علم التاريخ
1 ـ مفهوم التاريخ :
تدل كلمة التاريخ على الإعلام بالوقت مضافا إليه ما وقع في ذلك الوقت من أخبار ووقائع، والتاريخ بهذا المعنى اللغوي قديم، فقد قال الجوهري :التاريخ تعريف الوقت والتوريخ مثله يقال أرخت وورخت ".
أما المقريزي فيعرف التاريخ بأنه "إخبار عما حدث في العالم الماضي " أما السخاوي فيركز على موضوع التاريخ/ الإنسان والزمن .
من خلال هذه التعريفات وغيرها يتضح أن التاريخ هو دراسة أخبار الناس وحركتهم، والنظر في أحوالهم الماضية، أما موضوعه فهو الحياة الإنسانية في امتدادها الزمني على الأرض منذ بدء الخلق، وما يحكم هذه الحياة من عوامل وأسباب.
فإذا كان التاريخ هو حركة الزمن من خلال المجتمع، وموضوعه الإنسان في هذا الزمن، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو متى بدأ التاريخ؟ ومتى بدأت العصور التاريخية؟
بدأت العصور التاريخية منذ أن اخترع الإنسان الكتابة، وأخذ يسجل ما يعرفه على الأحجار والجلود والألواح الطينية، وتختلف الأبحاث العلمية في تحديد السنة بالضبط، إذ تتراوح ما بين خمس آلاف سنة قبل الميلاد، وثلاثة آلاف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، لكنها تتفق أن ذلك تم في بلاد الرافدين على يد السومريين الذين اخترعوا الكتابة المسمارية.
ومن هنا بدأت العصور الإنسانية عهدا جديدا سمي بعصر التاريخ، أما العصور التي سبقت ظهور الكتابة فتسمى عصور ما قبل التاريخ.
ونريد أن نلفت النظر هنا أننا عندما نسمي عصور ما قبل ظهور الكتابة بعصور ما قبل التاريخ لا ننفي مطلقا وجود الأحداث خلال هذه الفترة، ولكن المقصود أن ما وقع خلال هذه العهود غير معروف على وجه الدقة، وتبقى التخمينات المبنية على علم الآثار (الأركيولوجيا) هي أساس المعلومات في ظل غياب أي مصدر مكتوب عن تلك المرحلة، ولذلك أطلق عليها مجازا عصور ما قبل التاريخ، لتمييزها عن مرحلة ما بعد ظهور الكتابة وتسجيل الأحداث.
2- علم التاريخ :
يعتبر التاريخ علما من العلوم الاجتماعية، لكن هل للتاريخ قوانين تتحكم فيه وتوجه تطوره بنوع من الضرورة الحتمية، وهل من خلال الإحاطة بهذه القوانين يمكننا التنبؤ بسير الأحداث في المستقبل.
ونقصد هنا بالقوانين مفهومها العلمي الذي يعني ارتباط الأسباب بالمسببات والنتائج بالمقدمات، كما هو الحال في ظواهر الفيزياء والكيمياء والحساب والطبيعة.
لقد ظل الجدل قائما حول هذه المسألة وما يزال، وقد استهوى هذا المبحث نفوس كبار المؤرخين، فمنهم من ينفي صفة العلمية عن التاريخ، ومنهم من يرى أن التاريخ هو تلك المعرفة العلمية بشؤون الماضي، وأنه بالإمكان نقل مناهج العلوم التجريبية إلى حقل العلوم الإنسانية نظرا للتشابه بين علم التاريخ وعلوم الطبيعة، فالمنهج التاريخي هو نفسه المطبق في علوم الملاحظة الأخرى.
أما المؤرخون الذين ينفون صفة العلمية عن التاريخ فيرون أن علوم الطبيعة وحدها خاضعة للتفسير بخلاف العلوم الإنسانية ومن ضمنها التاريخ ، فإنها لا تخضع إلا للفهم، ويقصد هنا بالتفسير النهج التحليلي الذي يقوم على إبراز العلاقات السببية بين الظواهر، في حين أن الفهم نهج تركيبي يرتكز على معرفة الغير وتأويل النوايا البشرية، باعتبار أن الحقيقة البشرية الماضية ليست معطيات واضحة يكفي للمؤرخ الكشف عنها وعرضها، بل المؤرخ في الواقع يقوم بمسائلة تلك الحقيقة وإعادة ترتيبها وتنظيمها وبنائها من جديد، في إطار تسلسل زمني، وربطها بعلاقات منطقية وسببية، فينتهي بذلك إلى تركيب الأحداث التاريخية .
