د/ محمد منير سعد الدين
عندما نفكر في التربية أو نتحدث عنها، فمن الطبيعي أن يتبادر لذهننا أولاً قبل كل شيء المدرسة وما يحدث فيها من مناشط، وحين نقول فلاناً تربى، فنعني بذلك أنه أكمل برنامجاً دراسياً في المدرسة، وعندما ندعو شخصاً متربياً، فإننا نربط بينه وبين المدرسة من الناحية المهنية، وعليه فإنه من المناسب عند دراسة فلسفة التربية أن نتناول المدرسة على أنها المصدر المباشر المحدد الواضح للخبرة التربوية.
ولكن عندما نبدأ التفكير في المدرسة نلاحظ وعلى الفور أنه بالإضافة إلى المدرسة هناك وسائل كثيرة تدار من خلالها عملية التربية، من بين هذه الوسائل تحتل المدارس بالتأكيد أهمية أساسية، "ولكن المدارس ليست الأمكنة الوحيدة التي ينمو فيها الأفراد نمواً موجهاً قصدياً، فقبل المدرسة هناك المنزل , وهو من نواح كثيرة له أثر في الشخصية أقوى وأدوم وأعمق , وتقوم التعاليم الدينية أيضاً في العادة بممارسة تأثيرها القوي.
كما أن الاشتراك مع الأصدقاء ومع الزملاء من المواطنين في مناشط تحتل اهتماماً مشتركاً , والاشتراك في العمل والحياة المهنية لها علاقة بتوجيه النمو الإنساني، فالمؤسسات الاجتماعية كدور الكتب والمتاحف , وكذلك المدارس يمكن أن تكون عوامل للنمو العقلي.
وفي النهاية فالفرد نفسه وسيلة تربوية على جانب عظيم من الأهمية، وما يصبح عليه الفرد لا يتحدد في كليته على الإطلاق، نتيجة تأثير العوامل الخارجية، ولكن يتحدد أيضاً على أساس قدرته الداخلية على التوجه الذاتي"(1).
أما بالنسبة للمؤسسات التربوية الإسلامية، "فقد عرف الإسلام المؤسسة التربوية منذ اللحظات الأولى لبدء نزول الوحي على قلب محمد ، فكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم أول مؤسسة تربوية، فقد كان المعلم الأعظم يجمع القلة القليلة التي آمنت به سراً في هذه الدار، ويستخلص نفوسها، ويعلمها آيات القرآن التي يتنزل بها الروح الأمين على قلبه، ويشكلها (عقائدياً) بما يتفق وتعاليم الإسلام الحنيف"(2).
ولم تكن المؤسسة التربوية الإسلامية مقتصرة على المدرسة فقط، بل تعدتها إلى الكتاب، والمسجد، والمكتبة، وبيوت الحكمة، ودور العلم، وحوانيت الوراقين، ومجالس العلم والمناظرة، ومنازل العلماء، ومجالس الفتوى، والبيمارستانات، والمراكز الصوفية، والعتبات المقدسة وغيرها.
ولقد كانت هذه المؤسسات التربوية الإسلامية، نتاج بيئة معينة، نابعة من صميم حاجات المجتمع الإسلامي وتطوراته، مصبوغة بالروح الإسلامية، حيث اهتدت بتعاليم وأغراض الإسلام، إنها ليست بالدخيلة، وإنما هي نتاج نمو وتطور في الحياة الإسلامية العامة، نشأت في أمكنة معينة وأزمان معينة، وظروف معينة , وضمن أغراض معينة أملتها حاجات المجتمع الإسلامي النامية المتطورة.
وسنتناول في بحثنا المؤسسات التعليمية عند المسلمين، ونبدأ بدراسة الكتَّاب.
ظهر الكُتَّاب عند المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانتشر مع انتشار الإسلام في مختلف البلدان، وأنشئ من خلال عمل إسلامي بحت، وكان المكان الرئيسي في العالم الإسلامي لتعليم الصغار، وقد تمتع بمكانة كبيرة الأهمية في الحياة الإسلامية، وبخاصة وأنه المكان الذي يتعلم فيه الصبيان القرآن، إضافة إلى ما للعلم من مكانة في نظر الإسلام حيث هو فريضة على كل مسلم، وكذلك تلك القدوة التي نأخذ بها من خلال أقوال وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حض على ضرورة التعلم , فكلف كل أسير من أسرى الحرب بعد موقعة بدر بتعليم اثني عشر طفلاً من أطفال المسلمين على سبيل الفدية.
ولقد قسمت الكتاتيب إلى قسمين:
1 ـ كتاتيب أولية : وكان يتعلم الأطفال فيها القراءة والكتابة , ويحفظون القرآن , ومبادئ الدين وأوليات الحساب.
2 ـ كتاتيب قانونية : إن صح هذا التعبير –كانت لتعليم الأطفال والشباب علوم اللغة والآداب، وكانوا يتوسعون فيها بعلوم الدين والحديث وسائر صنوف العلوم الأخرى بصورة عامة(3).
إلا أن أحد الباحثين يفصل بين الكتاتيب بحيث يرى أنه "كان من الشائع المتعارف عليه أن يقوم غير المسلمين بمهنة تعليم القراءة والكتابة , وكان هذا النوع من التعليم يجري في منازل المعلمين , وربما خصص هؤلاء حجرة في بيوتهم لاستقبال الطلاب، وقد حافظ الكتاب من هذا النوع في الكثير الغالب على استقلاله التام عن الكتاب الآخر الذي كان يجري به تعليم القرآن الكريم , ومبادئ الدين الإسلامي، وكثير من الباحثين لم يفرقوا بين نوعي الكتاب هذين , وقرروا أنه كان هناك نوع واحد من الكتاتيب , تعلم فيها القراءة والكتابة , ويحفظ فيه القرآن , وتدرس به علوم الدين"(4).
