معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

3 مشترك

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 20:27

    أهلا بكم... عندي صديقان من زمن فات أنوي أن أقدمهما للقراء الكرام. واحد إسمه توماس بين (Thomas Paine) (مع ملاحظة تعطيش الباء) والآخر إسمه عبد الرحمن الكواكبي. هما لم يلتقيا قط لكنهما كتبا وكأنهما عقل واحد انشطر إلى جسدين. أحدهما إنجليزي والآخر سوري. الأول عاش في القرن الثامن عشر والآخر في القرن التاسع عشر. كتبا ما عندهما ووفيا ما عليهما وبذرا ما امتلكا لكن بذرة الأول صادفت أرضا عامرة عفية قادرة على الاستيعاب والإنبات قرأت ووعت بنت وتقدمت والأخرى صادفت أرضا غليظة ونفوسا ضعيفة لم تقرأ ولم تفهم لم تزل تعيش نفس مشاكل أجدادها وكأنها أبت إلا أن يكون أجمل ما فيها ماضيها.

    كفاية مقدمة وندخل في الموضوع. أعزائي القراء أقدم لكم توماس بين بمؤلفاته الثلاثة الكبار التي صنعت مع آخرين مستقبل المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية (والتي أصبحت لاحقا الولايات المتحدة الأمريكية) ثم ساهمت في تنوير الرأي العام الفرنسي فشارك مع الفرنسيين في الثورة الفرنسية وساهم بوضوح في وضع قيود شديدة على الملكية البريطانية ثم كل الملكيات الأوروبية وهاجم الاستبداد إلى أن أصبح واحدا من ضحاياه.

    المؤلف الأول هو Common Sense أي الحس السليم، ويا له من عنوان عبقري لكتاب عميق، والذي نشره في عام 1776 ينادي فيه ويزرع في ثناياه فكرة حق المستعمرات الإنجليزية في أمريكا الشمالية في أن تستقل عن الاستبداد الإنجليزي. متى كتبه؟ في نهايات القرن الثامن عشر. كم نسخة طبعت من هذا الكتاب؟ حوالي 120 ألف نسخة في 3 شهور في مجتمع كان عدد سكانه آنذاك 4 مليون نسمة، وخلال عام واحد بلغت عدد نسخه المطبوعة حوالي نصف مليون نسخة في أوروبا بما جعله أكثر الكتب مبيعا باللغة الإنجليزية في القرن الثامن عشر. ولا يعادل هذا الرقم من مبيعات الكتب في مصرنا المعاصرة إلا كتب فن الطهي وإبداعات الدعاة الجدد في وصف غزوة مؤتة. أما لو سألت كم كتاب تطبعه وتبيعه مكتابتها للكواكبي الذي قام بدور توماس بين في مجتمعاتنا، فالرقم قطعا سيكون هزيلا بقدر الهزال الذي أصاب عقولنا وأضاع عافيتنا. إن كتاب توماس بين بذرة قوية في أرض عفية.

    من قرأ هذا الكتاب؟ كل المثقفين والساسة المهمين في تلك الفترة وعلى رأسهم الجنرال جورج واشنطن، قائد القوات الأمريكية في مواجهة المستعمرين الإنجليز ومعه كبار رجال الدولة الأمريكان بل إنهم تدارسوه وتناقشوا فيه ووصلوا إلى أنه دستورهم من أجل الاستقلال عن الحكم الإنجليزي المستبد. بذرة قوية في أرض عفية. بل إن توماس بين الشخص الذي اقترح تسمية الدولة الناشئة بإسم "الولايات المتحدة الأمريكية" فكافآته الدولة الأمريكية الناشئة بمبلغ ضخم من المال تقديرا له على بذرته القوية التي صادفت أرضا عفيا ونفوسا غنية بمادة الحياة وبالاستعداد للتضحية من أجل مستقبل أفضل. مات وعاشت أفكاره تنتج التقدم والنهضة. بذرة قوية في أرض عفية.

