معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

4 مشترك

    وعد بلفور التضليل والصمت

    وعد بلفور التضليل والصمت Empty وعد بلفور التضليل والصمت

    مُساهمة من طرف الجبرتي الجمعة 6 يونيو - 3:07

    بقلم : الأستاذة إيمان الوزير

    رسالة واحدة ، لم تزد على بضعة أسطر غيرت مجرى حياة شعب بأكمله ، ووضعته في براثن الضياع والتشرد وشلال دم عمره تجاوز الثمانين عاما ، تلك هي رسالة اللورد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا العظمى في فترة الحرب العالمية الأولى للثري اليهودي روتشيلد وعدد من زعماء الصهيونية.

    عزيزي اللورد روتشيلد..

    يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته ، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ، وقد عرض على الوزارة وأقرته : إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى. وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.

    المخلص



    آرثر بلفور

    جاء في عام 1917م كمرحلة من مراحل الحرب العظمى الأولى التي اندلعت في أوروبا منذ عام 1914م وشملت مناطق عدة من العالم وصل فيها النزف البشري ناهيك عن النزف المادي أشده بين دول الوسط المتمثلة في الدولة العثمانية وإمبراطورية النمسا والمجر والإمبراطورية الألمانية وصولاً إلى دول التحالف المتمثلة في بريطانيا العظمى وفرنسا ، وكان المستفيد الوحيد من تلك الحرب هم أصحاب مصانع السلاح الذين كانوا في معظمهم من اليهود القاطنين في أوروبا؛ لذا فليس من المستغرب أن يخرج اليهود بعد أشلاء الحرب العظمى الأول وقد ازدادت إيراداتهم المالية ونمت لدرجة أنهم يبدون استعدادهم بعد الحرب لتمويل مشروعات إعادة تعمير أوروبا !!

    من ناحية أخرى فقد كانت بريطانيا صاحب الفكر الاستعماري والإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس قد رأت منذ حملة نابليون على الشرق سنة 1977م أن تأمين مصالحها في قناة السويس أصبح من أولويات السياسة البريطانية نظراً لما تشكله قناة السويس من أهمية تقتضي إسكان المنطقة المجاورة لها وتحديداً شبه جزيرة سيناء وفلسطين بشعب غريب عن المنطقة العربية يمنع بأي شكل من الأشكال الوحدة القائمة بين أبنائه المتآلفين في عروبتهم على أن يشكل أولئك الغرباء عوناً يقف حائلاً في وجه أي عدوان أو أطماع فرنسية تهدد مصالح بريطانيا العظمى في الهند.

    والحقيقة إن فكرة إنشاء جيب حاجز مكون من فلسطين وشبه جزيرة سيناء هي فكرة نابليون نفسه حين قام بحملته الشهيرة على الشرق ، فقد جلب معه أعداداً كبيرة من اليهود بهدف إسكانهم المنطقة والاستفادة منهم لتنفيذ مصالح فرنسا الاستعمارية في الشرق ، لكن هذه الفكرة تعثرت أمام أسوار عكا وفشل الحملة الفرنسية ، إلا أن الفكرة البونابرتية لم تمت بموت نابليون بل نجح اليهود بنقلها إلى أروقة القرار الإنجليزي.

    في أثناء الحرب أصبح الضعف الذي انتاب الرجل المريض واضحاً ، وأدرك ساسة الدول الأوروبية أن انهيار هذه القوة الإسلامية بات أمراً وشيكاً ؛ لذا فقد سعت بريطانيا لإقناع العرب بالوقوف معها في الحرب العظمى الأولى والقيام بثورة ضد الحكم العثماني عن طريق تقديم الوعود المزيفة لهم وبناء قصور في الهواء تخفي بها وجهها الاستعماري القبيح لشحذ همم العرب في الثورة ضد العثمانيين ، ويقف أبناء الدين الواحد يقتل بعضهم بعضاً في سبيل الخلاص والبحث عن هوية العروبة الضائعة في أروقة سياسة التتريك العثمانية.


    وفي الوقت نفسه كانت تجري خلف الكواليس مؤامرة دولية سرية تحمل مسمى اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 التي قطعت فيها الدول الاستعمارية الثلاث فرنسا، وبريطانيا وروسيا أملاك الدولة العثمانية كل حسب مصالحه.

