عندما أذيعت بشري أن الزهراء قد وضعت أنثي.. باركها رسول الله واختار لها اسم «زينب» إحياء لذكري ابنته الراحلة التي توفيت قبل ولادة المولودة الجديدة بفترة قليلة.. والتي كانت قد توفيت متأثرة بحادث وقع لها حين هاجرت من مكة إلي المدينة إذ نخسها أحد المشركين في بطنها فأصابها وأسقط حملها وظلت تعاني إلي أن انتقلت إلي رحمة مولاها.
ومنذ نعومة أظافرها توافد لها كل ما يمكن أن تتيحه لها تلك النشأة التي لا تطاولها أو تسمو عليها نشأة.. إلا أنها في نفس الوقت كانت تحيط بها العديد من الرؤي والمرويات عن النبوءة المشئومة الحزينة التي رأي فيها الرسول- عليه الصلاة والسلام -بظهر الغيب تلك المذبحة الشنعاء والمصير المنتظر لحفيده الغالي.. ظلال تلقي علي مهد الوليدة أعمق عواطف الرثاء.
وما كادت الوليدة تشب عن الطوق حتي قيل إنها عرفت النبوءة الأليمة، وفي سن الخامسة لبي جدها نداء ربه ورأت مشاهد الذهول والحزن والجزع وشاهدت جدها صامتاً ساكناً.. والدنيا من حوله صاخبة هائجة ثائرة.. ثم يؤذن للناس .. فيدخلون جماعات لوداع أعز راحل.
وتمضي الأيام وزينب جالسة إلي فراش أمها التي تعاني المرض والضعف والحزن الشديد وما هي إلا شهور قليلة ولحقت الأم بأبيها. وأصبحت زينب مسئولة عن تنفيذ وصية أمها «بأن تصحب أخويها وترعاهما وتكون لهما من بعدها أما».
وأثمرت الزيجة المباركة عن أربعة بنين .. علي.. محمد.. عون الأكبر.. عباس و أم كلثوم .
قدر «لزينب» أن تري الأحداث عن قرب وشهدت الأمر ينتقل من «أبي بكر» إلي «عمر» ثم إلي «عثمان» وبدأت رياح الفتنة تنذر أن تهب وزينب وقد بلغت الثلاثين من عمرها.
وكأن الأحداث طوال تلك الفترة لم تكف إذ لم يشهد للسيدة زينب عقيلة بني هاشم تداخل فيما مضي من الأحداث رغم جسامتها.. وكأنها تدخرها لما هو أشد وأقسي.
ولم يكن مقتل «علي» سوي حلقة من سلسلة الفواجع التي ألمت بآل البيت إذ دانت الخلافة لمعاوية وأبعد عنها الحسن بعد إصابته بجرح بالغ، لم يكتف معاوية بهذا بل دس له السم فقتله ليفسح الطريق لابنه يزيد وفقدت زينب أخاها الحسن بعد أبيها وأمها وجدها.
ولم تمض إلا سنوات ست إلا ودعا معاوية لمبايعة ابنه يزيد ولسنوات أربع، والحسين يرفض أن يعترف ليزيد فإذا كان الأمر وراثة فمن أحق من الحسين؟! وإن يكن للأصلح فمن أولي أيضا بالخلافة من الإمام الحسين العالم الفقيه التقي؟!.
وعندما مات معاوية أراد يزيد أن يجبر الحسين علي المبايعة.. فخرج وأهله تحت جنح الظلام من المدينة متجهاً إلي مكة.. وبايعه بعض أهل الكوفة طالبين منه الرحيل إليها.
ورغم كل محاولات بني هاشم والكثير من أهل مكة وكبارها فإن الحسين اتخذ قراره بأن يسافر إلي الكوفة رغم كل التحذيرات من أهل العراق وترددهم ونكوثهم عن العهد، وقررت أخته زينب أن ترحل معه.. ومصطحبة أخيها دون زوجها.. مصطحبة معها ابنيها محمد وعون.
