يسعدني ويشرفني ان اعرض لكم هذا الموضوع وهو عرض لكتاب
الشيخ يوسف القرضاوي بعنوان «فقه الجهاد.. دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته فى ضوء القرآن والسنة»
قام بالعرض ماهر حسن
من المتوقع أن يثير هذا الكتاب جدلا واسعا بين التيارات الدينية على مختلف أطيافها وتوجهاتها، حول فكرة الجهاد وفلسفته، لأنه يتقاطع مع القراءات المعاصرة للجهاد، خاصة تلك التى يتبناها تيار الإسلام السياسى، وعلى غرار كتابه الأسبق «فقه الزكاة» جاء هذا الكتاب للدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بعنوان «فقه الجهاد.. دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته فى ضوء القرآن والسنة»، والذى نشرته مكتبة وهبة فى جزأين،
والكتاب يقدم مراجعات لفلسفة الجهاد ومفاهيمه، التى ظلت ملتبسة أو تم تطويعها على نحو متعسف وربطها عنوة بما هو سياسى على يد الجماعات الإسلامية التى كثيرا ما رفضت أفكار القرضاوى ثم عادت فى مراجعاتها لتتفق معها، وعلى حد تعبير القرضاوى نفسه، فإن هذا الأمر كان من الأسباب الرئيسية التى دفعته للعكوف ٧ سنوات لإنجاز الكتاب.
الكتاب فى عشرة أبواب، يعرض لحقيقة الجهاد ومفهومه، وأنواعه ومراتبه وأهدافه ومنزلته ويستهله القرضاوى، بعنوان «من دستور الأمة الإلهى» (القرآن الكريم) باثنتى عشرة آية قرآنية مما ورد فيها ذكر الجهاد أو توصيف له، ومن هذه الآيات» «وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة:١٩٠،١٩١ ] ومن السورة ذاتها وفى الآية رقم ٢٥٦ «لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِِّ»
ومن ( سورة النساء الآية رقم ٧٥) «وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» وهى الآية التى جعلت إنقاذ المستضعفين من براثن الجبارين من أهداف القتال فى الإسلام، ومن السورة ذاتها (الآية رقم ٩٠) قال تعالى:»فـَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً» ويقول تعالى فى الآية الستين من سورة الأنفال «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» ومن سورة الأنفال أيضا الآية الواحدة والستين «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
وفى الآية الرابعة من سورة التوبة قال عز وجل: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» وفى الآية السابعة من السورة ذاتها قال تعالى: «كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» وفى الآية السادسة والثلاثين قال تعالى:»وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً» أى تجمعوا على قتالهم، كما يتجمعون على قتالكم. فهو معاملة بالمثل.
وتحت عنوان «من مشكاة النبوة»، أورد القرضاوى عددا من الأحاديث الشريفة التى تعرضت لفكرة الجهاد ومنهجها وفلسفتها ومن هذه الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنَّة تحت ظلال السيوف».
متفق عليه عن عبدالله بن أبى أوفى، ومن قوله صلى الله عليه وسلم «دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم» رواه أبو داود عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأة قتيلا فى غزوة، فقال: «ما كانت هذه لتقاتل». فبعث رجلاً فقال: «قل لخالد: لا يقتلن امرأة ولا عسيفا». رواه أحمد وأبو داود عن رباح بن الربيع وعنه أنه قال «اغزوا باسم الله، وفى سبيل الله، قاتلوا مَن كفر بالله، لا تغلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تمثلِّوا، ولا تقتلوا وليدًا» رواه مسلم عن بريدة.
وعن مسلم عن جابر بن سمرة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة»، رواه مسلم عن جابر بن سمرة وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكَر، والرجل يقاتل ليُرى مكانُه، أيهم فى سبيل الله؟ فقال: «مَن قاتل لتكون كلمة الله هى العليا، فهو فى سبيل الله». متفق عليه عن أبى موسى. وقال جَرير: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم فى حَجَّة الوداع: استنصت لى الناس، فقال: «لا ترجعوا بعدى كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض»، متفق عليه عن جَرير بن عبدالله البَجَل.
ووفق ما ورد فى موطأ الإمام مالك ومن هَدْى الراشدين أورد القرضاوى دستور الجهاد كما حدده أبوبكر الصديق والفاروق عمر بن الخطاب، فعن يحيى بن سعيد: أن أبابكر رضى الله عنه بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشى مع يزيد بن أبى سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبى بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال أبوبكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إنى أحتسب خطاى هذه فى سبيل الله، ثم قال له: إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له (يعنى الرهبان).. وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيًّا، ولا كبيرا هرمًا، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تَغلل، ولا تجبُن.