    وفي وقت كانت فيه بريطانيا الديموقراطية قد منحت اليهود حق الحرية والمساواة الأمر الذي أهلهم للعمل في أروقة صنع القرار البريطاني ، وفي مقدمتهم هيربرت صموئيل الذي عرض على لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا مسألة إنشاء وطن لليهود في فلسطين ، فوجدت هذه الفكرة صداً قوياً في حكومة لويد جورج ووزير خارجيته آرثر بلفور اللذين تميزا بميول واضحة للحركة الصهيونية ، يضاف إلى ذلك نجاح الدكتور حاييم وايزمان اليهودي الصهيوني في اختراع مادة شديدة الانفجار من الأسيتون مشكلاً باختراعه هذا وسيلة ضغط وورقة رابحة في تفعيل الموقف البريطاني لمصلحة اليهود.

    والجدير بالذكر أن بريطانيا عشية إعلان وعد بلفور في الثاني من نوفمبر سنة 1917م كانت قد استنفذت كل قواها المادية خلال سنوات الحرب السابقة ، وكانت بحاجة لدعم مادي وسياسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا ما نجح يهود أمريكا فيه عن طريق دفع الولايات المتحدة لدخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب الحلفاء ، فكان على بريطانيا أن تقدم لليهود مكافأة عظيمة نظير خدماتهم الجليلة للتاج البريطاني !!

    مما يدعم هذا الأمر ما يؤكده المؤرخون أن الرئيس الأمريكي ولسن كان قد اطلع رسمياً على بنود الوعد قبل إعلانه ، وبعد أن وافق عليه سارعت الخارجية البريطانية إلى إصداره باسم اللورد بلفور.

    واللافت للنظر أن صيغة الوعد شددت على استخدام كلمة (وطن اليهود) مما يدعم الفكر الصهيوني الذي لا يطمح فقط للاستيلاء على فلسطين بل على المنطقة الواقعة ما بين النيل والفرات حسب ما جاء في مقررات المؤتمر بال ، لذا فإن إعلان بلفور بصيغة (وطن) يترك المجال فسيحاً إلى اليهود أنفسهم لتحديد حدود الوطن ، أما لو كان الإعلان في صيغة (دولة) فإن ذلك يعني وجود حدود سياسية واضحة المعالم ، ومن الملاحظ إلى يومنا الحالي أن الكيان الصهيوني القائم في فلسطين ليس له حدود دولية واضحة المعالم ، ومما يدعم الفكرة ما جاء على لسان جولدا مائير حين سألها أحد الصحفيين : أين هي حدود دولة إسرائيل ؟ فقالت : هو كل مكان سكنه اليهود قديماً !!!

    وهنا يظهر الإجحاف البريطاني في حق الشعب الفلسطيني جلياً واضحاً حين قامت بريطانيا بإعطاء أرض لم تكن تمتلكها لمن لا يستحقون من أجل مصالحها الاستعمارية ضاربة بعرض الحائط كل شعارات الحرية والمساواة التي تبنتها عبر إطارها الديموقراطي في كون هذه الأرض ملكاً لأصحابها الفلسطينيين.

    عند هذه المرحلة علينا أن ندع السياسة الغربية جانباً بعد أن اتضحت النوايا الاستعمارية لنلقي مزيداً من الأضواء على السياسة العربية في تلك المرحلة.

    فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن العرب لم يتمتعوا في تلك المرحلة بأي كيان سياسي مستقل خاص بهم ، فقد انتقلوا من التبعية العثمانية التي شعر العرب بغربتها عندما تسلمت جمعية الاتحاد والترقي الحكم إلى الاستعمار البريطاني الذي نجح في اختراق صفوفهم تحت غطاء رغبة حكومة بريطانيا في إنشاء دولة عربية يحكمها الشريف حسين الأمر الذي دفع العرب إلى القيام بدور هام في خدمة المصالح البريطانية أكثر مما قدمته الصهيونية واليهود لبريطانيا ، فقد كانت الثورة العربية الكبرى بمثابة طريق أوصل بريطانيا إلى اختراق العمق الاستراتيجي للدولة العثمانية ولولا العرب لما أمكن لبريطانيا تحقيق هذا الدور ، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن مساعدة العرب لبريطانيا جاء من رغبة صادقة في إيجاد كيان مستقل يخلصهم من نير الحكم التركي خاصة أيام جمال باشا السفاح ، لكن تلك الرغبات لم تلق بالاً للحركة الإسلامية التي غيبت عن الفكر القومي العربي ليرمي القوميون وراء ظهرهم أن العثمانيين إنما هم إخوان لنا مسلمون ولا يجوز سفك دمائهم بأي حال من الأحوال.

