انتهى بنا الحديث في الحلقة السابقة عند فراغ خالد بن الوليد من فتح الحيرة ، واستيلائه على قصورها التي كانت مضرب المثل عند العرب في عظمتها ، ورأينا كيف تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بفتحها ، ونكمل حديثنا بعون من الله فنقول : إن خالدا بعد أن فرغ من الفتح أقبل على الله وصلى الصلاة التي تسمى بصلاة الفتح وهي ثماني ركعات بتسليمة واحدة ، وتلك كانت سنة الحفل المتبعة عند سائر الأمراء المسلمين ، فكل نصر عظيم كانوا يتبعونه بشكر لله سبحانه وتعالى ، وكل فتح كانوا يقابلونه بالسجود لله والخضوع له عكس الذين يستغلون تلك اللحظات في ارتكاب الموبقات ، وإحياء السهرات ، وما أكثرهم !..
إن خالد رضي الله عنه طالما تعرض للأخطار الجسام التي لم تكن خبرته وحنكته العسكرية وحدها كفيلة بأن يخرج منها ، وإنما هو توفيق الله سبحانه وتعالى ، حتى قال :" لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف، وما لقيت قوماً كقوم لقيتهم من أهل فارس!" فليقابل ذلك إذن بحمد لله وشكره عقب كل حرب يخوض غمارها ...
وانتشر نبأ فتح الحيرة بين البلدان المجاورة لها ، فسارع أمراؤها إلى مصالحة خالد رضي الله عنه ، والإذعان له وهم راضون بدلا من الإذعان كرها بعد أن تحُل عليهم الهزائم على يديه ، وقد كانوا من قبل يتربصون به ، وينتظرون ما يصنع أهل الحيرة ، فجاءه صلوبا بن نسطونا صاحب قس الناطف، فصالحه على مدينتي "بانقيا " و" بسما "، وضمن له ما عليهما وعلى أرضهما من شاطئ الفرات جميعاً، فكتب له خالد كتاباً جاء فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه ؛ إني عاهدتكم على الجزية والمنعة؛ على كل ذي يد؛ بانقيا وبسما جميعاً، على عشرة آلاف دينار سوى الخرزة، القوي على قدر قوته، والمقل على قدر إقلاله، في كل سنة ، وأنْ قد نقبت على قومك ( أي صرت عليهم نقيبا أو أميرا ) وإن قومك قد رضوا بك ، وقد قبلت ومن معي من المسلمين، ورضيت ورضي قومك؛ فلك الذمة والمنعة ؛ فإن منعناكم ( أي دافعنا عنكم أي خطر يحدق بكم ) فلنا الجزية؛ وإلا فلا حتى نمنعكم " ..
وهذا يظهر أيضا من نص البراءة ( الإيصال أو القسيمة ) التي كانت تعطى لولاتهم بعد أن يدفعوا ما عليهم من ضريبة الجزية ، إذ جاء فيها : " بسم الله الرحمن الرحيم . براءة لمن كان من كذا وكذا من الجزية التي صالحهم عليها الأمير خالد بن الوليد، وقد قبضت الذي صالحهم عليه خالد والمسلمون لكم يد على من بدل صلح خالد ؛ ما أقررتم بالجزية وكففتم ، أمانكم أمان، وصلحكم صلح ؛ نحن لكم على الوفاء .
ونظرة عجلى في تلك الكتب تبين أن المسلمين كانوا يبقون على أوضاع البلاد التي يفتحونها ، فلا انقلاب ولا تخريب ولا إذلال لمن كان عليها من قبل ، وفي نفس الوقت كانوا يجعلون الشعب صاحب الشرعية في اختيار أميره ، وهو ما يظهر من قول خالد له : " وإن قومك قد رضوا بك " وما سَلط المسلمون على الشعوب التي فتحوها في قطر من الأقطار حاكما مخادعا لقومه ، وما فرضوا عليهم والياً لا يرغبونه ، وذلك لأن رسالتهم كانت تتمثل في تحرير تلك الشعوب وإعزازها لا استعبادها وإذلالها .
