معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

2 مشترك

    مصر بين الدين والدستور

    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    مصر بين الدين والدستور Empty مصر بين الدين والدستور

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 21:02

    هناك مبالغة غير مبررة من قبل كثيرين ممن يتصورون أن عدم تعديل المادة الثانية من الدستور المصري يعد انتقاصا من حقوق إخواننا في الوطن من مسيحي مصر، وكأن مجرد إلغاء النص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع سيعني تدعيما مباشرا لقيم المواطنة المصرية. وأعتقد أن هذا التصور يعبر عن سوء تفاهم يصل إلى حد الخلل في الأطر المرجعية. ومن منظور مقارن، فإن العالم المعاصر يشهد أنماطا أربعة لعلاقة دستور الدولة بالدين، اثنان منهما شموليان تسلطيان، حتى وإن كان أحدهما محايدا تجاه كافة الأديان، واثنان منهما ليبراليان وإن نص أحدهما صراحة على دين رسمي للدولة. وبالتالي مجرد ذكر الديانة أو الانتماء العقيدي في الدستور لا يضمن حقوقا ولا يعد افتئاتا على الحقوق والحريات العامة. وفيما يلي تفصيل هذه الأنماط.

    أولا هناك نمط من الدساتير الشمولية منزوعة الدين والتي تتفق مع نمط من العلمانية يقوم على "الحرية ضد الدين" (freedom against religion) وهي الصيغة السوفيتية ومعها التركية الكمالية حيث ترى النخبة القابضة على الدولة أن الدين في ذاته خطر وأن التدين مؤشر تخلف. وهي صيغة متراجعة تاريخيا لأنها بذاتها تتناقض مع حق الأفراد في أن يكون لهم مجالهم الخاص والعام الذي لا تتدخل فيه الدولة. فالدولة استغلت اختصاصها التشريعي واحتكارها للعنف كي تقبض على هذين المجالين. فالفرد بهذا ما مارس حقه الطبيعي في الاعتقاد والتدين وما كانت الدولة حامية لمثل هذا الحق باعتبارها المنتهكة الأولى له.

    وهناك ثانيا نمط الدستور الشمولي الذي يميز دين الأغلبية ويحظر أديان الأقليات الأخرى. وهذه الصيغة الدستورية ترتبط مباشرة بتأويلات متشددة يتبناها أتباع دين الأغلبية، أي ليست قضية عقيدة بالضرورة بقدر ما هي قضية اعتقاد. ومن أمثال تلك الدساتير، دستور 1990 في نيبال الذي جعل منها مملكة هندوسية مع الرفض الصريح للاعتراف بحق المواطنين النيبالين المسلمين والبوذيين والمسيحيين في ممارسة شعائر دينهم، وقد تم تعديل هذه المادة مع الانقلاب العسكري الأخير. وماثلهم حكم طالبان، رغما عن عدم وجود دستور مكتوب. ولو تمكن اليمين الديني في إسرائيل من تطبيق الهلاخا (Halacha) والتي تعني الشريعة، لألغى ما عدا اليهودية من أديان. والخطر الحقيقي في هذا النمط أن تزعم أي طائفة حقا لها في أن تشرع لكل المجتمع باسم الدين في حدود تفسيرها الضيق لنصوصه غير عابئة بحقوق الأفراد من الديانات الأخرى أو من داخل نفس الدين في أن يكون لهم مجالهم الخاص ومجالهم العام المدني الذي يتحركون فيه. وهنا يكون الدين قد تحول إلى أداة قمع لا تحكم فقط المجالين الخاص والعام لأتباعه ولكنه أداة لتوجيه السياسة والحكم والتشريع للمجتمع بأسره أيضا.

    والدرس المستفاد من النمطين السابقين أن مجرد النص على دين بذاته أو الامتناع عن ذلك لا يضمن دستورا ليبراليا يضمن حقوق الأفراد جميعا بغض النظر عن رضا الأغلبية على هذه الحقوق؛ حيث إن الليبرالية تضع قيودا على الاستبداد باسم الدين والاتجار به، كما ترفض أن يكون البديل عن الاستبداد باسم الدين، استبدادا بغيره. فالليبرالية متصالحة مع الدين، سواء دين أقلية أو أغلبية، تحترمه وتضعه في مكانه اللائق به سواء على المستوى الفردي أو كإطار عام لحياة الناس في مجتمعهم دون أن يسمح للسلطة بالتعسف في استخدامه.