وعن عبدالله بن عامر: أنه قدم على أبى بكر الصديق رضى الله عنه برأس البطريق، فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، إنهم يفعلون ذلك بنا! قال: فاستنانٌ بفارس والروم؟ لا يحمل إلىَّ رأس! فإنه يكفى الكتاب والخبر، رواه سعيد بن منصور فى سننه، وابن أبى شيبة فى مصنفه، والنسائى فى الكبرى. وعن زيد بن أبى وهب قال: كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، واتقوا الله فى الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب. رواه سعيد بن منصور، وابن أبى شيبة.
وعن الأطر التى تحدد دواعى الجهاد وقياساته الفقهية فإننا نقف عليها بجلاء فى مستهل هذا الكتاب ومنها ما قاله ابن رشد الجد فى «المقدمات والممهدات» حيث قال: «إذا حُميت أطراف البلاد، وسُدَّت الثغور: سقط فرض الجهاد عن جماعة المسلمين، وبقى نافلة، إلا أن ينزل العدو ببعض بلاد المسلمين، فيجب على الجميع إعانتهم، بطاعة الإمام فى النفير إليهم» وفى فتاوى ابن الصلاح و «فى السياسة الشرعية» لابن تيمية: «إن الأصل هو إبقاء الكفار وتقريرهم، لأن الله تعالى ما أراد إفناء الخلق، ولا خلقهم ليُقتلوا، وإنما أُبيح قتلهم لعارض ضرر وُجد منهم، إلا أن ذلك ليس جزاء لهم على كفرهم، فإن دار الدنيا ليست دار جزاء، بل الجزاء فى الآخرة» ولدى ابن تيمية،
أيضا وفى السياسة الشرعية. مجموع الفتاوى «إن الله تعالى أباح من قتل النفوس: ما يُحتاج إليه فى صلاح الخلق، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:٢١٧]، أى أن القتل وإن كان فيه شرٌّ وفساد، ففى فتنة الكفار (اضطهادهم للمؤمنين) من الشرِّ والفساد ما هو أكبر منه. فمَن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرَّة كفره إلا على نفسه» وفى قاعدة فى قتال الكفار (صـ١٢١) لدى ابن تيمية أيضا: «قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ} [البقرة:٢٥٦]، هذا نصٌّ عامٌّ: أنا لا نُكره أحدًا على الدين، فلو كان الكافر يُقتل حتى يُسلم، لكان هذا أعظم الإكراه على الدين».
وفى كتابه «فى هداية الحيارى» يستشهد ابن القيم بالمواقف النبوية فى الشأن الجهادى فيقول: «مَن تأمَّل سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، تبيَّن له : أنه لم يُكره أحدًا على دينه قط، وأنه إنما قاتل مَن قاتله. وأما مَن هادنه، فلم يقاتله ما دام مقيما على هدنته، لم ينقض عهده، بل أمره الله تعالى أن يفى لهم بعهدهم ما استقاموا له، كما قال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة:٧]، ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرَّهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدأوه بالقتال قاتلهم.. وكذلك لما هادن قريشا عشر سنين، لم يبدأهم بقتال، حتى بدأوا هم بقتاله ونقضوا عهده، فعند ذلك غزاهم فى ديارهم، وقبل ذلك كانوا هم يغزونه».
وفى وجوب الجهاد نجد الخطيب الشربينى، فى «مغنى المحتاج فى شرح المنهاج» يقول إنه وجوب الوسائل لا المقاصد، إذ المقصود بالقتال إنما هو الهداية، وما سواها من الشهادة. وأما قتل الكفار فليس بمقصود، حتى لو أمكن الهداية بإقامة الدليل (أى بالحجَّة والإقناع) بغير جهاد: كان أولى من الجهاد» كانت هذه منطلقات أولية حددها الدكتور القرضاوى وهى منطلقات عززتها شروح تمهيدية فى مقدمة كتابه العمدة هذا فيذكر المواقف النظرية من الجهاد قائلا: «لقد كتب كثيرون عن الجهاد، وقُدِّمت فيه عدة أُطروحات للدراسات العليا فى عدد من الجامعات الإسلامية والمدنية: وكتب كثير من الباحثين فى الموضوع، وعُنيت به جماعات وحركات إسلامية: علما وعملا ودعوة وتطبيقا، وبعضهم سمَّى نفسه بهذا الاسم مباشرة مثل: جماعات (الجهاد) فى أكثر من بلد عربى وإسلامى، ولكن مشكلتنا فى هذه القضايا الكبرى: أن الحقيقة تضيع فيها بين طرفى الغلو والجفاء، أو الإفراط والتفريط، أو (الطغيان والإخسار) وفق تعبير القرآن، الذى قال: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلا تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} ـ لقد رأينا فى الجهاد ثلاثة مواقف، أو ثلاث فئات.