ثم إن هذا الجدل استمر بين أنصار علمية التاريخ ومناوئيهم، ظهر ذلك جليا في القرن التاسع عشر، حيث منح مؤرخو المدرسة المنهجية (الوضعانية ) للتاريخ صفة العلم، باعتبار أن التاريخ لا يتم إلا بالوثائق، وبما أن الوثيقة هي الشاهد الوحيد على أحداث الماضي، فإن التاريخ علم، فإذا كان المؤرخ الوضعاني ينطلق من الوثيقة،( تحقق أولا من الوقائع ثم قم باستخلاص نتائجك منها) فإن المؤرخ الحالي هو الذي يضفي صفة الوثيقة على هذا المصدر أو ذاك، تساؤلاته هي التي تدفعه إلى الاحتفاظ بنوع من الوثائق وترك الأخرى جانبا، فهو لا يحشر نفسه في موقف استقرائي ( يخرج الإحداث من الوثائق) ، بل يقوم بجمع الوثائق ويعمل على تنظيمها وتوزيعها وترتيبها، وفرز الملائم ثم يقوم بطبخها ومن ثم يقدمها بالأسلوب الذي يروق له.
يقول البروفيسور أوكشوت (التاريخ هو تجربة المؤرخ، إنه ليس من صنع أحد سوى المؤرخ، وكتابة التاريخ هي الطريقة الوحيدة لصنعه)، فالتاريخ لا وجود له إلا في ذهن المؤرخ، فالماضي زال وانقضى وأخباره من صنع المؤرخ، ومن ثم لم تعد الوثيقة بالنسبة للمؤرخ تلك المادة الجامدة التي يحاول المؤرخ الوصول من خلالها إلى ما تم بالفعل في الماضي، أي أنه لا يمكن إدراك الماضي كما كان، لكن كما نتوهم أنه كان، وبالتالي فان المؤرخ يقوم بإعادة بناء التاريخ من زاويته الخاصة، فالتاريخ إذن هو نتاج عملية بناء جديدة تختلف من مؤرخ لآخر، وتعتمد على القاعدة التالية : ( اجمع وقائعك أولا ثم قم بتحليلها ) و (أقحم نفسك في خطر رمال التأويل والتفسير )، ومن هنا يتضح لنا جليا أنه يستحيل عمليا كتابة التاريخ كما تم فعلا، ولكن كما نتوهم أنه كان، إن الأمر أشبه ما يكون بإعادة مباراة كرة القدم بين فريقين بنفس الطريقة .
وهكذا يبقى التاريخ دائما ميدانا مفتوحا للبحث والمراجعة كلما بقيت الحياة مجالا للاكتشاف، وكلما بقي العقل البشري قادرا على التنقيب والتفسير والتجديد.
وإذا كان الوضعانيون ومن بعدهم مدرسة الحوليات حاولوا بكل ما أوتوا من قوة أن يجعلوا من التاريخ علما مطلقا شأنه شأن العلوم الأخرى يخضع لقوانين ثابتة وقوى متميزة يمكن قياسها وتحديدها، فإنه بالمقابل هناك من يشكك كثيرا في هذا الطرح .
ويعد هذا الجدل حديث العهد، باعتبار أن التاريخ لم يدخل دائرة البحث العلمي إلا في وقت متأخر، فحتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وجد في أوربا من يشكك في اعتباره علما من العلوم الإنسانية إلى أن حسمت القضية حسما قاطعا بتطبيق القواعد المنهجية على علم التاريخ، فتطورت بذلك الدراسات التاريخية في عالمنا المعاصر تطورا ملموسا، وظهرت العديد من النظريات خاصة في مجال فلسفة التاريخ، باعتبار أن التاريخ لا يمكن فهمه إلا من خلال إمكانات الفكر الفلسفي، فالتاريخ فلسفي بطبيعته مثلما الإنسان مدني بطبعه.
المصدر : موقع التاريخ
بقلم / خاليد فؤاد طحطح
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
» فرح جامد آخر حاجه
» ملحمة الثورة في السويس
» موقعة الجمل 2-2-2011
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
» لماذا قامت الثورة ؟
» مواهب خرجت من رحم الثورة
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
» المتحولون
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
» اول ساعة ثورة
» ثم ماذا بعد ؟
» ذكريات اول ايام الثورة
» ندااااااااء
» دحمبيش الغربيه
» الحجاب والنقاب في مصر
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
» شخصيات خلبية وهزلية
» msakr2006
» ente7ar007
» Nancy
» waleed ali
» hamedadelali
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
» علي عبد الله رحاحلة
» sheriefadel
» خالد احمد عدوى
» khaled
» yasser attia
» abohmaid
» ملك الجبل
» elcaptain
» حاتم حجازي
» aka699
» wasseem
» mohammedzakarea
» حيدر
» hamadafouda
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
» same7samir
» تامر الباز
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
» امجد
» ahmedelmorsi
» محمد امين
» MrMoha12356
» نوسه الحلو
» ibrahem545
» يوسف محمد السيد
» memo
» هاكلن
» لماذا نريد التغيير
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
» الفساد في مصر بلا حدود 2
» الفساد في مصر بلا حدود
» العمال والتغيير السياسي في مصر
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
» علماء مصر و التغيير السياسي
» معا ننقذ فؤادة
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
» حوده
» وليد الروبى
» dr.nasr
» المشير أحمد إسماعيل
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
» wessam
» عذب ابها
» soma
» islam abdou
» رسالة ترحيب
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
» اصول العقائد البهائيه