معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

3 مشترك

    عماد الدين زنكي

    avatar
    zydan
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 121
    رقم العضوية : 174
    تاريخ التسجيل : 23/11/2008
    نقاط التميز : 208
    معدل تقييم الاداء : 15

    عماد الدين زنكي Empty عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف zydan الأحد 11 يناير - 2:55

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
    فقد أنعم الله على فئة من المؤمنين كان لهم دور كبير في استخلاص القدس والمسجد الأقصى من أيدي الصليبيين، بعد أن ظل تحت نيرهم أكثر من تسعين عاماً، منهم نور الدين محمود زنكي، وعماد الدين، وأسد الدين شيركوه، وصلاح الدين، وغيرهم، وهاك دور بعضهم في سطور...
    عماد الدين زنكي والد نور الدين محمود:
    وقد تولى الحامية العسكرية لبغداد في عهد السلطان محمد السلجوقي، ثم ولي "الموصل" بعد ذلك، فاستطاع -بفضل الله- في فترة قصيرة توحيد أكثر أقاليم الجزيرة، وأخذ بعض حصون بلاد الشام، ثم في سنة 522هـ تسلم مدينة حلب بعد أن كانت تحت حصار الصليبيين، وفي سنة 534هـ هزم الصليبيين هزيمة منكرة بالقرب من حصن "بارين"، ثم تسلم الحصن بالأمان، واستراح المسلمون بذلك بين حلب وحماة من شر الصليبيين.
    وكان يود توحيد بلاد الجزيرة تحت قيادته، فأخذ بلاد الهكارية، وكانت بيد الأكراد، ثم بلاد "آق، وكل هذا تمهيداً للقيام بأعظم أعماله، وهو فتح "الرها" التي كانت تحت حكم الصليبيين، وهي من أشرف المدن عند النصارى، ففتحها الله عليه سنة 539هـ، ثم سقطت بعده الحصون القريبة منها.
    قال عنه ابن كثير -رحمه الله-: "من خيار الملوك، وأحسنهم سيرة، كان شجاعاً مقداماً حازماً" انتهى.
    توفي وهو يحاصر قلعة "جعير" التي تقع على الفرات، وهو الذي بدأ بجهاد الصليبيين، ولكن التجديد الجهادي كان على يد ابنه نور الدين
    avatar
    zydan
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 121
    رقم العضوية : 174
    تاريخ التسجيل : 23/11/2008
    نقاط التميز : 208
    معدل تقييم الاداء : 15

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف zydan الأحد 11 يناير - 2:56