نستنتج من هذا أنه كان هناك نوعان من الكتاتيب، أحدهما لتعليم القرآن , ومبادئ الدين الإسلامي، وثانيهما لتعليم القراءة والكتابة والحساب، إلا أن هذا لا يمكن تعميمه , حيث كان ثمة كتاتيب تجمع بين تعليم هذه المواد، لكن نستطيع القول إن الكتاتيب القرآنية قد انتشرت بشكل واسع وبارز ؛ نتيجة تحمس الناس الشديد للقرآن الكريم، وكثرة الفتوحات الإسلامية، وبالتالي اتساع رقعة الدولة.
كذلك ظهر نوع من الكتاتيب اختص بالأيتام، وكان الغرض من إنشائها، تعليم الأيتام وأبناء الفقراء ورعايتهم، إلى جانب التقرب إلى الله تعالى.
ولم تقتصر هذه الكتاتيب على تعليم الأيتام بل "أضيف إليهم أولاد الفقراء والجند والبطالين، وقد وفر هذا النوع من التعليم الرعاية العلمية والاجتماعية لهذه الفئة غير القادرة , والذين لم يكن في وسع ذويهم إرسالهم إلى المكاتب الخاصة , أو إحضار مؤدبين لهم إلى المنازل"(5).
ولقد كثر الاهتمام بكتاتيب الأيتام خلال عهود الزنكيين، والأيوبيين والمماليك، فهذا نور الدين زنكي يبني "في كثير من بلاده مكاتب للأيتام ويجري عليهم وعلى معلميهم الجرايات الوافرة"(6).
واختلفت أحجام الكتاتيب صغراً وكبراً، "فكتاب أبي القاسم البلخي كان يتعلم فيه (3000 تلميذ) وتدل رواية ياقوت على أن هذا الكتاب بجانب استقلاله عن المسجد كان فسيحاً ليتسع لهذا العدد الكبير ,ولهذا كان يحتاج البلخي أن يركب حماراً ليتردد بين هؤلاء وأولئك ؛ وليشرف على جميع تلاميذه"(7).
وكان المكان المخصص للكتاب "يختلف باختلاف المعلمين ومشاربهم , فمن مكان متسع طلق الهواء , يساعد الصبية على الإقبال على الدرس , إلى مكان مظلم , لا تدخله الشمس يحدّ من استعداد الصبية للحفظ والإفادة من التعليم"(8).
أما أثاث الكتاب فكان يفرش بالحصر غالباً، يجلس عليها الصبيان متربعين حول معلمهم، وكانت أدوات الدراسة تتضمن مصحفاً شريفاً، وعدة ألواح، وعدداً من الدوي والأقلام.
وقد يختص المعلم "بسرير أو كرسي مرتفع , وربما عوض الكرسي بمصطبة مبنية (دكانة) ليس عليها من الرياش سوى بساط صغير"(9).
أما سن ذهاب الصبي إلى الكتاب فيلاحظ بصفة عامة أن هناك "اتجاهاً نحو التبكير في التعلم بالكتاب، فمنذ السنة الخامسة أو السادسة أو السابعة ينتقل الطفل إلى بيئة جديدة هي الكتاب، حيث يبقى فيها إلى أن يتم حفظ القرآن بأكمله , أو يحفظ جزءاً منه إلى جانب تعلمه القراءة والكتابة، وبعض النحو والعربية , وشيئاً من الحساب، وما إلى ذلك من الأمور التي كانوا يعتبرونها وسائل للإحاطة بالدين"(10).
ولعله من الأرجح أن يبقى الصبي في الكتاب حتى سن الثانية عشرة أو ما دون ذلك، ولكن لا يمنع الأمر أن يكون هناك من هم في سن أكبر من الثانية عشر.
ولما كان الصبيان يأتون إلى الكتاب صغار السن، لذا كان على الأهل أن يؤمّنوا من يرافقهم في غدوهم ورواحهم إلى الكتاب، وأطلق على هذا المُرافق اسم السائق , واشترط فيه أن يكون "أميناً ثقة متأهلاً، لأنه يتسلم الصبي في الغدو والرواح , وينفرد به في الأماكن الخالية , ويدخل على النسوان , فيلتزم أن يكون كذلك"(11).
وتعد مثل هذه الأمور ظاهرة اهتمام واضحة من المسلمين بسلامة أطفالهم، وخاصة من خلال تلك القواعد التي وضعوها , ورعوا فيها الظروف الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، فوضعوا شروطاً وقيوداً للمحافظة على الأطفال من بعض الأمراض الاجتماعية التي كانت منتشرة، وقد امتد الاهتمام بالأطفال ليشمل أوقات الراحة والذهاب إلى المنزل والعودة منه.
أما معلم الكتاب فقد جمع مهاماً متعددة بيده، ومهمته تشبه إلى حد ما مهمة المعلم المنفرد، لكنه يتصرف ضمن لوائح وإرشادات معينة لا يحق له الخروج عنها.
"وقد تحرى أجدادنا –رحمهم الله- جهدهم في انتخاب المعلم الذي يتولى تعليم صبيانهم، فلا يختارون لهذه المهمة إلا من تقرر عندهم حسن أخلاقه، وتوفرت فيه خصال رشيدة جمَّة، منها الاشتهار بالاستقامة والعفاف، والعدالة مع الخبرة العامة بالقرآن وعلومه. وقد وضع الفقهاء المسلمون خصالاً ينبغي توفرها في معلم الكتاب، فالقابسي يرى أنه ينبغي أن يكون مهيباً لا في عنف، لا يكون عبوساً مغضباً، ولا مبسطاً، مرفقاً بالصبيان دون لين، وينبغي أن يخلص أدب الصبيان لمنافعهم"(12).
