الموضوع هو ان المنطقة موحشة مخيفة ترابها لونه رمادي مبلل بالزفت والقطران ورائحة الماء منفرة كراة البيض الفاسد, التلال المحيطة بهذه البحيرة كثيرة الانهيار شكلها كرؤؤس الشياطين..اذا مررت بجانبها تشعر بانها كانت منطقة خسف والعياذ بالله
    avatar
    صابر
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 419
    رقم العضوية : 187
    تاريخ التسجيل : 28/11/2008
    نقاط التميز : 820
    معدل تقييم الاداء : 137

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف صابر الجمعة 13 نوفمبر - 2:13

    اشكرك علي اثراء الموضوع بالمشاهدات الحية
    فليس من راي كمن سمع

    لوط عليه السلام Empty رد: لوط عليه السلام

    مُساهمة من طرف الجبرتي الأربعاء 20 يناير - 21:30

    اشكركم
    وشكر خاص لصابر

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل - 16:48