معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

2 مشترك

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الثلاثاء 13 يناير - 4:14

    من كتاب ( حياة محمد ) للدكتور محمد حسين هيكل


    أقام المسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة الهجرة الأولى ثلاثة أشهر أسلم أثناءها عمر بن الخطاب . وعلم هؤلاء المهاجرون ما حدث على إثر إسلامه من رجوع قريش عن إيذائها محمداً ومن اتبعه ، فعاد كثير منهم في رواية ، وعادوا كلهم في رواية أخرى إلى مكة . فلما بلغوها رأوا قريشاً عادت إلى إيذاء المسلمين وإلى الإمعان في عداوتهم أشد مما عرف هؤلاء المهاجرون من قبل ، فعاد إلى الحبشة من عاد ، ودخل مكة من دخل مستخفيا أو بجوار . ويقال إن الذين عادوا اصطحبوا معهم عددا آخر من المسلمين أقاموا بالحبشة إلى ما بعد الهجرة وإلى حين استتاب الأمر للمسلمين بالمدينة .

    أي داع حفز مسلمي الحبشة إلى العودة بعد ثلاثة أشهر من مقامهم بها ؟ هنا يرد حديث الغرانيق الذي أورده ابن سعد في طبقاته الكبرى والطبري فى تاريخ الرسل والملوك ، كما أورده بعض المفسرين وكتاب السيرة ، والذي أخذ به جماعة من المستشرقين ووقفوا يؤيدونه طويلا . وحديث الغرانيق أن محمداً لما رأى تجنب قريش إياه وأذاهم أصحابه تمنى فقال : ليته لا ينزل علي شىء ينفرهم مني ، وقارب قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما فى ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم سورة النجم حتى بلغ قوله تعالى : {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} . فقرأ بعد ذلك : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى . ثم مضى وقرأ السورة كلها وسجد فى آخرها ، وهنالك سجد القوم جميعا لم يتخلف منهم أحد . وأعلنت قريش رضاها عما تلى النبى ، وقالوا : قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق ، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده . أما إذ جعلت لها نصيبا فنحن معك . وبذلك زال وجه الخلاف بينه وبينهم . وفشا أمر ذلك فى الناس حتى بلغ الحبشة ؛ فقال المسلمون بها : عشائرنا أحب إلينا ، وخرجوا راجعين . فلما كانوا دون مكة بساعة من نهار لقوا ركبا من كنانة فسألوهم ، فقالوا : ذكر آلهتم بخير فتابعه الملأ ، ثم ارتد عنها فعاد لشتم آلهتهم فعادوا له بالشر . وأتمر المسلمون ما يصنعون ، فلم يطيقوا عن لقاء أهلهم صبرا فدخلوا مكة .

    وإنما أرقد محمد عن ذكر آلهة قريش بالخير ، في مختلف الروايات التي أثبتت هذا الخبر ، لأنه كَبُر عليه قول قريش : " أما إذ جعلت لآهلتنا نصيبا فنحن معك " ، ولأنه جلس في بيته ، وحتى إذا أمسى أتاه جبريل فعرض النبي عليه سورة النجم ، فقال جبريل : أوجئتك بهاتين الكلمتين ؟! – مشيرا إلى (تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى) – قال محمد : قلتُ على الله ما لم يقل ! ثم أوحى الله إليه : {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} سورة الإسراء (73-75) . وبذلك عاد يذكر آلهة قريش بالشر ويسبهم ، وعادت قريش لمناوأته وإيذاء أصحابه .
    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الثلاثاء 13 يناير - 4:17

    حجج مؤيديه

    وهذا حديث الغرانيق ، رواه غير واحد من كتاب السيرة ، وأشار عليه غير واحد من المفسرين ، ووقف عنده كثيرون من المستشرقين طويلا . وهو حديث ظاهر التهافت ينقصه الكثير من التمحيص . وهو بعد حديث ينقض ما لكل نبي من العصمة فى تبليغ رسالات ربه . فمن العجب أن يأخذ به بعض كتاب السيرة وبعض المفسرين المسلمين ، ولذلك لم يتردد ابن اسحاق حين سُئِل عنه فى أن قال : إنه من وضع الزنادقة . ولكن بعض الذين أخذوا به حاولوا تسويغه فاستندوا إلى الآيات : {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ . . .} ، وإلى قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيد} سورة الحج (52,53) .

