مدخل إلى اليهوديّة
أرنولد غولدبرغ (Arnold Goldberg)
من أراد اليوم أن يرسمَ ببضع صفحات ملامحَ اليهوديّة واجهته صعوبة مماثلة لتلك التي تواجه من يريد أن يرسمَ ملامح المسيحيّة. فالعودة إلى التاريخ ترينا كم من التبدّلات عرفتها اليهوديّة وكم من الوجوه اتّخذتها، حتّى في الزمن الذي كان فيه اليهود يسيرون في خطّ واحد في شتّى الأمور، على الأقلّ في ميدان الممارسة الدينيّة، خطّ "الهلاخا". منذ بداية الإصلاح اليهوديّ في القرن التاسع عشر والانحطاط الدينيّ العامّ في القرن العشرين، لم تعد الممارسة الدينيّة الرباط الموحِّد. ثمَّة يهوديّة يقال لها تقليديّة يتمّ فيها العيش والإيمان بصورة تامّة بموجب التقليد اليهوديّ، وثمّة يهوديّة محافظة ليست على هذا القدر من التشدّد، وثمّة يهوديّة ليبراليّة، وثمّة يهوديّة الإصلاح تشبه في تعابيرها اللاهوتيّة البروتستنتيّة وقد تكوّنت على مثالها، على غرار يهوديّة الأقدمين الرابينيّة.
ففي محاولتي الحديث بنوع عامّ عن اليهوديّة، سأتوجّه إلى يهوديّة الأقدمين الرابينيّة، أعني إلى تلك الحقبة من الزمن التي ارتسمت فيها، على ما يبدو لي، الملامح النهائيّة لوجه اليهوديّة. ومن ثَمَّ فإنّ محاولتي تهدف إلى رسم بعض الملامح لليهوديّة، تلك الملامح التي تنطبق على اليهوديّة بصورة عامّة.
1. ما هي اليهوديّة؟
اليهوديّة، كما نصادفها اليوم، هي حصيلة تاريخ طويل يمتدّ على أكثر من ثلاثة آلاف سنة. لا ندرك تلك الظاهرة إلاّ إذا عدنا إلى تكوين اليهوديّة بعيدًا في التاريخ، وهنالك نصادف مبدأين تكوّنت عليهما اليهوديّة: مبدأ العرق ومبدأ شعب العهد.
العرق هو نسل إبراهيم ويعقوب، النسل المختار. من وُلد في هذا العِرق هو يهوديّ. هذا هو الأساس الطبيعيّ. أمّا العهد فهو الذي يجعل اليهود شعبًا. فهم بقبولهم العهد مع الله في سيناء، صاروا شعبَ الله الذي تكوّن بحسب وصايا الوحي. العهد يقتضي منهم أن يكونوا شعبًا لكي يتمّموا بهذه الصفة مشيئة الله، ويكون الله من ثَمَّ حاضرًا في وسطهم. هذا يعني أنّ العهدَ يكوّن الشعب وذلك بصورة حتميّة. صحيح أنّ ذلك لا يكون بمعزل عن العرق، فالعرق هو الذي يعقد العهد، ولكنّ العرق لا يكوّن بذاته شعبًا. من هذا ينتج أنّه لا رجوع إلى الوراء من شعب العهد إلى شعب آخر. اليهود هم شعب العهد، وإلاّ لا يكونون شعبًا، ليس لهم وجود آخر. انطلاقًا من هذا يمكننا أن نفهمَ المسائل المطروحة باستمرار في اليهوديّة الحديثة والتي لم تجدْ لها حلاًّ في ما يتعلّق بالوجود الوطنيّ والدينيّ.
ولكن اليهوديّة لم تبلغ قطّ منتهى مسيرتها. صحيحٌ أنّها لا تعدّ دينًا شموليًّا على غرار المسيحيّة، وإن جرت محاولات في القديم في هذا الشأن، ولكنّها قد قبلت باستمرار ما أمكنها من الدخلاء. وقد حدث ذلك في القديم، بحيث إنّ عددَ الدخلاء قد فاق بعدّة أضعاف نسل إبراهيم.
يصير الدخيل عضوًا جديدًا في العرق. من البديهي أنّه ليس ابنَ إبراهيم ولا يستطيع أن يصير ابن إبراهيم. ولكنّه يدخل في العهد ويقبل التوراة. وبذلك لا يلتزم بحفظ الوصايا وحسب – فالتوراة لا تقتصر على الوصايا – أو بالإيمان فقط بإله واحد، بل يعتنق أيضًا تاريخ الشعب اليهوديّ، هذا التاريخ الذي يؤمن به الآن. صحيحٌ أنّه لا يستطيع أن يقول: "الله الذي أخرج آبائي من مصر"، إذ إنّ آباءه لم يكونوا هناك. بيد أنّه يؤمن بأنّ هذا الإله قد أخرج الإسرائيليّين من مصر، ويجعل تاريخهم تاريخَه، تاريخًا مهمًّا لحياته، وإلاّ لا يمكنه أن يُعَدّ من اليهود. ومن ثَمّ فإنّه يصير ابنَ إبراهيم بحسب الروح ومن خلال الإيمان.