    في خضم الاجتياح الصليبي للمشرق الإسلامي كان المسلمون يتطلعون إلى قائد قوي وزعيم مخلص يلم شعثهم، ويجمع شتاتهم، ويوحد جهودهم، ويسير بهم نحو غايتهم المنشودة وهدفهم الأسمى في طريق الجهاد والتحرير.
    فإن الأرض التي أنبتت أولئك الأبطال العظام الذين قادوا حركة التاريخ، ورفعوا لواء الإسلام، وتقدموا بالمسلمين نحو الأمجاد والبطولات، لم تجدب عن أن تقدم جيلاً من القادة الأمجاد، يستكملون مسيرة الآباء، ويعيدون مجد الأجداد.
    ولم تعقم الأرحام التي أنجبت رهبان الليل وفرسان النهار أن تنجب جيلاً من الأبناء والأحفاد، الذين توارثوا مجد الآباء وشرف الأجداد.
    وفي ليل اليأس المطبق وظلام الانكسار الموجع والاستسلام المهين، لاحت بارقة أمل في العيون، ما لبثت أن صارت شعاعًا توهج ليضيء الطريق، فانتبهت النفوس من غفوتها، وأفاقت القلوب من حسرتها، وتلاقت الهمم وتوحدت السواعد، والتف الجميع حول ذلك البطل المرتقب الذي جاء ليحقق الحلم، ويجدد الأمل، ويمحو شبح الهزيمة، ويعيد العزة والكرامة إلى ملايين المسلمين، ليس في عصره فقط، وإنما لجميع المسلمين عبر العصور والأزمان.
    وكان ذلك البطل هو "عماد الدين زنكي".
    أسرة عماد الدين
    وُلد "عماد الدين زنكي بن آق سنقر بن عبد الله آل ترغان" نحو سنة [477هـ = 1084م] في أسرة تنتمي إلى قبائل "الساب يو" التركمانية، وكان والده "آق سنقر" مملوكًا للسلطان السلجوقي "ملكشاه"، وكان مقربًا إليه، ذا حظوة ومكانة لديه، وقد اعتمد عليه في كثير من الأمور فلم يخذله قط، وهو ما جعله ينال ثقته ورضاه، وزاد من منزلته عنده، ورفع من قدره لديه.
    واشترك "آق سنقر" في كثير من معارك السلاجقة؛ فولاه السلطان "ملكشاه" ولاية "حلب"، واستطاع "آق سنقر" – خلال تلك الفترة - أن ينشر الأمن في البلاد، ويوقف أعمال السلب والنهب التي انتشرت في ذلك الوقت، وألحقت ضررًا بالغًا بالزراعة والتجارة، بعد أن تصدى لنشاط قطاع الطرق واللصوص، وكتب إلى عماله يأمرهم بتتبع المفسدين وتوفير الأمن والحماية للمسافرين.
    وكانت العلاقة بين السلطان "ملكشاه" وبين "آق سنقر" تقوم على التفاهم المشترك والتقدير المتبادل بينهما.
    فلما توفى "ملكشاه" عام [485هـ = 1096م]، تولى الحكم من بعده ابنه "بريكا روق"، فثار عليه عمه "تاج الدين تتش"، وتصدى له "آق سنقر" بجيوشه، ولكن "تتش" تمكن من هزيمة قواته في [جمادي الأولى 487هـ = مايو 1094م] وأسره، وما لبث أن قتله.
    وهكذا بذل "آق سنقر" حياته وفاءً لسلطانه "ملكشاه"، وحفاظًا على ولده "بركيا روق" من بعده.
    تضحية ووفاء
    ولم ينس السلطان الجديد تضحية "آق سنقر" في سبيل عرشه ووفاءه له، فوجه جل اهتمامه وعنايته نحو ابنه الوحيد "عماد الدين زنكي" الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره.
    وأقام "عماد الدين" في "حلب" في رعاية مماليك أبيه، ثم ما لبث أن انتقل عام [489هـ = 1096م] إلى "الموصل" ليحظى برعاية القائد السلجوقي "كربوقا"، فظل ملازمًا له حتى تُوفِّي سنة [495هـ = 1101م]، فخلفه عليها "شمس الدين جكرمش" الذي قرّ به وأحبه واتخذه ولدًا، وظل "عماد الدين" ملازمًا له حتى تُوفِّي سنة [500هـ = 1106م]، فتولى "الموصل" من بعده "جاولي سقاو"، وتوطدت علاقة "عماد الدين" بالوالي الجديد، حتى خرج ذلك الوالي على السلطان، فانفصل "عماد الدين" عنه، وانضم إلى الوالي الجديد "مودودو به التونتكين" الذي عينه السلطان على الموصل، وكان ذلك مدعاة إلى إكبار السلطان له، وثقته فيه، وزيادة حظوته ومكانته عنده.
    بطل وبطولات
    واشترك "عماد الدين" مع "مودود" في معاركه الكثيرة التي خاضها ضد الصليبيين في "الشام" و"الجزيرة"، وقد لفت إليه الأنظار بشجاعته الفائقة ومهارته القتالية العالية.
