فلسطينيو الشتات.. ضياع في الغربة والعودة المستحيلة

تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين أقدم قضية لجوء جماعي عرفها العالم وأوسعها انتشارا، كما أنها أكثر قضايا الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي تعقيدا، ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين أو من يطلق عليهم «فلسطينيو الشتات» أكثر من ٥ ملايين شخص في حين تشير تقديرات أخري إلي أن عددهم يتجاوز ٧ ملايين لاجئ.

ويؤكد الباحث الفلسطيني سليمان أبو ستة في دراسة أعدها حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين وأماكن تواجدهم، أنه يوجد في غزة أكثر من ٨١٣ ألفا، وفي الضفة الغربية ٦٩٤ ألفا، وفي الأردن مليون و٨٥٠ ألف لاجئ، وفي لبنان ٤٣٣ألفا، وفي سوريا ٤٧٣ ألفا، وفي مصر ٤٢ ألف لاجئ، ويعيش نحو ١١% من إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في أنحاء متفرقة من دول العالم وبخاصة أمريكا الجنوبية، موضحا أن إجمالي عددهم يبلغ ٥ ملايين و٢٤٨ ألف لاجئ أي نحو ثلثي الشعب الفلسطيني.

ونزح غالبية الفلسطينيين نتيجة قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بطردهم من نحو ١٢٢ قرية بحسب البيانات الإسرائيلية والفلسطينية التي أعدها الباحث، ونتيجة الهجوم العسكري المباشر علي نحو ٢٧٠ قرية، أو الخوف من الهجمات اليهودية علي ٣٨ قرية، وبسبب الترويع الذي عاني منه الفلسطينيون في مئات القري في الأراضي الفلسطينية، وحدثت عمليات لجوء أيضا في عهد الانتداب البريطاني علي فلسطين وقبيل قيام الدولة العبرية.

وهجرت الغالبية العظمي من اللاجئين الفلسطينيين في عام النكبة ١٩٤٨ وبلغ عددهم ٧٥٠ ألفا، وظل منهم أكثر من ١٥٠الفا في المناطق التي عرفت بعد ذلك باسم دولة إسرائيل «الخط الأخضر» لكنها منحتهم جنسيتها ومنعتهم من العودة إلي أراضيهم وقراهم الأصلية، بعد أن استولت عليها وأعطتها لليهود، أما ثاني أكبر موجات النازحين الفلسطينيين فجاءت بعد نكسة ٦٧ وبلغوا ٤٠٠ألف ويطلق عليهم نازحو ٦٧، أما القسم الثالث فهم من لا ينتمون إلي الفئتين السابقتين وليس بإمكانهم حق العودة ويعيش بعضهم في الأراضي الفلسطينية بعد أن طردوا من منازلهم وسرقت أراضيهم، وهم المهجرون داخل الأراضي الفلسطينية بعد ٤٨ أو بعد ٦٧.

وعرفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» اللاجئ بأنه من كان يملك بيتا في الأراضي الفلسطينية بدءا من ١ يونيو ١٩٤٦ إلي ١٥ مايو ١٩٨٤ وفقد مورد رزقه وبيته نتيجة للنكبة وإنشاء إسرائيل، ويبلغ عددهم مع أطفالهم ٨،٣ مليون شخص وهم من يحق لهم الاستفادة من خدمات أونروا ويعيشون في مخيمات في الضفة وغزة والأردن وسوريا ولبنان.

ومما يصعب من حل قضية اللاجئين الفلسطينيين أن سلطات الاحتلال تعرف سكان الضفة علي أنهم مواطنون «أجانب أو غرباء»، وسعت لتفادي تناول قضية اللاجئين بشتي الطرق والسياسات، حيث منعتهم من العودة إلي ديارهم كما أوقفت العمل بإجراءات «لم الشمل» التي تعني بمنح العائلات والأفراد الفلسطينيين بطاقات هوية، مما أجبر الآلاف علي العيش في بلادهم كغرباء.

وعلي الرغم من أن حق العودة غير قابل للتصرف أو الإلغاء أو التنازل عنه من قبل أي طرف أو جهة، طبقا للقوانين والمواثيق الدولية، كما نص قرار الأمم المتحدة رقم ١٩٧ أن للاجئين الفلسطينيين حق العودة والتعويض أو كليهما، كما أن اعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل عام ١٩٤٩ رهن بعودة اللاجئين الفلسطينيين.

إلا أن إسرائيل ترفض حق عودتهم مرارا وتكرارا، وعملت علي محو هذا الحق في شتي المناسبات والمحافل الدولية، بحجة أن عودتهم تشكل خطرا جسيما علي أمنها القومي، وأن من شأنه أن يغير الأوضاع الديموغرافية فيها لغير صالح اليهود، والأكثر إشكالا أن المفاوضات التي تمت في السابق بين إسرائيل والفلسطينيين أهملت قضية اللاجئين كلية،وبات مصيرهم رهن بالتطورات اللاحقة ومدي تمسك الحكومات الفلسطينية بحقهم في العودة، كما روجت إسرائيل مرارا إمكانية توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار وبخاصة في الأردن ولبنان وسوريا.

ومن ثم تشير كل الدلالات والمواقف الإسرائيلية إلي أن قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين هي أكثر قضايا النزاع تعقيدا، وسط ما يقال عن ترجيح القيادات الفلسطينية لتعويض اللاجئين بدلا من عودتهم، كما أنها تعتبر أكثر صعوبة من قضية ترسيم حدود الدولة الفلسطينية ذاتها، وهي ضمن القضايا الرئيسية الست في الصراع والتي تشمل الحدود والدولة الفلسطينية والأمن والمياه والمستوطنات


المصري اليوم
عنتر فرحات ١٤/٥/٢٠٠٨

نصر الله قريب باذن الله

باذن الله