ولقد أنيطت مهمة الإشراف على معلم الكتاب بالمحتسب , فاشترط بهذا المعلم أن يكون من "أهل الصلاح والعفة والأمانة، حافظاً للكتاب العزيز، حسن الخط، ويدري الحساب، والأولى أن يكون متزوجاً، ولا يفسح لعازب أن يفتح مكتباً إلا أن يكون شيخاً كبيراً , وقد اشتهر بالدين والخير , ومع ذلك فلا يؤذن للتعليم إلا بتزكية مرضية وثبوت أهلية"(13).
أما منهج التعليم ومواده المقررة، فكان يطلب من الصبي أن يحفظ القرآن الكريم كله أو بعضه عن ظهر قلب أو رواية واتقاناً، ويتعلم القراءة والكتابة والخط، ومبادئ الحساب الأولية.
وقد اهتم المربون المسلمون بتكوين الشخصية السوية لأطفال الكتاب بتعويدهم الكتابة للناس، وتعليم بعضهم بعضاً , وخاصة من خلال ذلك الصبي المتميز بعلمه , والمعروف بالعريف , وإملاء بعضهم على بعض , وإمامة من بلغ سن الاحتلام وصلح لإمامة غيره في صلاة الجماعة، مع ما في ذلك من اهتمام في التطبيق العملي لما يتعلمونه.
وقد يفرغ المعلم من تعليمهم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، فيعلمهم "مبادئ علوم الدين واللغة، أي أن النشاط التعليمي داخل الكتاب كان يمتد ليشمل تعليم الأطفال بعض الأحاديث النبوية وآداب الدين، ويعلمهم عقائد أهل السنة والجماعة، ومما يتناسب مع السن والفهم، وكذلك قواعد اللغة , وما يستحسن من المراسلات والأشعار , ويدرجه بذلك حتى يألفه طبعاً"(14).
أما تنظيم التعليم في الكتاب فقد قام الفقهاء بمحاولات تنظيمه قدر الإمكان، وأخضعوا الكتاتيب لشروط موحدة، بالإضافة إلى ما كانت تقوم به الدولة بالإشراف عليها , وعلى أنظمتها من خلال المحتسب , ومراقبته لها، والذي له الحق أن يمنع من لم تتوفر فيه الشروط اللازمة لممارسة المهنة.
وكانت الحياة في الكتاتيب "فطرية في الغالب" وأوقات الدراسة فيها كانت تحدد بعلامات طبيعية, فشروق الشمس كان بدء اليوم الدراسي , يطول ويقصر تبعاً لشروق الشمس، وأذان العصر"(15).
وأما بالنسبة للراحة والعطل المدرسية، فقد لوحظ اهتمام المسلمين بإعطاء الصبي قسطاً من الراحة بعد عناء الدراسة، فهذا ابن الحاج العبد ري (ت 737هـ/ 1336م) يقول "إن ذلك مستحب لقوله عليه الصلاة والسلام "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة" فإذا استراحوا يومين في الجمعة نشطوا لباقيها"(16). وهناك تعطيل في أيام الأعياد، وحالات المرض، والرياح والعواصف والبرد والمطر الشديد.
أما المعلم فإذا تغيب لشغل طارئ "فعليه أن يستأجر للصبيان من يكون فيهم بمثل كفايته إذا لم تطل مدة ذلك... كذلك إن هو سافر فأقام من يوفيهم كفايته لهم، إن كان سفراً لا بد منه، قريباً اليوم واليومين، وما أشبههما فيستخف ذلك إن شاء الله، وأما إن بعد أو خيف بعد القريب لما يعرض في الأسفار من الحوادث فلا يصلح له ذلك"(17).
أما تعليم البنات، فيبدو أن التعليم الابتدائي لم يكن مختصاً بالصبيان الذكور دون الإناث، بل إنه كان شاملاً للجنسين، لا سيما عند الأغنياء، وأصحاب المناصب العالية والعلماء، "فهذا القاضي الورع عيسى بن مسكين المتوفى سنة (275هـ/888م) كان يقرئ بناته وحفيداته. قال عياض: وكان من سيرة عيسى بن مسكين في غير مدة قضائه أنه كان إذا أصبح قرأ حزباً من القرآن، ثم جلس للطلبة إلى العصر. فإذا كان بعد العصر دعا بنتيه وبنات أخيه يعلمهن القرآن والعلم"(18).
ويبدو أن بعض الصبيان كانوا يستمرون في الكتاب إلى سن الاحتلام , ولهذا كان يخشى على الإناث من الفساد، ولذلك لم يمنع البنات من التعليم، وإنما منع اختلاطهن بالذكور، انطلاقاً من الغيرة على الأخلاق، وحفظ الدين، وأكبر دليل على انتشار التعليم بين الإناث تلك الأعداد الكبيرة من النساء الفقيهات، والشاعرات، والكاتبات... الخ.
أما الحياة الاجتماعية في الكتاب، فلم يسمح المسلمون أن تقوم عزلة وحواجز بين الكتاب والمجتمع، ولذلك فهو يتفاعل مع مجتمعه , ويشارك في حياته اليومية "فإذا مات عالم جليل أفاد العباد بعلومه , أو رئيس نفع البلاد بآرائه وأعماله، أو أمير عادل أنصف في أحكامه، أغلقت الكتاتيب أبوابها، وعطل الأحداث دراستهم يوم دفنه مشاركة في المصاب العمومي، وإظهاراً للتأسي وإجلالاً لخدمة الصالح العام"(19).
ويشارك الصبيان في القضايا العامة التي تلم بالمجتمع فيقول ابن سحنون: "إذا أجدب الناس , واستسقى الإمام , فأحب للمعلم أن يخرج بهم من يعرف الصلاة منهم، وليبتهلوا إلى الله بالدعاء ويرغبوا إليه، فإنه بلغني أن قوم يونس –صلى الله على نبينا وعليه السلام- لما عاينوا العذاب خرجوا بصبيانهم , فتضرعوا إلى الله بهم"(20).