    وعندما تولى السلطان السلجوقي "محمود" - بعد وفاة السلطان "محمد" سنة [511هـ = 1117م) - حدثت عدة محاولات للثورة ضده، ولكن "عماد الدين" ظل على ولائه للسلطان، فاستطاع أن يحظى بثقته فيه وتقديره له، كما أثبت جدارته في ولايته الجديدة بواسط، وتمكن من صد هجمات الأعراب الدائمة عليها، ونشر الأمن في ربوعها.
    ومع مطلع عام [517هـ = 1123م] استطاع السلاجقة – بفضل الخطة البارعة التي اتبعها "عماد الدين" – أن يلحقوا هزيمة ساحقة بجيوش "دبيس" الخارج على الخليفة العباسي، وخلّصوا الخلافة من خطر محقق كاد يعصف بها، فانضم "دبيس" إلى الصليبيين بعد هزيمته، وساهم معهم في حصار "حلب" طمعًا في الاستيلاء عليها.
    الهروب إلى تكريت
    وعندما تدهورت العلاقات بين الخليفة العباسي المسترشد والسلطان السلجوقي "محمود" في عام [519هـ = 1125م] كان لعماد الدين دور كبير في إنهاء الصراع بينهما، وتجاوز الأزمة بأمان قبل أن يتفاقم الموقف، وتحدث مواجهة وخيمة العواقب بين الطرفين.
    وعندما تُوفّي السلطان "محمود" في منتصف عام [525هـ = 1131م] أراد السلطان "مسعود بن محمد" – حاكم "أذربيجان" – الاستيلاء على عرش السلاجقة في العراق، واستطاع استمالة "عماد الدين" لمساعدته في المطالبة به، ولكن أخاه "سلجوقشاه" الطامح أيضًا في العرش سبقه إلى الخليفة العباسي ليحظى بموافقته، ودارت معركة بين الطرفين انتهت بهزيمة "عماد الدين"، وأسر عدد كبير من قواته، وهو ما اضطره إلى اللجوء إلى "تكريت"؛ حيث أحسن واليها "نجم الدين أيوب" استقباله وأكرم وفادته، وساعده حتى تمكن من إعادة تنظيم قواته.
    عماد الدين والسلطان مسعود
    واستطاع "مسعود" أن يصبح سلطانًا على السلاجقة في العراق وبلاد فارس، بعد أن قضى على منافسيه، ورفض "عماد الدين" الخضوع للسلطان الجديد، فساءت العلاقة بينهما، وفي الوقت نفسه دخل "عماد الدين" في صراع آخر مع الخليفة العباسي، الذي خرج إليه على رأس ثلاثين ألف مقاتل، وحاصره نحو ثمانين يومًا، ولكن "عماد الدين" استطاع الصمود والمقاومة حتى عرض عليه الخليفة "المسترشد" الصلح في مطلع عام [528هـ = 1133م]، فوافق "عماد الدين" دون تردد.
    ثم ما لبثت أن تحسنت العلاقات بين السلطان "مسعود" و"عماد الدين زنكي"، وإن ظل السلطان غير مطمئن لِمَا كان يتمتع به "عماد الدين" من استقلال، وما يمتلكه من نفوذ ظل يتسع على مر الأيام.
    العالم الإسلامي والحرب الصليبية الأولى
    استطاع الصليبيون- بعد حملتهم الصليبية الأولى- أن يستولوا على جزء كبير من بلاد الشام والجزيرة خلال الفترة من [489هـ = 1069م] إلى [498هـ = 1105م]، وأنشئوا فيها إماراتهم الصليبية الأربع: الرها، وإنطاكية، وطرابلس، وبيت المقدس.
    وأصبح الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي يشكل خطرًا بالغًا على بقية بلاد المسلمين، خاصة أن العالم الإسلامي- في ذلك الوقت- كان يعاني حالة من الفوضى والتشتت والضياع، بسبب تنازع الحكام والولاة، والخلاف الدائم بين العباسيين والفاطميين من جهة، وبين الخلافة العباسية التي بدأ الضعف يدب إليها ومحاولات التمرد والاستقلال عنها التي راحت تتزايد يومًا بعد يوم من جهة أخرى.
    وسعى الصليبيون إلى بسط نفوذهم وإحكام سيطرتهم على المزيد من البلاد إليهم، وإنشاء إمارات صليبية جديدة؛ لتكون شوكة في ظهر العالم الإسلامي، تمهيدًا للقضاء التام عليه
    avatar
    zydan
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 121
    رقم العضوية : 174
    تاريخ التسجيل : 23/11/2008
    نقاط التميز : 208
    معدل تقييم الاداء : 15

