معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    مأزق الهوية العربية داخل الخط الأخضر

    احمد عرفة
    احمد عرفة
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد المساهمات : 345
    رقم العضوية : 36
    تاريخ التسجيل : 08/07/2008
    نقاط التميز : 663
    معدل تقييم الاداء : 18

    مأزق الهوية العربية داخل الخط الأخضر Empty مأزق الهوية العربية داخل الخط الأخضر

    مُساهمة من طرف احمد عرفة الإثنين 8 سبتمبر - 11:02

    قبل ستين عاما، أعلنت إسرائيل قيام دولتها، وبين عشية وضحاها كان اعتراف القوي الدولية الكبري جاهزا، استنادا إلي قرار التقسيم رقم ١٨١ لمجلس الأمن الدولي لعام ١٩٤٧، والذي رفضته الدول العربية والتفت إسرائيل لتنفيذه أحاديا فنجحت، لتحتفل سنويا، منذ ذلك الحين، في ١٤ من مايو من كل عام، بما دأبت علي تسميته «هعتسماؤوت» أو عيد الاستقلال، بينما يتجرع الفلسطينيون والأمة العربية بأسرها في اليوم نفسه مرارة الهزيمة التي لحقت بهم خلال «النكبة».

    وإذا كان الشارعان العربي والفلسطيني يتضامنان مع بعضهما البعض في هذه الذكري الأليمة، مقابل الاحتفالات الصاخبة التي تقيمها جارتهما الإسرائيلية في تل أبيب وفي جميع مدن وبلدات ٤٨ التي أعلنت عليها دولتها داخل الخط الأخضر، فإن هذا التناقض لابد أن يستلزم معه وقفة مع تلك «الأقلية» الفلسطينية الكامنة حتي اليوم في قلب إسرائيل، والبالغة الآن نحو المليون ونصف المليون نسمة (١٩% تقريبا من سكان إسرائيل)، بعدما أبت الرحيل عن أراضيها في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، رغم وطأة مذابح «الهاجناة»، ورغم شتي أساليب التهجير، التي انتهجتها سلطات الاحتلال ضدهم، لإرغامهم علي الفرار إلي الضفة أو غزة أو إلي الخارج، كما فعل عشرات الآلاف من أقاربهم وأصدقائهم، اللاجئون الآن في شتي بقاع العالم بانتظار حلم «العودة».

    ستون عاما منذ النكبة العربية في فلسطين تغيرت خلالها الجغرافيا وتشكلت ملامح التاريخ في الحاضر والمستقبل، فلاشك إذن وأن مشاعر وتكوين تلك الأقلية قد تبدل هو الآخر، لاسيما في ظل خصوصية النظرة التي يرمقهم بها الكثيرون داخل وخارج الأراضي المحتلة سواء في ٤٨ أو ٦٧، والتي تضعهم حينا في صفوف «القابضين علي الجمر» لتمسكهم بأراضيهم، وأحيانا أخري في خانة «العملاء» و«الخونة»، لتعايشهم مع الإسرائيليين المحتلين واضطرارهم للتعامل معهم في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويكفي ما تحويه حافظتهم من بطاقات هوية زرقاء تحمل «الجنسية الإسرائيلية»، بموجب قانون المواطنة، الذي أقر بموجبه الكنيست عام ١٩٥٢ منحة لكل من بقي في أراضيه داخل حدود ٤٨ بعد الحرب، وأغلق في الوقت نفسه الباب أمام عودة اللاجئين.

    هذه الحقيقة تثير حتي اليوم تساؤلات وعلامات استفهام متزايدة حول هذه الأقلية العربية المقيمة في إسرائيل، موزعة علي مثلث الجليل شمالا، وصحراء النقب جنوبا، فهي بحكم تبعيتها لسلطة الاحتلال الإسرائيلية وحصولها علي الجنسية التي مكنتها من البقاء في أراضيها، مضطرة للانخراط العملي في جميع ميادين الحياة داخل «البلاد»، وهو المصطلح الذي يفضل بعض عرب ٤٨ استخدامه حتي يومنا هذا بدلا من تلفظ كلمة «إسرائيل».

    فعلي المستوي السياسي، يطمح كثيرون منهم إلي تمثيل أكبر داخل الكنيست، وإن كانت مجرد فكرة صعود أحدهم للحكومة الإسرائيلية قد أثارت استياء كبيرا خاصة بين أوساط اليمين المتشدد المتمثل في الوزير الموصوم بـ«العنصرية» أفيجدور ليبرمان لكراهيته المعروفة للعرب، غير أنه وفقا للقانون الإسرائيلي وبالرغم من منحه غالبية حقوق المواطنة لعرب إسرائيل، إلا أنه يمنعهم من الالتحاق بالخدمة العسكرية، انطلاقا من التشكيك الطبيعي في ولائهم لإسرائيل، أما موقف عرب ٤٨ أنفسهم إزاء هذا الحرمان - إن جاز التعبير - فيتباين ويتراوح من شخص لآخر، وإن كان أغلبهم يرفضون الانخراط سواء في الجيش أو المجتمع الإسرائيلي نفسه، وهو ما يجعل اليمين الإسرائيلي المتطرف يطلق عليهم وصف «القنبلة الموقوتة»، خاصة مع تزايد أعدادهم علي حساب اليهود، بما يشكل خطرا ديموجرافيا علي إسرائيل.