كما نلحظ أن المسلمين كانوا يحرصون على توفير الأمن والاستقرار في كل بلد يحلون به ، وجعلوا ذلك عهدا عليهم وواجبا من واجباتهم مقابل الضريبة التي يحصّلونها ، وهذا ظاهر في قول خالد : " فإن منعناكم فلنا الجزية؛ وإلا فلا حتى نمنعكم " ومن نص البراءة " أمانكم أمان، وصلحكم صلح ؛ نحن لكم على الوفاء "..
وكان ذلك إيذانا بميلاد عصر جديد للبشرية تعرف فيه واجباتها وحقوقها لدى ولاة الأمر القائمين عليها .
وبعد أن استقرت لخالد الأمور في الحيرة وما حولها وفرق فيها عماله ، واطمأن أنها قد سكنت له دعا رجلا من أهل الحيرة له خبرة بالسفارة ، وكتب معه كتابا إلى أهل فارس ، وقبل أن يخرج سأله عن اسمه فقال له الرجل : مُرّة ، فقال خالد متفائلا: خذ الكتاب فأت به أهل فارس، لعل الله أن يمر عليهم عيشهم، أو يسلموا ( وهو يقصد بالطبع الطغاة المتجبرين من ولاتها وليس عوام الشعب المستضعفين ).
وقد جاء في نص هذا الكتاب " بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس ؛ أما بعد ؛ فالحمد لله الذي حل نظامكم، ووهن كيدكم، وفرق كلمتكم، ولو لم يفعل ذلك بكم كان شراً لكم ؛ فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم، ونجوزكم إلى غيركم، وإلا كان ذلك وأنتم كارهون على غلب، على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة "
وبعث بكتاب آخر خص به مرازبة فارس ، وقد جاء فيه " بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ؛ أما بعد فأسلموا تسلموا ؛ وإلا فاعتقدوا مني الذمة، وأدوا الجزية، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت، كما تحبون شرب الخمر " .
وصلت تلك الرسالة إلى أهل فارس فجاءتهم وهم مختلفون في الملك بعد موت أردشير ، يقاتل بعضهم بعضا ، كعادة الدول أو الممالك عندما تدبر أيامها ، فقد قتل شيري بن كسرى من أقربائه كل من يحس أنه من الممكن أن ينافسه أو ينافس أولاده من بعده في الملك ، وكذلك فعل من جاء من بعده حتى كادوا يبيدون أفراد الأسرة التي دام ملكها بفارس مئات السنين .
وصلت إليهم رسالة خالد رضي الله عنه فزادتهم وهنا على وهنهم ، فتباحث النساء من آل كسرى في شأن مواجهته ، بعد أن خلت الأسرة من الرجال ذوي الشأن ، واتفقن على أن يولين رجلا يسمى " الفرخزاذين البندوان " إلى أن يجتمع آل كسرى على رجل إن وجدوه...
وبعد مراسلة أهل فارس والإعذار إليهم سار خالد من الحيرة إلى الأنبار لفتحها ، وجعل على مقدمته الأقرع بن حابس ، فلما بلغها أطاف بها وأنشب القتال، ولم ينتظر وصول خالد إليه ، وتقدم إلى رماته وأوصاهم أن يقصدوا عيون أعدائهم عند الرمي فأصابوا ألف عين، حتى سُميت تلك الموقعة بذات العيون لذلك .
فلما رأى شيرزاد أميرها من قبل فارس ذلك خاف من عاقبة الهزيمة ، وأرسل يطلب الصلح على أن يُسمح له بالخروج ويخليها لهم فصالحه المسلمون على ذلك ، ثم صالح خالد ما حول الأنبار وأهل كلواذى دون قتال ، ودخلت كلها في حوزة المسلمين كالحيرة تماما .
ثم استخلف خالد عليها الزبرقان بن بدر وسار هو بجيوشه إلى عين التمر وبها مهران بن بهرام جوبين، في جمع عظيم من العجم، وعقة ابن أبي عقة في جمع عظيم من العرب من النمر وتغلب وإياد وغيرهم، فلما سمعوا بخالد قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب فدعنا وخالدا ، فقال: صدقت فأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم لمثلنا في قتال العجم ، فخدعه واتقى به وقال: إن احتجتم إلينا أعناكم ، فلامه أصحابه من الفرس على هذا القول، فقال لهم: إنه قد جاءكم من قتل ملوككم أمر عظيم وفل حدكم فاتقيته بهم، فإن كانت لكم على خالد فهي لكم، وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يهنوا فنقاتلهم ونحن أقوياء ..