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف zydan الأحد 11 يناير - 2:57

    الاستعداد للمعركة الكبرى
    ولم يشأ "عماد الدين" أن يدخل في حرب مع الصليبيين منذ البداية، فقد كان يريد أن يوطد دعائم إمارته الجديدة، ويدعم جيشه، ويعزز إمكاناته العسكرية والاقتصادية قبل أن يقدم على خوض غمار المعركة ضد الصليبيين.
    وعمل على توحيد الإمارات الصغيرة المتناثرة من حوله تحت لواء واحد، فقد كان خطر تلك الإمارات المتنازعة لا يقل عن خطر الصليبيين المحدق بهم، وذلك بسبب التنازع المستمر بينهم، وغلبة المصالح الخاصة والأهواء على أمرائهم.
    ومن ثم فقد عمل على تهيئة الأمة الإسلامية وتوحيدها قبل أن يخوض معركتها المرتقبة.
    واستطاع الاستيلاء على "حلب"، كما هاجم عددًا من المواقع الصليبية المحيطة بها، وتمكن من الاستيلاء على خمسة منها، كما تمكن من الاستيلاء على "بعرين" التي وجد الصليبيون في استيلائه عليها خطرًا يهدد الإمارات الصليبية في المشرق، وحاول الصليبيون إنقاذ "بعرين"، ولكن حملتهم التي قادها الإمبراطور البيزنطي "حنا كومنين" فشلت في ذلك.
    وعمل "عماد الدين" على تفتيت التحالف الخطير الذي قام بين الصليبيين في الشام والبيزنطيين، واستطاع أن يزرع الشك بين الطرفين ليقضي على التعاون بينهما، كما سعى في الوقت نفسه إلى طلب النجدات العسكرية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
    الطريق إلى الرها
    وسعى "عماد الدين" للاستيلاء على "دمشق" ليوحد الجبهة الشامية تمهيدًا للقائه المرتقب مع الصليبيين، إلا أن أمراءها استنجدوا بالصليبيين، وهو ما اضطره إلى التراجع عنها.
    واستطاع أن يدعم موقفه بالاستيلاء على بعض المواقع وعدد من الحصون الخاضعة لإمارة "الرها" الصليبية، وتمكن بذلك من قطع الاتصال بين أمير "الرها" وبين حلفائه.
    وكانت إمارة "الرها" واحدة من أهم الإمارات الصليبية في المشرق، وذلك لقوة تحصينها، وقربها من "العراق" التي تمثل مركز الخلافة الإسلامية، ونظرًا لما تسببه من تهديدات وأخطار للمناطق الإسلامية المجاورة لها.
    ومن ثم فقد اتجهت نية "عماد الدين" إلى إسقاطها، وصح عزمه على فتحها، وراح يدرس الموقف بدقة، فأدرك أنه لن يتمكن من فتح "الرها" إلا إذا استدرج "جوسلين"- أمير "الرها"- وقواته خارجها، فلجأ إلى حيلة بارعة أتاحت له الوصول إلى مأربه؛ إذ تظاهر بالخروج إلى "آمد" لحصارها، وفي الوقت نفسه كان بعض أعوانه يرصدون تحركات أمير "الرها"، الذي ما إن اطمأن إلى انشغال "عماد الدين" عنه بحصار "آمد" حتى خرج بجنوده إلى "تل باشر"- على الضفة الغربية للفرات- ليستجم ويتفرغ لملذاته.
    وقد كان هذا ما توقعه "عماد الدين"، فأسرع بالسير إلى "الرها" في جيش كبير، واستنفر كل من يقدر على القتال من المسلمين لجهاد الصليبيين، فاجتمع حوله حشد هائل من المتطوعين، فحاصر "الرها" من جميع الجهات، وحاول التفاهم مع أهل "الرها" بالطرق السلمية، وبذل جهدًا كبيرًا لإقناعهم بالاستسلام، وتعهد لهم بالأمان، ولكنهم أبوا، فما كان منه إلا أن شدد الحصار عليهم، واستخدم الآلات التي جلبها معه لتدمير أسوار المدينة قبل أن يتمكن الصليبيون من تجميع جيوشهم لإنقاذ المدينة.
    حصار الرها وسقوطها
    وبعد (28) يومًا من الحصار انهارت بعض أجزاء الحصن، ثم ما لبثت القلعة أن استسلمت لقوات "عماد الدين" في [28 من جمادي الآخرة 539هـ = 27 من نوفمبر 1144م]، فأصدر "عماد الدين" أوامره إلى الجند بإيقاف أي أعمال للقتل أو الأسر أو السلب، وإعادة ما استولوا عليه من غنائم وأسلاب، فأعادوا كل ما أخذوه إلى أصحابه.
    وبدأ من فوره عملية تجديد وإصلاحات شاملة للمدينة، فأعاد بناء ما تهدم من أسوارها، وتعمير ما ضرب في الحرب أثناء اقتحام المدينة، وسار في أهلها بالعدل وحسن السيرة، حتى يعموا في ظله بالأمن والعدل، واحتفظوا بكنائسهم وأوديتهم فلم يتعرض لهم في عبادتهم وطقوسهم.
    لغز اغتيال عماد الدين
    كان فتح "الرها" هو أجلّ وأعظم أعمال "عماد الدين"، ولم يمض عامان على ذلك النصر العظيم، حتى تم اغتياله في [6 من ربيع الآخرة 541هـ = 15 من سبتمبر 1146م] خلال حصاره لقلعة "جعبر" على يد "يرنقش"- كبير حرسه- الذي تسلل إلى مخدعه فذبحه وهو نائم.
    ويرى عدد من المؤرخين أن اغتيال "عماد الدين" جاء لأسباب سياسية أكثر منها شخصية، فقد كان في أوج انتصاره على الصليبيين، كما حقق انتصارًا آخر على المستوى الإسلامي بعد أن نجح في توحيد الصفوف وتكوين جبهة إسلامية قوية، ومن ناحية أخرى فقد كانت قلعة "جعبر" على وشك السقوط بعد أن بلغ حصاره لها مداه، فضلاً عن أن قاتله "يرنقش" كان من الباطنية، وقد استطاع التستر والانتظار طويلاً- على عادة الباطنية- حتى حانت اللحظة المناسبة لتنفيذ جريمته، فاغتال "عماد الدين" وهو في قمة مجده وانتصاره.
    أهم مصادر الدراسة:
    تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد (ابن مسكويه) - دار الكتاب الإسلامي - القاهرة [د. ت].
    الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية: شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي (أبو شامة) - تحقيق [1376هـ = 1956م].
    شذرات الذهب في أخبار من ذهب: أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي - مكتبة القدسي - القاهرة [1350هـ = 1930م].
    عماد الدين زنكي: د. عماد الدين خليل - مؤسسة الرسالة - بيروت [1402هـ = 1982م].
    مفرج الكروب في أخبار بني أيوب: جمال الدين محمد بن سالم بن واصل - تحقيق: د. جمال الدين الشيال - جامعة فؤاد الأول - القاهرة [1373هـ = 1953م].
    المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار: تقي الدين أحمد بن علي المقريزي - دار صادر - بيروت [د. ت].
    نور الدين محمود (رائد نصر المسلمين على الصليبيين): د. حسين مؤنس - الدار السعودية للنشر والتوزيع - جدة [1408هـ = 1987م].
    وفيات الأعيان وأبناء أبناء الزمان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمود (ابن خلكان) - تحقيق: د. إحسان عباس - دار الثقافة - بيروت [د. ت].
    avatar
    said
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 56
    رقم العضوية : 209
    تاريخ التسجيل : 12/01/2009
    نقاط التميز : 59
    معدل تقييم الاداء : 1

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف said الأحد 22 مارس - 21:16

    اشكرك
    avatar
    zydan
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 121
    رقم العضوية : 174
    تاريخ التسجيل : 23/11/2008
    نقاط التميز : 208
    معدل تقييم الاداء : 15

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف zydan الثلاثاء 31 مارس - 1:04

    سعدت بمرورك
    avatar
    عمار
    عضو مساهم
    عضو مساهم


    عدد المساهمات : 25
    تاريخ التسجيل : 19/05/2009
    نقاط التميز : 39
    معدل تقييم الاداء : 8

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف عمار السبت 21 نوفمبر - 4:47

    عماد الدين زنكي بن آقسنقر بن عبد الله. أبو المظفر الأتابك. الملك المنصور عماد الدين. قائد عسكري وحاكم مسلم،تركي الأصل حكم أجزاء من بلاد الشام وحارب الصليبيين.