2. الإيمان بالله
اليهوديّة هي إذن قبل أيّ أمر آخر تاريخٌ يؤمن به المرء. فالله لا يُعلَّم ولا يؤمن به الناس بصورة مجرَّدة في عقائد دينيّة، هذا ما تفعله فلسفات الدين، بل في علاقة تاريخيّة: الله الذي خلق العالم، والذي اختار الآباء، هو الذي خلّص إسرائيل. ولكنّ الوعدَ بأنّ ما لم يفعله الله علنًا لم يصرْ بعد تاريخًا، هو رجاء بتاريخ للمستقبل.
إنّ هذا المفهوم لله وللعالَم في ارتباط تاريخيّ قد يسهل نسبيًّا علينا نحن أبناء القرن العشرين، ولكنّ هذه النظرة إلى العالم في القرن الأوّل قبل المسيح كانت أمرًا جديدًا، تمّ فيه الخروج على الفكر الأسطوريّ وعلى العبادة المرتبطة به وما ينطوي عليه من تصوّر متكرّر للأسطورة. وعوضًا عن ذلك وُضِع خطّ زمنيّ مستقيم كوّنت معالمَه أحداث تاريخيّة لا يمكن أن تتكرّر.
لذلك لم يكن لليهوديّة أيّ قانون إيمان خاصّ بها؛ المحاولة الأولى لصياغة مثل هذا القانون قام بها ابن ميمون في القرن الثالث عشر. صحيحٌ أنّ هذه البنود الثلاثة عشر التي وضعها ابن ميمون قد صارت جزءًا من الليترجيا، ولكن يصعب القول إنّها قد اكتسبت أهميّة فائقة. فبصرف النظر عن بعض الأمور الملزمة التي حدّدها الفرّيسيّون: مثل وحدانيّة الله، ووحي التوراة، وقيامة الموتى، لا وجود في اليهوديّة لأيّ قانون إيمان، ولا لأيّ مضمون عقائديّ محدَّد، يكسب رضى الله ويكون على نحو ما قانون إيمان يقود إلى الحياة الأبديّة. الإيمان بالله الواحد مطلوب، ولكنّه ليس إيمانًا مجرّدًا. إنّ فلاسفةَ الدين المتأخّرين هم الذين تحدّثوا عن كيان الله الواحد. المطلوب إنّما هي "الإيمونا"، التي تُترجَم عمومًا بالإيمان، ولكن من الأفضل ترجمتها بالأمانة والثقة. فموضوع الإيمان ليس ما هو الله بل كيف هو الله، وما الذي صنعه وكيف صنعه. موضوع الإيمان هو برّه وهدايته. وهذا الإيمان ليس على الإطلاق استسلامًا لقدر شاءه الله، إذ إنّ اليهودي مستعدّ دومًا لأن يصارعَ إلهه، كما فعل يعقوب الذي نال اسمَ إسرائيل، أي مصارعَ الله – ولكن دومًا في الثقة (فالصراع الآخر هو الشقاق الذي لا يصدر عن الثقة بل عن الرّيبة). ولكنّ المطلوبَ ليس فقط الثقة بل أيضًا المحبّة والتعلّق. هذه المحبّة تنطوي طبعًا على جهات كثيرة. ولكنّها قبل أيّ أمر آخر استسلام كامل لله، كما جاء في تفسير المشنا (بيراخوت 11: 5) لما ورد في سفر تثنية الاشتراع 6: 5: "أحبب الربّ إلهكَ بكلّ قلبك – أي لا يكن شيء آخر في قلبكَ، حتّى مع أميالك الشريرة (وهذا يعني: لا يقل الإنسان: ما دمتُ خاطئًا لا أستطيع أن أحبّ الله)؛ بكلّ نفسك – أي حتّى لو أخذ حياتكَ؛ بكلّ قدرتكَ – أعني بكلّ ما تملك، أو بكلّ ما وهبكَ إيّاه".
إنّ التصوّرَ الشائع لإله اليهود المقيم في أعالي السماء بعيدًا عن الإنسان، وفي معظم الأحيان غاضبًا، هذا التصوّر لتسامي الله المطلق، الذي نصادفه أحيانًا عند فلاسفة الدين اليهود، هو تصوّرٌ خاطئ. لا وجود لصورة مُلزمة عن اله – لا عقيدة يمكن أن تقول أكثر من تأكيد وحدانيّة الله -، ومن ثَمَّ يستطيع كلّ يهوديّ أن يتصوّر الله كما يشاء: فالقبّاليّ يراه "غير محدود"، فهو وراء هذا العالم ولا يمكن أن يدركَه الفكر البشريّ، والذي يصل إلى أعماق الكون السفلى – هذا التصوّر هو تصوّر الأفلاطونيّة الحديثة أكثر ممّا هو تصوّر اليهوديّة؛ الروحانيّ المركبيّ يتصوّر إلهه ككائن يجلس على عرش في أعالي السماء محاطًا بكائنات سماويّة لا تُحصى؛ الفيلسوف يحلو له النظر إلى الله كإلى روح محض. ولكن عندما نتحدّث عن اليهوديّة الرابينيّة، التي حافظت على تصوّر الله بحسب التقليد الصحيح لليهوديّة الكتابيّة، في هذه الحالة يجب التخلّي عن السؤال عن تسامي الله عن الكون أو عن حضوره فيه. هذه المصطلحات هي مصطلحات فلسفيّة غريبة عن اليهوديّة الرابينيّة. فهذه لم تهتمّ كثيرًا للتصوّرات التي نصادفها مرارًا في الكتاب المقدّس والتي تصف الله بأوصاف بشريّة. فالله يُصوَّر أو يظهر في وجه مختلف، ليتيح للعين أو للأذن أن تُدرَكه.