    هل إنتهى الأمر بعد أن تحررت الولايات المتحدة؟ لا، فالرجل صاحب قضية عاش من أجلها في كل مكان ذهب إليه. لقد سافر إلى فرنسا وكتب كتابه الشهير Rights of Man أي "حقوق الإنسان" يمهد فيه للثورة ويدعم فيه حق المجتمع في مقاومة الاستبداد ورد فيه على كتابات المحافظين الإنجليز من أمثال إدموند بيرك الذي كان يرى أن الثورة تهديد للمؤسسات المستقرة وأنها تدمير للتوازن الذي يعيشه المجتمع حتى وإن كان هناك فقر وجوع ومرض. ولكن توماس بين يرفض "حياة الفراخ والخنازير" كما وصفها. لأن حق الإنسان أن يعيش إنسانا مكتمل الكرامة موفور الإرادة. ومن هنا هاجم الملكيات المستبدة ودعم حق الثورة عليها بل طالب بأن تتحول الملكية في إنجلترا إلى جمهورية دستورية تأخذ بالرقابة التشريعية والتداول السلمي للسلطة. وحين نجحت الثورة الفرنسية واستقرت أعطته، مع آخرين، الجنسية الفرنسية الفخرية ثم انتخب عضوا في البرلمان الفرنسي وهو لا يجيد الفرنسية تقديرا لدوره. حتى أن نابليون قال له: "إنك تستحق تمثالا ذهبيا في كل مدينة في العالم يا صاحب العقل الذهبي." وقبل توماس بين مجاملة نابيلون لكنه لم يقبل نزعته نحو الاستبداد فهاجمه في كتاباته، وقاد حملة مضادة له في فرنسا واستمع له كثيرون حتى انتهى حكم الاستبداد في فرنسا أيضا. إنها بذرة قوية في أرض عفية.
    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty رد: توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 20:28

    بيد أن الرجل ما كان ليقبل أن يكون هناك استبداد باسم الدين فدخل في هجوم صريح على الكنيسة بل وعلى كل من يتحدثون بالنيابة عن الخالق من كافة الأديان الأخرى بما في ذلك "الكنيسة التركية" كما وصفها يقصد بهذا الدور السلبي الذي كان يقوم به علماء الدين الإسلامي في ظل الدولة العثمانية. لأنه كان يعتبر رجل الدين الساكت على الاستبداد كأنه شريك فيه. فوصف نفسه بأنه مؤمن لكن كنيسته هي عقله. فكتب في كتابه الأشهر The Age of Reason "عصر العقل" عن حتمية الإصلاح الديني برفض سيطرة رجال الكنيسة على الدين، ورفض الدين الذي يتحالف مع الدولة المستبدة. فالدين عنده أعمق وأعظم وأرحم من أولئك القابضين على عقول الناس. واعتبر أن العلم، وهو في هذا يعتبر نفسه تلميذا للسير إسحاق نيوتن، هو المحرر للعقل البشري من سلطان العابثين بإسم الدين، كما أن الفلسفة هي المحررة للإرادة الإنسانية من استبداد الدولة.

    ولأن الحرية لا تتجزأ فقد كتب الرجل عن تحرير العبيد وهاجم الولايات المتحدة، وعلى رأسها جورج واشنطن، الرئيس الجديد لأنه كان يمتلك عبيدا. بل إنه صاحب فكرة الضرائب التصاعدية التي بنى عليها عبقري إنجليزي آخر وهو جون ستيورت ميل نظريته المشهورة في المنفعة الاجتماعية حيث تكون منفعة الجنيه الأخير لشخص ينفق ألف جنيه على الطعام أقل كثيرا من منفعة هذا الجنيه لشخص لا يملك أي شيء. فالأول سينفق الجنيه الأخير على قطعة من الفاكهة باهظة الزمن بعد أن تكون معدته امتلأت طعاما، أما الأول فهو بحاجة ملحة للقمة الخبز حتى يظل على قيد الحياة، وعليه فمن مصلحة المجتمع أن يأخذ من الأول بعض ما يملك ليعطي الثاني، وهذا هو جوهر دولة الرفاه في الغرب كما نعرفها الآن. ولهذا الرجل فضل عظيم على فكرة أخرى، طبقت أول ما طبقت في هولندا، وهي فكرة المعاش لكبار السن. فقد اقترح الرجل أن يعطى للعجوز الذي بلغ سن الخمسين الفرصة في الاختيار بين أن يستمر في العمل أو أن يخرج إلى المعاش مقابل الحصول على نفس مرتبه. هي أفكار قالها فيلسوف عالم وتلقته أذن واعية ونفوس حرة وثابة لما فيه صالح المجتمع. هي بذرة قوية في أرض عفية.