    وفسر بعضهم كلمة (تمنى) فى الآية بمعنى قرأ ، وفسرها آخرون بمعنى الأمنية المعروفة . ويذهب هؤلاء وأولئك ، ويتابعهم المستشرقون ، إلى أن النبى بلغ منه أذى المشركين أصحابه ؛ إذ كانوا يقتلون بعضهم ويلقون بعضا في الصحراء يلفحهم لظى الشمس المحرقة ، وقد أوقروهم بالحجارة كما فعلوا ببلال ، حتى اضطر إلى الإذن لهم فى الهجرة إلى الحبشة . كما بلغ منه جفاء قومه إياه وإعراضه عنه . ولما كان حريصا على إسلامهم ونجاتهم من عبادة الأصنام ، تقرب إليهم وتلا سورة النجم وأضاف إليها حكاية الغرانيق ، فلما سجد سجدوا معه ، وأظهروا له الميل لاتباعه ما دام قد جعل لآلهتم نصيبا مع الله .

    ويضيف المستشرق سير وليم موير إلى هذه الرواية ، التى وردت فى بعض كتب السيرة وكتب التفسير ، حجة يراها قاطعة بصحة حديث الغرانيق . وذلك أن المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة لم يك قد مضى على هجرتهم إليها غير ثلاثة أشهر ، أجارهم النجاشى أثناءها ، وأحسن جوارهم . فلو لم يكن قد ترامى إليهم خبر الصلح بين محمد وقريش لما دفعهم دافع إلى العودة حرصا على الاتصال بأهلهم وعشائرهم . وأنى يكون صلح بين محمد وقريش إذ لم يسع محمد إليه ، وقد كان في مكة أقل نفرا وأضعف قوة ، وقد كان أصحابه أعجز من أن يمنعوا أنفسهم من أذى قريش ومن تعذيبهم إياهم !
    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الثلاثاء 13 يناير - 4:20

    دفع هذه الحجج

    هذه هى الحجج التى يسوقها من يقولون بصحة حديث الغرانيق ، وهى حجج واهية لا تقوم أمام التمحيص . ونبدأ بحجة المستشرق موير ؛ فالمسلمون الذين عادوا من الحبشة إنما دفعهم إلى العود إلى مكة سببان : أولهما أن عمر بن الخطاب أسلم بعد هجرتهم بقليل . وقد دخل عمر فى دين الله بالحمية التي كان يحاربه من قبل بها ، لم يُخف إسلامه ولم يستتر ، بل ذهب يعلنه على رؤوس الملأ ويقاتلهم فى سبيله . ولم يرض عن استخفاء المسلمين وتسللهم إلى شعاب مكة يقيمون الصلاة بعيدين عن أذى قريش ، بل دأب على نضال قريش حتى صلى عند الكعبة وصلى المسلمون معه . هنالك أيقنت قريش أن ما تنال به محمدا وأصحابه من الأذى يوشك أن يثير حربا أهلية لا يعرف أحد مداها ولا على من تدور دائرتها . فقد أسلم من قبائل قريش وبيوتاتها رجال تثور لقتل أي واحد منهم قبيلته وإن كانت على غير دينه . فلا مفر إذا من الالتجاء فى محاربة محمد إلى وسيلة لا يترتب عليها هذا الخطر . وإلى أن تتفق قريش على هذه الوسيلة ، هادنت المسلمين فلم تنل أحدا منه بأذى . وهذا هو ما اتصل بالمهاجرين إلى الحبشة ، ودعاهم إلى التفكير في العود إلى مكة .