ومن العجب أن تلك الخديعة التي خدع بها مهران عقة ما زال يستخدمها أعداء العرب والمسلمين على مر التاريخ وحتى الآن ، وأبرز مثال على ذلك ما نجده من قتال الأفغان والعراقيين لأهليهم وبني وطنهم نيابة عن أمريكا ومن حالفها ، ومثل ذلك حدث في بلدان كثيرة من بلدان العالم الإسلامي وإنما ذكرت أفغانستان والعراق نموذجا..
وأعود إلى عقة هذا الأعرابي الذي غرره مهران فاغتر بنفسه فأقول : إنه سار بأتباعه إلى خالد فما أن التقى بخالد رضي الله عنه حتى حمل عليه بنفسه وهو يقيم صفوفه، فاحتضنه خالد من بينهم وأخذه أسيراً فانهزم من معه من غير قتال وأسر أكثرهم ، فما أضعف كيد الخونة !! وما أوهنهم !!.
ولما بلغ خبر هزيمتهم مهران هرب في جنده وتركوا الحصن، وكانت مقولة عقة له : " نحن أعلم بقتال العرب منكم " أشد عليه من وقع الحسام ، لأن تفسيرها له أن من هم أعلم بقتال العرب منهم قد فروا أمام جند المسلمين ، فكيف به هو ..
وشاء الله أن يعثر خالد في حصنهم بعد فرارهم على أربعين غلاماً كانوا يتعلمون الإنجيل، فأخذهم فقسمهم في أهل البلاء من المجاهدين فأتاحوا لهم الفرصة ليتعرفوا على الإسلام فصاروا وأولادهم من أهل العلم والفضل ، ومن هؤلاء : سيرين أبو محمد مفسر الأحلام الشهير ، وحمران مولى عثمان رضي الله عنه ، ويسار جد محمد بن إسحاق صاحب كتاب السيرة الشهير .
وصفا الجو لخالد بعد ذلك في الحيرة وما حولها من بلاد العراق فلم يبق أمامه رضي الله عنه سوى بعض التجمعات العربية ، ومن سولت له نفسه بنقض العهد معهم ، وهؤلاء تتبعهم حتى فرغ منهم تماما قبل أن يأتيه كتاب أبي بكر رضي الله عنه بالتوجه إلى بلاد الشام .
ورغم ذلك يسمي خالد تلك السنة التي حقق فيها تلك الفتوحات بسنة النساء !! لأنه لم يتوجه إلى المدائن ويفتحها ، ولم يكن دونتها شيء كما قال غير أن أبا بكر رضي الله عنه لم يأذن له بالذهاب إليها .
فكيف نسمي نحن ـ مسلمي العصر الحديث ـ سنينا إذن ، ونحن من عشرات السنين ونحن نتلقى الضربات من عدونا ، ولا نستطيع أن نحافظ على ما تبقى من بلداننا فضلا عن أن نسترجع ما أُخذ أو نفتح إليه المزيد ؟!!
بقلم / د / أحمد عبد الحميد عبد الحق
إن خالد رضي الله عنه طالما تعرض للأخطار الجسام التي لم تكن خبرته وحنكته العسكرية وحدها كفيلة بأن يخرج منها ، وإنما هو توفيق الله سبحانه وتعالى ، حتى قال :" لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف، وما لقيت قوماً كقوم لقيتهم من أهل فارس!" فليقابل ذلك إذن بحمد لله وشكره عقب كل حرب يخوض غمارها ...
وانتشر نبأ فتح الحيرة بين البلدان المجاورة لها ، فسارع أمراؤها إلى مصالحة خالد رضي الله عنه ، والإذعان له وهم راضون بدلا من الإذعان كرها بعد أن تحُل عليهم الهزائم على يديه ، وقد كانوا من قبل يتربصون به ، وينتظرون ما يصنع أهل الحيرة ، فجاءه صلوبا بن نسطونا صاحب قس الناطف، فصالحه على مدينتي "بانقيا " و" بسما "، وضمن له ما عليهما وعلى أرضهما من شاطئ الفرات جميعاً، فكتب له خالد كتاباً جاء فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه ؛ إني عاهدتكم على الجزية والمنعة؛ على كل ذي يد؛ بانقيا وبسما جميعاً، على عشرة آلاف دينار سوى الخرزة، القوي على قدر قوته، والمقل على قدر إقلاله، في كل سنة ، وأنْ قد نقبت على قومك ( أي صرت عليهم نقيبا أو أميرا ) وإن قومك قد رضوا بك ، وقد قبلت ومن معي من المسلمين، ورضيت ورضي قومك؛ فلك الذمة والمنعة ؛ فإن منعناكم ( أي دافعنا عنكم أي خطر يحدق بكم ) فلنا الجزية؛ وإلا فلا حتى نمنعكم " ..
