معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    شادى عبد السلام

    avatar
    محمد احمد
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 502
    رقم العضوية : 81
    تاريخ التسجيل : 28/08/2008
    نقاط التميز : 885
    معدل تقييم الاداء : 51

    شادى عبد السلام Empty شادى عبد السلام

    مُساهمة من طرف محمد احمد الخميس 15 أكتوبر - 5:10

    أنا من وجه قبلى والإسكندرية.. ابن عائلة محافظة من عائلات المنيا والإسكندرية، والدى كان محامياً من رجال القانون.. اسمى شادى محمد محمود عبد السلام، ولدت فى الإسكندرية ولكنى لم أنقطع عن الذهاب إلى بيتنا فى المنيا طوال حياتى.. بالطبع أنا ابن الصعيد.. أحببت المنيا.. أحببت فيها كل شئ.. المنازل. الملابس. طريقة الكلام. التقاليد والعادات. الصفات الأخلاقية. إن لون أهل الصعيد هو اللون الذى يريح عينى. 1952: كان والدى ضد القصر وضد الاحتلال البريطانى طبعاً.. وقد قامت الثورة فى شبابى وراقبت كل ما يحدث ولكن من بعيد.. إننى أقف ضد كل أشكال القهر الاجتماعى وأجد نفسى دائماً على اليسار.. ليبرالياً. نعم بكل تأكيد، وإن كنت أفضل أن أقول إننى صعيدى.. إن الصعيد هو مصر الحقيقية.. مصر الفرعونية .




    * 1954: ليس هناك فنان واحد فى عائلتى فقد بدأت أرسم منذ طفولتى.. والحق أن أحداً لم يشجعنى وفى الوقت نفسه لم يمنعنى من مزاولة هوايتى.. وقد حاولت أن أقرأ ولكن مكتبة والدى كانت قاصرة على كتب التاريخ والقانون الصعبة.. فى سن الثالثة عشرة لم يكن هناك مفر من القراءة إذ رقدت عامين فى الفراش حتى الخامسة عشرة لأن طول قامتى المتزايد كان يعرض قلبى للخطر.. وبعد هذين العامين صارت حركتى أبطأ وأصبحت انعزالياً إلى حد ما، عاطفياً جداً، وبليداً جداً فى الدراسة.. فى البداية سافرت إلى أوروبا لأول مرة وكان عمرى تسعة عشر عاماً. ذهبت إلى باريس ولندن وروما.. كنت أريد أن أدرس المسرح ولكنى لم أتمكن من ذلك.. وعلى العكس من فترة الدراسة فى فكتوريا كولدج حيث كنت لا أقرأ ولا أهتم بالمعرفة، بدأت أقرأ بنهم وأنا فى كلية الفنون.. وفى عام 1954 تخرجت فى قسم العمارة.

    * 1956: ذهبت إلى الجيش فى سلاح الصيانة بالعباسية.. كان هذا أول لقاء جاء لى أتعرف من خلاله وبالممارسة وليس بمجرد القراءة على الشعب بجميع طبقاته وفئاته وثقافاته الحقيقية.. فأنت تتجمع مع زملائك فى التجنيد بكل نوعياتهم فى مكان واحد.. وترتدون جميعاً "عفريتة" واحدة، وسواء أردت أو لم ترد فلابد أن تتفاهم مع الجميع وتعرفهم، وبعد قليل تجد نفسك قد تعودت عليهم وأصبحت واحداً منهم.. وفى هذه التجربة المهمة جداً تعودت على النظام وقوة العمل الجسمانى وابتعدت مؤقتاً فى الوقت نفسه عن القراءة والكتابة وعن الرسم، وكأنك أخذت أجازة إجبارية من ذلك كله لكى يتجه عقلك اتجاهاً آخر تماماً.. لقد أعطانى هذا العام الكامل من الخدمة العسكرية الفرصة لكى أفكر على مدى هذا العام فيما يمكن أن أصنعه بعد ذلك.

