موظفون بدرجة رجل أعمال!

هل يستطيع أي رجل أعمال العمل بدون علاقة مع الحكومة في مصر؟

مستحيل!

رجل أعمال مصري يعني بالضرورة موظفًا يعمل لدي وفي خدمة وتحت أمر نظام الحكم في مصر، ليه؟

لأن رقبة أي رجل أعمال في قبضة الحكومة، تستطيع في لحظة أن تفلس اللي خلفوه وترميه في السجن وممكن تحاصره وتطارده وتتركه عظمًا في قفة لو غضبت عليه، لو انزعجت منه، لو لم تستظرفه، ممكن تحول حياته لجحيم، تقف له زي اللقمة في الزور لا يعرف يبيع ولا يشتري ولا يصدر ولا يستورد، وفجأة يلاقي بتوع الجمارك ناطين في كرشه ورجالة الضرائب دابحين ملفاته ومفتشي الصحة والتموين مشركين بضاعته والكهرباء ساحبين التيار من المصانع، ولديهم مليون سبب وعشرة آلاف طريقة لتطليع عين أي كبير فيهم، فقط يؤمر الباشا الوزير ويأشر سيادة العقيد من أمن الدولة أو يأتي أمر من مكتب رئيس الوزراء وفي ثلاثة أيام أو أقل يلبس رجل الأعمال في الحيطة!

هل هذا دفاع عن رجال الأعمال؟ أبدًا هذا هجوم عليهم لكنه دفاع عن مصر، عندما أسمع بغبغاوات الدعاية الحكومية الذين يحدثوننا عن ضرورة تحول مصر للاقتصاد الحر والمفتوح وأن الخطوات التي تجتازها مصر نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي تستوجب أن يكون رجال الأعمال والقطاع الخاص قاطرة التنمية في البلد، أشعر بأن هؤلاء إما بيستعبطوا أو بيستهبلوا!

أولاً: دعنا نذكركم بأن مصر عاشت حالة القطاع العام وملكية الدولة الكاملة للإنتاج من عام 1960حيث قرارات التأميم إلي عام 1974حيث ورقة أكتوبر والانفتاح الاقتصادي ويذهلني أن من يهاجمون عبدالناصر والقطاع العام يهاجمون رجلاً فعل ما فعل في عشر سنوات فقط من تأميماته في منتصف 60حتي وفاته في سبتمبر 70، بينما الرئيس مبارك أطال الله في عمره وعمر حكمه يحكمنا منذ 27سنة ومازال يشكو مما حدث في عشر سنوات فقط!! المهم لم تكن فترة عبدالناصر والسادات تخلو إطلاقًا من رجال أعمال وقطاع خاص، وعبدالناصر هو مخترع مصطلح الرأسمالية الوطنية، لكننا نكتشف مع رجال أعمال أمانة السياسات (التي ضمت حتي الآن متهمًا بالقتل ومتهمًا بتلويث الدم ومتهمًا برشوة مسئولي البترول ومتهمًا برشوة موظفين ومتهمًا بإغراق ألف وثلاثمائة مواطن ومتهمًا بالاحتكار ومحكومًا عليهم في قضايا احتكار.. الله الله أمانة سياسات إيه بالضبط!!) تقول لنا إن الرأسمالية بلا وطن وإن وطنها الربح خصوصًا عندما يكون معظم الشركات المالكة للاقتصاد المصري عبارة عن وكلاء للغرب وللشركات العالمية التي تعتبر مصر سوقًا لا وطنًا!

ثانيًا: لا يمكن مشاركة القطاع الخاص ولا رجال أعمال في التنمية في بلد مستبد ومزور للانتخابات وفي مجتمع سياسي فاسد يخلو من الرقابة والمحاسبة، ففي هذه الحالة رجال الأعمال يصبحون تابعين لرجال السياسة وسكرتارية لرجال الحكم حيث يتحكم مسئولو الحكم في القوانين ويقومون بالتلاعب بها واللعب فيها، ثم هم الذين يملكون إعمال هيئات الرقابة أو الطناش والصهينة وهم الذين يمكنهم في واقع بوليسي يديره أمن الدولة الاعتراض علي ملاك وأصحاب الشركات بل وموظفيهم كبارًا وصغارًا وهم كذلك الذين يملكون مفاتيح البنوك التي تقرض رجال الأعمال والمشروعات الاستثمارية وبمكالمة تليفون تحصل علي مليار وبمكالمة ميسد كول تذهب القروض هباء منبثا، وهي الدولة التي تملك الأراضي والمرافق والتي يمكنها أن تبيع لك فدانا بجنيه وتبيع شقيقه في نفس المنطقة بمليون، إذن في مجتمع غير ديمقراطي وسياسة حكم شمولية قائمة علي فرعون يحكم حكمًا مطلقًا وفرديًا فلا توجد قواعد ومعايير إلا الولاء والسمع والطاعة فصارت هذه هي مؤهلات رجال الأعمال وليست الكفاءة ولا النجاعة ولا الطموح ولا النبوغ.

