أداب وفلسفة الاختلاف
يعد الإختلاف إحدى حقائق الكبرى في هذا الكون سواء كان هذا الإختلاف اختلافا في الأفكار والأيديولوجيات أوفي المصالح والإتجاهات والطبائع والإختلاف ليس مجرد حقيقة كبرى لكنه حقيقة جميلة تعطي الحياة معناها وديناميكيتها ويبقى بعد ذلك أن نبحث عن السبيل لإدارة هذا الخلاف على أسس صحيحة تضمن للإنسان حريته وحقه في الإختيار ولم يكن الفقه الإسلامي في مرحلة النهضة والإزدهار منكرا للإختلاف كحقيقة واقعة أو منكرا لحق البشر في الإختيار والإختلاف وفي إطار هذا التسليم بحق الإختلاف فقد اختلف فقهاء الإسلام تقريبا في كل شئ وإذا تناولنا أصول الفقه يتضح لنا عمق هذا الإختلاف فحول القرآن وهو أول أصول الفقه ظهرت أنواع مختلفة من التفسير فهناك تفسير القرآن بالمأثور من لسان العرب ولغتهم وهناك التفسير تبعا لمذهب أهل الرأي والمعتزلة والذين أعلوا من مكانة العقل وهناك عدة تفسيرات صوفية تعلي من مكانة الذوق والإشراق والكشف والإلهام وإلى جانب ذلك فقد مالت كل فرقة إسلامية إلى أحد التفسيرات أوضعت لنفسها تفسيراً وإلى جانب ذلك فهناك إختلافات عميقة بين الفقهاء حول أسس التعامل مع القرآن الكريم فمنهم من يرى أن العبرة بمطلق اللفظ وعموم المعنى ومنهم من يرى العكس من ذلك وأن العبرة بخصوص السبب الذي لا ينسحب على غيره من الأسباب إلا في ظل ظروف خاصة كما اختلف الفقهاء حول اعتبار أسباب النزول ومنهم من يولي أهمية كبرى إلى ظاهر الكلمات والنصوص ومنهم من يرى ضرورة التأويل وأهميته لفهم حقيقة مقاصد القرآن وهكذا
أما إذا انتقلنا إلى الحديث الشريف وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فسوف نجد أن الخلاف أكثر عمقاً فحول أعداد الحديث الشريف هناك من الفقهاء من لا يعترف سوى بصحة عدد يقل عن العشرين حديثا وهناك في نفس الوقت من يصل بعدد الأحاديث المنسوبة للرسول إلى ستمائة ألف حديث وحول كتابة الحديث هناك من الفقهاء من يرى الأولوية لمتن الحديث بصرف النظر عن الإسناد وهناك من يرى الأولوية للإسناد بصرف النظر عن متن الحديث.
كما اختلف الفقهاء حول إجتهاد الرسول ومدى حجية السنة وخاصة في مجال الحدود بالإضافة إلى اختلافات عميقة حول حجية أحاديث الآحاد أو الأحاديث التي وصلت إلينا بطريقة التواتر.....الخ
أما إذا انتقلنا إلى الإجماع كأصل من أصول الفقه فسنجد أن هناك اختلافات حول مدى حجية الإجماع في الفقه والفتوى ومن هم بالضبط المشار إلى إجماعهم وهل هم المسلمون جميعا أم الصحابة فقط أم أهل المدينة ثم اختلافات حول من هم الصحابة وهل هم جميع المسلمين المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم أم هم المقربين منه كما اختلف الفقهاء حول القياس وموقعه من أصول الفقه وشروطه واختلفوا حول المصالح المرسلة وهل هي مصلحة الفرد أم مصلحة المجموع وهل تقدم على النص وما هي حدودها.
وقد تعاصر كبار الفقهاء المسلمين حيث عاش الإمام أبو حنيفة النعمان {80 – 150 هـ } في نفس زمن الإمام مالك {93 – 179 هـ} كما عاصر الإمام الشافعي {150 – 204 هــ} الإمام أحمد ابن حنبل {164 – 241هـ} وعلى الرغم من ذلك فقد أسس كل من هؤلاء الفقهاء مذهبا سنيا مختلفا عن غيره من المذاهب وكان لكل منهم تلاميذه وقد اختلف تلاميذهم معهم كذلك وهذه الإختلافات كلها تدور في الإطار الفقهي السني ولاشك أنها ستكون أعمق وأكثر جذرية إذا انتقلنا بها إلى مجال السياسة والخلافة وشروطها وموقعها من أصول الدين..الخ وقد أفرز هذا الخلاف ثورة فقهية هائلة كما أسفر عن تبلور كثير من المذاهب والفرق الإسلامية المتعددة في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة وكان من المفترض أن ينتج هذا الخلاف مناخا صحيا للحوار والرأي يكون أحد أسس مواجهة المسلمين للتحديات التي تفرضها عليهم العصور المختلفة ولكن ما حدث كان على النقيض من ذلك إذ سادت فكرة الواحدية وتعرض الكثير من الفقهاء والمفكرين الذين تمردوا على الفكر السائد للسجن والتعذيب والقتل وأحرقت كتب الفيلسوف والفقيه ابن رشد أمام الناس وكانت هناك أسباب متعددة حالت دون أن يؤدي الحوار آثاره المتوقعة على الفكر والحياة ومن تلك الأسباب:
- ارتباط الأختلاف بالصراع على السلطة والنفوذ والمصالح وهو الأمر الذي أشعل الحروب بين المسلمين منذ معركة الجمل سنة 35هـ.