    * 1959: جاءتنى الشجاعة يوماً وطرقت باب صلاح أبو سيف فى بيته.. قلت له أريد أن أعمل فى السينما، وذلك بعد أن عرفته بنفسى، ولم يفتنى أن أذكر له أننى جاره فنحن نسكن فى شارع واحد بالزمالك.. رحب بى صلاح أبو سيف وكنت معه فى الاستديو كل يوم.. فى أول فيلم وكان فيلم "الفتوة" عام 57/58 تقريباً كنت شبه متفرج.. العمل الذى قمت به مجرد تدوين الوقت الذى تستغرقه كل لقطة. ثم عملت معه بعد ذلك مساعد مخرج فى أفلام "الوسادة الخالية" و"الطريق المسدود" و"أنا حرة" وعملت بعدها مع الأستاذ بركات ثم الأستاذ حلمى حليم فى "حكاية حب" وفى هذا الفيلم عملت الديكور لأن مهندس الديكور كان غائباً.. نجح الديكور ويبدو أنه لفت الأنظار فجاءتنى عقود لعمل ديكور ثلاثة أفلام أخرى.

    * 1961: بدأت العمل فى ديكور "صلاح الدين الأيوبى" كان يخرجه عز الدين ذو الفقار وتوقف العمل بموته، ثم عملت فى "وإسلاماه" بدلاً من أستاذى ولى الدين سامح بسبب سفره إلى الخارج، حيث قمت بتصميم الديكور والملابس.. الفيلم أخرجه مخرج أميركى اسمه أندرو مارتن عام 1960 وهو مخرج جيد لكنك عندما تخرج فيلماً تاريخياً فلابد من المعرفة الدقيقة للتاريخ والعادات واللهجات، وفى رأيي أن المحاولة لم تنجح لأن الممثلين كانوا يتكلمون العربية وهى لغة لا يفهمها المخرج ولا يستطيع أن يتذوقها وبالتالى يصعب عليه توجيههم.

    * 1966: صممت بعد كليوباترة وقبل فرعون ديكورات عدة أفلام هى: شفيقة القبطية، والخطايا، وألمظ وعبده الحامولى، ورابعة العدوية، وأميرة العرب، وأمير الدهاء، وبين القصرين، والسمان والخريف، ومن الملاحظ أن أغلب هذه الأفلام تدور أحداثها فى ديكورات تاريخية والسبب فى ذلك نجاحى فى "وإسلاماه" وعملى فى "كليوباترة".. لقد نلت ثقة المنتجين بعد هذين الفيلمين للعمل فى الأفلام التاريخية المختلفة.

    * 1966: لم أحتك بمانكوفيتش مخرج كليوباترة كثيراً. ولكنى عرفت كافليروفيتش مخرج "فرعون" جيداً، فقد علمنى هذا الفنان الكثير والكثير ولن أنسى أنه أول من شجعنى على الوقوف وراء الكاميرا إذ جعلنى أخرج إحدى لقطات فيلمه، كما كان أول من شجعنى عندما شاهد "المومياء" بعد خروج الفيلم من المعمل مباشرة فى روما. أما فى تجربة العمل فى هذين الفيلمين فقد جعلنى أتعرف على أهم نظامين فى الإنتاج السينمائى.. نظام الشركات الرأسمالية الكبرى، ونظام المؤسسات العامة، وجعلتنى ألمس الفروق الجوهرية بينهما، إن العمل فى فيلم كليوباترة كان أشبه بالعمل فى مصنع، أما العمل فى فرعون كان أشبه بالعمل فى مدرسة.