    وربما ترددوا فى هذا العود لو لم يكن السبب الثاني الذي ثبت عزمهم ؛ ذلك أن الحبشة شبت بها يومئذ ثورة على النجاشى ، كان دينه وكان ما أبدى من عطف على المسلمين بعض ما أذيع فيها من تهم وجهت إليه . ولقد أبدى المسلمون أحسن الأماني أن ينصر الله النجاشى على خصومه ؛ لكنهم لم يكونوا ليشاركوا في هذه الثورة وهم أجانب ، ولم يك قد مضى على مقامهم بالحبشة غير زمن قليل . أما وقد ترامت إليهم أنباء الهدنة بين محمد وقريش ، هدنة أنجت المسلمين مما كان يصيبهم من الأذى ، فخير لهم أن يدعوا الفتنة وراء ظهورهم وأن يلحقوا بأهليهم ؛ وهذا ما فعلوه كلهم أو بعضهم . على أنهم ما كادوا يبلغون مكة حتى كانت قريش قد ائتمرت ما تصنع بحمد وأصحابه ، واتفقت عشائرها وكتبوا كتابا تعاقدوا فيه على مقاطعة بنى هاشم مقاطعة تامة ؛ فلا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم . وبهذا الكتاب عادت الحرب العوان بين الفريقين ، ورجع الذين عادوا من الحبشة ، وذهب معهم من استطاع اللحاق بهم ، وقد وجدوا فى هذه المرة عنتا من قريش إذ حاولت أن تمنعهم من الهجرة .

    ليس الصلح الذى يشير إليه المستشرق موير ، هو إذا الذي دعا المسلمين إلى العودة من بلاد الحبشة ؛ إنما دعاهم هذه الهدنة التى حدثت على إثر إسلام عمر بن الخطاب وحماسته وتأييده لدين الله ، فتأييد حديث الغرانيق إذاً بحجة الصلح تأييد غير ناهض .

    الاحتجاج بالآيات مقلوب

    أما احتجاج المحتجين من كتاب السيرة والتفسير بالآيات : {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} و {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ . . .} فهو احتجاج أشد تهافتا من حجة السير موير ويكفؤ أن نذكر من الآيات الأولى قوله تعالى : {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} لنرى أنه إن كان الشيطان قد ألقى فى أمنية الرسول حتى لقد كان يركن إليهم شيئاً قليلا فقد ثبته الله فلم يفعل ، ولو أنه فعل لأذاقه الله ضعف الحياة وضعف الممات . وإذاً فالاحتجاج بهذه الآيات احتجاج مقلوب ، فقصة الغرانيق تجري بأن محمداً ركن إلى قريش بالفعل ، وأن قريشا فتنته بالفعل فقال على الله ما لم يقل ، والآيات هنا تفيد أن الله ثبته فلم يفعل . فإذا ذكرت كذلك أن كتب التفسير وأسباب النزول جعلت لهذه الآية موضعا غير مسألة الغرانيق ، رأيت أن الاحتجاج بها في مسألة تتنافى مع عصمة الرسل فى تبليغ رسالاتهم ، وتتنافى مع تاريخ محمد كله ، احتجاج متهافت ، بل احتجاج سقيم .

    أما الآيات {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ . . .} فلا صلة لها بحديث الغرانيق البتة ، فضلا عن ذكرها أن الله ينسخ ما يلقى الشيطان ويجعله فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ، ويُحَكم الله آياته والله عليم حكيم .
    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الثلاثاء 13 يناير - 4:23

