معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

4 مشترك

    وقفات مع قصة ادم علية السلام

    وقفات مع قصة ادم علية السلام Empty وقفات مع قصة ادم علية السلام

    مُساهمة من طرف عادل الإثنين 2 يونيو - 7:23

    وقفات مع قصة آدم عليه السلام







    يرد القصص في القرآن في مواضع ومناسبات ، وهذه المناسبات التي يساق القصص من أجلها هي التي تحدد مساق القصة ، والحلقة التي تعرض منها ، والصورة التي تأتي عليها ، والطريقة التي تؤدى بها ؛ تنسيقا للجو الروحي والفكري والفني الذي تعرض فيه ، وبذلك تؤدي دورها الموضوعي ، وتحقق غايتها النفسية ، وتلقي إيقاعها المطلوب .




    ويحسب أناس أن هنالك تكرارا في القصص القرآني ؛ لأن القصة الواحدة قد يتكرر عرضها في سور شتى ، ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أنه ما من قصة ، أو حلقة من قصة قد تكررت في صورة واحدة ، من ناحية القدر الذي يساق ، وطريقة الأداء في السياق ، وأنه حيثما تكررت حلقة كان هنالك جديد تؤديه ، ينفي حقيقة التكرار



    ويزيغ أناس فيزعمون أن هنالك خلقا للحوادث أو تصرفا فيها ، يقصد به إلى مجرد الفن - بمعنى التزويق الذي لا يتقيد بواقع - ولكن الحق الذي يلمسه كل من ينظر في هذا القرآن ، وهو مستقيم الفطرة ، مفتوح البصيرة ، هو أن المناسبة الموضوعية هي التي تحدد القدر الذي يعرض من القصة في كل موضع ، كما تحدد طريقة العرض وخصائص الأداء .



    والقرآن كتاب دعوة ، ودستور نظام ، ومنهج حياة ، لا كتاب رواية ولا تسلية ولا تاريخ ، وفي سياق الدعوة يجيء القصص المختار ، بالقدر وبالطريقة التي تناسب الجو والسياق ، وتحقق الجمال الفني الصادق ، الذي لا يعتمد على الخلق والتزويق ، ولكن يعتمد على إبداع العرض ، وقوة الحق ، وجمال الأداء .



    وقصص الأنبياء في القرآن يمثل موكب الإيمان في طريقه الممتد الواصل الطويل ، ويعرض قصة الدعوة إلى الله واستجابة البشرية لها جيلا بعد جيل ؛ كما يعرض طبيعة الإيمان في نفوس هذه النخبة المختارة من البشر ، وطبيعة تصورهم للعلاقة بينهم وبين ربهم الذي خصهم بهذا الفضل العظيم . . وتتبع هذا الموكب الكريم في طريقه اللاحب يفيض على القلب رضا ونورا وشفافية ؛ ويشعره بنفاسة هذا العنصر العزيز - عنصر الإيمان - وأصالته في الوجود ، كذلك يكشف عن حقيقة التصور الإيماني ، ويميزه في الحس من سائر التصورات الدخيلة . . ومن ثم كان القصص شطرا كبيرا من كتاب الدعوة الكريم



    فلنعش لحظات مع قصة البشرية الأولى وما وراءها من إيحاءات أصيلة:



    الدرس الأول : استخلاف آدم في الأرض على عهد من الله وشرط .



    ها نحن أولاء - بعين البصيرة في ومضات الاستشراف - في ساحة الملأ الأعلى ؛ وها نحن أولاء نسمع ونرى قصة البشرية الأولى: " وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة " وإذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود ، زمام هذه الأرض ، وتطلق فيها يده ، وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين ، والتحليل والتركيب ، والتحوير والتبديل ؛ وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات ، وكنوز وخامات ، وتسخير هذا كله - بإذن الله - في المهمة الضخمة التي وكلها الله إليه .



    وإذن فقد وهب هذا الكائن الجديد من الطاقات الكامنة ، والاستعدادات المذخورة كفاء ما في هذه الأرض من قوى وطاقات ، وكنوز وخامات ؛ ووهب من القوى الخفية ما يحقق المشيئة الإلهية .



    وإذن فهنالك وحدة أو تناسق بين النواميس التي تحكم الأرض - وتحكم الكون كله - والنواميس التي تحكم هذا المخلوق وقواه وطاقاته ، كي لا يقع التصادم بين هذه النواميس وتلك ؛ وكي لا تتحطم طاقة الإنسان على صخرة الكون الضخمة !



    وإذن فهي منزلة عظيمة ، منزلة هذا الإنسان ، في نظام الوجود على هذه الأرض الفسيحة . وهو التكريم الذي شاءه له خالقه الكريم .



    هذا كله بعض إيحاء التعبير العلوي الجليل: " إني جاعل في الأرض خليفة . . " حين نتملاه اليوم بالحس اليقظ والبصيرة المفتوحة ، ورؤية ما تم في الأرض على يد هذا الكائن المستخلف في هذا الملك العريض ! " قالوا:أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؟ " .



    ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم من شواهد الحال ، أو من تجارب سابقة في الأرض ، أو من إلهام البصيرة ، ما يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق ، أو من مقتضيات حياته على الأرض ؛ وما يجعلهم يعرفون أو يتوقعون أنه سيفسد في الأرض ، وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق ، وإلا السلام الشامل - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له ، هو وحده الغاية المطلقة للوجود ، وهو وحده العلة الأولى للخلق . . وهو متحقق بوجودهم هم ، يسبحون بحمد الله ويقدسون له ، ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته ! .



    لقد خفيت عليهم حكمة المشيئة العليا في بناء هذه الأرض وعمارتها ، وفي تنمية الحياة وتنويعها ، وفي تحقيق إرادة الخالق وناموس الوجود في تطويرها وترقيتها وتعديلها ، على يد خليفة الله في أرضه ، هذا الذي قد يفسد أحيانا ، وقد يسفك الدماء أحيانا ، ليتم من وراء هذا الشر الجزئي الظاهر خير أكبر وأشمل ، خير النمو الدائم ، والرقي الدائم ، خير الحركة الهادمة البانية . خير المحاولة التي لا تكف ، والتطلع الذي لا يقف ، والتغيير والتطوير في هذا الملك الكبير .



    عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء ، والخبير بمصائر الأمور: " قال:إني أعلم ما لا تعلمون ، وعلم آدم الأسماء كلها ، ثم عرضهم على الملائكة ، فقال:أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، قالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا . إنك أنت العليم الحكيم . قال:يا آدم أنبئهم بأسمائهم . فلما أنبأهم بأسمائهم ، قال:ألم أقل لكم:إني أعلم غيب السموات والأرض ، وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "



    ها نحن أولاء - بعين البصيرة في ومضات الاستشراف - نشهد ما شهده الملائكة في الملأ الأعلى . . ها نحن أولاء نشهد طرفا من ذلك السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري ، وهو يسلمه مقاليد الخلافة ، سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات ، سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة .



    وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض ، ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى ، لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات ، والمشقة في التفاهم والتعامل ، حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .



    فأما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية ، لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم ، ومن ثم لم توهب لهم ، فلما علم الله آدم هذا السر ، وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء ، لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم ، والاعتراف بعجزهم ، والإقرار بحدود علمهم ، وهو ما علمهم . . وعرف آدم . . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: " قال:ألم أقل لكم:إني أعلم غيب السموات والأرض ، وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ؟" .



    " وإذ قلنا للملائكة:اسجدوا لآدم . فسجدوا ..." إنه التكريم في أعلى صوره ، لهذا المخلوق الذي يفسد في الأرض ، ويسفك الدماء ، ولكنه وهب من الأسرار ما يرفعه على الملائكة ، لقد وهب سر المعرفة ، كما وهب سر الإرادة المستقلة التي تختار الطريق . . إن ازدواج طبيعته ، وقدرته على تحكيم إرادته في شق طريقه ، واضطلاعه بأمانة الهداية إلى الله بمحاولته الخاصة . . إن هذا كله بعض أسرار تكريمه .



    ولقد سجد الملائكة امتثالا للأمر العلوي الجليل . ". إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين " وهنا تتبدى خليقة الشر مجسمة:عصيان الجليل سبحانه ! والاستكبار عن معرفة الفضل لأهله ، والعزة بالإثم ، والاستغلاق عن الفهم .



    ويوحي السياق أن إبليس لم يكن من جنس الملائكة ، إنما كان معهم . فلو كان منهم ما عصى . وصفتهم الأولى أنهم "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . ." والاستثناء هنا لا يدل على أنه من جنسهم ، فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء ، كما تقول:جاء بنو فلان إلا أحمد ، وليس منهم إنما هو عشيرهم ، وإبليس من الجن بنص القرآن ، والله خلق الجان من مارج من نار . وهذا يقطع بأنه ليس من الملائكة .

    منقول


    عدل سابقا من قبل عادل في السبت 25 يوليو - 14:36 عدل 1 مرات

    وقفات مع قصة ادم علية السلام Empty رد: وقفات مع قصة ادم علية السلام

    مُساهمة من طرف الجبرتي الأربعاء 30 يوليو - 23:11

    جزاك الله خير الجزاء
    دنيا
    دنيا
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 115
    رقم العضوية : 179
    تاريخ التسجيل : 25/11/2008
    نقاط التميز : 116
    معدل تقييم الاداء : 1

    وقفات مع قصة ادم علية السلام Empty رد: وقفات مع قصة ادم علية السلام

    مُساهمة من طرف دنيا الأحد 30 نوفمبر - 23:37

    رائع شكرا لك
    avatar
    صابر
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 419
    رقم العضوية : 187
    تاريخ التسجيل : 28/11/2008
    نقاط التميز : 820
    معدل تقييم الاداء : 137

    وقفات مع قصة ادم علية السلام Empty رد: وقفات مع قصة ادم علية السلام

    مُساهمة من طرف صابر الثلاثاء 2 يونيو - 22:45

    ربنا يكرمك

    وقفات مع قصة ادم علية السلام Empty رد: وقفات مع قصة ادم علية السلام

    مُساهمة من طرف عادل السبت 25 يوليو - 14:37

    ربنا يكرمكم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 16 مايو - 20:39