وقد تميز التعليم في الكتاب بالاهتمام بالآداب الاجتماعية حيث "يقوم المعلم بتأديب الأطفال , وتربيتهم التربية الصالحة , وتعويدهم العادات الحسنة، وتعليمهم كيفية احترام الناس , ومراعاة الذوق والأدب طبقاً للعرف الجاري، وأن يلقي السلام على من يدخل عليهم , أو يمر بهم من الناس، ويأمرهم ببر الوالدين، والانقياد لأمرهما بالسمع والطاعة، والسلام عليهما , وتقبيل أياديهما عند الدخول إليهما، ويضربهم على إساءة الأدب , والفحش من الكلام وغير ذلك من الأفعال الخارجة عن قانون الشرع"(21).
والملفت للنظر اهتمام الفقهاء المربين المسلمين بصحة الصبيان في الكتاب، فنصحوا بعزل الصبي المريض عن رفاقه حتى لا ينتشر المرض بينهم، يقول ابن الحاج العبدري: "ينبغي إذا اشتكى أحد من الصبيان وهو بالمكتب بوجع عينيه , أو شيء من بدنه، وعلم صدقه أن يصرفه (المعلم) إلى بيته ولا يتركه يقعد في المكتب"(22). وذلك ليترك لأهله الاهتمام به , والعمل على معالجته ؛ خوفاً من انتشار عدوى المرض بين الصبيان.
وطلب إلى معلم الصبيان منعهم من أكل الطعام والحلوى المكشوفة والمعروضة من قبل الباعة الجوالين "فلا يدع المعلم أحداً من البياعين يقف على المكتب ليبيع للصبيان، إذ فيه المفاسد إن اشترى منه"(23)، وبلغ الحرص عندهم لدرجة "ترتيب طبيب يحضر بالمكتب في كل شهر"(24).
ووصلت عناية المربين المسلمين بنظافة الصبيان في المكتب بأن أوجبوا عليهم أن يكون لمسح الألواح مكان طاهر نظيف، وأن يستخدموا الخرق الطاهرة لمسح الألواح، ولا يستخدموا البصاق بل الماء الطاهر، لأن البصاق فيه القذارة وعدم الاحترام للمادة المكتوبة على الألواح.
عندما نفكر في التربية أو نتحدث عنها، فمن الطبيعي أن يتبادر لذهننا أولاً قبل كل شيء المدرسة وما يحدث فيها من مناشط، وحين نقول فلاناً تربى، فنعني بذلك أنه أكمل برنامجاً دراسياً في المدرسة، وعندما ندعو شخصاً متربياً، فإننا نربط بينه وبين المدرسة من الناحية المهنية، وعليه فإنه من المناسب عند دراسة فلسفة التربية أن نتناول المدرسة على أنها المصدر المباشر المحدد الواضح للخبرة التربوية.
ولكن عندما نبدأ التفكير في المدرسة نلاحظ وعلى الفور أنه بالإضافة إلى المدرسة هناك وسائل كثيرة تدار من خلالها عملية التربية، من بين هذه الوسائل تحتل المدارس بالتأكيد أهمية أساسية، "ولكن المدارس ليست الأمكنة الوحيدة التي ينمو فيها الأفراد نمواً موجهاً قصدياً، فقبل المدرسة هناك المنزل , وهو من نواح كثيرة له أثر في الشخصية أقوى وأدوم وأعمق , وتقوم التعاليم الدينية أيضاً في العادة بممارسة تأثيرها القوي.
كما أن الاشتراك مع الأصدقاء ومع الزملاء من المواطنين في مناشط تحتل اهتماماً مشتركاً , والاشتراك في العمل والحياة المهنية لها علاقة بتوجيه النمو الإنساني، فالمؤسسات الاجتماعية كدور الكتب والمتاحف , وكذلك المدارس يمكن أن تكون عوامل للنمو العقلي.
وفي النهاية فالفرد نفسه وسيلة تربوية على جانب عظيم من الأهمية، وما يصبح عليه الفرد لا يتحدد في كليته على الإطلاق، نتيجة تأثير العوامل الخارجية، ولكن يتحدد أيضاً على أساس قدرته الداخلية على التوجه الذاتي"(1).
أما بالنسبة للمؤسسات التربوية الإسلامية، "فقد عرف الإسلام المؤسسة التربوية منذ اللحظات الأولى لبدء نزول الوحي على قلب محمد ، فكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم أول مؤسسة تربوية، فقد كان المعلم الأعظم يجمع القلة القليلة التي آمنت به سراً في هذه الدار، ويستخلص نفوسها، ويعلمها آيات القرآن التي يتنزل بها الروح الأمين على قلبه، ويشكلها (عقائدياً) بما يتفق وتعاليم الإسلام الحنيف"(2).
ولم تكن المؤسسة التربوية الإسلامية مقتصرة على المدرسة فقط، بل تعدتها إلى الكتاب، والمسجد، والمكتبة، وبيوت الحكمة، ودور العلم، وحوانيت الوراقين، ومجالس العلم والمناظرة، ومنازل العلماء، ومجالس الفتوى، والبيمارستانات، والمراكز الصوفية، والعتبات المقدسة وغيرها.
ولقد كانت هذه المؤسسات التربوية الإسلامية، نتاج بيئة معينة، نابعة من صميم حاجات المجتمع الإسلامي وتطوراته، مصبوغة بالروح الإسلامية، حيث اهتدت بتعاليم وأغراض الإسلام، إنها ليست بالدخيلة، وإنما هي نتاج نمو وتطور في الحياة الإسلامية العامة، نشأت في أمكنة معينة وأزمان معينة، وظروف معينة , وضمن أغراض معينة أملتها حاجات المجتمع الإسلامي النامية المتطورة.
وسنتناول في بحثنا المؤسسات التعليمية عند المسلمين، ونبدأ بدراسة الكتَّاب.