    هذا عن توماس بين، الإنجليزي الفرنسي الأمريكي الذي ساهم بفكره وقلمه في صناعة ثورتين (الأمريكية والفرنسية) وأوهن الاستبداد في مجتمعات الغرب. ماذا عن مفكرنا العربي عبد الرحمن الكواكبي، القوي بأفكاره، الضعيف بأتباعه؟ لقد تشارك الرجلان لدرجة أنني وأنا قرأ كتاب أحدهما، أظنني أقرأ كتاب الآخر ولولا أن كلا منهما يكتب بلغة مختلفة لظننت أنهما عقل واحد في جسدين. وهو ما يؤكد لي ما سبق وأن طرحته من أن كاتلوج التقدم واحد في الكون لكن المهم أن تتلقاه أذن واعية. لقد شدد النكير على الاستبداد في كتابه الأهم "طبائع الاستبداد" بل إنه وصف الاستبداد بقوله: "الاستبداد أعظم بلاء لأنه وباء دائم بالفتن، وجدب مستمر بتعطيل الأعمال، حريق متواصل بالسلب والغضب."
    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty رد: توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 20:29

    وقال في كتابه أم القرى عنا، نعم عنا نحن، لقد "تأصل فينا فقد الآمال، وترك الأعمال والبعد عن الجد والارتياح إلى الكسل والهزل، والانغماس في اللهو... إلى أن صرنا ننفر من كل الماديات والجديات حتى لا نطيق مطالعة الكتب النافعة ولا الإصغاء إلى النصيحة الواضحة، لأن ذلك يذكرنا بمفقودنا العزيز، فتتألم أرواحنا، وتكاد تزهق روحنا إذا لم نلجأ إلى التناسي بالملهيات والخرافات.. وهكذا ضعف إحساسنا وماتت غيرتنا، وصرنا نغضب ونحقد على من يذكرنا بالواجبات التي تقتضيها الحياة الطيبة، لعجزنا عن القيام بها." أرجو قراءة الاقتباس السابق مرة أخرى... "لا نطيق مطالعة الكتب النافعة." وتذكروا أن كتاب توماس بين طبعت منه 120 ألف نسخة في ثلاثة أشهر. لقد كتب لقوم لا يقرأون، ونادى في قوم لا يسمعون. إنها بذرة عظيمة في أرض عقيمة.

    لقد قالها الحق سبحانه "وما ربك بظلام للعبيد" لا يمكن أن يغلب الجهل العلم، ولا أن تغلب الفوضى النظام، ولا أن يغلب السفيه التافه العاقل الرشيد، ولا أن يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ولا أن ينتصر جهال المسلمين على علماء الغرب، حتى وإن بدت علينا مظاهر التدين الكاذب.

    إن الكواكبي أدرك المشكلة وقدم الحل فنادى بوضوح أن تكون "قوة التشريع في يد الأمة، والأمة لا تجتمع على ضلال... وبمحاكمة السلطان والصعلوك على السواء."