    * 1967: عملت مع روسيللينى فى فيلم عن الحضارة، وترك روسيللينى فى نفسى تأثيراً لم يتركه أحد غيره من الناحية الفكرية لا الإنتاجية الشكلية، وذلك بما يمتاز به من بساطة التفكير السينمائى مع العمق فى الوقت نفسه، وإليه يرجع الفضل فى تحقيق رغبتى فى الانتقال إلى مهنة الإخراج. كانت الرغبة فى الإخراج السينمائى تلح علىّ منذ زمن طويل.. أكتشفت اننى كنت أضيع وقتى فى العمل بالديكور.. أعمل حوائط ونوافذ وأرسمها وترهقنى فى عملها ثم لا تستخدم كما أتوقع.. وقلت حان الوقت لأقول رأيي وبدأت فى كتابة "المومياء" الفيلم.. كان هناك إحساس قوى يدفعنى للكتابة بغض النظر عن تنفيذ الفيلم أو عدم تنفيذه.. استغرقت كتابته حوالى عام ونصف.. أوقفت خلالها أعمالى الأخرى ووصلت حالتى المالية إلى أزمة قاسية.. لكننى وجدت نفسى غير قادر على عمل أى شئ آخر غير كتابة فيلمى.. جاءتنى بعض العروض لتصميم وتنفيذ ديكورات أفلام بأجور خيالية، لكن وجدت أننى أكذب عليهم وأكذب على نفسى لو قبلت.. بعد أن انتهيت من كتابة الفيلم بدأت أبحث عن طريقة لتنفيذه.. تصادف وقتها أن كنت أعمل مع روسيللينى فى فيلم الحضارة كما ذكرت.. عرضت عليه السيناريو.. أخذوه فوراً بعد أن قرأه على وزير الثقافة وقتها الدكتور ثروت عكاشة، قال له كيف تتركون هذا السيناريو ولا تنفذونه فى الحال. سأله الوزير عن كاتبه، ولما ذكر له اسمى رد عليه الدكتور ثروت بأنه لا يعرفنى، فأجاب روسيللينى: كيف تعرفه قبل أن يعمل فيلماً، دعه يعمل وحينئذ فقط ستعرفه جيداً.. وقرأ الدكتور ثروت السيناريو فأعجب به ودخل السيناريو فى مشاريع مؤسسة السينما.
    avatar
    محمد احمد
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 502
    رقم العضوية : 81
    تاريخ التسجيل : 28/08/2008
    نقاط التميز : 885
    معدل تقييم الاداء : 51

    شادى عبد السلام Empty رد: شادى عبد السلام

    مُساهمة من طرف محمد احمد الخميس 15 أكتوبر - 5:11

    * 1968: كنت قد قرأت قصة اكتشاف المومياوات فى الدير البحرى لأول مرة عام 1956 وهى التى أصبحت موضوع أول أفلامى منذ عام 1963 وأنا فى بولندا أثناء العمل فى فيلم فرعون.. جعلنى الحنين إلى مصر أفكر فى هذا الموضوع فى ليلة شتاء باردة جداً، قلت لنفسى أين هذا المناخ من مناخ مصر، ومن هنا بدأت رحلة المومياء فى عقلى، وفى عام 1965 ظهر الشكل الأول.. قصيدة شعر من 40 سطر تقريباً كتبتها على لسان الغريب، إنها ليست قصيدة بمعنى الكلمة ولكنها نظم أقرب منها إلى الشعر، وبعدها بدأت أكتب السيناريو، فى البداية كان فيلماً واقعياً تقليدياً أطلقت عليه "دفنوا مرة ثانية" ثم "ونيس"، ولكننى لم أكن متعجلاً وكنت ابحث للوصول إلى الشكل الملائم تماماً للتعبير عن نفسى. وفى مارس 1968 بدأت التصوير مع عبد العزيز فهمى الذى أعتبره يدى اليمنى وأصدقائى وتلاميذى سمير عوف مساعدى الثانى وصلاح مرعى مهندس الديكور وأنسى أبو سيف مهندس الديكور وكلهم من خيرة الشباب فى السينما المصرية اليوم. لقد كتبت السيناريو قبل 5 يونيو 1967 وصورت الفيلم فى 22 مارس 1968 وكان لهذا اليوم تأثير كبير سواء كان واضحاً فى الفيلم أم لا. لقد خجلت يومها من النظر إلى المرآة وفى يوم 12 ديسمبر توفى والدى، ولاشك أن لهذا اليوم أيضاً تأثيره الكبير إذ كان والدى بالنسبة لى يعنى أكثر من مجرد كونه أباً.


    * 1969: المومياء ليس أكثر من 24 ساعة تمثل لحظة وعى أو ضمير لم ينضج بعد عام 1881 أى قبل عام من الزحف الاستعمارى الإنجليزى على مصر عام 1882، إننى أحاول فى الواقع أن أعبر عن قضية عامة جداً لكنها تاخذ القالب المصرى، البيئة والحياة والتاريخ، الذى أعرفه وأحس به أكثر من غيره. * 1969: منذ عينت مشرفاً على مركز الفيلم التسجيلى وأنا هدفى الأساسى إيجاد سينمائيين صادقين أكثر منه عمل كم من الأفلام أو تنفيذ برنامج روتينى فإن فقر السينما يرجع إلى عدم وجود شخصيات سينمائية أو كما يقولون فى فرنسا ليس هناك الحوار الذى يمكن أن يخلق وسطاً من السينمائيين المثقفين وكنت أشترط دائماً أن يأتى المخرج بفكرته هو ليس مستعيراً لفكرة غيره حتى يوجد ما يسمى بالمؤلف السينمائى.