الفئة الأولى تريد إماتة الجهاد، وتريد أن تُهيل عليه التراب، وأن تسقطه من حياة الأمة، وأن تجعل أكبر همِّها ومبلغ علمها: أن تربِّى الأمة -كما تقول- على القِيَم الروحية، والفضائل السلوكية، وتعتبر هذا هو (الجهاد الأكبر): جهاد النفس والشيطان.
ومن الغريب أن يتفق فى هذا الاتجاه: دعاةُ التصوف السلبى الموروث من عهود التراجع والتخلف، (على خلاف دعاة التصوف السنى الإيجابى الذين ساهموا فى الجهاد بنصيب وافر، مثل: الأمير عبدالقادر فى الجزائر، وعمر المختار فى ليبيا والسنوسيين...)، ودعاةُ العلمانية الدخيلة، المتغرِّبون، يشاركهم عملاء الاستعمار الغربى والشرقى، من اليمين واليسار، الذين يريدون أن يجرِّدوا الأمة من أسلحتها، لتبقى عارية مكشوفة أمام أعدائها، فهاجموا فكرة الجهاد، وحركة الجهاد، قديما وحديثا، واتهموا الجهاد الإسلامى بالعدوانية ويرحب بهؤلاء وأولئك جميعا: الاستعمار قديمه وحديثه، ويغذِّيهم بما يقوِّى عضدهم، ويمدُّهم بكلِّ ما يعينهم على تحقيق أهدافهم،
ولقد صنع الاستعمار البريطانى نِحلة فى الهند: (القاديانية) كان أشهر ما دعت إليه هو (إلغاء الجهاد)، لإخلاء الطريق للاستعمار، ليفرض سلطانه على المسلمين دون مقاومة ومن المؤسف حقا: أن يوجد من علماء الشرع ودعاته: مَن يريد أن يَدين كلَّ أنواع الجهاد المعاصر: صالحها وطالحها، مستقيمها ومنحرفها، معتدلها ومتجاوزها، فى حين يبرِّر لطواغيت الحكام كل ما تقترفه أيديهم من تعطيل للشريعة، وإفساد للأخلاق، وارتكاب للمظالم، فكم من دماء سُفكت، وكم من أعراض هُتكت، وكم من حرمات انتُهكت، وكم من حقوق ضُيعت،
وكم من كرامات أُهدرت، وكم من ألوف اختُطفوا من منازلهم، ثم ذُهب بهم إلى حيث لا يُدرَى أهم أحياء أم أموات؟ وكم من أناس قُتلوا فى سجونهم بأيدى سجَّانيهم، خُفية أو جهرة! وكم... وكم... وهذا كلُّه حلال مبرَّر. أما المؤثَّم والمجرَّم والمحرَّم، فهو ما تقوم به الشعوب المقهورة، والجماعات المهضومة من تنفيس دفاعى، قد يتجاوز بعضهم فيه، ولكن ربما كان لهم من العذر ما ليس لظالميهم من المعادين لدينهم، الماكرين بمِلتهم، من الذين طغَوا فى البلاد، فأكثروا فيها الفساد.
أما الفئة الثانية فهى الفئة التى تعلن الحرب على العالم كله وفى مقابل هذه الفئة: فئة فهمت الجهاد على أنه (قتال العالم كله): مَن حارب المسلمين أو وقف فى سبيل دعوتهم، أو فتن المسلمين فى دينهم... ومَن ألقى إلى المسلمين السلم، ومدَّ يد المسالمة والمصالحة للمسلمين، فلم يَشهَر فى وجوههم سيفا، ولم يظاهر عليهم عدوا فكل الكفار عند هذه الفئة سواء فى وجوب مقاتلتهم إذا كان المسلمون قادرين، فالكفر وحده سببٌ كافٍ لقتال غير المسلمين وكل ما ورد من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تدعو إلى مسالمة مَن سالمنا أو البر والإقساط إلى مَن لم يقاتلنا فى الدين، ولم يخرجنا من ديارنا، أو يظاهر على إخراجنا، ونحو ذلك: فكلها كانت آيات مرحلية، انتهى مفعولها،
وأمست موجودة فى المصحف خطًّا، معدومة معنًى، فقد نسختها كلها -وهى نحو مائة وأربعين آية أو مئتا آية أو أكثر- آيةٌ واحدةٌ سمَّوها (آية السيف) والعجب كل العجب أن آية السيف هذه قد اختلفوا فى تعيينها هؤلاء لا يرتضون ميثاق الأمم المتحدة، لأنه يمنع الأمة من الجهاد، ويفرض عليها احترام الحدود الإقليمية للدول ذات السيادة، ويوجب حلَّ النزاعات الإقليمية بالوسائل السِّلمية كما يرفض هؤلاء الاتفاقية الدولية للتعامل مع الأسرى، إذ يرون أن لهم حق قتل الأسرى بلا قيد ولا شرط، وهذه الاتفاقيات تمنع قتل الأسرى، كما يرفضون اتفاق العالم كله على (إلغاء الرق)، ويرون فى هذا تحريم ما أحلَّ الله، وإبطال ما شرع الله.