ربّما يكون مور (G.F. Moore) على حقّ في قوله إنّ الرابيّين، وكثيرًا من اليهود التقليديّين اليوم، يرون الله فوق العالم ولكن ليس خارج العالم. لا شكّ أنّنا نصادف في تنظيرات الأقدمين الدينيّة فكرةَ الله الكائن قبل الخلق والله الكائن وراء مجال الكون – ولكنّ الرابيّين قد أشاروا في هذه التنظيرات إلى أنّ هذا الميدان لا يمكن أن يدركَه العقل البشريّ، وأنّ الانشغالَ به لا يمكن أن يؤدّي إلاّ إلى تضليل الفكر.
مهما يكن من أمر فإنّ الله لم يكن، بالنسبة إلى الرابيّين، خارج العالَم إلاّ إلى حدّ قليل، بالمقارنة مع ما كان بالنسبة إلى اليهوديّة الكتابيّة. فالله يسعى بالحريّ إلى جماعة البشر، وقد كان حاضرًا حضورًا حقيقيًّا وسط إسرائيل في الهيكل. إنّ حضور الله هذا، الذي يصفه سفر تثنية الاشتراع "بسكنى الاسم"، يصفه الرابيّون بلفظة "شكينا" ومعناها "السكنى". فالشكينا هي الله من حيث هو حاضر بين البشر في الهيكل. الشكينا تتماهى مع الله، أي إنّها ليست على الإطلاق كائنًا منفصلاً عن الله؛ وهي لم تُعبَد قطّ، ولا أُطلقت عليها صفات الله. وهي لا تعمل بصورة مستقلّة إلاّ من حيث إنّها توحي بذاتِها. والله يبقى في هذا التصوّر دونما تغيير في السماء. إنّ الله الساكنَ في السماء يُنعَت في بعض الحالات كشكينا، إمّا لأنّ الإنسان يتصوّره مقيمًا هناك، وإمّا لأنّه يطبّق تصوّر الهيكل على السماء. فإنّ موضعَ الشكينا هو الهيكل، هناك ميدانها. ولكنّ الشكينا ليست في الهيكل بفضل الموضع بل بفضل الجماعة، ليست من أجل المكان بل من أجل البشر.
انطلاقًا من الشكينا، بحسب رأي الأكثريّة، في الهيكل، تمّ تصوّر الروح القدس، روح النبوّة، ولذلك انقطعت النبوّة مع تدمير الهيكل. ولكنّ الروح القدس، بخلاف الشكينا، لا يتماهى مع الله، وليس له كيان مستقلّ؛ والنصوص المتأخّرة تكاد لا تفرّق بين الأمرين، فالشكينا تمتصّ على نحو ما الروح.
في اليهوديّة الرابينيّة غلب الرأي القائل إنّ الشكينا لم تغادر قطّ الشعب اليهودي. فبعد دمار الهيكل انطلقت معهم إلى السبي، ولم يعد لها أيّ موضع بعد. صحيحٌ أنّه لا يدور الكلام على ألم الشكينا، ولكنّ التصوّرات اقتربت كثيرًا من هذا الموضوع. وبالتالي فإنّ خلاص إسرائيل لا يتمّ من أجل إسرائيل وحسب بل أيضًا من أجل الشكينا، فيجب أن يخلّص الله نفسَه أيضًا على نحو ما. ثمّ إنّ الشكينا تحتلّ في تصوّر الأمور المعادية موضعًا مركزيًّا. ففي الخلاص الأخير ستعتلن الشكينا في وسط الشعب. أو إنّها، على غرار عمود الناس قديمًا في الصحراء، ستتقدّم إسرائيل وتعود بمجد إلى أورشليم. (هنا تأخذ الشكينا مكان المخلّص، ويعود الماسيّا من جديد في صورة المخلّص).
ولكن في هذه الأثناء الشكينا هي في الشعب اليهوديّ. إنّها حاضرة في كلّ جماعة تصلّي، إنّها في وسط القضاة وتنير أحكامهم، بل هي لدى كلّ فرد يتعلّم ويصلّي. ومن ثمّ فالله ليس بعيدًا عن اليهودي، إنّه قريبٌ منه كلّ القرب، بل يمكن القول إنّ ثمّة شركة مصير بين الله وشعبه، فهو لا يتوارى عن شعبه.