    كان أبوه مملوك السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي. ولاه الخليفة المسترشد سنة 516هـ على الموصل بعد موافقة السلطان محمود ابن السلطان محمد بن ملكشاه وفي سنة 521هـ ملك حلب بتوقيع السلطان محمود واستولى على (الرحبة) و (الجزيرة السورية) وفتح (الرها) سنة 539هـ, وكان يحتلها الصليبيون بزعامة (جوسلان) . وفي عام 541هـ توجه إلى قلعة (جعبر) على نهر الفرات في سوريا وحاصرها وأصبح في إحدى الليالي مقتولا، قتله خادمه وهو راقد على فراشه ليلا، ودفن بصفين، وخلفه ابنه سيف الدين غازي في الموصل وخلفه ابنه نور الدين محمود في حلب ثم في دمشق . كان شديد الهيبة على جنده ورعيته. عظيم السياسة، يحمي الضعفاء، ويخافه الأقوياء. عمر البلاد وكانت قبله خرابا، وأشاع الأمن وقطع دابر اللصوص. كان الناس في زمانه بأنعم عيش. توفي عن 64 عاما


    مقدمة :
    عندما يحيى الإنسان لهدف ما يجعله نصب عينيه بحيث لا يرى غيره ولا يعمل إلا لتحقيقه ولا يفكر في سواه، يدندن حوله ليل نهار، يسعى للوصول إليه بكل السبل، فإن هذا الإنسان مهما كان حاله يستحق الإعجاب والثناء والتقدير، كيف إذا كان هذا الهدف هو الدفاع عن الأمة الإسلامية وإنقاذ المقدسات الأسيرة وتحرير الأراضى المحتلة، كيف وإذا كان الساعى لتحقيق هذا الهدف السامى هو أول من سعى لتحقيقه ؟ وكيف إذا كان معظم من حوله أو حتى كلهم يعمل ضده ويعيقه في هذا السعى الحميد ؟ فهو كالمغرد والطائر وحده في سماء مليئة بالغيوم والكواسر، وبطلنا الذى سنسرد سيرته هو رائد الجهاد الإسلامى ضد الوجود الصليبى بالشام بعد أن ظن الجميع أنهم لن يخرجوا أبداً من بلاد الإسلام، هذا البطل الذى كسر أسطورة الصليبيين الذين لا يقهرون هو البطل العظيم عماد الدين زنكى .


    البطل بن البطل
    كان من النتائج الطيبة لإهتمام الوزير العظيم 'نظام الملك' بالعلم والمدارس وأهل الصلاح خلال وزارته لسلاطين السلاجقة العظام ألب أرسلان وولده ملكشاه، وحرصه على استعمال الأكفاء وأصحاب الديانة في المناصب الهامة والقيادية، أن سطح نجم العديد من الرجال والأبطال على مستوى عال من الكفاءة والمسئولية وكان لهم الأثر العظيم في حفظ بلاد الإسلام، من هؤلاء القائد 'آق سنقر بن عبد الله التركى' الملقب بقسيم الدولة وكان له مكانة عظيمة عند السلطان ملكشاه السلجوقى حتى أنه قد جعله والياً على حلب، وقد قتل هذا القائد في دفاعه عن الدولة السلجوقية ضد الخارجين عليها ولم يترك وراءه سوى ولد صغير في العشرة من العمر هو بطلنا الفذ ورائد الجهاد ضد الصليبيين عماد الدين زنكى .




    تولى الأمير كربوقا أمير الموصل تربية عماد الدين زنكى وتعهده بالعناية والرعاية وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال ، وترقى في سلك الجندية حتى صار مقدم عساكر مدينة واسط ثم ظهرت كفاءته القتالية سنة 517 في قتاله مع الخليفة العباسى المسترشد بالله ضد أحد الثوار الشيعة واسمه 'دبيس بن صدفة' مما جعل السلطان السلجوقى محمود يرقيه ليصبح قائد شحنة بغداد سنة 521ه ويعطيه لقب الأتابك أى مربى الأمير، ذلك لأنه توسم فيه الخير والصلاح والنجابة، فعهد إليه بتربية ولديه ألب أرسلان وفروخ شاه .


    من قيادة إلى ولاية
    بعد أن أصبح عماد الدين زنكى قائداً ، حدث تغير كبير في مجرى الأحداث في منطقة الشام الملتهبة حيث توفى أمير الموصل عز الدين مسعود ، وحاول بعض المنتفعين توليه ولده الصغير مكانه، ولكن قاضى الموصل بهاء الدين الشهرزورى ذهب إلى السلطان محمود وطلب منه تعيين أمير قوى وكفء للموصل التى على حدود الشام حيث الوجود الصليبى الكثيف في سواحل الشام منذ ثلاثين سنة والذى أسفر عن قيام أربع ممالك صليبية أنطاكية ـ الرها ـ طرابلس ـ بيت المقدس في الشام هذا غير سيطرة الصليبين علي اغلب بلاد الشام .


    بعد تفكير سريع وإمعان نظر عميق قرر السلطان محمود أن يسند ولاية الموصل وأعمالها إلى بطلنا عماد الدين زنكى، الذى لم يجد السلطان محمود أفضل منه لهذه المهمة، وكانت هذه الولاية سنة 521 هجرية ، وكان هذا التاريخ إيذاناً بعهد جديد في الصراع ضد الصليبيين وفاتحة خير على الأمة كلها .