    ويقول في وصفه لعلاج الأمة في حتمية التمييز بين الدين والدولة دونما الفصل التعسفي الذي أخذت به بعض الدول التي عاصرها، وقال بوضوح "لقد تمحص عندي أن أصل الداء هو الاستبداد السياسي، ودواؤه هو الشورى الدستورية" وقال أيضا: "إن الهرب من الموت موت! وطلب الموت حياة! والخوف من التعب تعب! والإقدام على التعب راحة" والحرية هي شجرة الخلد، وسقياها قطرات الدم المسفوح.. والإسارة (أي العبودية) هي شجرة الزقوم." بذرة عظيمة في أرض عقيمة.

    لقد ناديت يا كواكبي إذ أسمعت حيا، ولكن أحياء المسلمين موتى بلا نعوش. إنها بذرة قوية في أرض خربة. لو كتب الكواكبي ما كتب في أوروبا أو أمريكا القرن الثامن لكان توماس بين الثاني. فهما قد خرجا من مشكاة واحدة. ولو كتب توماس بين ما كتب في مطلع قرننا هذا لما صادف إلا عقولا خربة تجزع لإصابة لاعب كرة قدم أكثر من اهتمامها بالحكم بالحبس على صحفيين شرفاء أو باعتصام عمال فقراء أو بمطالب قضاة نبلاء في زمن البئر المعطلة والقصر المشيد. وبالمناسبة فقد سجن الرجلان ومات الإنجليزي مكروها من الكثيرين بسبب هجومه على الكنيسة ومات الآخر بسبب السم الذي وضعه الوالي التركي له في الطعام.
    وليد
    وليد
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 32
    تاريخ التسجيل : 01/07/2008
    نقاط التميز : 413
    معدل تقييم الاداء : 38

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty رد: توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف وليد الأربعاء 30 يوليو - 20:30

    طيب ماذا نفعل؟

    هل ممكن أن نذهب إلى المكتبة ونحضر كتابا للكواكبي ونقرؤه؟ هل من الممكن أن نشارك في الانتخابات بالتصويت؟ هل من الممكن أن نتحدث مع أهلينا وذويينا في أمور أخرى غير تفاهات اللاعبين وسذاجات الممثلين وحواديت الدعاة؟ هل من الممكن للدعاة والعلماء أن يكونوا تلاميذ للكواكبي بدلا من أن يظلوا طوال حياتهم يفتون في قضايا الزواج والطلاق والوضوء والطهارة وقضايا البول والرضاعة؟ هل ممكن أن نغير أجندتنا اليومية لما هو أهم من أخبار نجوم الفضائيات المتاجرين بوقتنا في الكورة والتمثيليات وما لا ينفع الناس؟ هل من الممكن أن نخدم مجتمعاتنا بدءا بجارنا وشارعنا؟ هل من الممكن أن نغلب الصالح العام على الخاص فيما نكتب ونقول ونفعل؟ هل يمكن أن نكف عن المظهرية والسعي لأن نكون تحت الأضواء حتى على حساب الحق والحقيقة؟ هل يمكن أن نكون القدوة والمثل للمحيطين بنا؟ هل يمكن أن نفكر بمنطق لو كان الحكم خيرا فقد نلنا منه، ولو كان شرا فقد كفى ما كان؟ هل نستطيع أن نكف أذانا عن الآخرين؟ اللهم لا تؤاخذنا بما فعلنا، فقد علمنا الحق، وحدنا عنه.



    الوفد، 2 أكتوبر 2007

    د. معتز بالله عبد الفتاح
    كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty رد: توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف زهرة البنفسج الخميس 4 سبتمبر - 11:00

    بالرحة علينا يا عم وليد احنا يا دوب بنفك الخط
    ماما بتسلم عليك وبتقلك بشويش بشويش

    توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine Empty رد: توماس الكواكبي وعبد الرحمن Paine

    مُساهمة من طرف نهر العطاء الأربعاء 6 مايو - 6:25

    وليد وطولة اللي بيرمية في مياهنا الراكدة ويسيبنا ويمشي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 8 مايو - 8:40