وهذا يظهر أيضا من نص البراءة ( الإيصال أو القسيمة ) التي كانت تعطى لولاتهم بعد أن يدفعوا ما عليهم من ضريبة الجزية ، إذ جاء فيها : " بسم الله الرحمن الرحيم . براءة لمن كان من كذا وكذا من الجزية التي صالحهم عليها الأمير خالد بن الوليد، وقد قبضت الذي صالحهم عليه خالد والمسلمون لكم يد على من بدل صلح خالد ؛ ما أقررتم بالجزية وكففتم ، أمانكم أمان، وصلحكم صلح ؛ نحن لكم على الوفاء .
ونظرة عجلى في تلك الكتب تبين أن المسلمين كانوا يبقون على أوضاع البلاد التي يفتحونها ، فلا انقلاب ولا تخريب ولا إذلال لمن كان عليها من قبل ، وفي نفس الوقت كانوا يجعلون الشعب صاحب الشرعية في اختيار أميره ، وهو ما يظهر من قول خالد له : " وإن قومك قد رضوا بك " وما سَلط المسلمون على الشعوب التي فتحوها في قطر من الأقطار حاكما مخادعا لقومه ، وما فرضوا عليهم والياً لا يرغبونه ، وذلك لأن رسالتهم كانت تتمثل في تحرير تلك الشعوب وإعزازها لا استعبادها وإذلالها .
كما نلحظ أن المسلمين كانوا يحرصون على توفير الأمن والاستقرار في كل بلد يحلون به ، وجعلوا ذلك عهدا عليهم وواجبا من واجباتهم مقابل الضريبة التي يحصّلونها ، وهذا ظاهر في قول خالد : " فإن منعناكم فلنا الجزية؛ وإلا فلا حتى نمنعكم " ومن نص البراءة " أمانكم أمان، وصلحكم صلح ؛ نحن لكم على الوفاء "..
وكان ذلك إيذانا بميلاد عصر جديد للبشرية تعرف فيه واجباتها وحقوقها لدى ولاة الأمر القائمين عليها .
وبعد أن استقرت لخالد الأمور في الحيرة وما حولها وفرق فيها عماله ، واطمأن أنها قد سكنت له دعا رجلا من أهل الحيرة له خبرة بالسفارة ، وكتب معه كتابا إلى أهل فارس ، وقبل أن يخرج سأله عن اسمه فقال له الرجل : مُرّة ، فقال خالد متفائلا: خذ الكتاب فأت به أهل فارس، لعل الله أن يمر عليهم عيشهم، أو يسلموا ( وهو يقصد بالطبع الطغاة المتجبرين من ولاتها وليس عوام الشعب المستضعفين ).
وقد جاء في نص هذا الكتاب " بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس ؛ أما بعد ؛ فالحمد لله الذي حل نظامكم، ووهن كيدكم، وفرق كلمتكم، ولو لم يفعل ذلك بكم كان شراً لكم ؛ فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم، ونجوزكم إلى غيركم، وإلا كان ذلك وأنتم كارهون على غلب، على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة "
وبعث بكتاب آخر خص به مرازبة فارس ، وقد جاء فيه " بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ؛ أما بعد فأسلموا تسلموا ؛ وإلا فاعتقدوا مني الذمة، وأدوا الجزية، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت، كما تحبون شرب الخمر " .
وصلت تلك الرسالة إلى أهل فارس فجاءتهم وهم مختلفون في الملك بعد موت أردشير ، يقاتل بعضهم بعضا ، كعادة الدول أو الممالك عندما تدبر أيامها ، فقد قتل شيري بن كسرى من أقربائه كل من يحس أنه من الممكن أن ينافسه أو ينافس أولاده من بعده في الملك ، وكذلك فعل من جاء من بعده حتى كادوا يبيدون أفراد الأسرة التي دام ملكها بفارس مئات السنين .