    تهافت القصة علميا

    وندع هذا إلى تمحيص القصة التمحيص العلمي الذى يُثبت عدم صحتها . وأول ما يدل على ذلك تعدد الروايات فيها ، فقد رويت ، كما سبق القول ، على أنها : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى . ورواها بعضهم : الغرانقة العلا إن شفاعتهن ترتجى . وروى آخرون : إن شفاعتهن ترتجى ، دون ذكر الغرانقة أو الغرانيق . وفى رواية رابعة : وإنها لهي الغرانيق العلا . وفي رواية خامسة : وإنهن لهن الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى . وقد وردت في بعض كتب الحديث روايات أخرى غير هذه الروايات الخمس . وهذا التعدد فى الروايات يدل على أن الحديث موضوع ، وأنه من وضع الزنادقة ، كما قال ابن اسحاق ، وأن الغرض منه التشكيك فى صدق تبليغ محمد رسالات ربه .

    سياق سورة النجم يأباها

    ودليل آخر أقوى وأقطع ؛ ذلك سياق سورة النجم وعدم احتماله لمسألة الغرانيق . فالسياق يجري بقوله تعالى : (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى {18} أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى {19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى {20} أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى {21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى {22} إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى {23} ) .

    وهذا السياق صريح في أن اللات والعزى أسماء سماها المشركون هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان . فكيف يحتمل أن يجرى السياق بما يأتي : (أفرأيتم اللات والعزى . ومناة الثالثة الأخرى . تلك الغرانيق العلا . وإن شفاعتهن ترتجى . ألكم الذكر وله الأنثى . تلك إذن قسمة ضيزى . إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) . إن في هذا السياق من الفساد والاضطراب والتناقض ، ومن مدح اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وذمها فى أربع آيات متعاقبة ، ما لا يسلم به عقل ولا يقول به إنسان ، ولا تبقى معه شبهة في أن حديث الغرانيق مفترى وضعه الزنادقة لغاياتهم ، وصدقه من يسيغون كل غريب ومن تقبل عقولهم ما لا يسيغ العقل المنطقى .

    الحجة اللغوية

    وحجة أخرى ساقها المغفور له الأستاذ محمد عبده حين كتب يفند قصة الغرانيق . تلك أن وصف العرب لآلهتهم بأنها الغرانيق لم يرد فى نظمهم ولا فى خطبهم ، ولم ينقل أحد أن ذلك الوصف كان جاريا على ألسنتهم ، وإنما ورد الغرنوق والغرنيق على أنه اسم لطائر مائي أسود أو أبيض ، والشاب الأبيض الجميل ، ولا شيء من ذلك يلائم معنى الآلهة أو وصفها عند العرب
    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الثلاثاء 13 يناير - 4:26

    حجة قاطعة

    بقيت حجة قاطعة نسوقها على استحالة قصة الغرانيق هذه من حياة محمد نفسه ؛ فمتى رجع محمد إلى قريش ليمدح آلهتهم ؟ بعد عشر سنوات أو نحوها من بعثه ، وبعد أن احتمل هو وأصحابه في سبيل الرسالة من ألوان الأذى وصنوف التضحية ما احتمل ، وبعد أن أعز الله الإسلام بحمزة وعمر ، وبعد أن بدأ المسلمون يصبحون قوة بمكة ، ويمتد خبرهم إلى بلاد العرب كلها وإلى الحبشة وإلى مختلف نواحى العالم . إن القول بذلك حديث خرافة وأكذوبة ممجوجة . ولقد شعر الذين اخترعوها بسهولة افتضاحها ، فأرادوا سترها بقولهم : أن محمداً ما كاد يسمع كلام قريش إذ جعل لآلهتهم نصيبا في الشفاعة حتى كَبُر عليه ذلك ، وحتى رجع إلى الله تائبا أول ما أمسى ببيته وجاءه جبريل فيه . لكن هذا الستر أحرى أن يفضحها ، فما دام الأمر قد كَبُر على محمد منذ سمع مقالة قريش ، فما كان أحراه أن يراجع الوحى لساعته ! وما كان أحراه أن يُجرى الوحىُ الصوابَ على لسانه ؟ وإذا فلا أصل لمسألة الغرانيق إلا الوضع والاختراع . قامت بهما طائفة الذين أخذوا على أنفسهم بالكيد للإسلام بعد انقضاء الصدر الأول .