تعترف اليهوديّة بالله على أنّه واحد، ولا تستطيع بالتالي أن ترى فيه إلاّ مشيئة واحدة. ولكن كيف يكون الله من جهة الأب الكليّ الصلاح والمحبّ الرحيم، ومن جهة أخرى القاضي الصارمَ والعادل؟ توضح اليهوديّة الرابينيّة هذا الأمر أحيانًا بصورة مجازيّة، وأحيانًا تستخدم الاستعارة للكلام على طرق الله أو صفاته. فثمّة لدى الله طريقة الرحمة وطريقة الحقّ الصارم، وهما مرتبطتان باسمَي الله، أعني إلوهيم ويهوه. فبحسب طريق الحقّ الصارم، لا يستطيع أيّ إنسان أن يثبت، ولذلك لا يسري مفعول هذه الطريقة إلاّ على المجرم. وفي ما سوى ذلك يُقاد العالم ويُدان بحسب طريقة الرحمة.
إنّ التوحيد الإلهيّ يؤكَّد منذ البدء بكلّ شدّة. في هذه الحالة تظهر مشكلة الشرّ والكيان الإلهيّ بحدّة كبيرة، ولا سيّما بعد التلاقي مع الأنظمة الثنائيّة، سواء أكان نظام الفرس أم نظام الغنوصيّين، والتي تُرفَض كلّها. ويورد اللاهوت الرابينيّ القديم قول الله في سفر أشعيا النبي: "أنا مبدع النور وخالق الظلام، وصانع الهناء وخالق الشقاء" (أشعيا 45: 7).
أرنولد غولدبرغ (Arnold Goldberg)
من أراد اليوم أن يرسمَ ببضع صفحات ملامحَ اليهوديّة واجهته صعوبة مماثلة لتلك التي تواجه من يريد أن يرسمَ ملامح المسيحيّة. فالعودة إلى التاريخ ترينا كم من التبدّلات عرفتها اليهوديّة وكم من الوجوه اتّخذتها، حتّى في الزمن الذي كان فيه اليهود يسيرون في خطّ واحد في شتّى الأمور، على الأقلّ في ميدان الممارسة الدينيّة، خطّ "الهلاخا". منذ بداية الإصلاح اليهوديّ في القرن التاسع عشر والانحطاط الدينيّ العامّ في القرن العشرين، لم تعد الممارسة الدينيّة الرباط الموحِّد. ثمَّة يهوديّة يقال لها تقليديّة يتمّ فيها العيش والإيمان بصورة تامّة بموجب التقليد اليهوديّ، وثمّة يهوديّة محافظة ليست على هذا القدر من التشدّد، وثمّة يهوديّة ليبراليّة، وثمّة يهوديّة الإصلاح تشبه في تعابيرها اللاهوتيّة البروتستنتيّة وقد تكوّنت على مثالها، على غرار يهوديّة الأقدمين الرابينيّة.
ففي محاولتي الحديث بنوع عامّ عن اليهوديّة، سأتوجّه إلى يهوديّة الأقدمين الرابينيّة، أعني إلى تلك الحقبة من الزمن التي ارتسمت فيها، على ما يبدو لي، الملامح النهائيّة لوجه اليهوديّة. ومن ثَمَّ فإنّ محاولتي تهدف إلى رسم بعض الملامح لليهوديّة، تلك الملامح التي تنطبق على اليهوديّة بصورة عامّة.
1. ما هي اليهوديّة؟
اليهوديّة، كما نصادفها اليوم، هي حصيلة تاريخ طويل يمتدّ على أكثر من ثلاثة آلاف سنة. لا ندرك تلك الظاهرة إلاّ إذا عدنا إلى تكوين اليهوديّة بعيدًا في التاريخ، وهنالك نصادف مبدأين تكوّنت عليهما اليهوديّة: مبدأ العرق ومبدأ شعب العهد.
العرق هو نسل إبراهيم ويعقوب، النسل المختار. من وُلد في هذا العِرق هو يهوديّ. هذا هو الأساس الطبيعيّ. أمّا العهد فهو الذي يجعل اليهود شعبًا. فهم بقبولهم العهد مع الله في سيناء، صاروا شعبَ الله الذي تكوّن بحسب وصايا الوحي. العهد يقتضي منهم أن يكونوا شعبًا لكي يتمّموا بهذه الصفة مشيئة الله، ويكون الله من ثَمَّ حاضرًا في وسطهم. هذا يعني أنّ العهدَ يكوّن الشعب وذلك بصورة حتميّة. صحيح أنّ ذلك لا يكون بمعزل عن العرق، فالعرق هو الذي يعقد العهد، ولكنّ العرق لا يكوّن بذاته شعبًا. من هذا ينتج أنّه لا رجوع إلى الوراء من شعب العهد إلى شعب آخر. اليهود هم شعب العهد، وإلاّ لا يكونون شعبًا، ليس لهم وجود آخر. انطلاقًا من هذا يمكننا أن نفهمَ المسائل المطروحة باستمرار في اليهوديّة الحديثة والتي لم تجدْ لها حلاًّ في ما يتعلّق بالوجود الوطنيّ والدينيّ.