    الأوضاع على الجبهة الشامية
    عندما تولى عماد الدين زنكى الموصل تسنى له أن يرى الأوضاع على الجهة الشامية عن قرب حيث كانت الصورة قاتمة فالصليبيون قد احتلوا معظم سواحل الشام وأقاموا أربع إمارات صليبية بالشام والجزيرةالسورية ، أما المدن والحصون التى تحت حكم المسلمين فهى تعانى من الفرقة والإختلاف والتنافر وربما التقاتل فيما بينها، فكل وال على مدينة يتعامل فيها كأنه ملك مستقل عن سائر البلاد، وأغلبهم بل كلهم يتقى شر الصليبيين ويتحاشى الصدام معهم خوفاً على ضياع ملكه وانهدام دنياه، مثل ما هو واقع اليوم بين حكام الدول الإسلامية وهذا الخذلان من ولاة الأمصار يسهل للصليبيين مهمتهم وجعل وجودهم في الشام والبلاد الإسلامية يترسخ شيئاً فشيئاً .

    أضف إلى ذلك أن الأمصار الإسلامية كلها تقريباً كانت في حالة فوضى واضطراب، فالخلاف على أشده بين أمراء البيت السلجوقى بعضهم بعضاً، كذلك الخلاف بين السلطان مسعود السلجوقى والخليفة العباسي المسترشد بالله على أشده . ومن خلال النظر في هذه الأوضاع كلها قرر عماد الدين زنكى أخذ زمام المبادرة والقيام بعمل لم يسبقه فيه أحد ووضع نصب عينيه هدفاً عظيماً طالما حلم المسلمون بتحقيقه ولكن يتعد نطاقه الأحلام إلى الحقيقة، قرر البطل تحرير بلاد الشام من الوجود الصليبى .


    بناء القاعدة الصلبة
    من البديهيات الأساسية في قتال أى عدو وطرد أى محتل وتحرير أى أرض أن تكون جبهة المقاومة والدفاع واحدة صلبة مجتمعة، إذ كيف يجاهد المسلمون بصف مهترىء ممزق لذا كان أول ما سعى عماد الدين لتحقيقه هو تكوين وبناء القاعدة الصلبة للمسلمين بتوحيد الجبهة الداخلية ل سوريا ، وربما كانت هذه المهمة هى أصعب مرحلة في مراحل الانتصار .
    بدأ عماد الدين زنكى بمدينة حلب الهامة في المنطقة الشمالية من بلاد الشام في 1 محرم سنة 522 هجرية أى بعد شهور قليلة من ولايته على الموصل مما يوضح أن هذا الرجل الفذ كان يملك خطة شاملة ورؤية واضحة معدة سلفاً لحركته بأرض الشام، ولم يكن ضمة لمدينة 'حلب' بالشىء السهل فلقد ظل محاصراً لها عدة شهور قبل فتحها وكان عليها بعض الطامعين المتغلبين، ثم قام بعدها بضم مدينة 'حماة' في السنة التالية 523 هجرية، ثم ضم مدينة سرجى ودارا ثم حصن الأثارب وكان بيد الصليبيين، ثم انشغل عماد الدين زنكى بالخلافات العنيفة بين الخليفة المسترشد والسلطان مسعود بل تورط فيها وذلك لعدة سنوات، ثم عاد بعدها لهدفه الأسمى وضم عدة قلاع للأكراد الحميدية والهكارية وقلعة الصور وواصل سعيه حتى استقامت له ديار بكر و إقليم الجبال سنة 528 هجرية .

    استقامت معظم بلاد الشام لعماد الدين زنكى عدا ما كان بيد الصليبيين ودمشق قلب الشام وحاضرته وقد حاول زنكى ضم دمشق سنة 529 هجرية ولكنه فشل وبقيت خارج سلطته وبقي يخطط ويفكر كيفية الوصول إلى دمشق .



    أسد الشام
    بعد أن تم لعماد الدين زنكى معظم ما أراد من تكوين القاعدة الصلبة، بدأ في العمل الحقيقى والجهاد الأصيل ضد أعداء الأمة المحتلين لمقدساتها، وكان الصليبيون قبل مجىء عماد الدين زنكى يخططون للاستلاء على أرض الشام و سوريا كلها ثم مصر بعدها، فلما جاء أسد الشام الجديد صار غاية سعيهم الحفاظ على ما تحت أيديهم .

    ولما ازدادت قوة عماد الدين زنكى في حلب وثقلت وطأته على الصليبيين في الشام فكروا في الاستعانة بإمبراطور القسطنطينية 'عمانوئيل' ورغم الاختلاف المذهبى بينهم فهم كاثوليك وهو أرثوذكسي إلا إنهم في النهاية صليبيون فوافق 'عمانوئيل' على نجدتهم .




    رجل المهام الصعبة
    أصبحت بلاد الشام في موقف حرج بالغ الخطورة فإمبراطور بيزنطة 'عمانوئيل' جاءها بجيوش جرارة سنة 532 هجرية واخترق أسياالصغرى ولم يقدر أحد من سلاجقة الروم على إيقافه ودخل إلى سوريا بعد ان استولى على مدينة 'بزاعة' وهى قريبة من حلب فغدر بأهلها بعد أن أعطاهم الأمان فقتلهم وسبى نساءهم ووهنا وقعت المنطقة بين مطرقة امبراطور بيزنطة وسندان الصليبيين الفرنجة بالشام وهنا برز رجل المهام الصعبة .