ظهر الكُتَّاب عند المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانتشر مع انتشار الإسلام في مختلف البلدان، وأنشئ من خلال عمل إسلامي بحت، وكان المكان الرئيسي في العالم الإسلامي لتعليم الصغار، وقد تمتع بمكانة كبيرة الأهمية في الحياة الإسلامية، وبخاصة وأنه المكان الذي يتعلم فيه الصبيان القرآن، إضافة إلى ما للعلم من مكانة في نظر الإسلام حيث هو فريضة على كل مسلم، وكذلك تلك القدوة التي نأخذ بها من خلال أقوال وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حض على ضرورة التعلم , فكلف كل أسير من أسرى الحرب بعد موقعة بدر بتعليم اثني عشر طفلاً من أطفال المسلمين على سبيل الفدية.
ولقد قسمت الكتاتيب إلى قسمين:
1 ـ كتاتيب أولية : وكان يتعلم الأطفال فيها القراءة والكتابة , ويحفظون القرآن , ومبادئ الدين وأوليات الحساب.
2 ـ كتاتيب قانونية : إن صح هذا التعبير –كانت لتعليم الأطفال والشباب علوم اللغة والآداب، وكانوا يتوسعون فيها بعلوم الدين والحديث وسائر صنوف العلوم الأخرى بصورة عامة(3).
إلا أن أحد الباحثين يفصل بين الكتاتيب بحيث يرى أنه "كان من الشائع المتعارف عليه أن يقوم غير المسلمين بمهنة تعليم القراءة والكتابة , وكان هذا النوع من التعليم يجري في منازل المعلمين , وربما خصص هؤلاء حجرة في بيوتهم لاستقبال الطلاب، وقد حافظ الكتاب من هذا النوع في الكثير الغالب على استقلاله التام عن الكتاب الآخر الذي كان يجري به تعليم القرآن الكريم , ومبادئ الدين الإسلامي، وكثير من الباحثين لم يفرقوا بين نوعي الكتاب هذين , وقرروا أنه كان هناك نوع واحد من الكتاتيب , تعلم فيها القراءة والكتابة , ويحفظ فيه القرآن , وتدرس به علوم الدين"(4).
نستنتج من هذا أنه كان هناك نوعان من الكتاتيب، أحدهما لتعليم القرآن , ومبادئ الدين الإسلامي، وثانيهما لتعليم القراءة والكتابة والحساب، إلا أن هذا لا يمكن تعميمه , حيث كان ثمة كتاتيب تجمع بين تعليم هذه المواد، لكن نستطيع القول إن الكتاتيب القرآنية قد انتشرت بشكل واسع وبارز ؛ نتيجة تحمس الناس الشديد للقرآن الكريم، وكثرة الفتوحات الإسلامية، وبالتالي اتساع رقعة الدولة.
كذلك ظهر نوع من الكتاتيب اختص بالأيتام، وكان الغرض من إنشائها، تعليم الأيتام وأبناء الفقراء ورعايتهم، إلى جانب التقرب إلى الله تعالى.
ولم تقتصر هذه الكتاتيب على تعليم الأيتام بل "أضيف إليهم أولاد الفقراء والجند والبطالين، وقد وفر هذا النوع من التعليم الرعاية العلمية والاجتماعية لهذه الفئة غير القادرة , والذين لم يكن في وسع ذويهم إرسالهم إلى المكاتب الخاصة , أو إحضار مؤدبين لهم إلى المنازل"(5).
ولقد كثر الاهتمام بكتاتيب الأيتام خلال عهود الزنكيين، والأيوبيين والمماليك، فهذا نور الدين زنكي يبني "في كثير من بلاده مكاتب للأيتام ويجري عليهم وعلى معلميهم الجرايات الوافرة"(6).
واختلفت أحجام الكتاتيب صغراً وكبراً، "فكتاب أبي القاسم البلخي كان يتعلم فيه (3000 تلميذ) وتدل رواية ياقوت على أن هذا الكتاب بجانب استقلاله عن المسجد كان فسيحاً ليتسع لهذا العدد الكبير ,ولهذا كان يحتاج البلخي أن يركب حماراً ليتردد بين هؤلاء وأولئك ؛ وليشرف على جميع تلاميذه"(7).
وكان المكان المخصص للكتاب "يختلف باختلاف المعلمين ومشاربهم , فمن مكان متسع طلق الهواء , يساعد الصبية على الإقبال على الدرس , إلى مكان مظلم , لا تدخله الشمس يحدّ من استعداد الصبية للحفظ والإفادة من التعليم"(8).
أما أثاث الكتاب فكان يفرش بالحصر غالباً، يجلس عليها الصبيان متربعين حول معلمهم، وكانت أدوات الدراسة تتضمن مصحفاً شريفاً، وعدة ألواح، وعدداً من الدوي والأقلام.
وقد يختص المعلم "بسرير أو كرسي مرتفع , وربما عوض الكرسي بمصطبة مبنية (دكانة) ليس عليها من الرياش سوى بساط صغير"(9).
أما سن ذهاب الصبي إلى الكتاب فيلاحظ بصفة عامة أن هناك "اتجاهاً نحو التبكير في التعلم بالكتاب، فمنذ السنة الخامسة أو السادسة أو السابعة ينتقل الطفل إلى بيئة جديدة هي الكتاب، حيث يبقى فيها إلى أن يتم حفظ القرآن بأكمله , أو يحفظ جزءاً منه إلى جانب تعلمه القراءة والكتابة، وبعض النحو والعربية , وشيئاً من الحساب، وما إلى ذلك من الأمور التي كانوا يعتبرونها وسائل للإحاطة بالدين"(10).
ولعله من الأرجح أن يبقى الصبي في الكتاب حتى سن الثانية عشرة أو ما دون ذلك، ولكن لا يمنع الأمر أن يكون هناك من هم في سن أكبر من الثانية عشر.