ثالثًا: رجال الأعمال في مصر هم اختراع نظام الرئيس مبارك، فهو يريد قطاعًا خاصًا يسحب من القطاع العام قدراته ومقدراته كي تكتمل صورته الرأسمالية لدي الغرب والأمريكان، ففي نفس الوقت الذي كان في حاجة ماسة لاختراع أحزاب معارضة تجمل صورة حكمه وتسوق سمعته الديمقراطية في الخارج، اخترع حزب رجال الأعمال لتصبح مهمة هؤلاء خدمة النظام اقتصاديًا وماليًا، ومن اللحظة الأولي كان هؤلاء وشركاء الدولة ويعملون لديها موظفين بدرجة رجل أعمال وكل موظف منهم وشطارته، هناك من شارك أبناء المسئولين وهناك من تزوج بهم أو بهن وهناك من اقتسم الأرباح معهم، ثم بدأت القصة تتنامي وتتفرع فانتهت إلي رجال الحكم شخصيًا بدأوا البزنسة بأنفسهم ويلعبون مباشرة في التجارة وعلي عينك يا تاجر ومن الناحية الأخري بدأ رجال البزنس في التجارة بالسياسة وفي السياسة، فصرت تجد رجال أعمال وزراء وأعضاء في البرلمان منتخبين بفلوسهم (التي هي أصلا فلوس الدولة التي منحتها لهم وقسمتها معهم) أو معينين (بفلوسهم وتمويلهم للحزب الحاكم اللي هي فلوس حكومته المصروفة لرجال الأعمال ودعنا نذكرك بحوار شهير علني ومؤسف بين مسئول كبير جدًا وقديم مأصل في الحكم مع رجل أعمال كبير خالص ومن اختراعات جمال مبارك حين تواجها حول تبرعات رجل الأعمال للحزب فقال له ما إنت كسبت قدهم مائة مرة).

رابعًا: طبيعي إذن أن دقيق الدولة في زيت رجال الأعمال ومن المستحيل أن تعرفهم وتفرقهم عن بعض والنموذج الأشهر هنا هو جمال مبارك فهو راية رجال الأعمال في الحكم وزعيم ورمز دولة رجال الأعمال في مصر ولو قلت لابد من الفصل بين رجال الأعمال والسياسة فسوف يصدمك السؤال مباشرة، واشمعني جمال مبارك ولا عشان ابن الرئيس!

لا يوجد رجال أعمال في مصر، يوجد موظفون لدي الدولة بدرجة رجال أعمال، أكيد منهم ناس محترمة ونبيلة ومخلصة لكن السياق والمحيط الذي يعملون فيه يجبرهم علي أن يعملوا في خدمة الحكم ورجال الحكم وشفنا عندما حاول أحد رجال الأعمال أن يكون مستقلاً وبعيدًا عن نفوذ مسئولي الدولة فكادوا يقتلونه بالمعني الحرفي وليس المعنوي بل تقريبًا قتلوه قبل أن تتجلي رحمة ربنا وتنقذه في آخر متر نحو الموت!

ما سر ما يجري في البلد من استبداد وفساد؟ السر أن الاستبداد صار ممولاً من الفساد والفساد بات محميًا بالاستبداد، والحل الوحيد ليس في فصل الاتنين عن بعض بل فصل الاتنين عن البلد..!

الفساد والمفسدين ليسو موجة جديدة بل قديمة قدم الانسان
لكن ان يكون الفساد هو القاعدة والشرف هو الاستسناء فهذا هو الجديد
الذي نعيش فية

موضوع بسم البدن وبيرفع الضغط...شكرا يا مرمر

فعلا يسم البدن ويرفع الضغط ويجيب بواسير كمان بس هي دي الحقيقة المرة
حقيقة بطعم العلقم