    ثالثا هناك نمط الدستور الليبرالي المحايد دينيا كمقدمة لاحترام كافة الأديان صراحة. ويقف خلف هذا النمط الدستوري فلسفة علمانية تفترض "حرية الدين" (freedom of religion) وهي النموذج الليبرالي الأصيل كما هو في الصيغة البريطانية والأمريكية والكندية والأسترالية واليابانية حيث تحترم الدولة المجالين الخاص والعام تماما بضابطين اثنين وهما ألا تحابي الدولة رسميا دينا على حساب دين آخر ولا تسمح الدولة بأن تكره أي طائفة شخصا على الشعور بالحرج من التعبير عن رموزه الدينية أو تبني دين دون آخر. فالدولة تتدخل بالتشريع لحماية حقوق الأفراد ولا ترى أن عليها مسئولية في دمج أبناء الديانات في المجتمع بإجبارهم على التخلي عن رموزهم ومعتقداتهم ولكنها تهدف إلى التعايش بينهم. وتمثل الفوبيا الأوروبية من مظاهر التدين الإسلامي المتنامية هناك، خروجا عن المباديء الليبرالية الأصيلة. وصعوبة هذا النمط من الدساتير، كما يشير الفيلسوف الأمريكي العظيم جون رولز، تكمن في أنه يقتضي توافقا مجتمعيا سابقا على الدستور ولا نتوقع أن ينشأ الدستور بذاته مثل هذا التوافق وإلا أصبح الدستور نفسه سببا للصراع الاجتماعي بما يعد انحرافا عن دور الدستور الأصلي وهو منع الصراع وحسن إدارته إن ظهر. وبما أن الواقع المصري لا يحظى بهذا التوافق المجتمعي بين كافة أبناء الوطن بشأن صياغة دستور محايد دينيا، فإننا أمام البديل الرابع الذي لا يخلو من ليبرالية وله أمثلة معاصرة كثيرة.
    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    مصر بين الدين والدستور Empty رد: مصر بين الدين والدستور

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 21:03

    وهناك رابعا نمط الدستور الليبرالي الذي يقرر وضعا خاصا لدين الأغلبية مع احترام كافة الأديان الأخرى. وليتحقق هذا النمط فلا بد من توفر شرطين: أولهما أن يكون دين الأغلبية نفسه لديه القدرة على استيعاب الحقوق الأساسية لأتباع الديانات الأخرى، وهو الشرط المتحقق في الإسلام بحكم نصوصه وقدرته على التعايش مع الأديان الأخرى في مناخ من "البر والقسط" كما نص القرآن الكريم في سورة الممتحنة. وثانيا أن يقرر القانون نصوصا فوق دستورية (supra-constitutional) تقرر لكافة أتباع الديانات حقوقا متساوية أمام القانون، وهو ما يبدو متحققا جزئيا في المادة 40 من الدستور المصري والتي تقرر: "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة". ومصر، بحكم تبنيها هذا النمط، ليست بدعا من الدولة والأمثلة كثيرة حيث تبنت هذا النمط الدنمارك وأيسلاندا والنرويج وفنلندا التي تنص دساتيرها وقوانينها صراحة على أن المسيحية اللوثرية هي ديانتها الرسمية، وهو نفس الحال مع المسيحية الأنجليكانية في انجلترا والمسيحية الأورثوذوكسية في اليونان وقبرص والكاثوليكية كديانة رسمية في كل من الأرجنتين وبولويفيا وكوستاريكا والسلفادور فضلا عن الفاتيكان. وخلا الفاتيكان، فهي كلها نظم لها نصيبها من الديمقراطية.

    ويبدو من العرض السابق أن الدستور المصري في صيغته الحالية لا يخرج عن الإطار الليبرالي حتى وإن ظلت المادة الثانية على وضعها الحالي شريطة الموافقة على إضافة فقرة إلى المادة الخامسة من الدستور بما يقتضي حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب علي أساس الدين أو الجنس أو الأصل والتأكيد علي قيام منهج العمل السياسي والوطني علي أساس المواطنة وحدها دون التفرقة بسبب الدين أو الجنس أو الأصل


    د. معتز بالله عبد الفتاح
    الأهرام، 13 يناير 2007.

    مصر بين الدين والدستور Empty رد: مصر بين الدين والدستور

    مُساهمة من طرف يسرا احمد الإثنين 19 يناير - 1:46

    المطالبة بتعديل الماة التانية من الدستور لا يطالب بها الا من لا علم لة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 26 أبريل - 0:20