الشيخ يوسف القرضاوي بعنوان «فقه الجهاد.. دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته فى ضوء القرآن والسنة»
قام بالعرض ماهر حسن
من المتوقع أن يثير هذا الكتاب جدلا واسعا بين التيارات الدينية على مختلف أطيافها وتوجهاتها، حول فكرة الجهاد وفلسفته، لأنه يتقاطع مع القراءات المعاصرة للجهاد، خاصة تلك التى يتبناها تيار الإسلام السياسى، وعلى غرار كتابه الأسبق «فقه الزكاة» جاء هذا الكتاب للدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بعنوان «فقه الجهاد.. دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته فى ضوء القرآن والسنة»، والذى نشرته مكتبة وهبة فى جزأين،
والكتاب يقدم مراجعات لفلسفة الجهاد ومفاهيمه، التى ظلت ملتبسة أو تم تطويعها على نحو متعسف وربطها عنوة بما هو سياسى على يد الجماعات الإسلامية التى كثيرا ما رفضت أفكار القرضاوى ثم عادت فى مراجعاتها لتتفق معها، وعلى حد تعبير القرضاوى نفسه، فإن هذا الأمر كان من الأسباب الرئيسية التى دفعته للعكوف ٧ سنوات لإنجاز الكتاب.
الكتاب فى عشرة أبواب، يعرض لحقيقة الجهاد ومفهومه، وأنواعه ومراتبه وأهدافه ومنزلته ويستهله القرضاوى، بعنوان «من دستور الأمة الإلهى» (القرآن الكريم) باثنتى عشرة آية قرآنية مما ورد فيها ذكر الجهاد أو توصيف له، ومن هذه الآيات» «وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة:١٩٠،١٩١ ] ومن السورة ذاتها وفى الآية رقم ٢٥٦ «لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِِّ»
ومن ( سورة النساء الآية رقم ٧٥) «وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» وهى الآية التى جعلت إنقاذ المستضعفين من براثن الجبارين من أهداف القتال فى الإسلام، ومن السورة ذاتها (الآية رقم ٩٠) قال تعالى:»فـَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً» ويقول تعالى فى الآية الستين من سورة الأنفال «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» ومن سورة الأنفال أيضا الآية الواحدة والستين «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
وفى الآية الرابعة من سورة التوبة قال عز وجل: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» وفى الآية السابعة من السورة ذاتها قال تعالى: «كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» وفى الآية السادسة والثلاثين قال تعالى:»وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً» أى تجمعوا على قتالهم، كما يتجمعون على قتالكم. فهو معاملة بالمثل.
وتحت عنوان «من مشكاة النبوة»، أورد القرضاوى عددا من الأحاديث الشريفة التى تعرضت لفكرة الجهاد ومنهجها وفلسفتها ومن هذه الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنَّة تحت ظلال السيوف».
متفق عليه عن عبدالله بن أبى أوفى، ومن قوله صلى الله عليه وسلم «دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم» رواه أبو داود عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأة قتيلا فى غزوة، فقال: «ما كانت هذه لتقاتل». فبعث رجلاً فقال: «قل لخالد: لا يقتلن امرأة ولا عسيفا». رواه أحمد وأبو داود عن رباح بن الربيع وعنه أنه قال «اغزوا باسم الله، وفى سبيل الله، قاتلوا مَن كفر بالله، لا تغلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تمثلِّوا، ولا تقتلوا وليدًا» رواه مسلم عن بريدة.
وعن مسلم عن جابر بن سمرة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة»، رواه مسلم عن جابر بن سمرة وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكَر، والرجل يقاتل ليُرى مكانُه، أيهم فى سبيل الله؟ فقال: «مَن قاتل لتكون كلمة الله هى العليا، فهو فى سبيل الله». متفق عليه عن أبى موسى. وقال جَرير: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم فى حَجَّة الوداع: استنصت لى الناس، فقال: «لا ترجعوا بعدى كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض»، متفق عليه عن جَرير بن عبدالله البَجَل.