    بعد نظر وتمعن في هذه النازلة العامة قرر عماد الدين زنكى العمل في إتجاهين:ـ


    الاتجاه الأول: مناوشة إمبراطور بيزنطة بشن حرب عصابات على معسكره باستخدام المجاهدين المتطوعين في الشام ضد الأعداء بالكر والفر وإظهار القوة والشجاعة وإرسال رسائل تهديد ووعيد لهذا الإمبراطور على الرغم من الفارق الضخم بين القوتين وذلك من أجل إرهاب البيزنطيين ومنعهم من التقدم .
    الاتجاه الثانى :فهو إيقاع الخلاف بين البيزنطيين والفرنجة، فلقد كان عماد الدين زنكى من دواهى العصر ذكاءاً وفطنة وحدة بصيرة فلقد استغل الخلاف المذهبى بين الأرثوزكس والكاثوليك للتفريق بينهما، فأرسل إلى إمبراطور بيزنطة يخوفوه من نكصان الفرنجة للعهود وأنهم يتربصون به فإن فارق مكانه الذى فيه 'قلعة شيزاز' بالقرب من حماة سيتخلفون عن نصرته ثم أرسل إلى الصليبيين الفرنجة يخوفهم من إمبراطور بيزنطة ويقول لهم إن ملك بالشام حصناً واحداً ملك بلادكم جميعاً .

    ونجحت خطة عماد الدين زنكى ووقع الخلاف بين الطرفين وانسحب الإمبراطور من الشام وترك المجانيق وأسلحة كثيرة بحالتها غنمها جيش الشام ، وحرروا أسرى المسلمين، وارتفعت مكانة عماد الدين بين المسلمين وعظمت هيبته في صدور الصليبيين وأثبت للجميع أنه رجل المهام الصعبة . وقد حاول بعدها فتح دمشق ولكنه فشل بسبب حصانتها وقوة حاكمها معين الدين أنر فلم يستطع عماد الدين تحقيق حلمه في أهم مدن الشرق .


    فتح الرها
    تقع إمارة الرها في منطقة الجزيرة السورية وهى المنطقة الواسعة الواقعة بين نهر الفرات ونهر دجلة ، وقد فتحها المسلمون سنة 17 هجرية، و'الرها' من البلاد التى كان لها خصوصية عن البيزنطيين لأنها إحدى المدن الدينية عندهم وكانت تنتشر بها الكنائس والصوامع، وأيضا لها خصوصية عند المسلمين لكونها على حدود الدولة الإسلامية المشتركة مع الدولة البيزنطية، وكان الخلفاء دائمى الاهتمام بهذه المنطقة، ولكن مع ضعف الخلافة العباسية وخروج كثير من أجزاءها عن سيطرتها تعرضت منطقة الرها للعدوان المتكرر من البيزنطيين .

    وعندما انطلقت شرارة الحملات الصليبية احتل الصليبيون 'الرها' وأقاموا بها أول إمارة صليبية في منطقة الجزيرة السورية وذلك سنة 492 هجرية . كان أميرها داهية صليبى اسمه 'جوسلين' ففهم من تحركات عماد الدين زنكى أنه يخطط لفتح الرها فعمد إلى تقوية دفاعاتها والمبالغة في تحصينها وظل مقيماً في الرها لا يفارقها أبداً رغم أن زوجته وأولاده بفرنسا ولكنه صبر في فراقهم من أجل الدفاع عن الرها وهكذا يكون عزم الرجال وهمة القادة .
    كان عماد الدين زنكى يعرف قدر 'جوسلين' ودهائه وحنكته لذلك وضع خطة في غاية الذكاء فهو كما يقولون [لا يفل الحديد إلا الحديد] فلقد أظهر عماد الدين أنه مشغول بحرب القبائل الكردية التى تسيطر على قلاع كثيرة في منطقة ديار بكر 'جنوب تركيا الآن' ولاتقبل الإنضمام لصف عماد الدين زنكى لدواعى عصبية وقبلية، وبالفعل انطلت هذه الخدعة على 'جوسلين' الذى خفف من شدة التحصينات وتراخى في دفاعاته حتى أنه قد سافر لزيارة أهله في فرنسا، وكان عماد الدين زنكى قد بث العيون التى ترافع له الأخبار ليل نهار فلما علم مغادرة 'جوسلين' وتراخت الدفاعات، نادى في معسكر جيشه بالاستعداد للهجوم على الرها .



    كان عماد الدين من أشجع الناس وأقواهم وأجرؤهم في القتال لايجاريه أحد من جنده في ذلك، وقبل القتال وضع عماد الدين مائدته للطعام وقال [لا يأكل معى على المائدة إلا من يطعن معى غداً باب الرها] وهى كناية عن شدة القتال والشجاعة لأن طاعن الباب يكون أول فارس في الجيش يصل لباب المدينة ولا يفعل ذلك إلا أشجع الناس، فلم يجلس معه على المائدة إلا صبى صغير فقيل له :ارجع مما أنت في هذا المقام، فقال له عماد الدين زنكى القائد المربى القدوة الذى يعرف كيف يحمس الشباب والنشء ويحفز طاقاتهم [دعوه فوالله إنى أرى وجهاً لا يتخلف عنى] وبالفعل أثمرت هذه الكلمات عن طاقة جبارة عند الصبى فكان أول طاعن وأول بطل في هذه المعركة وفتحت المدينة في 6 جمادى الاخرة سنة 539 هجرية وكان لفتحها رنة شديدة في العالمين الإسلامى والصليبى، فلقد كان أعظم إنتصار حققه المسلمون على الصليبيين منذ دخولهم للشام منذ خمسين سنة، وأعاد ذاكرة الانتصارات لهم وسرت روح جهادية كبيرة عند المسلمين بعدها وعادت لهم الثقة وتغلبوا على الهزيمة النفسية تجاه الصليبيين والتى أقعدتهم عن السعى للتحرير عشرات السنين .
    أما الصليبيون فقد نزلت بهم أعظم المصائب وفقدوا أهم إمارة صليبية لهم بالمنطقة، ولقد قاموا بحملتهم الصليبية الثالثة على الشام سنة 543 هجرية لاسترجاع الإمارة ولكنهم فشلوا .