ولكن اليهوديّة لم تبلغ قطّ منتهى مسيرتها. صحيحٌ أنّها لا تعدّ دينًا شموليًّا على غرار المسيحيّة، وإن جرت محاولات في القديم في هذا الشأن، ولكنّها قد قبلت باستمرار ما أمكنها من الدخلاء. وقد حدث ذلك في القديم، بحيث إنّ عددَ الدخلاء قد فاق بعدّة أضعاف نسل إبراهيم.
يصير الدخيل عضوًا جديدًا في العرق. من البديهي أنّه ليس ابنَ إبراهيم ولا يستطيع أن يصير ابن إبراهيم. ولكنّه يدخل في العهد ويقبل التوراة. وبذلك لا يلتزم بحفظ الوصايا وحسب – فالتوراة لا تقتصر على الوصايا – أو بالإيمان فقط بإله واحد، بل يعتنق أيضًا تاريخ الشعب اليهوديّ، هذا التاريخ الذي يؤمن به الآن. صحيحٌ أنّه لا يستطيع أن يقول: "الله الذي أخرج آبائي من مصر"، إذ إنّ آباءه لم يكونوا هناك. بيد أنّه يؤمن بأنّ هذا الإله قد أخرج الإسرائيليّين من مصر، ويجعل تاريخهم تاريخَه، تاريخًا مهمًّا لحياته، وإلاّ لا يمكنه أن يُعَدّ من اليهود. ومن ثَمّ فإنّه يصير ابنَ إبراهيم بحسب الروح ومن خلال الإيمان.
2. الإيمان بالله
اليهوديّة هي إذن قبل أيّ أمر آخر تاريخٌ يؤمن به المرء. فالله لا يُعلَّم ولا يؤمن به الناس بصورة مجرَّدة في عقائد دينيّة، هذا ما تفعله فلسفات الدين، بل في علاقة تاريخيّة: الله الذي خلق العالم، والذي اختار الآباء، هو الذي خلّص إسرائيل. ولكنّ الوعدَ بأنّ ما لم يفعله الله علنًا لم يصرْ بعد تاريخًا، هو رجاء بتاريخ للمستقبل.
إنّ هذا المفهوم لله وللعالَم في ارتباط تاريخيّ قد يسهل نسبيًّا علينا نحن أبناء القرن العشرين، ولكنّ هذه النظرة إلى العالم في القرن الأوّل قبل المسيح كانت أمرًا جديدًا، تمّ فيه الخروج على الفكر الأسطوريّ وعلى العبادة المرتبطة به وما ينطوي عليه من تصوّر متكرّر للأسطورة. وعوضًا عن ذلك وُضِع خطّ زمنيّ مستقيم كوّنت معالمَه أحداث تاريخيّة لا يمكن أن تتكرّر.
لذلك لم يكن لليهوديّة أيّ قانون إيمان خاصّ بها؛ المحاولة الأولى لصياغة مثل هذا القانون قام بها ابن ميمون في القرن الثالث عشر. صحيحٌ أنّ هذه البنود الثلاثة عشر التي وضعها ابن ميمون قد صارت جزءًا من الليترجيا، ولكن يصعب القول إنّها قد اكتسبت أهميّة فائقة. فبصرف النظر عن بعض الأمور الملزمة التي حدّدها الفرّيسيّون: مثل وحدانيّة الله، ووحي التوراة، وقيامة الموتى، لا وجود في اليهوديّة لأيّ قانون إيمان، ولا لأيّ مضمون عقائديّ محدَّد، يكسب رضى الله ويكون على نحو ما قانون إيمان يقود إلى الحياة الأبديّة. الإيمان بالله الواحد مطلوب، ولكنّه ليس إيمانًا مجرّدًا. إنّ فلاسفةَ الدين المتأخّرين هم الذين تحدّثوا عن كيان الله الواحد. المطلوب إنّما هي "الإيمونا"، التي تُترجَم عمومًا بالإيمان، ولكن من الأفضل ترجمتها بالأمانة والثقة. فموضوع الإيمان ليس ما هو الله بل كيف هو الله، وما الذي صنعه وكيف صنعه. موضوع الإيمان هو برّه وهدايته. وهذا الإيمان ليس على الإطلاق استسلامًا لقدر شاءه الله، إذ إنّ اليهودي مستعدّ دومًا لأن يصارعَ إلهه، كما فعل يعقوب الذي نال اسمَ إسرائيل، أي مصارعَ الله – ولكن دومًا في الثقة (فالصراع الآخر هو الشقاق الذي لا يصدر عن الثقة بل عن الرّيبة). ولكنّ المطلوبَ ليس فقط الثقة بل أيضًا المحبّة والتعلّق. هذه المحبّة تنطوي طبعًا على جهات كثيرة. ولكنّها قبل أيّ أمر آخر استسلام كامل لله، كما جاء في تفسير المشنا (بيراخوت 11: 5) لما ورد في سفر تثنية الاشتراع 6: 5: "أحبب الربّ إلهكَ بكلّ قلبك – أي لا يكن شيء آخر في قلبكَ، حتّى مع أميالك الشريرة (وهذا يعني: لا يقل الإنسان: ما دمتُ خاطئًا لا أستطيع أن أحبّ الله)؛ بكلّ نفسك – أي حتّى لو أخذ حياتكَ؛ بكلّ قدرتكَ – أعني بكلّ ما تملك، أو بكلّ ما وهبكَ إيّاه".