    من الجهة الأخرى فإن السياسة العربية أخفقت في إيجاد استراتيجية واضحة المعالم لنهجها القادم سواء في تعاملها مع الغرب أو في تعاملها مع الأتراك العثمانيين، فقد ارتمت الثورة العربية الكبرى في أحضان بريطانيا غير مبالية بالكثير من المؤامرات التي تحاك ضدها ، ويرجع ذلك إلى رغبة الشريف حسين الشخصية في إيجاد كيان سياسي له وملكاً لأسرته ضارباً بعرض الحائط كل المؤامرات البريطانية التي كشف الغطاء عنها سواء في سايكس بيكو أو وعد بلفور تحت ما يسميه المؤرخون رسائل التطمين التي برعت الحكومة البريطانية في تقديمها لشريف مكة حتى نجحت الثورة العربية الكبرى في تحقيق أهداف بريطانيا وليس في تحقيق أهداف القومية العربية ذاتها.

    والآن وبعد مرور أكثر من ثمانين عاماً على هذا الوعد الذي يحرص البعض على تسميته بالمشؤوم : هل استفاد العرب من أخطاء الماضي في بناء الحاضر ووضع رؤية واضحة المعالم للمستقبل ؟ الحقيقة المرئية للجميع أن الواقع السياسي العربي لم يتغير عن أيام وعد بلفور.

    فإلى الآن تفتقر السياسة العربية لوضع صورة استراتيجية موحدة تساعدها على استصدار الحلول لمشكلاتها الراهنة ، وإلى الآن لا تزال السياسة العربية تعول أهمية قصوى على مواقف الدول الغربية أهمية قصوى على مواقف الدول الغربية وتراهن على حياد ، وقد أثبتت هذه الدول عبر التاريخ أنها في سبيل تحقيق رغباتها الاستعمارية ستجعل العرب دوماً هم الحلقة الأضعف وكبش الفداء لكل العقبات السياسية التي ستعتريها.

    أتمنى أن تكون حكاية وعد بلفور وتضليل الغرب بالمسلمين حكاية نرويها لأطفالنا بدلا من قصص البوكيمون وعدنان ولينا أو ما يعده أعداؤنا في والت ديزني.

    مجلة المنار ، العدد 63 ، شوال 1423هـ.
    yazn_adel
    yazn_adel
    عضو مساهم
    عضو مساهم


    عدد المساهمات : 35
    رقم العضوية : 25
    تاريخ التسجيل : 19/06/2008
    نقاط التميز : 101
    معدل تقييم الاداء : 3

    وعد بلفور التضليل والصمت Empty رد: وعد بلفور التضليل والصمت

    مُساهمة من طرف yazn_adel الخميس 17 يوليو - 7:37

    السلام عليكم اخى الخبرتى
    بارك الله فيك وفى بحثك عن مواضيع التى تخص القضية الفلسطنية ونتتطلع من المزيد والمزيد لانا القضية تحتاج الجهد الكثير بارد الله فيك
    اخوك ابو يزن

    وعد بلفور التضليل والصمت Empty رد: وعد بلفور التضليل والصمت

    مُساهمة من طرف نهر العطاء الخميس 17 يوليو - 8:11

    الجبرتي فعلا من اكتر الناس اللي بتتعب في المنتدي
    ويستحق منا كل تقدير لمجهودة الرائع
    عبد الله
    عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 109
    رقم العضوية : 145
    تاريخ التسجيل : 17/10/2008
    نقاط التميز : 109
    معدل تقييم الاداء : 0

    وعد بلفور التضليل والصمت Empty رد: وعد بلفور التضليل والصمت

    مُساهمة من طرف عبد الله الأحد 26 أكتوبر - 6:58

    وعد بلفور التضليل والصمت 214981

    وعد بلفور التضليل والصمت Empty رد: وعد بلفور التضليل والصمت

    مُساهمة من طرف الجبرتي الإثنين 7 ديسمبر - 1:17

    اشكركم جميعا وشكر خاص لنهر لردها غيبتي

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 7 سبتمبر - 15:40