معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    الدراما العربية والمسئولية الاجتماعية المفقودة

    avatar
    اميرة
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 171
    رقم العضوية : 117
    تاريخ التسجيل : 30/09/2008
    نقاط التميز : 318
    معدل تقييم الاداء : 14

    الدراما العربية والمسئولية الاجتماعية المفقودة Empty الدراما العربية والمسئولية الاجتماعية المفقودة

    مُساهمة من طرف اميرة الأربعاء 15 أكتوبر - 4:53

    الدراما.. لم تعد فقط مصرية أو سورية، والحكاية لم تعد واحدة أو اثنتين، إنه سيلٌ من الأعمال الدرامية، يعرضه البثُّ الفضائي، ويقتحم كل البيوت العربية ليلاً ونهارًا، قنوات متخصصة تعيد ما قد كان، وتقدم كل شاردة وواردة في الدراما العربية.



    إنه نسق ثقافي واجتماعي موجه بشكل خاص إلى الأسرة، وخاصة لقطاع كبير من النساء القابعات في البيوت اللاتي يستغرقن في مثل هذه المسلسلات.



    وبينما يدعو البعض المرأة إلى أن تقرَّ في البيت؛ لرعاية الزوج والأولاد، نجد هذه الحواديت تسرق معظم الوقت، ويتم استدراج معظم أفراد الأسرة لمتابعتها، والاهتمام بالتفاصيل والديكور والملابس ولغة الحوار.. الخ.

    الأمر إذًا، نماذج حياتية مرسومة ومصطنعة، من وحي وأفكار صانعيها، وما أدراك ما صانعوها، إنهم يخلطون فيها الواقع بالخيال؛ ليصوغوا لنا نظام حياتنا الجديد، وفق أنماط وقوالب تصدر إلينا، وتحمل لنا منظومة قيمية شديدة الخطورة.



    وقد أكدت الدراسات الاجتماعية الحديثة أن كثرة مشاهدة الطفل مثلاً للدراما، تؤثر في خياله؛ لأنها تصنع له عالمه، وتعزله اجتماعيًا، وتكوّن له نماذج غير واقعية، وتحرمه من الحوار والمناقشة مع أسرته، فلا يكتسب خبرات ولا قيم عملية، وتحرمه أيضًا من أن يعيش الحياة المنطقية التي تتناسب مع ترتيب مراحل العمر المختلفة.



    الدراسات الميدانية تؤكد أيضًا، أن أكثر مشاهدي الدراما من النساء والأطفال وأنهم يقضون ثلث ساعات اليوم أمام جهاز التليفزيون، فمن أين للأطفال بوقت للاستذكار وتحصيل العلوم والمعارف؟، وأين وقت المرأة، ومهامها التربوية ورسالتها الاجتماعية، ورؤيتها النقدية لما يجب أن تشاهد وما لا يجب؟

    وأتوقف هنا مع طبيعة الأفكار والخطوط العامة، للطرح الدرامي المصري والسوري والأردني والعربي عمومًا، والذي يركز على النواحي الشكلية في ديكورات المنازل والأزياء غير المناسبة، وكذلك الأثاث، بشكل مبالغ فيه وغير حقيقي، وغير مطابق أو حتى قريب من الواقع، الاستفزاز كبير، فكل لقطة لها زيٌّ، حتى لو تكرر ذلك في الحلقة خمس مرات.



    الموظف البسيط ـ والذي يسكن في الواقع في منازل متواضعة وشوارع ضيقة، ويلهث يوميًا وراء قوت يومه ـ يتم تجميل واقعه كثيرًا، فأنَّى له بالقصور والحدائق والديكورات التي يتم استعراضها في صراعات رجال الأعمال، ورجال السلطة مع بعضهم البعض، وهل من المنطقي تأجيج الصراع داخله، وهو يرى كل هذا الترف والثراء، بينما تطارده وتطحنه الحياة من أجل لقمة الخبز؟



    أما مستوى الحوار والسيناريو، فإنه أكثر استفزازًا، فإذا استفز الرجل المرأة، فلابد أن ترد له الصاع صاعين؛ لكي تكون قوية وجديرة بالاحترام.

    ففي أحد المسلسلات مثلاً، والتي تتكرر في العديد من القنوات وبطلتها سيدة أعمال تميل إلي الشر، وتصور على أنها ذات شخصية قوية، نجد أن زوجها يعاني من الرعب والخوف، إذا تحدثت إليه، ولو عبر الهاتف، وفي مسلسل آخر نجد أحد الأبناء لا ينادي أمه إلا باسمها الحقيقي، بدون لقب الأمومة، مقلدًا بذلك بعض المسلسلات الغربية، ناهيك عن كم المغالطات التي تذهب بعقول المراهقات، وتصوراتهن عن فارس الأحلام.
    avatar
    اميرة
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 171
    رقم العضوية : 117
    تاريخ التسجيل : 30/09/2008
    نقاط التميز : 318
    معدل تقييم الاداء : 14

    الدراما العربية والمسئولية الاجتماعية المفقودة Empty رد: الدراما العربية والمسئولية الاجتماعية المفقودة

    مُساهمة من طرف اميرة الأربعاء 15 أكتوبر - 4:54

    وكذلك، ابن المدير يحب ابنة السائق، الذي يعمل عنده، والشاب المتفرنج الذي عاش في أوروبا يحب الفتاة الصعيدية، فإن لم يحدث في الواقع، فالحل عند الفتيات.. الزواج العرفي.