إنّ التصوّرَ الشائع لإله اليهود المقيم في أعالي السماء بعيدًا عن الإنسان، وفي معظم الأحيان غاضبًا، هذا التصوّر لتسامي الله المطلق، الذي نصادفه أحيانًا عند فلاسفة الدين اليهود، هو تصوّرٌ خاطئ. لا وجود لصورة مُلزمة عن اله – لا عقيدة يمكن أن تقول أكثر من تأكيد وحدانيّة الله -، ومن ثَمَّ يستطيع كلّ يهوديّ أن يتصوّر الله كما يشاء: فالقبّاليّ يراه "غير محدود"، فهو وراء هذا العالم ولا يمكن أن يدركَه الفكر البشريّ، والذي يصل إلى أعماق الكون السفلى – هذا التصوّر هو تصوّر الأفلاطونيّة الحديثة أكثر ممّا هو تصوّر اليهوديّة؛ الروحانيّ المركبيّ يتصوّر إلهه ككائن يجلس على عرش في أعالي السماء محاطًا بكائنات سماويّة لا تُحصى؛ الفيلسوف يحلو له النظر إلى الله كإلى روح محض. ولكن عندما نتحدّث عن اليهوديّة الرابينيّة، التي حافظت على تصوّر الله بحسب التقليد الصحيح لليهوديّة الكتابيّة، في هذه الحالة يجب التخلّي عن السؤال عن تسامي الله عن الكون أو عن حضوره فيه. هذه المصطلحات هي مصطلحات فلسفيّة غريبة عن اليهوديّة الرابينيّة. فهذه لم تهتمّ كثيرًا للتصوّرات التي نصادفها مرارًا في الكتاب المقدّس والتي تصف الله بأوصاف بشريّة. فالله يُصوَّر أو يظهر في وجه مختلف، ليتيح للعين أو للأذن أن تُدرَكه.
ربّما يكون مور (G.F. Moore) على حقّ في قوله إنّ الرابيّين، وكثيرًا من اليهود التقليديّين اليوم، يرون الله فوق العالم ولكن ليس خارج العالم. لا شكّ أنّنا نصادف في تنظيرات الأقدمين الدينيّة فكرةَ الله الكائن قبل الخلق والله الكائن وراء مجال الكون – ولكنّ الرابيّين قد أشاروا في هذه التنظيرات إلى أنّ هذا الميدان لا يمكن أن يدركَه العقل البشريّ، وأنّ الانشغالَ به لا يمكن أن يؤدّي إلاّ إلى تضليل الفكر.
مهما يكن من أمر فإنّ الله لم يكن، بالنسبة إلى الرابيّين، خارج العالَم إلاّ إلى حدّ قليل، بالمقارنة مع ما كان بالنسبة إلى اليهوديّة الكتابيّة. فالله يسعى بالحريّ إلى جماعة البشر، وقد كان حاضرًا حضورًا حقيقيًّا وسط إسرائيل في الهيكل. إنّ حضور الله هذا، الذي يصفه سفر تثنية الاشتراع "بسكنى الاسم"، يصفه الرابيّون بلفظة "شكينا" ومعناها "السكنى". فالشكينا هي الله من حيث هو حاضر بين البشر في الهيكل. الشكينا تتماهى مع الله، أي إنّها ليست على الإطلاق كائنًا منفصلاً عن الله؛ وهي لم تُعبَد قطّ، ولا أُطلقت عليها صفات الله. وهي لا تعمل بصورة مستقلّة إلاّ من حيث إنّها توحي بذاتِها. والله يبقى في هذا التصوّر دونما تغيير في السماء. إنّ الله الساكنَ في السماء يُنعَت في بعض الحالات كشكينا، إمّا لأنّ الإنسان يتصوّره مقيمًا هناك، وإمّا لأنّه يطبّق تصوّر الهيكل على السماء. فإنّ موضعَ الشكينا هو الهيكل، هناك ميدانها. ولكنّ الشكينا ليست في الهيكل بفضل الموضع بل بفضل الجماعة، ليست من أجل المكان بل من أجل البشر.
انطلاقًا من الشكينا، بحسب رأي الأكثريّة، في الهيكل، تمّ تصوّر الروح القدس، روح النبوّة، ولذلك انقطعت النبوّة مع تدمير الهيكل. ولكنّ الروح القدس، بخلاف الشكينا، لا يتماهى مع الله، وليس له كيان مستقلّ؛ والنصوص المتأخّرة تكاد لا تفرّق بين الأمرين، فالشكينا تمتصّ على نحو ما الروح.