وفي الطريق قابله إعرابيان قادمان من الكوفة فاستفسر منهما معتقدا أن الاستقبال الذي ينتظره سيكون حافلا .. ففوجئ بالعكس تماما.. وإن منتظريه قد قتلوا وشُرد أهلوهم .. وإن أياما صعبة ومؤلمة ومصيراً تكتنفه الغيوم في الانتظار.. وأعلن لمن لحق به من الأعراب المؤيدين له عن جلية الأمر فتفرقوا عنه.. ولم يبق إلا أهله وأصحابه.
وعلي مشارف الكوفة كان في انتظاره جحافل من قوات يزيد تريد أن تمنعه من دخول الكوفة .. وتواترت إليه أنباء المذابح والتعذيب والتنكيل التي تعرض لها مبايعوه ومؤيدوه.
واقتاده الحراس إلي مكان ليس به زرع ولا ماء.. وإذا أراده فعليه القتال في كل مرة للحصول علي القليل منه.
قبل الغروب أقبلت زينب نحو أخيها الحسين تنبهه من غفوة إرهاق إلي اقتراب أصوات فرسان وأجابها قائلا إنه قد رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم وآله في المنام وأنني ذاهب إليهم.. وجزعت زينب.. وتوجه الحسين إلي أصحابه يطلب منهم أن يتركوه ويرحلوا في سلام ورفضوا جميعا.
وفي الصباح تلاقي الجيشان عمر بن سعد في أربعة آلاف من جيش أمير الكوفة كامل العدة شاهر السلاح من ورائهم الدولة والسلطان.
والحسين في اثنين وثلاثين فارسا وأربعين رجلا ومن ورائهم الصبية والنساء.
ودارت المعركة بكل قسوتها ووحشيتها وعدم التكافؤ فيها.. وكان أول قتيل علي بن الحسين وانطلقت عمته زينب تحتضنه.. وبعده القاسم بن الحسن وبعدهما ابنها عون وأخواه محمد وعبد الله وإخوتها العباس وجعفر وعبد الله وعثمان ومحمد وأبوبكر بل قتل الجميع ولم يبق إلا الحسين ليقاتل وحده ساعة كاملة.
ووقفت زينب تملأ عينيها منه قبل أن يمضي.. وكانت النهاية المحتومة قتل الحسين وبجثته ثلاث وثلاثون طعنة وأربعة وثلاثون ضربة.
ثلاثة وسبعون شهيدا ووقفت زينب في نفر من الصبية والأرامل والثواكل يجمعن أشلاء الأحباء.
وسيقت زينب مع أختها فاطمة وسكينة بنت الحسين سبابا أسيرات ومعهن بعض النساء وطفل مريض من أبناء الحسين «علي زين العابدين».
وحين أشرفت علي القاعة الكبري ورأت عبد الله بن زياد تقدمت زينب في مهابة وجلال وأخذت مجلسها دون إذن وألقمته حين سألها حروف العزة والكرامة والفخر وطيب الأصل والمنبت.. مذكره إياه بضعة شأنه.. ورحلت إلي مصر واستقبلها المصريون بطلتها المشرقة بنور الاستشهاد وقد أخذهم البكاء..
وآن للجسد المتعب المضني أن يستريح وانتقلت إلي رحاب الله في شهر رجب سنة 62ه،ـ وبقيت قصة آلامها نبراساً ينير الطريق وذكري عطرة لإذكاء روح الفداء والعطاء والإيمان والاستشهاد.. عظة للأجيال حتي يوم الساعة.
فاروق عبد الخالق
ومنذ نعومة أظافرها توافد لها كل ما يمكن أن تتيحه لها تلك النشأة التي لا تطاولها أو تسمو عليها نشأة.. إلا أنها في نفس الوقت كانت تحيط بها العديد من الرؤي والمرويات عن النبوءة المشئومة الحزينة التي رأي فيها الرسول- عليه الصلاة والسلام -بظهر الغيب تلك المذبحة الشنعاء والمصير المنتظر لحفيده الغالي.. ظلال تلقي علي مهد الوليدة أعمق عواطف الرثاء.