ووفق ما ورد فى موطأ الإمام مالك ومن هَدْى الراشدين أورد القرضاوى دستور الجهاد كما حدده أبوبكر الصديق والفاروق عمر بن الخطاب، فعن يحيى بن سعيد: أن أبابكر رضى الله عنه بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشى مع يزيد بن أبى سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبى بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال أبوبكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إنى أحتسب خطاى هذه فى سبيل الله، ثم قال له: إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له (يعنى الرهبان).. وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيًّا، ولا كبيرا هرمًا، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تَغلل، ولا تجبُن.
وعن عبدالله بن عامر: أنه قدم على أبى بكر الصديق رضى الله عنه برأس البطريق، فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، إنهم يفعلون ذلك بنا! قال: فاستنانٌ بفارس والروم؟ لا يحمل إلىَّ رأس! فإنه يكفى الكتاب والخبر، رواه سعيد بن منصور فى سننه، وابن أبى شيبة فى مصنفه، والنسائى فى الكبرى. وعن زيد بن أبى وهب قال: كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، واتقوا الله فى الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب. رواه سعيد بن منصور، وابن أبى شيبة.
وعن الأطر التى تحدد دواعى الجهاد وقياساته الفقهية فإننا نقف عليها بجلاء فى مستهل هذا الكتاب ومنها ما قاله ابن رشد الجد فى «المقدمات والممهدات» حيث قال: «إذا حُميت أطراف البلاد، وسُدَّت الثغور: سقط فرض الجهاد عن جماعة المسلمين، وبقى نافلة، إلا أن ينزل العدو ببعض بلاد المسلمين، فيجب على الجميع إعانتهم، بطاعة الإمام فى النفير إليهم» وفى فتاوى ابن الصلاح و «فى السياسة الشرعية» لابن تيمية: «إن الأصل هو إبقاء الكفار وتقريرهم، لأن الله تعالى ما أراد إفناء الخلق، ولا خلقهم ليُقتلوا، وإنما أُبيح قتلهم لعارض ضرر وُجد منهم، إلا أن ذلك ليس جزاء لهم على كفرهم، فإن دار الدنيا ليست دار جزاء، بل الجزاء فى الآخرة» ولدى ابن تيمية،
أيضا وفى السياسة الشرعية. مجموع الفتاوى «إن الله تعالى أباح من قتل النفوس: ما يُحتاج إليه فى صلاح الخلق، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:٢١٧]، أى أن القتل وإن كان فيه شرٌّ وفساد، ففى فتنة الكفار (اضطهادهم للمؤمنين) من الشرِّ والفساد ما هو أكبر منه. فمَن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرَّة كفره إلا على نفسه» وفى قاعدة فى قتال الكفار (صـ١٢١) لدى ابن تيمية أيضا: «قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ} [البقرة:٢٥٦]، هذا نصٌّ عامٌّ: أنا لا نُكره أحدًا على الدين، فلو كان الكافر يُقتل حتى يُسلم، لكان هذا أعظم الإكراه على الدين».
وفى كتابه «فى هداية الحيارى» يستشهد ابن القيم بالمواقف النبوية فى الشأن الجهادى فيقول: «مَن تأمَّل سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، تبيَّن له : أنه لم يُكره أحدًا على دينه قط، وأنه إنما قاتل مَن قاتله. وأما مَن هادنه، فلم يقاتله ما دام مقيما على هدنته، لم ينقض عهده، بل أمره الله تعالى أن يفى لهم بعهدهم ما استقاموا له، كما قال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة:٧]، ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرَّهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدأوه بالقتال قاتلهم.. وكذلك لما هادن قريشا عشر سنين، لم يبدأهم بقتال، حتى بدأوا هم بقتاله ونقضوا عهده، فعند ذلك غزاهم فى ديارهم، وقبل ذلك كانوا هم يغزونه».