في اليهوديّة الرابينيّة غلب الرأي القائل إنّ الشكينا لم تغادر قطّ الشعب اليهودي. فبعد دمار الهيكل انطلقت معهم إلى السبي، ولم يعد لها أيّ موضع بعد. صحيحٌ أنّه لا يدور الكلام على ألم الشكينا، ولكنّ التصوّرات اقتربت كثيرًا من هذا الموضوع. وبالتالي فإنّ خلاص إسرائيل لا يتمّ من أجل إسرائيل وحسب بل أيضًا من أجل الشكينا، فيجب أن يخلّص الله نفسَه أيضًا على نحو ما. ثمّ إنّ الشكينا تحتلّ في تصوّر الأمور المعادية موضعًا مركزيًّا. ففي الخلاص الأخير ستعتلن الشكينا في وسط الشعب. أو إنّها، على غرار عمود الناس قديمًا في الصحراء، ستتقدّم إسرائيل وتعود بمجد إلى أورشليم. (هنا تأخذ الشكينا مكان المخلّص، ويعود الماسيّا من جديد في صورة المخلّص).
ولكن في هذه الأثناء الشكينا هي في الشعب اليهوديّ. إنّها حاضرة في كلّ جماعة تصلّي، إنّها في وسط القضاة وتنير أحكامهم، بل هي لدى كلّ فرد يتعلّم ويصلّي. ومن ثمّ فالله ليس بعيدًا عن اليهودي، إنّه قريبٌ منه كلّ القرب، بل يمكن القول إنّ ثمّة شركة مصير بين الله وشعبه، فهو لا يتوارى عن شعبه.
تعترف اليهوديّة بالله على أنّه واحد، ولا تستطيع بالتالي أن ترى فيه إلاّ مشيئة واحدة. ولكن كيف يكون الله من جهة الأب الكليّ الصلاح والمحبّ الرحيم، ومن جهة أخرى القاضي الصارمَ والعادل؟ توضح اليهوديّة الرابينيّة هذا الأمر أحيانًا بصورة مجازيّة، وأحيانًا تستخدم الاستعارة للكلام على طرق الله أو صفاته. فثمّة لدى الله طريقة الرحمة وطريقة الحقّ الصارم، وهما مرتبطتان باسمَي الله، أعني إلوهيم ويهوه. فبحسب طريق الحقّ الصارم، لا يستطيع أيّ إنسان أن يثبت، ولذلك لا يسري مفعول هذه الطريقة إلاّ على المجرم. وفي ما سوى ذلك يُقاد العالم ويُدان بحسب طريقة الرحمة.
إنّ التوحيد الإلهيّ يؤكَّد منذ البدء بكلّ شدّة. في هذه الحالة تظهر مشكلة الشرّ والكيان الإلهيّ بحدّة كبيرة، ولا سيّما بعد التلاقي مع الأنظمة الثنائيّة، سواء أكان نظام الفرس أم نظام الغنوصيّين، والتي تُرفَض كلّها. ويورد اللاهوت الرابينيّ القديم قول الله في سفر أشعيا النبي: "أنا مبدع النور وخالق الظلام، وصانع الهناء وخالق الشقاء" (أشعيا 45: 7).
الأحد 16 مارس - 16:45 من طرف love for ever
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
الثلاثاء 24 ديسمبر - 9:08 من طرف adel.ebied.14
» فرح جامد آخر حاجه
الأحد 11 مارس - 7:46 من طرف عمرو سليم
» ملحمة الثورة في السويس
الأربعاء 27 أبريل - 3:54 من طرف عادل
» موقعة الجمل 2-2-2011
الأحد 24 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
السبت 23 أبريل - 3:10 من طرف عادل
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
السبت 23 أبريل - 1:24 من طرف عادل
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
السبت 23 أبريل - 1:20 من طرف عادل
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
الجمعة 22 أبريل - 8:01 من طرف هشام الصفطي
» لماذا قامت الثورة ؟
الخميس 21 أبريل - 7:51 من طرف Marwan(Mark71)
» مواهب خرجت من رحم الثورة
الخميس 21 أبريل - 2:55 من طرف سعاد خليل
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:52 من طرف صبري محمود
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:39 من طرف صبري محمود
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
الثلاثاء 19 أبريل - 13:24 من طرف عادل
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
الثلاثاء 19 أبريل - 13:19 من طرف عادل
» المتحولون
الثلاثاء 19 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
الإثنين 18 أبريل - 20:51 من طرف عادل
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
الإثنين 18 أبريل - 0:15 من طرف عادل
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
الأحد 17 أبريل - 23:20 من طرف عادل
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
الأحد 17 أبريل - 20:21 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
الأحد 17 أبريل - 20:07 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
الأحد 17 أبريل - 19:54 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
الأحد 17 أبريل - 4:00 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
الأحد 17 أبريل - 2:12 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
الأحد 17 أبريل - 1:36 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
الأحد 17 أبريل - 0:44 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
الأحد 17 أبريل - 0:10 من طرف عادل
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
الخميس 14 أبريل - 21:45 من طرف عادل
» اول ساعة ثورة
الخميس 14 أبريل - 20:47 من طرف عادل
» ثم ماذا بعد ؟
الخميس 14 أبريل - 19:18 من طرف عادل
» ذكريات اول ايام الثورة
الخميس 14 أبريل - 19:13 من طرف عادل
» ندااااااااء
الخميس 23 ديسمبر - 13:58 من طرف love for ever
» دحمبيش الغربيه
الخميس 23 ديسمبر - 13:53 من طرف love for ever