وما كادت الوليدة تشب عن الطوق حتي قيل إنها عرفت النبوءة الأليمة، وفي سن الخامسة لبي جدها نداء ربه ورأت مشاهد الذهول والحزن والجزع وشاهدت جدها صامتاً ساكناً.. والدنيا من حوله صاخبة هائجة ثائرة.. ثم يؤذن للناس .. فيدخلون جماعات لوداع أعز راحل.
وتمضي الأيام وزينب جالسة إلي فراش أمها التي تعاني المرض والضعف والحزن الشديد وما هي إلا شهور قليلة ولحقت الأم بأبيها. وأصبحت زينب مسئولة عن تنفيذ وصية أمها «بأن تصحب أخويها وترعاهما وتكون لهما من بعدها أما».
وأثمرت الزيجة المباركة عن أربعة بنين .. علي.. محمد.. عون الأكبر.. عباس و أم كلثوم .
قدر «لزينب» أن تري الأحداث عن قرب وشهدت الأمر ينتقل من «أبي بكر» إلي «عمر» ثم إلي «عثمان» وبدأت رياح الفتنة تنذر أن تهب وزينب وقد بلغت الثلاثين من عمرها.
وكأن الأحداث طوال تلك الفترة لم تكف إذ لم يشهد للسيدة زينب عقيلة بني هاشم تداخل فيما مضي من الأحداث رغم جسامتها.. وكأنها تدخرها لما هو أشد وأقسي.
ولم يكن مقتل «علي» سوي حلقة من سلسلة الفواجع التي ألمت بآل البيت إذ دانت الخلافة لمعاوية وأبعد عنها الحسن بعد إصابته بجرح بالغ، لم يكتف معاوية بهذا بل دس له السم فقتله ليفسح الطريق لابنه يزيد وفقدت زينب أخاها الحسن بعد أبيها وأمها وجدها.
ولم تمض إلا سنوات ست إلا ودعا معاوية لمبايعة ابنه يزيد ولسنوات أربع، والحسين يرفض أن يعترف ليزيد فإذا كان الأمر وراثة فمن أحق من الحسين؟! وإن يكن للأصلح فمن أولي أيضا بالخلافة من الإمام الحسين العالم الفقيه التقي؟!.
وعندما مات معاوية أراد يزيد أن يجبر الحسين علي المبايعة.. فخرج وأهله تحت جنح الظلام من المدينة متجهاً إلي مكة.. وبايعه بعض أهل الكوفة طالبين منه الرحيل إليها.
ورغم كل محاولات بني هاشم والكثير من أهل مكة وكبارها فإن الحسين اتخذ قراره بأن يسافر إلي الكوفة رغم كل التحذيرات من أهل العراق وترددهم ونكوثهم عن العهد، وقررت أخته زينب أن ترحل معه.. ومصطحبة أخيها دون زوجها.. مصطحبة معها ابنيها محمد وعون.
وفي الطريق قابله إعرابيان قادمان من الكوفة فاستفسر منهما معتقدا أن الاستقبال الذي ينتظره سيكون حافلا .. ففوجئ بالعكس تماما.. وإن منتظريه قد قتلوا وشُرد أهلوهم .. وإن أياما صعبة ومؤلمة ومصيراً تكتنفه الغيوم في الانتظار.. وأعلن لمن لحق به من الأعراب المؤيدين له عن جلية الأمر فتفرقوا عنه.. ولم يبق إلا أهله وأصحابه.
وعلي مشارف الكوفة كان في انتظاره جحافل من قوات يزيد تريد أن تمنعه من دخول الكوفة .. وتواترت إليه أنباء المذابح والتعذيب والتنكيل التي تعرض لها مبايعوه ومؤيدوه.
واقتاده الحراس إلي مكان ليس به زرع ولا ماء.. وإذا أراده فعليه القتال في كل مرة للحصول علي القليل منه.