ولما كان الصبيان يأتون إلى الكتاب صغار السن، لذا كان على الأهل أن يؤمّنوا من يرافقهم في غدوهم ورواحهم إلى الكتاب، وأطلق على هذا المُرافق اسم السائق , واشترط فيه أن يكون "أميناً ثقة متأهلاً، لأنه يتسلم الصبي في الغدو والرواح , وينفرد به في الأماكن الخالية , ويدخل على النسوان , فيلتزم أن يكون كذلك"(11).
وتعد مثل هذه الأمور ظاهرة اهتمام واضحة من المسلمين بسلامة أطفالهم، وخاصة من خلال تلك القواعد التي وضعوها , ورعوا فيها الظروف الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، فوضعوا شروطاً وقيوداً للمحافظة على الأطفال من بعض الأمراض الاجتماعية التي كانت منتشرة، وقد امتد الاهتمام بالأطفال ليشمل أوقات الراحة والذهاب إلى المنزل والعودة منه.
أما معلم الكتاب فقد جمع مهاماً متعددة بيده، ومهمته تشبه إلى حد ما مهمة المعلم المنفرد، لكنه يتصرف ضمن لوائح وإرشادات معينة لا يحق له الخروج عنها.
"وقد تحرى أجدادنا –رحمهم الله- جهدهم في انتخاب المعلم الذي يتولى تعليم صبيانهم، فلا يختارون لهذه المهمة إلا من تقرر عندهم حسن أخلاقه، وتوفرت فيه خصال رشيدة جمَّة، منها الاشتهار بالاستقامة والعفاف، والعدالة مع الخبرة العامة بالقرآن وعلومه. وقد وضع الفقهاء المسلمون خصالاً ينبغي توفرها في معلم الكتاب، فالقابسي يرى أنه ينبغي أن يكون مهيباً لا في عنف، لا يكون عبوساً مغضباً، ولا مبسطاً، مرفقاً بالصبيان دون لين، وينبغي أن يخلص أدب الصبيان لمنافعهم"(12).
ولقد أنيطت مهمة الإشراف على معلم الكتاب بالمحتسب , فاشترط بهذا المعلم أن يكون من "أهل الصلاح والعفة والأمانة، حافظاً للكتاب العزيز، حسن الخط، ويدري الحساب، والأولى أن يكون متزوجاً، ولا يفسح لعازب أن يفتح مكتباً إلا أن يكون شيخاً كبيراً , وقد اشتهر بالدين والخير , ومع ذلك فلا يؤذن للتعليم إلا بتزكية مرضية وثبوت أهلية"(13).
أما منهج التعليم ومواده المقررة، فكان يطلب من الصبي أن يحفظ القرآن الكريم كله أو بعضه عن ظهر قلب أو رواية واتقاناً، ويتعلم القراءة والكتابة والخط، ومبادئ الحساب الأولية.
وقد اهتم المربون المسلمون بتكوين الشخصية السوية لأطفال الكتاب بتعويدهم الكتابة للناس، وتعليم بعضهم بعضاً , وخاصة من خلال ذلك الصبي المتميز بعلمه , والمعروف بالعريف , وإملاء بعضهم على بعض , وإمامة من بلغ سن الاحتلام وصلح لإمامة غيره في صلاة الجماعة، مع ما في ذلك من اهتمام في التطبيق العملي لما يتعلمونه.
وقد يفرغ المعلم من تعليمهم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، فيعلمهم "مبادئ علوم الدين واللغة، أي أن النشاط التعليمي داخل الكتاب كان يمتد ليشمل تعليم الأطفال بعض الأحاديث النبوية وآداب الدين، ويعلمهم عقائد أهل السنة والجماعة، ومما يتناسب مع السن والفهم، وكذلك قواعد اللغة , وما يستحسن من المراسلات والأشعار , ويدرجه بذلك حتى يألفه طبعاً"(14).
أما تنظيم التعليم في الكتاب فقد قام الفقهاء بمحاولات تنظيمه قدر الإمكان، وأخضعوا الكتاتيب لشروط موحدة، بالإضافة إلى ما كانت تقوم به الدولة بالإشراف عليها , وعلى أنظمتها من خلال المحتسب , ومراقبته لها، والذي له الحق أن يمنع من لم تتوفر فيه الشروط اللازمة لممارسة المهنة.
وكانت الحياة في الكتاتيب "فطرية في الغالب" وأوقات الدراسة فيها كانت تحدد بعلامات طبيعية, فشروق الشمس كان بدء اليوم الدراسي , يطول ويقصر تبعاً لشروق الشمس، وأذان العصر"(15).
وأما بالنسبة للراحة والعطل المدرسية، فقد لوحظ اهتمام المسلمين بإعطاء الصبي قسطاً من الراحة بعد عناء الدراسة، فهذا ابن الحاج العبد ري (ت 737هـ/ 1336م) يقول "إن ذلك مستحب لقوله عليه الصلاة والسلام "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة" فإذا استراحوا يومين في الجمعة نشطوا لباقيها"(16). وهناك تعطيل في أيام الأعياد، وحالات المرض، والرياح والعواصف والبرد والمطر الشديد.
أما المعلم فإذا تغيب لشغل طارئ "فعليه أن يستأجر للصبيان من يكون فيهم بمثل كفايته إذا لم تطل مدة ذلك... كذلك إن هو سافر فأقام من يوفيهم كفايته لهم، إن كان سفراً لا بد منه، قريباً اليوم واليومين، وما أشبههما فيستخف ذلك إن شاء الله، وأما إن بعد أو خيف بعد القريب لما يعرض في الأسفار من الحوادث فلا يصلح له ذلك"(17).
أما تعليم البنات، فيبدو أن التعليم الابتدائي لم يكن مختصاً بالصبيان الذكور دون الإناث، بل إنه كان شاملاً للجنسين، لا سيما عند الأغنياء، وأصحاب المناصب العالية والعلماء، "فهذا القاضي الورع عيسى بن مسكين المتوفى سنة (275هـ/888م) كان يقرئ بناته وحفيداته. قال عياض: وكان من سيرة عيسى بن مسكين في غير مدة قضائه أنه كان إذا أصبح قرأ حزباً من القرآن، ثم جلس للطلبة إلى العصر. فإذا كان بعد العصر دعا بنتيه وبنات أخيه يعلمهن القرآن والعلم"(18).