» الحجاب والنقاب في مصر
الخميس 23 ديسمبر - 13:52 من طرف love for ever
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
الإثنين 15 نوفمبر - 13:44 من طرف love for ever
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
الأحد 31 أكتوبر - 5:57 من طرف هادي
» شخصيات خلبية وهزلية
الأحد 31 أكتوبر - 5:47 من طرف هادي
» msakr2006
السبت 30 أكتوبر - 5:49 من طرف marmar
» ente7ar007
السبت 30 أكتوبر - 5:46 من طرف marmar
» Nancy
السبت 30 أكتوبر - 5:44 من طرف marmar
» waleed ali
السبت 30 أكتوبر - 5:42 من طرف marmar
» hamedadelali
السبت 30 أكتوبر - 5:41 من طرف marmar
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
السبت 30 أكتوبر - 5:39 من طرف marmar
» علي عبد الله رحاحلة
السبت 30 أكتوبر - 5:38 من طرف marmar
» sheriefadel
السبت 30 أكتوبر - 5:36 من طرف marmar
» خالد احمد عدوى
السبت 30 أكتوبر - 5:33 من طرف marmar
» khaled
السبت 30 أكتوبر - 5:29 من طرف marmar
» yasser attia
السبت 30 أكتوبر - 5:28 من طرف marmar
» abohmaid
السبت 30 أكتوبر - 5:26 من طرف marmar
» ملك الجبل
السبت 30 أكتوبر - 5:24 من طرف marmar
» elcaptain
السبت 30 أكتوبر - 5:21 من طرف marmar
» حاتم حجازي
السبت 30 أكتوبر - 5:20 من طرف marmar
» aka699
السبت 30 أكتوبر - 5:19 من طرف marmar
» wasseem
السبت 30 أكتوبر - 5:16 من طرف marmar
» mohammedzakarea
السبت 30 أكتوبر - 5:14 من طرف marmar
» حيدر
السبت 30 أكتوبر - 5:12 من طرف marmar
» hamadafouda
السبت 30 أكتوبر - 5:10 من طرف marmar
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
الجمعة 24 سبتمبر - 4:02 من طرف love for ever
» same7samir
الأحد 18 يوليو - 9:26 من طرف love for ever
» تامر الباز
الجمعة 9 يوليو - 7:31 من طرف love for ever
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
الجمعة 11 يونيو - 7:37 من طرف love for ever
» امجد
الأحد 16 مايو - 8:42 من طرف marmar
» ahmedelmorsi
الأحد 16 مايو - 8:40 من طرف marmar
» محمد امين
الأحد 16 مايو - 8:38 من طرف marmar
» MrMoha12356
الأحد 16 مايو - 8:36 من طرف marmar
» نوسه الحلو
الأحد 16 مايو - 8:34 من طرف marmar
» ibrahem545
الأحد 16 مايو - 8:32 من طرف marmar
» يوسف محمد السيد
الأحد 16 مايو - 8:30 من طرف marmar
» memo
الأحد 16 مايو - 8:27 من طرف marmar
» هاكلن
الأحد 16 مايو - 8:25 من طرف marmar
» لماذا نريد التغيير
السبت 15 مايو - 22:02 من طرف نرمين عبد الله
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
السبت 15 مايو - 8:13 من طرف طائر الليل الحزين
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 5:40 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود 2
الخميس 13 مايو - 3:07 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود
الخميس 13 مايو - 2:56 من طرف osman_hawa
» العمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 2:23 من طرف osman_hawa
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:43 من طرف osman_hawa
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:16 من طرف osman_hawa
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 0:57 من طرف osman_hawa
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:41 من طرف osman_hawa
» علماء مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:30 من طرف osman_hawa
» معا ننقذ فؤادة
الإثنين 26 أبريل - 21:49 من طرف marmar
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
الإثنين 26 أبريل - 5:34 من طرف طائر الليل الحزين
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
الإثنين 26 أبريل - 4:28 من طرف طائر الليل الحزين
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
الإثنين 26 أبريل - 4:17 من طرف طائر الليل الحزين
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
الإثنين 26 أبريل - 2:31 من طرف طائر الليل الحزين
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
الجمعة 23 أبريل - 11:33 من طرف love for ever
» حوده
الخميس 22 أبريل - 10:47 من طرف marmar
» وليد الروبى
الخميس 22 أبريل - 7:55 من طرف اشرف
» dr.nasr
الخميس 22 أبريل - 7:52 من طرف اشرف
» المشير أحمد إسماعيل
الإثنين 19 أبريل - 9:44 من طرف osman_hawa
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
الإثنين 19 أبريل - 9:03 من طرف osman_hawa
» wessam
الإثنين 19 أبريل - 7:26 من طرف اشرف
» عذب ابها
الإثنين 19 أبريل - 7:23 من طرف اشرف
» soma
الإثنين 19 أبريل - 7:22 من طرف اشرف
» islam abdou
الإثنين 19 أبريل - 7:18 من طرف اشرف
» رسالة ترحيب
الإثنين 19 أبريل - 7:05 من طرف marmar
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
السبت 17 أبريل - 10:44 من طرف marmar
» اصول العقائد البهائيه
السبت 17 أبريل - 10:20 من طرف marmar