وصلت إليهم رسالة خالد رضي الله عنه فزادتهم وهنا على وهنهم ، فتباحث النساء من آل كسرى في شأن مواجهته ، بعد أن خلت الأسرة من الرجال ذوي الشأن ، واتفقن على أن يولين رجلا يسمى " الفرخزاذين البندوان " إلى أن يجتمع آل كسرى على رجل إن وجدوه...
وبعد مراسلة أهل فارس والإعذار إليهم سار خالد من الحيرة إلى الأنبار لفتحها ، وجعل على مقدمته الأقرع بن حابس ، فلما بلغها أطاف بها وأنشب القتال، ولم ينتظر وصول خالد إليه ، وتقدم إلى رماته وأوصاهم أن يقصدوا عيون أعدائهم عند الرمي فأصابوا ألف عين، حتى سُميت تلك الموقعة بذات العيون لذلك .
فلما رأى شيرزاد أميرها من قبل فارس ذلك خاف من عاقبة الهزيمة ، وأرسل يطلب الصلح على أن يُسمح له بالخروج ويخليها لهم فصالحه المسلمون على ذلك ، ثم صالح خالد ما حول الأنبار وأهل كلواذى دون قتال ، ودخلت كلها في حوزة المسلمين كالحيرة تماما .
ثم استخلف خالد عليها الزبرقان بن بدر وسار هو بجيوشه إلى عين التمر وبها مهران بن بهرام جوبين، في جمع عظيم من العجم، وعقة ابن أبي عقة في جمع عظيم من العرب من النمر وتغلب وإياد وغيرهم، فلما سمعوا بخالد قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب فدعنا وخالدا ، فقال: صدقت فأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم لمثلنا في قتال العجم ، فخدعه واتقى به وقال: إن احتجتم إلينا أعناكم ، فلامه أصحابه من الفرس على هذا القول، فقال لهم: إنه قد جاءكم من قتل ملوككم أمر عظيم وفل حدكم فاتقيته بهم، فإن كانت لكم على خالد فهي لكم، وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يهنوا فنقاتلهم ونحن أقوياء ..
ومن العجب أن تلك الخديعة التي خدع بها مهران عقة ما زال يستخدمها أعداء العرب والمسلمين على مر التاريخ وحتى الآن ، وأبرز مثال على ذلك ما نجده من قتال الأفغان والعراقيين لأهليهم وبني وطنهم نيابة عن أمريكا ومن حالفها ، ومثل ذلك حدث في بلدان كثيرة من بلدان العالم الإسلامي وإنما ذكرت أفغانستان والعراق نموذجا..
وأعود إلى عقة هذا الأعرابي الذي غرره مهران فاغتر بنفسه فأقول : إنه سار بأتباعه إلى خالد فما أن التقى بخالد رضي الله عنه حتى حمل عليه بنفسه وهو يقيم صفوفه، فاحتضنه خالد من بينهم وأخذه أسيراً فانهزم من معه من غير قتال وأسر أكثرهم ، فما أضعف كيد الخونة !! وما أوهنهم !!.
ولما بلغ خبر هزيمتهم مهران هرب في جنده وتركوا الحصن، وكانت مقولة عقة له : " نحن أعلم بقتال العرب منكم " أشد عليه من وقع الحسام ، لأن تفسيرها له أن من هم أعلم بقتال العرب منهم قد فروا أمام جند المسلمين ، فكيف به هو ..
وشاء الله أن يعثر خالد في حصنهم بعد فرارهم على أربعين غلاماً كانوا يتعلمون الإنجيل، فأخذهم فقسمهم في أهل البلاء من المجاهدين فأتاحوا لهم الفرصة ليتعرفوا على الإسلام فصاروا وأولادهم من أهل العلم والفضل ، ومن هؤلاء : سيرين أبو محمد مفسر الأحلام الشهير ، وحمران مولى عثمان رضي الله عنه ، ويسار جد محمد بن إسحاق صاحب كتاب السيرة الشهير .