وفى وجوب الجهاد نجد الخطيب الشربينى، فى «مغنى المحتاج فى شرح المنهاج» يقول إنه وجوب الوسائل لا المقاصد، إذ المقصود بالقتال إنما هو الهداية، وما سواها من الشهادة. وأما قتل الكفار فليس بمقصود، حتى لو أمكن الهداية بإقامة الدليل (أى بالحجَّة والإقناع) بغير جهاد: كان أولى من الجهاد» كانت هذه منطلقات أولية حددها الدكتور القرضاوى وهى منطلقات عززتها شروح تمهيدية فى مقدمة كتابه العمدة هذا فيذكر المواقف النظرية من الجهاد قائلا: «لقد كتب كثيرون عن الجهاد، وقُدِّمت فيه عدة أُطروحات للدراسات العليا فى عدد من الجامعات الإسلامية والمدنية: وكتب كثير من الباحثين فى الموضوع، وعُنيت به جماعات وحركات إسلامية: علما وعملا ودعوة وتطبيقا، وبعضهم سمَّى نفسه بهذا الاسم مباشرة مثل: جماعات (الجهاد) فى أكثر من بلد عربى وإسلامى، ولكن مشكلتنا فى هذه القضايا الكبرى: أن الحقيقة تضيع فيها بين طرفى الغلو والجفاء، أو الإفراط والتفريط، أو (الطغيان والإخسار) وفق تعبير القرآن، الذى قال: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلا تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} ـ لقد رأينا فى الجهاد ثلاثة مواقف، أو ثلاث فئات.
الفئة الأولى تريد إماتة الجهاد، وتريد أن تُهيل عليه التراب، وأن تسقطه من حياة الأمة، وأن تجعل أكبر همِّها ومبلغ علمها: أن تربِّى الأمة -كما تقول- على القِيَم الروحية، والفضائل السلوكية، وتعتبر هذا هو (الجهاد الأكبر): جهاد النفس والشيطان.
ومن الغريب أن يتفق فى هذا الاتجاه: دعاةُ التصوف السلبى الموروث من عهود التراجع والتخلف، (على خلاف دعاة التصوف السنى الإيجابى الذين ساهموا فى الجهاد بنصيب وافر، مثل: الأمير عبدالقادر فى الجزائر، وعمر المختار فى ليبيا والسنوسيين...)، ودعاةُ العلمانية الدخيلة، المتغرِّبون، يشاركهم عملاء الاستعمار الغربى والشرقى، من اليمين واليسار، الذين يريدون أن يجرِّدوا الأمة من أسلحتها، لتبقى عارية مكشوفة أمام أعدائها، فهاجموا فكرة الجهاد، وحركة الجهاد، قديما وحديثا، واتهموا الجهاد الإسلامى بالعدوانية ويرحب بهؤلاء وأولئك جميعا: الاستعمار قديمه وحديثه، ويغذِّيهم بما يقوِّى عضدهم، ويمدُّهم بكلِّ ما يعينهم على تحقيق أهدافهم،
ولقد صنع الاستعمار البريطانى نِحلة فى الهند: (القاديانية) كان أشهر ما دعت إليه هو (إلغاء الجهاد)، لإخلاء الطريق للاستعمار، ليفرض سلطانه على المسلمين دون مقاومة ومن المؤسف حقا: أن يوجد من علماء الشرع ودعاته: مَن يريد أن يَدين كلَّ أنواع الجهاد المعاصر: صالحها وطالحها، مستقيمها ومنحرفها، معتدلها ومتجاوزها، فى حين يبرِّر لطواغيت الحكام كل ما تقترفه أيديهم من تعطيل للشريعة، وإفساد للأخلاق، وارتكاب للمظالم، فكم من دماء سُفكت، وكم من أعراض هُتكت، وكم من حرمات انتُهكت، وكم من حقوق ضُيعت،
وكم من كرامات أُهدرت، وكم من ألوف اختُطفوا من منازلهم، ثم ذُهب بهم إلى حيث لا يُدرَى أهم أحياء أم أموات؟ وكم من أناس قُتلوا فى سجونهم بأيدى سجَّانيهم، خُفية أو جهرة! وكم... وكم... وهذا كلُّه حلال مبرَّر. أما المؤثَّم والمجرَّم والمحرَّم، فهو ما تقوم به الشعوب المقهورة، والجماعات المهضومة من تنفيس دفاعى، قد يتجاوز بعضهم فيه، ولكن ربما كان لهم من العذر ما ليس لظالميهم من المعادين لدينهم، الماكرين بمِلتهم، من الذين طغَوا فى البلاد، فأكثروا فيها الفساد.