- سحب القدسية من القرآن الكريم والسنة النبوية إلى آراء الفقهاء وإجتهاداتهم وفتاويهم إذ راحت كل مدرسة فكرية تدعى أنها الأصح في نسبتها إلى القرآن الكريم الأمر الذي استلزم بالضرورة أن تنسحب قدسية القرآن والسنة عليها ومن هنا فالأفكار المخالفة لا تعدو أن تكون مجرد هرطقة ولغو وأصبح التكفير للمخالفين هو أكثر الأسلحة شيوعا بين الجميع
واليوم تعد الممارسات الفقهية نموذجا لما نراه من غيبة أدب وفلسفة الإختلاف فالجماعات الإسلامية تكفر الحاكم وبعضها يكفرالمجتمع ثم تقوم هي بدورها بتكفير بعضها بعضا ويستبيح الجميع دم الجميع فعندما يصبح التكفير هو السلاح المشهر عند الإختلاف فلا رأي ولا حوار ولا تفاعل ولا تقدم.
- أما ثالث الأسباب التي حرمت المسلمين ثمار الإختلاف فهي إغفال مفهوم الفقه والفتوى حيث لم يعد الإختلاف يدول حول الفقه والتفسير الأقرب للصحة بالنسبة للظواهر الموضوعية وإنما دار الإختلاف حول الأحكام النهائية والتي وجدت فيها الجماعات والفرق الإسلامية تعبيرا عن هويتها وتميزها ومن ثم تمسكت بها ودافعت عنها
ويبقي التسائل لماذا لم تسفر تلك الإختلافات عن إرساء أسس عقلانية للحوار تعترف بحق الجميع في الوجود وفي الإجتهاد وفي الإختلاف والإختيار إلا إذا كان كل صاحب رأي يعتقد أنه يمثل الإسلام ذاته وهذا في حد ذاته نفي للآخرين ولفكرة الإختلاف من أساسها.
ومن هنا فلا بد من العمل على مختلف المستويات القانونية والسياسية والفكرية على إرساء تقاليد الإختلاف وإشاعة مناخ صحي يسمح بالتعدد وممارسة حق الإختلاف في إطار من القانون والفكر المستنير الذي يؤمن بأن الأختلاف هو أصل الأشياء سواء كان إختلافا في الملل والنحل أو إختلافا في المذاهب السياسية والإقتصادية والاجتماعية أو إختلافا في مدارس الثقافة والفكر والفن.
وهذا الإختلاف بلا شك أحد أهم أسس حقوق الإنسان إن لم يكن أهمها على الإطلاق
يتبع
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
» فرح جامد آخر حاجه
» ملحمة الثورة في السويس
» موقعة الجمل 2-2-2011
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
» لماذا قامت الثورة ؟
» مواهب خرجت من رحم الثورة
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
» المتحولون
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
» اول ساعة ثورة
» ثم ماذا بعد ؟
» ذكريات اول ايام الثورة
» ندااااااااء
» دحمبيش الغربيه
» الحجاب والنقاب في مصر
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
» شخصيات خلبية وهزلية
» msakr2006
» ente7ar007
» Nancy
» waleed ali
» hamedadelali
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
» علي عبد الله رحاحلة
» sheriefadel
» خالد احمد عدوى
» khaled
» yasser attia
» abohmaid
» ملك الجبل
» elcaptain
» حاتم حجازي
» aka699
» wasseem
» mohammedzakarea
» حيدر
» hamadafouda
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
» same7samir
» تامر الباز
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
» امجد
» ahmedelmorsi
» محمد امين
» MrMoha12356
» نوسه الحلو
» ibrahem545
» يوسف محمد السيد
» memo
» هاكلن
» لماذا نريد التغيير
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
» الفساد في مصر بلا حدود 2
» الفساد في مصر بلا حدود
» العمال والتغيير السياسي في مصر
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
» علماء مصر و التغيير السياسي
» معا ننقذ فؤادة
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
» حوده
» وليد الروبى
» dr.nasr
» المشير أحمد إسماعيل
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
» wessam
» عذب ابها
» soma
» islam abdou
» رسالة ترحيب
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
» اصول العقائد البهائيه