وصفا الجو لخالد بعد ذلك في الحيرة وما حولها من بلاد العراق فلم يبق أمامه رضي الله عنه سوى بعض التجمعات العربية ، ومن سولت له نفسه بنقض العهد معهم ، وهؤلاء تتبعهم حتى فرغ منهم تماما قبل أن يأتيه كتاب أبي بكر رضي الله عنه بالتوجه إلى بلاد الشام .
ورغم ذلك يسمي خالد تلك السنة التي حقق فيها تلك الفتوحات بسنة النساء !! لأنه لم يتوجه إلى المدائن ويفتحها ، ولم يكن دونتها شيء كما قال غير أن أبا بكر رضي الله عنه لم يأذن له بالذهاب إليها .
فكيف نسمي نحن ـ مسلمي العصر الحديث ـ سنينا إذن ، ونحن من عشرات السنين ونحن نتلقى الضربات من عدونا ، ولا نستطيع أن نحافظ على ما تبقى من بلداننا فضلا عن أن نسترجع ما أُخذ أو نفتح إليه المزيد ؟!!
بقلم / د / أحمد عبد الحميد عبد الحق
الأحد 16 مارس - 16:45 من طرف love for ever
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
الثلاثاء 24 ديسمبر - 9:08 من طرف adel.ebied.14
» فرح جامد آخر حاجه
الأحد 11 مارس - 7:46 من طرف عمرو سليم
» ملحمة الثورة في السويس
الأربعاء 27 أبريل - 3:54 من طرف عادل
» موقعة الجمل 2-2-2011
الأحد 24 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
السبت 23 أبريل - 3:10 من طرف عادل
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
السبت 23 أبريل - 1:24 من طرف عادل
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
السبت 23 أبريل - 1:20 من طرف عادل
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
الجمعة 22 أبريل - 8:01 من طرف هشام الصفطي
» لماذا قامت الثورة ؟
الخميس 21 أبريل - 7:51 من طرف Marwan(Mark71)
» مواهب خرجت من رحم الثورة
الخميس 21 أبريل - 2:55 من طرف سعاد خليل
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:52 من طرف صبري محمود
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:39 من طرف صبري محمود
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
الثلاثاء 19 أبريل - 13:24 من طرف عادل
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
الثلاثاء 19 أبريل - 13:19 من طرف عادل
» المتحولون
الثلاثاء 19 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
الإثنين 18 أبريل - 20:51 من طرف عادل
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
الإثنين 18 أبريل - 0:15 من طرف عادل
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
الأحد 17 أبريل - 23:20 من طرف عادل
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
الأحد 17 أبريل - 20:21 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
الأحد 17 أبريل - 20:07 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
الأحد 17 أبريل - 19:54 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
الأحد 17 أبريل - 4:00 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
الأحد 17 أبريل - 2:12 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
الأحد 17 أبريل - 1:36 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
الأحد 17 أبريل - 0:44 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
الأحد 17 أبريل - 0:10 من طرف عادل
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
الخميس 14 أبريل - 21:45 من طرف عادل
» اول ساعة ثورة
الخميس 14 أبريل - 20:47 من طرف عادل
» ثم ماذا بعد ؟
الخميس 14 أبريل - 19:18 من طرف عادل
» ذكريات اول ايام الثورة
الخميس 14 أبريل - 19:13 من طرف عادل
» ندااااااااء
الخميس 23 ديسمبر - 13:58 من طرف love for ever
» دحمبيش الغربيه
الخميس 23 ديسمبر - 13:53 من طرف love for ever
» الحجاب والنقاب في مصر
الخميس 23 ديسمبر - 13:52 من طرف love for ever
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
الإثنين 15 نوفمبر - 13:44 من طرف love for ever
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
الأحد 31 أكتوبر - 5:57 من طرف هادي
» شخصيات خلبية وهزلية
الأحد 31 أكتوبر - 5:47 من طرف هادي
» msakr2006
السبت 30 أكتوبر - 5:49 من طرف marmar
» ente7ar007
السبت 30 أكتوبر - 5:46 من طرف marmar
» Nancy
السبت 30 أكتوبر - 5:44 من طرف marmar
» waleed ali
السبت 30 أكتوبر - 5:42 من طرف marmar
» hamedadelali
السبت 30 أكتوبر - 5:41 من طرف marmar