    الأبطال لا يقتلون إلا غدراً
    إن الأسود لا يقتلون إلا في الظلام وإن الأبطال لا يُنالون إلا بالغدر والخيانة، وتلك هى المأساة الكبيرة التى عانت منها أمة الإسلام على مر عصورها، فكلما ظهر فيها بطل أو قائد أو داعية أو عالم في الشرع أو في فرع من فروع العلوم أو نبغ أحد في أى مجال من المجالات التى ستحقق خيراً ونفعاً للمسلمين فإن أعداء الأمة والدين يعملون على إزاحة هذا النابغة بشتى الوسائل إما بالاغراء والإستقطاب أو بالسجن والنفى أو بالقتل والغدر، وثبت الأبطال والأفذاذ الذين قتلوا غدراً طويل وممتد منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا الحاضر .

    بعد الإنتصار في 'الرها' ضاقت السبل على أعداء الإسلام وأصبح كيانهم الصليببى بالشام والذى بنوه في خمسين سنة في خطر حقيقى في ظل وجود هذا الأسد الرابض، وبعد أن أعيتهم الحيل في ميادين القتال وصار ينتصر الأسد عليهم في كل موطن من سوريا، قرروا اللجوء إلى سلاح الغدر والخيانة والأيدى القذرة التى لا تعمل إلا في الظلام .
    فكر الصليبيون في كيفية التخلص من عماد الدين زنكى وبعد تفكير وتقليب في من سيقوم بهذه المهمة قرروا إسناد مهمة الإغتيال الي جماعة معروفة بذلك وبالفعل وفى 6 ربيع الآخر سنة 541 هجرية والبطل الفذ عماد الدين زنكى يحاصر أحد القلاع المطلة على نهر الفرات واسمها ' قلعة جعبر ' قامت مجموعة من الباطنية بالاتفاق مع الصليبيين بعد أن قبضوا الثمن بالتسلل إلى معسكر عماد الدين زنكى واندسوا بين حراسه وفى الليل دخلوا عليه خيمته وهو نائم وقتلوه رحمه الله وهكذا مات البطل وترجل الفارس وحط الراكب بعد حياة طويلة كلها جهاد وكفاح ونصرة للإسلام وأهله وبعد أن أحيا ما كان مندثراً وأعاد ما كان مفقوداً ووضع الأساس المتين لمن جاء بعده فرحمه الله رحمة واسعة وغفر له ما كان من خطايا وزلات .
    واسمع ما قاله عنه المؤرخون قال ابن الأثير في وصفه [كان شديد الهيبة في عسكره ورعيته عظيم السياسة لا يقدر القوى على ظلم الضعيف وكانت البلاد قبل أن يملكها خراباً من الظلم وتنقل الولاة ومجاورة الفرنج، فعمرها وامتلأت أهلاً وسكاناً، وكان أشجع خلق الله ] .



    وقال عنه ابن كثير الدمشقي [وقد كان زنكى من خيار الملوك وأحسنهم سيرة وشكلاً وكان شجاعاً مقداماً حازماً خضعت له ملوك الأطراف وكان من أشد الناس غيرة على نساء الرعية وأجود الملوك معاملة وأرفقهم بالعامة ].

    ولعل أكثر ما تميز بع عماد الدين زنكى عن قادة زمانه هو فهمه لحقيقة المشكلات التى تعانى منها الأمة الإسلامية وإحساسه بالمسئولية تجاه أمته وإيثاره لمصلحتها على مصلحته الخاصة وعمله بمقتضى ما يجب عليه وقتها، لذلك فاق ملوك زمانه وعلا ذكره عنهم، ويكفيه فخراً أنه قد خلف ورائه بطلاً عظيماً مثله وزيادة هو نور الدين محمود .
    وقد لقب الناس عماد الدين زنكى بالشهيد لحرصه على طلب الشهادة في كل لقاء مع الأعداء حتى قدرها المولى جل وعلا له في آخر السعى .


    --------------------------------------------------------------------------------

    المراجع والمصادر :

    الكامل في التاريخ / البداية والنهاية / سير أعلام النبلاء / شذرات الذهب / البرق الشامى / الروضتين في تاريخ الدولتين / وفيات الأعيان / الطريق إلى بيت المقدس / محاضرات الدولة العباسية / المنتظم / النجوم الزاهرة .
    avatar
    zydan
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 121
    رقم العضوية : 174
    تاريخ التسجيل : 23/11/2008
    نقاط التميز : 208
    معدل تقييم الاداء : 15

    عماد الدين زنكي Empty رد: عماد الدين زنكي

    مُساهمة من طرف zydan الأحد 3 يناير - 10:46

    اشكرك استاذ عمار
    اضافة متميزة

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 7 سبتمبر - 12:19