    * 1970: "شكاوى الفلاح الفصيح" صرخة من أجل العدالة قائمة دائماً. وللعلم فالبردية التى تضمنت هذه الأسطورة عمرها أربعة آلاف سنة. والمسألة هنا فى الفيلم ليست مجرد تاريخ أو إحياء بردية لها قيمة خاصة رغم ضخامة هذه القيمة فى ذاتها. لكنها بالفعل صرخة احتماء بالعدالة. وهى صرخة قائمة فى كل العهود. ما حركنى هو قيمة البردية نفسها. بردية عمرها أربعة آلاف سنة ومكتوبة بمنطق يمكن القول بأنه منطق حديث. نص أدبى رائع وواضح جداً. وهى أول قصة وجدت فى التاريخ. طبعاً كان هناك (حواديت) وأساطير قبلها، لكنها كانت كلها تابعة للدين. هذه القصة لا علاقة لها بالدين. مشكلة اجتماعية لمزارع بسيط يتجه بسلعته إلى السوق. يسرقه اللصوص. يطلب من العدالة أن تأخذ مجراها. لكن العدالة صامتة فيهاجمها. ويصرخ فى وجه السلطة. يطالب السلطة أن تكون على مستوى المسئولية موضحاً مواصفات الحاكم العادل.. وهكذا حتى يسترد حقه.. أول قصة قصيرة مستقلة لكاتب مفكر فى وقته.

    * 1972: كنت قد توليت إدارة المركز حديثاً عندما فكر المسئولون أن أعمل فيلماً يطرح نموذجاً لأوجه النشاط الثقافى المختلف للوزارة فى البالية والموسيقى والمسرح ونشاط الفرق الفنية والثقافية المختلفة. كان المقصود طبعاً عمل فيلم من النوع الإعلامى، فى البداية تهربت من الموضوع لمجرد أن قيل لى أن أعمله ولم يأت منى أنا.. قالوا: عاين الموضوع بنفسك. استعرض النشاط وتأمله ثم قل رأيك بعد ذلك.. قبلت متردداً. أمضيت سنة أصور بعض أوجه النشاط ثم أتوقف.. كانت البلد فى حالة حزن وقرف بسبب النكسة ووجدت أن الذى يقوم بالنشاط الثقافى إلى جانب الهيئات أفراد أو أطفال. وبدأت أكتشف أن هناك حياة تدور رغم الكابوس. وتبين لى أن الفيلم يمنحنى الفرصة للكشف عن أشياء جميلة فى حياتنا لكنها غير ظاهرة لأنها بعيدة عن الأضواء ولا تجد من يكتشفها. وما تم اكتشافه منها تقتصر المعرفة به على مجموعة خاصة، واتسعت فى نظرى فكرة الفيلم.. لم تعد محصورة داخل إطار بعض أوجه نشاط وزارة الثقافة، وإنما ضمت أيضاً نشاط أفراد لا علاقة لهم بالوزارة لكى أقول إن القاهرة "بناسها" تحيا رغم كل شئ، تتنفس الثقافة والفن.. عملت الفيلم دون كلمة أو تعليق.. ولم أحاول أن أفتعل الربط بين العناصر الأثنى عشر التى استعرضتها فى الفيلم خلال 40 دقيقة.