ويبدو أن بعض الصبيان كانوا يستمرون في الكتاب إلى سن الاحتلام , ولهذا كان يخشى على الإناث من الفساد، ولذلك لم يمنع البنات من التعليم، وإنما منع اختلاطهن بالذكور، انطلاقاً من الغيرة على الأخلاق، وحفظ الدين، وأكبر دليل على انتشار التعليم بين الإناث تلك الأعداد الكبيرة من النساء الفقيهات، والشاعرات، والكاتبات... الخ.
أما الحياة الاجتماعية في الكتاب، فلم يسمح المسلمون أن تقوم عزلة وحواجز بين الكتاب والمجتمع، ولذلك فهو يتفاعل مع مجتمعه , ويشارك في حياته اليومية "فإذا مات عالم جليل أفاد العباد بعلومه , أو رئيس نفع البلاد بآرائه وأعماله، أو أمير عادل أنصف في أحكامه، أغلقت الكتاتيب أبوابها، وعطل الأحداث دراستهم يوم دفنه مشاركة في المصاب العمومي، وإظهاراً للتأسي وإجلالاً لخدمة الصالح العام"(19).
ويشارك الصبيان في القضايا العامة التي تلم بالمجتمع فيقول ابن سحنون: "إذا أجدب الناس , واستسقى الإمام , فأحب للمعلم أن يخرج بهم من يعرف الصلاة منهم، وليبتهلوا إلى الله بالدعاء ويرغبوا إليه، فإنه بلغني أن قوم يونس –صلى الله على نبينا وعليه السلام- لما عاينوا العذاب خرجوا بصبيانهم , فتضرعوا إلى الله بهم"(20).
وقد تميز التعليم في الكتاب بالاهتمام بالآداب الاجتماعية حيث "يقوم المعلم بتأديب الأطفال , وتربيتهم التربية الصالحة , وتعويدهم العادات الحسنة، وتعليمهم كيفية احترام الناس , ومراعاة الذوق والأدب طبقاً للعرف الجاري، وأن يلقي السلام على من يدخل عليهم , أو يمر بهم من الناس، ويأمرهم ببر الوالدين، والانقياد لأمرهما بالسمع والطاعة، والسلام عليهما , وتقبيل أياديهما عند الدخول إليهما، ويضربهم على إساءة الأدب , والفحش من الكلام وغير ذلك من الأفعال الخارجة عن قانون الشرع"(21).
والملفت للنظر اهتمام الفقهاء المربين المسلمين بصحة الصبيان في الكتاب، فنصحوا بعزل الصبي المريض عن رفاقه حتى لا ينتشر المرض بينهم، يقول ابن الحاج العبدري: "ينبغي إذا اشتكى أحد من الصبيان وهو بالمكتب بوجع عينيه , أو شيء من بدنه، وعلم صدقه أن يصرفه (المعلم) إلى بيته ولا يتركه يقعد في المكتب"(22). وذلك ليترك لأهله الاهتمام به , والعمل على معالجته ؛ خوفاً من انتشار عدوى المرض بين الصبيان.
وطلب إلى معلم الصبيان منعهم من أكل الطعام والحلوى المكشوفة والمعروضة من قبل الباعة الجوالين "فلا يدع المعلم أحداً من البياعين يقف على المكتب ليبيع للصبيان، إذ فيه المفاسد إن اشترى منه"(23)، وبلغ الحرص عندهم لدرجة "ترتيب طبيب يحضر بالمكتب في كل شهر"(24).
ووصلت عناية المربين المسلمين بنظافة الصبيان في المكتب بأن أوجبوا عليهم أن يكون لمسح الألواح مكان طاهر نظيف، وأن يستخدموا الخرق الطاهرة لمسح الألواح، ولا يستخدموا البصاق بل الماء الطاهر، لأن البصاق فيه القذارة وعدم الاحترام للمادة المكتوبة على الألواح.