أما الفئة الثانية فهى الفئة التى تعلن الحرب على العالم كله وفى مقابل هذه الفئة: فئة فهمت الجهاد على أنه (قتال العالم كله): مَن حارب المسلمين أو وقف فى سبيل دعوتهم، أو فتن المسلمين فى دينهم... ومَن ألقى إلى المسلمين السلم، ومدَّ يد المسالمة والمصالحة للمسلمين، فلم يَشهَر فى وجوههم سيفا، ولم يظاهر عليهم عدوا فكل الكفار عند هذه الفئة سواء فى وجوب مقاتلتهم إذا كان المسلمون قادرين، فالكفر وحده سببٌ كافٍ لقتال غير المسلمين وكل ما ورد من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تدعو إلى مسالمة مَن سالمنا أو البر والإقساط إلى مَن لم يقاتلنا فى الدين، ولم يخرجنا من ديارنا، أو يظاهر على إخراجنا، ونحو ذلك: فكلها كانت آيات مرحلية، انتهى مفعولها،
وأمست موجودة فى المصحف خطًّا، معدومة معنًى، فقد نسختها كلها -وهى نحو مائة وأربعين آية أو مئتا آية أو أكثر- آيةٌ واحدةٌ سمَّوها (آية السيف) والعجب كل العجب أن آية السيف هذه قد اختلفوا فى تعيينها هؤلاء لا يرتضون ميثاق الأمم المتحدة، لأنه يمنع الأمة من الجهاد، ويفرض عليها احترام الحدود الإقليمية للدول ذات السيادة، ويوجب حلَّ النزاعات الإقليمية بالوسائل السِّلمية كما يرفض هؤلاء الاتفاقية الدولية للتعامل مع الأسرى، إذ يرون أن لهم حق قتل الأسرى بلا قيد ولا شرط، وهذه الاتفاقيات تمنع قتل الأسرى، كما يرفضون اتفاق العالم كله على (إلغاء الرق)، ويرون فى هذا تحريم ما أحلَّ الله، وإبطال ما شرع الله.
عدل سابقا من قبل عبد العليم في الثلاثاء 30 يونيو - 21:06 عدل 1 مرات
الأحد 16 مارس - 16:45 من طرف love for ever
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
الثلاثاء 24 ديسمبر - 9:08 من طرف adel.ebied.14
» فرح جامد آخر حاجه
الأحد 11 مارس - 7:46 من طرف عمرو سليم
» ملحمة الثورة في السويس
الأربعاء 27 أبريل - 3:54 من طرف عادل
» موقعة الجمل 2-2-2011
الأحد 24 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
السبت 23 أبريل - 3:10 من طرف عادل
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
السبت 23 أبريل - 1:24 من طرف عادل
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
السبت 23 أبريل - 1:20 من طرف عادل
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
الجمعة 22 أبريل - 8:01 من طرف هشام الصفطي
» لماذا قامت الثورة ؟
الخميس 21 أبريل - 7:51 من طرف Marwan(Mark71)
» مواهب خرجت من رحم الثورة
الخميس 21 أبريل - 2:55 من طرف سعاد خليل
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:52 من طرف صبري محمود
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:39 من طرف صبري محمود
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
الثلاثاء 19 أبريل - 13:24 من طرف عادل
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
الثلاثاء 19 أبريل - 13:19 من طرف عادل
» المتحولون
الثلاثاء 19 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
الإثنين 18 أبريل - 20:51 من طرف عادل
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
الإثنين 18 أبريل - 0:15 من طرف عادل
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
الأحد 17 أبريل - 23:20 من طرف عادل
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
الأحد 17 أبريل - 20:21 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
الأحد 17 أبريل - 20:07 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
الأحد 17 أبريل - 19:54 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
الأحد 17 أبريل - 4:00 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
الأحد 17 أبريل - 2:12 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
الأحد 17 أبريل - 1:36 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
الأحد 17 أبريل - 0:44 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
الأحد 17 أبريل - 0:10 من طرف عادل
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
الخميس 14 أبريل - 21:45 من طرف عادل
» اول ساعة ثورة
الخميس 14 أبريل - 20:47 من طرف عادل
» ثم ماذا بعد ؟
الخميس 14 أبريل - 19:18 من طرف عادل
» ذكريات اول ايام الثورة
الخميس 14 أبريل - 19:13 من طرف عادل
» ندااااااااء
الخميس 23 ديسمبر - 13:58 من طرف love for ever
» دحمبيش الغربيه
الخميس 23 ديسمبر - 13:53 من طرف love for ever
» الحجاب والنقاب في مصر
الخميس 23 ديسمبر - 13:52 من طرف love for ever
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
الإثنين 15 نوفمبر - 13:44 من طرف love for ever
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