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
السبت 30 أكتوبر - 5:39 من طرف marmar
» علي عبد الله رحاحلة
السبت 30 أكتوبر - 5:38 من طرف marmar
» sheriefadel
السبت 30 أكتوبر - 5:36 من طرف marmar
» خالد احمد عدوى
السبت 30 أكتوبر - 5:33 من طرف marmar
» khaled
السبت 30 أكتوبر - 5:29 من طرف marmar
» yasser attia
السبت 30 أكتوبر - 5:28 من طرف marmar
» abohmaid
السبت 30 أكتوبر - 5:26 من طرف marmar
» ملك الجبل
السبت 30 أكتوبر - 5:24 من طرف marmar
» elcaptain
السبت 30 أكتوبر - 5:21 من طرف marmar
» حاتم حجازي
السبت 30 أكتوبر - 5:20 من طرف marmar
» aka699
السبت 30 أكتوبر - 5:19 من طرف marmar
» wasseem
السبت 30 أكتوبر - 5:16 من طرف marmar
» mohammedzakarea
السبت 30 أكتوبر - 5:14 من طرف marmar
» حيدر
السبت 30 أكتوبر - 5:12 من طرف marmar
» hamadafouda
السبت 30 أكتوبر - 5:10 من طرف marmar
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
الجمعة 24 سبتمبر - 4:02 من طرف love for ever
» same7samir
الأحد 18 يوليو - 9:26 من طرف love for ever
» تامر الباز
الجمعة 9 يوليو - 7:31 من طرف love for ever
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
الجمعة 11 يونيو - 7:37 من طرف love for ever
» امجد
الأحد 16 مايو - 8:42 من طرف marmar
» ahmedelmorsi
الأحد 16 مايو - 8:40 من طرف marmar
» محمد امين
الأحد 16 مايو - 8:38 من طرف marmar
» MrMoha12356
الأحد 16 مايو - 8:36 من طرف marmar
» نوسه الحلو
الأحد 16 مايو - 8:34 من طرف marmar
» ibrahem545
الأحد 16 مايو - 8:32 من طرف marmar
» يوسف محمد السيد
الأحد 16 مايو - 8:30 من طرف marmar
» memo
الأحد 16 مايو - 8:27 من طرف marmar
» هاكلن
الأحد 16 مايو - 8:25 من طرف marmar
» لماذا نريد التغيير
السبت 15 مايو - 22:02 من طرف نرمين عبد الله
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
السبت 15 مايو - 8:13 من طرف طائر الليل الحزين
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 5:40 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود 2
الخميس 13 مايو - 3:07 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود
الخميس 13 مايو - 2:56 من طرف osman_hawa
» العمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 2:23 من طرف osman_hawa
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:43 من طرف osman_hawa
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:16 من طرف osman_hawa
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 0:57 من طرف osman_hawa
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:41 من طرف osman_hawa
» علماء مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:30 من طرف osman_hawa
» معا ننقذ فؤادة
الإثنين 26 أبريل - 21:49 من طرف marmar
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
الإثنين 26 أبريل - 5:34 من طرف طائر الليل الحزين
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
الإثنين 26 أبريل - 4:28 من طرف طائر الليل الحزين
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
الإثنين 26 أبريل - 4:17 من طرف طائر الليل الحزين
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
الإثنين 26 أبريل - 2:31 من طرف طائر الليل الحزين
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
الجمعة 23 أبريل - 11:33 من طرف love for ever
» حوده
الخميس 22 أبريل - 10:47 من طرف marmar
» وليد الروبى
الخميس 22 أبريل - 7:55 من طرف اشرف
» dr.nasr
الخميس 22 أبريل - 7:52 من طرف اشرف
» المشير أحمد إسماعيل
الإثنين 19 أبريل - 9:44 من طرف osman_hawa
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
الإثنين 19 أبريل - 9:03 من طرف osman_hawa
» wessam
الإثنين 19 أبريل - 7:26 من طرف اشرف
» عذب ابها
الإثنين 19 أبريل - 7:23 من طرف اشرف
» soma
الإثنين 19 أبريل - 7:22 من طرف اشرف
» islam abdou
الإثنين 19 أبريل - 7:18 من طرف اشرف
» رسالة ترحيب
الإثنين 19 أبريل - 7:05 من طرف marmar
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
السبت 17 أبريل - 10:44 من طرف marmar
» اصول العقائد البهائيه
السبت 17 أبريل - 10:20 من طرف marmar