    * 1973: بعد أن بدأت تصوير "جيوش الشمس" بشهر لم أكن أعرف ماذا أفعل بالضبط. الفكرة التى كانت تستحوذ علىّ ساعة أن نشبت المعركة هى الرغبة فى التطوع، لكن سنى لا تسمح ولم أعد صالحاً لحمل السلاح فحملت الكاميرا وذهبت إلى الجبهة. كان يغمرنى الانفعال بالحماسة والسعادة حتى لم أدرك وجود الكاميرا معى إلا فى اليوم الثانى. وأنا بطبيعتى بطئ أو متأمل فى الأشياء، لا أبدأ بسرعة وانفعالى يستغرق وقتاً حتى يظهر. ولم يكن أمامى شئ واضح محدد أعمله، لكن ما لفت نظرى الفرحة على وجه المحارب رغم كل جهد. كانت المعابر قد امتدت والجنود ذهاباً وإياباً إلى سيناء والساتر المحصن الذى حجب به الجيش الإسرائيلى رؤيتنا لتراب سيناء مقطوع فى أكثر من مكان تخترقه حركة جنودنا. لذلك كانت الابتسامة هى أول ما يواجهك فى الفيلم. ربما يقولون إن الفيلم ليس به ما يكفى من الحرب أو الدم، لكن لا أحب أن أكذب.. لقد اكتشفت أن العدو على بعد عشرة كيلو مترات والطائرة تمر كالبرق هذه هى الحرب الحديثة ماذا تعمل الكاميرا؟! كان من المستحيل أن أصور الاشتباك الفعلى وكيف يتم ذلك دون تمثيل وإعداد سابق وهو ما يمكن أن يتم فى فيلم روائى، أما هذا الفيلم فأردت أن أحتفظ به بصدق الواقع كما يجب أن يكون عليه الفيلم التسجيلى. لذلك انصب اهتمامى على المقاتل وروحه العالية والوحدة القوية بين تلك المئات من الألوف التى تحولت فى ثانية إلى صف واحد.. ودخلت معهم فى حوار عن حياتهم وأحاسيسهم.

    * 1975: اكتشفت أننى لم أكن أحيا، كنت ميتاً، هناك تعثر على حقيقتك وتتحسسها ممتدة موغلة فى الزمن.. أربعة آلاف خمسة آلاف عام. هناك ترى جنوداً مصريين حقاً كأنما التاريخ يندفع أمامك حياً لاهثاً.. شئ لا يمكن أن يوصف.. اضطرنى إلى مراجعة كل مواقفى القديمة وانعكس هذا بالضرورة على الفيلم ذاته. كان ممكنا أن أقدم أى شئ فى العام نفسه أو العام الذى يليه ولكن فى كل مرة كنت أذهب فيها إلى هناك لأشهد العودة الحية "لجيوش الشمس" إلى مقرها القديم كنت أراجع المادة المصورة من جديد.. وربما هممت فى مرة بإلقاء معظمها فى البحر.. كان لابد أن يجئ التعبير مصريا صميما كما فى العبور مصريا صميما.

    * 1976: أطالب الدولة بالتدخل فى صناعة السينما بالاستديوهات والمعامل الحديثة بالإضافة إلى القيام بإنتاج الأعمال الضخمة التى تتجاوز إمكانيات الأفراد وأن تكف الدولة عن هذه العملية الخاسرة تماما فى مساعدتها أشخاص عنى الإثراء أن يقوموا بإنتاج أفلام هزيلة. يجب أن تمتلك الدولة قطاعا عاما فى السينما بحيث يتصل هذا القطاع بالحلقات التى قبله وهى معاهد وزارة الثقافة. فالدولة تعلم الطالب فى المعهد، وبعد تخرجه مطلوب منها أن توفر له العمل الذى تخصص فى دراسته، فى القطاع العام الذى تملكه، فتضمن بذلك ألا يهدر المال والمجهود الذى أنفقته فى تعليمها لأبنائها. باختصار لا يمكن للسينما فى مصر أن تستغنى عن الدولة، كما أنه من واجب الدولة ألا تتخلى عن السينما.