    أما الكلمات المصاحبة لهذه الدراما، فهي تصيبك بالغثيان مثل: "لا مؤاخذه"، "برص"، "شبشب"، "جزمة" .. الخ، وهي تذكرني أيضًا بكلمات أخرى في مسلسل آخر عجيب أيضًا، لاقى ضجة وصاحبته دعاية كبيرة، وفيه كلمات لا أعرف معناها، حتى الآن مثل: "أنتخة" و"تنتخة" و"جتنا 67 نيلة"...الخ.



    فلماذا 67 بالذات؟!!، أعتقد أنه رمز وكناية ودلالة على نكسة 1967، وبهذا، كما يعتقد المؤلف، يتحول المسلسل إلى عمل سياسي ووطني، وعلى الأطفال والمراهقين أن يستخلصوا العبر والعظات من تلك المسلسلات.



    وإذا كان نموذج فتاة الإعلانات أو أغاني الفيديو كليب، قد يبدو متطرفًا في الخروج على الذوق العام في الملابس والحركات، ومن الصعب تقليده بشكل عام على مستوى القاعدة العامة من الفتيات، إلا أن أزياء الفتيات في الأعمال الدرامية أيضًا مثار تقليد، حتى على مستوى الاستهلاك داخل البيوت، وخلف الجدران، ناهيك عن أحلام الكبار والصغار، بأن يتملكن نفس تلك البيوت والسيارات وحتى حمامات السباحة، ولذا نجد أن هناك موجات استهلاكية مدمرة تجتاح الأسرة العربية، ونجد الفتيات المقبلات على الزواج، ينفقن ما لا يطقن وما لا تتحمله أسرهن على الأثاث والملابس والديكورات، وحتى ملابس الزفاف؛ تقليدًا لما يشاهدنه.



    وهنا أتوقف عند واقعة هامة تعرضت لها في الفترة الأخيرة، حيث اضطررت إلى حضور حفل زفاف ابنة إحدى قريباتي، وهى من أسرة متوسطة الحال، وكان الحفل في بيت الأسرة، وما أن وطأت قدماي مكان العرس، حتى اندفعت أفواج من الفتيات صغيرات السن، وفتيات جامعيات وغير جامعيات، محجبات وغير محجبات، حتى السيدات اللواتي تجاوزن الأربعين، الكل يرقص بعنف، ويبحث عن مكان يمارسن فيه هذا الدور كأنه شئ مقدس، وتحية واجبة للعروس، الجميع يتنافسن ويقدمن أنفسهن بإبراز مواهبهن، ويتناسين في خضم هذا الاستغراق، أن هناك بعض الرجال والشباب من أقارب العروسين يرون هذه الأفعال.



    لقد تأكدت حقًا أن وسائل الإعلام، وعلى مدى سنوات ومن خلال الأفلام والمسلسلات، أبدعت في هذا الفعل من الممارسات العادية التي يجب أن تتقنها المرأة، مع أن هذا الفعل، ومنذ زمن ليس ببعيد، كان على مستوى أعراف تلك البيئات الاجتماعية مناف للآداب والذوق العام، وكان يقوم به فقط بعض الأطفال.



    الغريب أيضًا، أن هناك بعض محلات الملابس العادية، تعرض زي الراقصات على أنه جزء من جهاز العروسة، وإذا كانت الدراما العربية ما زالت تبثُّ حكاياتها بدون تخطيط ووعي، وتصنع خيالاً يبعد عن الواقع، بل يدفع بالواقع المليء بالتجاوزات إلى مزيد من التدهور والمادية، والتقليد الأعمى للغرب، ويتم في ذات الوقت إبعاد المرأة عن دورها الرسالي، وشغلها باقتناص الرجل في مرحلة، ثم في مرحلة أخرى ابتلاعه أو قهره، أما الأطفال، فعلينا تقدسيهم وتدليلهم من الصغر، ثم بعد ذلك تركهم فريسة للانحراف والعقوق.



    وهنا أُشير إلى الدراما الكورية واليابانية والتركية، تحترم الخصوصية الاجتماعية والقومية لبلادها، وتعرض أعلى مستوى من النظافة والنظام، ثم بعد ذلك وهو ما لفت نظري، تعكس احترامًا ملحوظًا من الصغير للكبير، بينما يخلو إعلامنا من ذلك، رغم أننا الأحق بهذا.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل - 14:34