الأحد 31 أكتوبر - 5:57 من طرف هادي
» شخصيات خلبية وهزلية
الأحد 31 أكتوبر - 5:47 من طرف هادي
» msakr2006
السبت 30 أكتوبر - 5:49 من طرف marmar
» ente7ar007
السبت 30 أكتوبر - 5:46 من طرف marmar
» Nancy
السبت 30 أكتوبر - 5:44 من طرف marmar
» waleed ali
السبت 30 أكتوبر - 5:42 من طرف marmar
» hamedadelali
السبت 30 أكتوبر - 5:41 من طرف marmar
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
السبت 30 أكتوبر - 5:39 من طرف marmar
» علي عبد الله رحاحلة
السبت 30 أكتوبر - 5:38 من طرف marmar
» sheriefadel
السبت 30 أكتوبر - 5:36 من طرف marmar
» خالد احمد عدوى
السبت 30 أكتوبر - 5:33 من طرف marmar
» khaled
السبت 30 أكتوبر - 5:29 من طرف marmar
» yasser attia
السبت 30 أكتوبر - 5:28 من طرف marmar
» abohmaid
السبت 30 أكتوبر - 5:26 من طرف marmar
» ملك الجبل
السبت 30 أكتوبر - 5:24 من طرف marmar
» elcaptain
السبت 30 أكتوبر - 5:21 من طرف marmar
» حاتم حجازي
السبت 30 أكتوبر - 5:20 من طرف marmar
» aka699
السبت 30 أكتوبر - 5:19 من طرف marmar
» wasseem
السبت 30 أكتوبر - 5:16 من طرف marmar
» mohammedzakarea
السبت 30 أكتوبر - 5:14 من طرف marmar
» حيدر
السبت 30 أكتوبر - 5:12 من طرف marmar
» hamadafouda
السبت 30 أكتوبر - 5:10 من طرف marmar
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
الجمعة 24 سبتمبر - 4:02 من طرف love for ever
» same7samir
الأحد 18 يوليو - 9:26 من طرف love for ever
» تامر الباز
الجمعة 9 يوليو - 7:31 من طرف love for ever
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
الجمعة 11 يونيو - 7:37 من طرف love for ever
» امجد
الأحد 16 مايو - 8:42 من طرف marmar
» ahmedelmorsi
الأحد 16 مايو - 8:40 من طرف marmar
» محمد امين
الأحد 16 مايو - 8:38 من طرف marmar
» MrMoha12356
الأحد 16 مايو - 8:36 من طرف marmar
» نوسه الحلو
الأحد 16 مايو - 8:34 من طرف marmar
» ibrahem545
الأحد 16 مايو - 8:32 من طرف marmar
» يوسف محمد السيد
الأحد 16 مايو - 8:30 من طرف marmar
» memo
الأحد 16 مايو - 8:27 من طرف marmar
» هاكلن
الأحد 16 مايو - 8:25 من طرف marmar
» لماذا نريد التغيير
السبت 15 مايو - 22:02 من طرف نرمين عبد الله
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
السبت 15 مايو - 8:13 من طرف طائر الليل الحزين
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 5:40 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود 2
الخميس 13 مايو - 3:07 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود
الخميس 13 مايو - 2:56 من طرف osman_hawa
» العمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 2:23 من طرف osman_hawa
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:43 من طرف osman_hawa
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:16 من طرف osman_hawa
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 0:57 من طرف osman_hawa
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:41 من طرف osman_hawa
» علماء مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:30 من طرف osman_hawa
» معا ننقذ فؤادة
الإثنين 26 أبريل - 21:49 من طرف marmar
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
الإثنين 26 أبريل - 5:34 من طرف طائر الليل الحزين
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
الإثنين 26 أبريل - 4:28 من طرف طائر الليل الحزين
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
الإثنين 26 أبريل - 4:17 من طرف طائر الليل الحزين
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
الإثنين 26 أبريل - 2:31 من طرف طائر الليل الحزين
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
الجمعة 23 أبريل - 11:33 من طرف love for ever
» حوده
الخميس 22 أبريل - 10:47 من طرف marmar
» وليد الروبى
الخميس 22 أبريل - 7:55 من طرف اشرف
» dr.nasr
الخميس 22 أبريل - 7:52 من طرف اشرف
» المشير أحمد إسماعيل
الإثنين 19 أبريل - 9:44 من طرف osman_hawa
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
الإثنين 19 أبريل - 9:03 من طرف osman_hawa
» wessam
الإثنين 19 أبريل - 7:26 من طرف اشرف
» عذب ابها
الإثنين 19 أبريل - 7:23 من طرف اشرف
» soma
الإثنين 19 أبريل - 7:22 من طرف اشرف
» islam abdou
الإثنين 19 أبريل - 7:18 من طرف اشرف
» رسالة ترحيب
الإثنين 19 أبريل - 7:05 من طرف marmar
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
السبت 17 أبريل - 10:44 من طرف marmar
» اصول العقائد البهائيه
السبت 17 أبريل - 10:20 من طرف marmar