    * 1977: أعمل مع ثلاثة من المخرجين إبراهيم الموجى.. عاطف الطيب.. محمد شعبان. فى فيلم عن إدفو وهى قرية صغيرة فى الصعيد تبعد عن القاهرة حوالى 1000كيلو متر تقع بين الأقصر وأسوان ومثل معظم قرى الصعيد بنيت هذه القرية فى الأصل حول معبد قديم من معابد القرن الثالث قبل الميلاد على أنقاض معابد أخرى سابقة حتى يصل تاريخ هذه المنطقة إلى أربعة أو خمسة آلاف سنة .. ذهبنا معا إلى هذه القرية وقمنا بدراستها على الطبيعة ومن خلال المراجع العلمية، وسيقوم كل منا بإخراج فيلم قصير عنها تطرح فيه وجهة نظره الخاصة.. هذه التجربة بداية لسلسلة أفلام تحت عنوان "وصف مصر سينمائيا" سنحاول أن نمر على قرى مصر ومدنها مما له معالم خاصة، نجمع سينمائيا معلومات عن مصر المعاصرة وتاريخها ووضعها الاجتماعى وعاداتها وفنونها الشعبية.. المعلومات وحدها لا تكفى، المهم أيضاً أحاسيس المخرج ووجهة نظره الخاصة.. نحن نحاول من خلال هذا المشروع أن نقدم وجه مصر كما نراه. ومن خلال هذا العمل نحاول البحث عن شكل سينمائى جديد ربما يكون أكثر أصالة وارتباطاً بنا من الأشكال المنقولة عن السينما الأوروبية.


    * 1980: الفنان الذى يخيل له أنه لكى يغزو أوروبا عليه أن يخرج فيلماً عن تاريخ مصر عموماً فإن هذا الفنان لا يزيد عمن يصنع التماثيل الجبس المزينة ويجرى خلف السائحين فى إلحاح فإذا اشتروا منه شيئاً فإنما لكى يتخلصوا منه وليس لقيمة التمثال نفسه. * 1982: إننى أسعى لسينما تفيد الناس، تعلمهم لكن بفن، وكان على أن أكتشف طريقة أو أسلوباً سينمائياً جديداً. فيلم تعليمى دون جفاف.. فيلم يعطى المعلومة ويراعى الإنسان ولا يخلو من المتعة. فيلم طريقة السرد فيه متقدمة والمعلومات مبسطة ويخلو فى الوقت نفسه من عبارات المتخصصين الضخمة والتى قد لا تصل للمتفرج العادى الذى أسعى إليه. إنما اخترت أن أتوجه للأسرة المصرية العادية، الأسرة التى تجلس أمام التليفزيون بكل أفرادها، وأعتقد أننا لو أردنا المستقبل أو لو أردنا إحداث أى تحسين فعلينا الاهتمام بالبيت المصرى لأنه هو المستقبل. ومنذ بدأت أعمل وأنا أعتقد أن لى قضية.. قضيتى هى التاريخ الغائب أو المفقود.. الناس الذين تراهم فى الشارع والبيوت والمزارع والمصانع، هؤلاء الناس لهم تاريخ ساهموا يوماً فى تشكيل الحياة، بل وفى صنع الحياة، اغنوا الإنسانية.. كيف نعيدهم للدور نفسه؟ كيف نستعيد مساهمتهم الإيجابية والقوية فى الحياة.. لابد أولاً أن يعرفوا من هم.. وماذا كانوا.. وماذا قدموا.. لابد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس لنقدم إنسان بكره.. هذه هى قضيتى.