    اجتماعيا، ورغم تحدثهم العبرية بطلاقة واندماجهم مع المجتمع الإسرائيلي إلي حد بعيد، تبقي هناك العديد من المؤسسات التي تضمهم منفصلين كأقلية لم يصل اندماجها لدرجة الانصهار الكامل، للعديد من العوامل أهمها نفسية، «فما في القلب في القلب»، كما يرددون دائما بابتسامة صفراء يختمون بها حديثا طويلا عن التكيف الاجتماعي بين اليهود والعرب داخل أراضي ٤٨.

    ومن المؤسسات التي تكرس انفصال العرب عن المجتمع الإسرائيلي الجهاز التعليمي «شبه المستقل» الذي يتم فيه تداول اللغة العربية، شريطة تعلم العبرية، باعتبارها اللغة الرسمية للدولة، فضلا عن تفضيل الكثيرين منهم تلقي دراستهم الجامعية في الخارج (عدا الدول العربية باستثناء مصر والأردن بسبب جنسيتهم الإسرائيلية)، وذلك نظرا لصعوبة اختبارات القبول بالجامعات، وهربا من المحسوبية والعنصرية التي يمكن أن يعانوا منها في الداخل، ورغم محاولات الاندماج المدفوعين إليها اضطرارا، يحتفظ هؤلاء العرب «حتي الثمالة»، كما وصفهم بعض من عاشرهم دفاعا عنهم ضد اتهامات التهويد والتغريب، بالكثير من عاداتهم وتقاليدهم، اجتماعية كانت أم دينية (إسلامية ومسيحية علي حد سواء).

    ومن الأمور التي تأخذ علي عرب ٤٨ «انفتاحهم علي الحضارة الغربية»، وما يقال من تأثرهم الشديد بالثقافة الإسرائيلية في ملبسهم ومأكلهم وعاداتهم، وهو الأمر المردود عليه بأن أهل الشمال بشكل عام، وعلي مر العصور، كانوا أكثر عرضة للتأثر والانفتاح علي الآخر من أهل الجنوب في دول المتوسط، بحكم قربهم من الساحل، كما في الإسكندرية وصعيد مصر، الذي يمكن أن يقارن في هذا السياق بالضفة الغربية وقطاع غزة، التي تغلب عليها سمات القبلية والعشائرية.

    أما الأوضاع الاقتصادية، فلعلها هي أكثر ما يثير الضغينة ضد عرب ٤٨، فمن البديهي أن ازدهار اقتصادهم مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي، بخلاف الاقتصاد الفلسطيني في القطاع والضفة، اللتين لا تأخذان من الاقتصاد الإسرائيلي سوي عملته «الشيكل»، والملاحظ هناك، وما يعترف به غالبيتهم، هو أن الشعور بالرخاء الاقتصادي ما بين الفلسطينيين أنفسهم كان في ذروته إبان حرب ٦٧ ومع اتفاقية أوسلو، بحسب الكثيرين، خاصة من فلسطينيي ٤٨ المقيمين في القدس، الذين «لم يتنفسوا» إلا بعد النكسة لأنه لم يكن متاحا لهم الدخول إلي القدس الغربية وكان تجارهم متقوقعين داخل قراهم، قبل أن يتمكنوا من التعايش السلمي مع اليهود، وفي المقابل، كانت أسوأ الفترات التي شهد فيها الاقتصاد الفلسطيني تدهورا وانكماشا هو ذلك الذي ترافق مع الانتفاضتين الأولي والثانية.
    احمد عرفة
    احمد عرفة
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد المساهمات : 345
    رقم العضوية : 36
    تاريخ التسجيل : 08/07/2008
    نقاط التميز : 663
    معدل تقييم الاداء : 18

    مأزق الهوية العربية داخل الخط الأخضر Empty رد: مأزق الهوية العربية داخل الخط الأخضر

    مُساهمة من طرف احمد عرفة الإثنين 8 سبتمبر - 11:04

    وإذا ما قورن الاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام باقتصاد الدول العربية المجاورة خاصة التي لجأ إليها الفلسطينيون النازحون، تتضح الفجوة الكبيرة التي عادة ما تكون السبب وراء حفيظة فلسطينيي الشتات، وبخاصة بين الشباب، وذلك خلافا للمسنين - فوق الستين - الذين عاصروا التهجير، ربما في طفولتهم، فهم الأكثر تأثرا بما آلت إليه أوضاع «الوطن».

    الخلاصة هي أنه صحيح أن هناك قلة من شباب عرب إسرائيل تتفاخر بحملها «جواز السفر الإسرائيلي» لما يتمتع به من مزايا في جميع أنحاء العالم، خاصة أمام أقرانهم من الشباب العربي، المستعد لبذل كل ما لديه من أجل الجنسية الأمريكية، وصحيح أن هناك من شباب عرب إسرائيل أو فلسطينيي ٤٨ من هو متهم بالبعد عن الدين، ماضيا وقته علي مقاهي الدول الغربية بين الشيشة والدخان، بل بعضهم من هو متطرف، سواء في إسلامه أو شيوعيته،


    المصري اليوم
    نفيسة الصباغ ١٤/٥/٢٠٠٨

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 1 مايو - 15:15