الأحد 16 مارس - 16:45 من طرف love for ever
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
الثلاثاء 24 ديسمبر - 9:08 من طرف adel.ebied.14
» فرح جامد آخر حاجه
الأحد 11 مارس - 7:46 من طرف عمرو سليم
» ملحمة الثورة في السويس
الأربعاء 27 أبريل - 3:54 من طرف عادل
» موقعة الجمل 2-2-2011
الأحد 24 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
السبت 23 أبريل - 3:10 من طرف عادل
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
السبت 23 أبريل - 1:24 من طرف عادل
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
السبت 23 أبريل - 1:20 من طرف عادل
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
الجمعة 22 أبريل - 8:01 من طرف هشام الصفطي
» لماذا قامت الثورة ؟
الخميس 21 أبريل - 7:51 من طرف Marwan(Mark71)
» مواهب خرجت من رحم الثورة
الخميس 21 أبريل - 2:55 من طرف سعاد خليل
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:52 من طرف صبري محمود
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:39 من طرف صبري محمود
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
الثلاثاء 19 أبريل - 13:24 من طرف عادل
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
الثلاثاء 19 أبريل - 13:19 من طرف عادل
» المتحولون
الثلاثاء 19 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
الإثنين 18 أبريل - 20:51 من طرف عادل
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
الإثنين 18 أبريل - 0:15 من طرف عادل
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
الأحد 17 أبريل - 23:20 من طرف عادل
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
الأحد 17 أبريل - 20:21 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
الأحد 17 أبريل - 20:07 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
الأحد 17 أبريل - 19:54 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
الأحد 17 أبريل - 4:00 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
الأحد 17 أبريل - 2:12 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
الأحد 17 أبريل - 1:36 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
الأحد 17 أبريل - 0:44 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
الأحد 17 أبريل - 0:10 من طرف عادل
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
الخميس 14 أبريل - 21:45 من طرف عادل
» اول ساعة ثورة
الخميس 14 أبريل - 20:47 من طرف عادل
» ثم ماذا بعد ؟
الخميس 14 أبريل - 19:18 من طرف عادل
» ذكريات اول ايام الثورة
الخميس 14 أبريل - 19:13 من طرف عادل
» ندااااااااء
الخميس 23 ديسمبر - 13:58 من طرف love for ever
» دحمبيش الغربيه
الخميس 23 ديسمبر - 13:53 من طرف love for ever
» الحجاب والنقاب في مصر
الخميس 23 ديسمبر - 13:52 من طرف love for ever
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
الإثنين 15 نوفمبر - 13:44 من طرف love for ever
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
الأحد 31 أكتوبر - 5:57 من طرف هادي
» شخصيات خلبية وهزلية
الأحد 31 أكتوبر - 5:47 من طرف هادي
» msakr2006
السبت 30 أكتوبر - 5:49 من طرف marmar
» ente7ar007
السبت 30 أكتوبر - 5:46 من طرف marmar
» Nancy
السبت 30 أكتوبر - 5:44 من طرف marmar
» waleed ali
السبت 30 أكتوبر - 5:42 من طرف marmar
» hamedadelali
السبت 30 أكتوبر - 5:41 من طرف marmar
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
السبت 30 أكتوبر - 5:39 من طرف marmar
» علي عبد الله رحاحلة
السبت 30 أكتوبر - 5:38 من طرف marmar
» sheriefadel
السبت 30 أكتوبر - 5:36 من طرف marmar
» خالد احمد عدوى
السبت 30 أكتوبر - 5:33 من طرف marmar
» khaled
السبت 30 أكتوبر - 5:29 من طرف marmar
» yasser attia
السبت 30 أكتوبر - 5:28 من طرف marmar
» abohmaid
السبت 30 أكتوبر - 5:26 من طرف marmar
» ملك الجبل
السبت 30 أكتوبر - 5:24 من طرف marmar
» elcaptain
السبت 30 أكتوبر - 5:21 من طرف marmar
» حاتم حجازي
السبت 30 أكتوبر - 5:20 من طرف marmar
» aka699
السبت 30 أكتوبر - 5:19 من طرف marmar
» wasseem
السبت 30 أكتوبر - 5:16 من طرف marmar
» mohammedzakarea
السبت 30 أكتوبر - 5:14 من طرف marmar
» حيدر
السبت 30 أكتوبر - 5:12 من طرف marmar
» hamadafouda
السبت 30 أكتوبر - 5:10 من طرف marmar
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
الجمعة 24 سبتمبر - 4:02 من طرف love for ever
» same7samir
الأحد 18 يوليو - 9:26 من طرف love for ever
» تامر الباز
الجمعة 9 يوليو - 7:31 من طرف love for ever
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
الجمعة 11 يونيو - 7:37 من طرف love for ever
» امجد
الأحد 16 مايو - 8:42 من طرف marmar
» ahmedelmorsi
الأحد 16 مايو - 8:40 من طرف marmar
» محمد امين
الأحد 16 مايو - 8:38 من طرف marmar
» MrMoha12356
الأحد 16 مايو - 8:36 من طرف marmar
» نوسه الحلو
الأحد 16 مايو - 8:34 من طرف marmar
» ibrahem545
الأحد 16 مايو - 8:32 من طرف marmar
» يوسف محمد السيد
الأحد 16 مايو - 8:30 من طرف marmar
» memo
الأحد 16 مايو - 8:27 من طرف marmar
» هاكلن
الأحد 16 مايو - 8:25 من طرف marmar
» لماذا نريد التغيير
السبت 15 مايو - 22:02 من طرف نرمين عبد الله
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
السبت 15 مايو - 8:13 من طرف طائر الليل الحزين
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 5:40 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود 2
الخميس 13 مايو - 3:07 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود
الخميس 13 مايو - 2:56 من طرف osman_hawa
» العمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 2:23 من طرف osman_hawa
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:43 من طرف osman_hawa
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:16 من طرف osman_hawa
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 0:57 من طرف osman_hawa
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:41 من طرف osman_hawa
» علماء مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:30 من طرف osman_hawa
» معا ننقذ فؤادة
الإثنين 26 أبريل - 21:49 من طرف marmar
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
الإثنين 26 أبريل - 5:34 من طرف طائر الليل الحزين
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
الإثنين 26 أبريل - 4:28 من طرف طائر الليل الحزين
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
الإثنين 26 أبريل - 4:17 من طرف طائر الليل الحزين
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
الإثنين 26 أبريل - 2:31 من طرف طائر الليل الحزين
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
الجمعة 23 أبريل - 11:33 من طرف love for ever
» حوده
الخميس 22 أبريل - 10:47 من طرف marmar
» وليد الروبى
الخميس 22 أبريل - 7:55 من طرف اشرف
» dr.nasr
الخميس 22 أبريل - 7:52 من طرف اشرف
» المشير أحمد إسماعيل
الإثنين 19 أبريل - 9:44 من طرف osman_hawa
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
الإثنين 19 أبريل - 9:03 من طرف osman_hawa
» wessam
الإثنين 19 أبريل - 7:26 من طرف اشرف
» عذب ابها
الإثنين 19 أبريل - 7:23 من طرف اشرف
» soma
الإثنين 19 أبريل - 7:22 من طرف اشرف
» islam abdou
الإثنين 19 أبريل - 7:18 من طرف اشرف
» رسالة ترحيب
الإثنين 19 أبريل - 7:05 من طرف marmar
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
السبت 17 أبريل - 10:44 من طرف marmar
» اصول العقائد البهائيه
السبت 17 أبريل - 10:20 من طرف marmar