    * 1983: أنا من مواليد المنيا وكان لهذه المنطقة تأثير كبير علىّ، وإذا قرأت عن تل العمارنة سوف تعرف أنها بلد الشمس، وقد شيدت على أجمل طراز معمارى وكانت المدينة مخططة وفيها أشجار وحدائق وكنت أقرأ ذلك كله، وعند زيارة المنطقة تجدها خرائب ولا توجد فيها جدران.. مأساة حقيقية محزنة.. وكنت أقرأ كثيراً عن تل العمارنة ومن هنا جاء التفكير فى فيلم إخناتون. إخناتون شخص له وجهة نظر محددة. وعنده حلم قوى وكبير وهو من هذه الناحية لم يكن يصلح حاكماً، فالحاكم يجب أن يتميز بالدهاء وبقدر من الخبث وبقدر من الخديعة وإدراك بالظروف ومتى يتكلم ومتى يصمت ومتى يحارب ومتى ينسحب وهذه سمات الحاكم. أما إخناتون فكانت له سمات وملكات الفيلسوف مثل الرصاصة إذا انطلقت لا يمكن استرجاعها أو تعديل مسارها وهذا هو تكوينه وقدره. أهم مظهر فى شخصية إخناتون كما أفهمها هو القوة، القوة العظيمة والثقة بالنفس. كان إخناتون كما أعتقد يرى أن حياته هو وأسرته هى المثل الأعلى، بينما فى العصور السابقة كانت الآلهة تمثل المثل الأعلى، ولهذا كانت تصور، وعندما اختفت الآلهة فى عهده صورت عائلته فى كافة الأوضاع الحياتية اليومية.. والفيلم عندى منظوره ليس إخناتون كشخص ولكن من منظور يتناول العهد السابق عليه والعهد التالى له.. الفيلم جاهز لتصويره تماماً، وكان من الممكن تنفيذه منذ عدة سنوات ولكنى أجاهد لإخراجه منذ عشر سنوات وأرجو أن أخرجه قريباً. سأعلم الممثلين حركات وأنغام من عاشوا منذ ثلاثة آلاف سنة قبل البدء فى التصوير.. لابد لهم أن يتعلموا المشى حفاة بصورة طبيعية جداً فى الرمال الحارقة.. لقد طلبت من أحسن صناع الموسكى فى القاهرة القديمة أن يصنعوا لى بالضبط مثلما كان يصنع لتوت عنخ آمون ليتحلى بمصاغه.. الألوان نفسها.. الموازين نفسها.. المادة نفسها أو ما يشبهها.. أنا أستعمل أكثر المواد نبلاً حتى أكون أكثر تقارباً من الحقيقة. أريد منك أن تفهمنى.. الممثلون ليسوا محترفين.. لقد قابلت من سيمثل دور إخناتون وأنا أسير فى شوارع القاهرة.. قابلت أكثر من فتاة تصلح لدور نفرتيتى ولكن علىّ أن أختار واحدة منهن.. إن أكثر من يمثل معى لا يزال بكراً.. أستطيع التأثير عليهم.. إنهم غير مرتبطين بما يبعدهم عنا.. ولذا عندما سيتحلون بالمصاغ ويلبسون الشعر المستعار كالأقدمين.. الشعر المنسوج من الصوف، ويرتدون الثوب الفرعونى المنسوج من القطن المصرى أو الملابس الكهنوتية بجلد الفهد.. فى هذه اللحظة ستجرى فى عروقهم دماء ملوكنا وملكاتنا وأمرائنا ومحاربينا والقساوسة والكتاب.. إنه دم الذاكرة.. لن يكونوا ممثلين ولكنهم سيصبحون ورثة,

    * 1984: (احنا ساعات بنقول عمرنا سبعة آلاف سنة كده عميانى) ولكن معنى ذلك كبير جداً فلو عرفت من هذه السبعة الآلاف سنة أربعين سنة فقط أكون فى هذه الحالة أشبه بشخص عمره ثلاثون سنة ولا يتذكر إلا الخمس سنوات الأخيرة فقط، فهذه الحيرة التى تصيبه عندئذ علينا أن نطبقها على الدولة التى يصيبها داء فقدان الذاكرة، وأنا أرى أن لدينا أجيالاً تعانى من فقدان ذاكرة ثقافى وتاريخى، وكذلك أرى أن علينا أن نعيد هذه الذاكرة إليهم حتى يصبح الفرد منهم قادر على أن يقف على أرض صلبة من تحته وبدون هذا فلن يستطيع أن يؤمن بفكره ولن يكون له كيان.

    * 1985: أجرى الأطباء عملية لإزالة الورم وأجريت عليه كافة الفحوص وأكدت تقارير الأطباء أنه كان ورم غير حميد.. لكنى طردت هذه الأفكار خاصة بعد التحسن الملحوظ فى صحتى بعد إجراء العملية.. الحمد لله أنا عال جداً.. وإحساسى بالشفاء كامل، إخناتون جاهز 100% أحتاج فقط إلى ثمانية أشهر لاستكمال تنفيذ الملابس والديكور واختيار الممثلين ثم أبدأ فوراً فى التصوير.