قبل الغروب أقبلت زينب نحو أخيها الحسين تنبهه من غفوة إرهاق إلي اقتراب أصوات فرسان وأجابها قائلا إنه قد رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم وآله في المنام وأنني ذاهب إليهم.. وجزعت زينب.. وتوجه الحسين إلي أصحابه يطلب منهم أن يتركوه ويرحلوا في سلام ورفضوا جميعا.
وفي الصباح تلاقي الجيشان عمر بن سعد في أربعة آلاف من جيش أمير الكوفة كامل العدة شاهر السلاح من ورائهم الدولة والسلطان.
والحسين في اثنين وثلاثين فارسا وأربعين رجلا ومن ورائهم الصبية والنساء.
ودارت المعركة بكل قسوتها ووحشيتها وعدم التكافؤ فيها.. وكان أول قتيل علي بن الحسين وانطلقت عمته زينب تحتضنه.. وبعده القاسم بن الحسن وبعدهما ابنها عون وأخواه محمد وعبد الله وإخوتها العباس وجعفر وعبد الله وعثمان ومحمد وأبوبكر بل قتل الجميع ولم يبق إلا الحسين ليقاتل وحده ساعة كاملة.
ووقفت زينب تملأ عينيها منه قبل أن يمضي.. وكانت النهاية المحتومة قتل الحسين وبجثته ثلاث وثلاثون طعنة وأربعة وثلاثون ضربة.
ثلاثة وسبعون شهيدا ووقفت زينب في نفر من الصبية والأرامل والثواكل يجمعن أشلاء الأحباء.
وسيقت زينب مع أختها فاطمة وسكينة بنت الحسين سبابا أسيرات ومعهن بعض النساء وطفل مريض من أبناء الحسين «علي زين العابدين».
وحين أشرفت علي القاعة الكبري ورأت عبد الله بن زياد تقدمت زينب في مهابة وجلال وأخذت مجلسها دون إذن وألقمته حين سألها حروف العزة والكرامة والفخر وطيب الأصل والمنبت.. مذكره إياه بضعة شأنه.. ورحلت إلي مصر واستقبلها المصريون بطلتها المشرقة بنور الاستشهاد وقد أخذهم البكاء..
وآن للجسد المتعب المضني أن يستريح وانتقلت إلي رحاب الله في شهر رجب سنة 62ه،ـ وبقيت قصة آلامها نبراساً ينير الطريق وذكري عطرة لإذكاء روح الفداء والعطاء والإيمان والاستشهاد.. عظة للأجيال حتي يوم الساعة.
فاروق عبد الخالق
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
» فرح جامد آخر حاجه
» ملحمة الثورة في السويس
» موقعة الجمل 2-2-2011
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
» لماذا قامت الثورة ؟
» مواهب خرجت من رحم الثورة
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
» المتحولون
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
» اول ساعة ثورة
» ثم ماذا بعد ؟
» ذكريات اول ايام الثورة
» ندااااااااء
» دحمبيش الغربيه
» الحجاب والنقاب في مصر
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
» شخصيات خلبية وهزلية
» msakr2006
» ente7ar007
» Nancy
» waleed ali
» hamedadelali
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
» علي عبد الله رحاحلة
» sheriefadel
» خالد احمد عدوى
» khaled
» yasser attia
» abohmaid
» ملك الجبل
» elcaptain
» حاتم حجازي
» aka699
» wasseem
» mohammedzakarea
» حيدر
» hamadafouda
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
» same7samir
» تامر الباز
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
» امجد
» ahmedelmorsi
» محمد امين
» MrMoha12356
» نوسه الحلو
» ibrahem545
» يوسف محمد السيد
» memo
» هاكلن
» لماذا نريد التغيير
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
» الفساد في مصر بلا حدود 2
» الفساد في مصر بلا حدود
» العمال والتغيير السياسي في مصر
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
» علماء مصر و التغيير السياسي
» معا ننقذ فؤادة
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
» حوده
» وليد الروبى
» dr.nasr
» المشير أحمد إسماعيل
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
» wessam
» عذب ابها
» soma
» islam abdou
» رسالة ترحيب
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
» اصول العقائد البهائيه