    كما أنه منذ طفولته وشبابه لم يجرب عليه الكذب قط ، حتى سُمى بالأمين ولما يبلغ الخامسة والعشرين من عمره . وكان صدقه أمرا مسلما به عند الناس جميعا ، حتى لقد سأل قريشا يوما بعد بعثه : " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقونى ؟ " فكان جوابهم : " نعم ! أنت عندنا غير متهم وما جربنا عليك كذبا قط " . فالرجل الذى عُرف بالصدق في صلاته بالناس منذ نعومة أظفاره إلى كهولته كيف يصدق إنسان أنه يقول على ربه ما لم يقل ؟! هذا أمر مستحيل ، يدرك استحالته الذين درسوا هذه النفوس القوية الممتازة التي تعرف الصلابة في الحق ولا تداجي فيه لأي اعتبار . وكيف ترى يقول محمد : " لو وضعت قريش الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر أو أموت دونه ما فعلت " ، ثم يقول على الله ما لم يوح إليه ، ويقوله لينقض به أساس الدين الذي بعثه الله به هدى وبشرى للعالمين !

    وأعجب ما فى جرأة هؤلاء المفترين أنهم عرضوا للافتراء في أم مسائل الإسلام جميعا : في التوحيد ! في المسألة التي بُعث محمد لتبليغها للناس منذ اللحظة الأولى ، والتي لم يقبل فيها منذ تلك اللحظة هوادة ، ولا أماله عنه ما عرضت عليه قريش أن يعطوه ما يشاء من المال أو يجعلوه ملكا عليهم . وعرضوا ذلك عليه حين لم يكن قد اتبعه من أهل مكة إلا عدد يسير . وما كان أذى قريش لأصحابه ليجعله يرجع عن دعوة أمَرَه ربه أن يبلغها للناس . فاختيار المفترين لهذه المسألة التي كانت صلابة محمد فيها غاية ما عُرف عنه من الصلابة ، يدل على جرأة غير معقولة ، ويدل فى الوقت نفسه على أن الذين مالوا إلى تصديقهم قد خُدِعوا فيما لا يجوز أن يُخدَع فيه أحد .

    لا أصل إذن لمسألة الغرانيق على الإطلاق ، ولا صلة لها البتة بينها وبين عودة المسلمين من الحبشة ، إنما عادوا ، كما قدمنا ، بعد أن أسلم عمر ونصر الإسلام بمثل الحمية التى كان يحاربه من قبل بها ، حتى اضطرت قريش لمهادنة المسلمين . وعادوا حين شبت فى بلاد الحبشة ثورة خافوا مغبتها . فلما علمت قريش بعودتهم ازدادت مخاوفها أن يعظم أمر محمد بينهم ، فأتمرت ما تصنع . وقد انتهت بوضع الصحيفة التي قرروا فيها فيما يقررون ألا يناكحوا بني هاشم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ، كما أجمعوا فيما بينهم أن يقتلوا محمداً إن استطاعوا
    avatar
    عصام محمود
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 85
    رقم العضوية : 188
    تاريخ التسجيل : 29/11/2008
    نقاط التميز : 150
    معدل تقييم الاداء : 3

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف عصام محمود الأربعاء 4 مارس - 4:23

    شكرا استاذ كمال للموضوع القيم
    avatar
    كمال عبد الله
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 153
    رقم العضوية : 42
    تاريخ التسجيل : 09/07/2008
    نقاط التميز : 280
    معدل تقييم الاداء : 22

    قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة Empty رد: قصة الغرانيق بين الأسطورة والحقيقة

    مُساهمة من طرف كمال عبد الله الجمعة 10 أبريل - 7:51

    شكرا لمرورك الطيب

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 2 مايو - 1:52