معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    البابا شنودة.. الوطن يمشى على قدمين

    avatar
    محمد احمد
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 502
    رقم العضوية : 81
    تاريخ التسجيل : 28/08/2008
    نقاط التميز : 885
    معدل تقييم الاداء : 51

    البابا شنودة.. الوطن يمشى على قدمين Empty البابا شنودة.. الوطن يمشى على قدمين

    مُساهمة من طرف محمد احمد الثلاثاء 29 ديسمبر - 7:28

    البابا شنودة.. الوطن يمشى على قدمين S12200826143653

    فى إحدى العظات سأل راجل صعيدى البابا شنودة: يا قداسة البابا أنا صعيدى وبلديات قداستك و جاى مصر علشان أسأل سؤال واحد: فى يوم القيامة هانقوم صعايدة زى ما احنا ولا لع؟ أجاب البابا: فى الدينونة «يوم القيامة» مش ها تقوم صعيدى، ربنا هايكون صلحك على الآخر.. صعيدى آخر وقف يمتدح البابا قائلا انت جاموس يقصد «قاموس» فى الكتاب المقدس، فرد البابا بسرعة بديهته، بس العجول «العقول» اللى تفهم.. هذه الروح المرحة وسرعة البديهة، من أهم السمات الشخصية للبابا شنودة، التى مكنته من الصمود، رغم الأزمات الطاحنة والأعاصير التى مر بها، ليسجل اسمه واحدا من أهم البطاركة الذين جلسوا على كرسى مرقس الرسول.

    إذا أردنا أن نلخص السمات العامة للبابا شنودة فى كلمتين، نقول إنه زعيم مصرى، لا يخص الأقباط وحدهم بل يخص عموم المصريين، فهناك أعمدة يحيط بها المواطنون، قد يختلفون حولها ومعها، قد ينتقدونها بعنف أحيانا، لكنهم لا يستطيعون إلا الاعتراف لها بالزعامة والمكانة الكبيرة، من بين هؤلاء بالطبع البابا شنودة، الذى يعتبر قراره بمنع ذهاب الحجاج المسيحيين إلى القدس طالما بقيت القضية الفلسطينية بعيدا عن التسوية، قرارا وطنيا يوضح إلى أى حد تمثل الكنيسة القبطية ورموزها جزءا فاعلا فى النسيج الوطنى.

    كان من أوائل الخريجين فى مدرسة المشاة بالقوات المسلحة عام 1947، وشارك فى حرب فلسطين عام 1948، قادر على توجيه خطابه إلى كل الفئات بشكل مقنع وسلس، مع النخبة تجده مثقفا قادرا على إدارة حوار فكرى على مستوى عال والخوض فى أعقد القضايا السياسية الشائكة، بعاميته السهلة المحببة، ومع البسطاء تجده بسيطا متواضعا، وأذكر رده، فى إحدى لقاءات معرض القاهرة للكتاب على الاتهام بأنه يسعى إلى تكوين دولة مسيحية فى أسيوط، قال بخفة ظله المعهودة، «وده اسمه كلام أحط كل المسيحيين فى حتة واحدة، لأ أنا عاوز كل بيت مسيحى جنبه بيت مسلم، كدة أضمن لى»، فضجت القاعة بالضحك، وفهم الحاضرون إشارته.

    مواقف ثلاثة تكشف عن مقومات الزعامة لدى البابا شنودة، من ذكاء وحنكة وقدرة على التعامل مع أصعب الأزمات، لعل أولها زيارة الرئيس السادات للمقر البابوى بالكاتدرائية، إثر الأزمة الطائفية فى سبتمبر 1973.. كانت زيارة الرئيس السادات قبيل الظهر بقليل، وأثناء اللقاء الذى حضره كل رجال المجمع المقدس، نظر الرئيس السادات فى ساعته، وتوجه إلى البابا شنودة قائلا: حان موعد صلاة الظهر، أريد سجادة صلاة، واندهش كل رجال المجمع المقدس.. سجادة صلاة.. الظهر فى قلب الكاتدرائية؟ أسرع البابا شنودة إلى إحدى الغرف الملحقة بغرفة الاجتماع وعاد حاملا سجادة صلاة وفرشها بيديه للرئيس السادات فى اتجاه القبلة، خرج كل أعضاء المجمع المقدس من القاعة، وصلى السادات الظهر فى الكنيسة، بينما اختار البابا شنودة ركنا وقف فيه عاقدا يديه على صدره وأخذ يصلى هو الآخر، وعندما انتهى السادات من صلاته ورأى البابا شنودة ما زال واقفا فى انتظاره وكان قد طلب تصريحا ببناء 35 كنيسة فى مختلف مناطق الجمهورية، وعده السادات ببناء 50 كنيسة.

    الموقف الثانى وهو الأعنف والأصعب، عندما أصدر الرئيس السادات قراره الشهير بعزل البابا شنودة وتحديد إقامته بأحد أديرة وادى النطرون. كانت الخلافات قد بدأت تتفاقم بين الرئاسة والكنيسة منذ أن رفض البابا مرافقة الرئيس السادات فى رحلته للقدس 1977، وزاد من هذه الخلافات، ما لقيه الرئيس السادات من مظاهرات عنيفة لأقباط المهجر فى آخر زياراته للولايات المتحدة، وعند عودته للقاهرة بدأت إرهاصات قرارات سبتمبر التى اعتقل فيها عددا كبيرا من النشطاء السياسيين والمثقفين، وفى هذه الأجواء صدرت الأوامر بمنع البابا شنودة من إلقاء درسه الأسبوعى، ولم يلتزم البابا، بل صعد الأمر وألغى الاحتفال الرسمى بعيد الميلاد المجيد فى الكنيسة مما يعنى رفضه استقبال رجال الدولة المهنئين، فصدر القرار الرئاسى رقم 491 لسنة 1981 بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2782 لسنة 1971 بقبول انتخاب البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مما يعنى العزل وتحديد الإقامة فى أحد أديرة وادى النطرون.

    وظل البابا شنودة تحت الحراسة والإقامة الجبرية فى الدير حتى يناير 1982 لكنه ظل بعيدا عن كرسى الكاتدرائية رسميا حتى يناير 1985 عندما أصدر الرئيس مبارك قرارا بإعادة تعيينه بطريركا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وإلغاء قرار السادات بالعزل.

    الموقف الثالث الذى واجه البابا شنودة تمثل فى بروز أول حركة انشقاق داخل الكنيسة الأرثوذكسية بقيادة الأنبا ماكسيموس الأول راعى كنيسة المقطم وأحد أبرز تلامذة الأب متى المسكين الذى ظل على خلاف مع البابا شنودة حتى وفاته. ولعل قيام الأنبا ماكسيموس بإنشاء مجمع مقدس موازٍ للمجمع المقدس التابع للكنيسة القبطية، هو أخطر تحد يواجه البابا منذ قرار السادات بعزله، خاصة أن الأنبا ماكسيموس استطاع أن يكتسب العديد من الأنصار والأتباع، لكن البابا شنودة استطاع الالتفاف على انشقاق الأنبا ماكسيموس واحتوائه بطريقة أو بأخرى حتى انسحب الغطاء الرسمى عنه، ليثبت بذلك أنه مازال قادرا على إدارة خلافاته وحروبه بكفاءة عالية.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل - 7:31