    * 1985: لقد تأخرت كثيراً جداً.. ولا أخفى عليك بأننى كنت انتظرها منذ سنوات طويلة مضت.. ولذلك فأنا سعيد بها وأشعر بأن مكانها الحقيقى هو قلبى.. عموماً هذه أول مرة أتقدم فيها بعمل من أعمالى للحصول على جائزة تشجيعية من الدولة.. لست أدرى هل هذا نتيجة كسل شديد منى أم تجاهل من الآخرين.. عموماً كنت أتمنى أن تكون الجوائز التشجيعية مثل التقديرية بمعنى أن يكون الترشيح من الدولة وليس بتقديم الأشخاص لأنفسهم.. لكن عموماً أقول أن الدولة معذورة، فليس هناك جهة معينة تستطيع حصر جميع الأعمال الجيدة..

    * 1986: لقد حافظت على نفسى طوال حياتى من التلوث التجارى.. كنت أبنى نفسى بالقراءة والبحث والتعلم، ولقد مررت بلحظات كثيرة من الضيق الشديد نتيجة أننى لا أعمل.. إن العمر نطاق محدد جداً أحس أننى ممتلئ برؤى كثيرة. وأريد أن أعمل شيئاً ذا قيمة فى الحياة.. أعرف دائماً أن الإمكانيات تعوقنى، أتمنى أن تتبنانى الحكومة.. إن العمل عندى هو الحياة.. إننى طوال يومى أعمل أشياء كثيرة بجدية شديدة.. أقرأ.. أكتب.. أرسم.. أنحت.. أصور.. إننى اختزن كل شئ.. أحتشد لليوم الذى أقف فيه خلف الكاميرا.. لأبدأ إخناتون، إننى أحس أن أبناء وطنى لا يعرفون تاريخهم كما يجب، يهمنى أن أعرفهم ولو 500 سنة من آلاف السنين من تاريخ مصر.. وعلى الآخرين أن يكملوا بقية الحلقات.. إننى لا أعمل السينما على أنها شئ استهلاكى.. ولكنى أعملها كوثيقة تاريخية للأجيال القادمة.

    الجوائز

    1. جائزة جورج سادول1970
    2. شهادة الاشتراك فى مهرجان لندن حيث الاشتراك يعتبر جائزة -اختير فيلم المومياء إخراج شادى عبد السلام كواحد من أفلام العالم المدهشة1970
    3. دبلوم اشتراك فى مهرجان لوكارنو -السادس والعشرين
    4. شهادة اشتراك من أكاديمية العلوم و الفنون السينمائية الأمريكية -مسابقة أحسن الأفلام الناطقة باللغة الأجنبية 1970
    5. جائزة مهرجان قرطاج1972
    6. جائزة شرف من المركز الكاثوليكى المصرى لموسم 1974-1975
    7. جوائز فى المهرجان الثانى للسينما المصرية فى الفترة من4 : 7 فبراير1976
    جائزة الإخراج شادى عبد السلام - جائزة التصوير- الديكور - الممثل الأول - جائزة إضافية لتصميم الملابس شادى عبد السلام
    ب- الفلاح الفصيح 1. جائزة أسد سان مارك الفضية المهرجان العالمى الحادى والعشرين للفيلم التسجيلى والقصير فينسيا 1970
    2. جائزة المهرجان السادس عشر العالمى للسينما الدينية فلادوليد أسبانيا 1971
    3. جائزة أحسن فيلم - مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة وزارة الثقافة
    4. جائزة الإخراج - مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة
    5. جائزة السيناريو - مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة
    6. شهادة اشتراك فى مهرجان لندن 1970 حيث الاشتراك يعتبر جائزة
    أختير فيلم "الفلاح الفصيح" إخراج شادى عبد السلام كواحد من أفلام هذا العام المدهشة1970
    جـ - آفاق 1. جائزة الإخراج من مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة وزارة الثقافة
    2. جائزة السيناريو من مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة وزارة الثقافة
    3. جائزة تصوير - جائزة الصوت1975
    د -جيوش الشمس 1. جائزة الإخراج من مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة وزارة الثقافة 1976 2. جائزة اتحاد النقاد فى أوروبا فى مهرجان طولون1976 هـ - جوائز شخصية
    1. جائزة مهرجان السينما الأفريقية "سينما من أجل الإنسان"
    2. بادوفا إيطاليا عن أعماله1984
    3. جائزة الدولة التشجيعية عن فيلم "كرسى توت عنخ آمون الذهبى 1985

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل - 17:19