يقول الأديب جمال الغيطاني في تقديمه للطبعة العربية من كتاب "عمارة الفقراء": "أصبح فكر سيد البنائين المصريين حسن فتحي ملكًا للإنسانية كلها، أفكاره المعمارية تتجسد في مصر وأمريكا وأوروبا وآسيا.. إنها ليست مجرد أفكار هندسية.. ولكنه بحث أصيل ودؤوب في الشخصية والهوية والتراث المعماري والفكري والحضاري للشرق".
ولد المهندس حسن فتحي عام 1900م ميلادية، وتخرج في "المهندسخانة" بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1959م، وجائزة الدولة التقديرية سنة 1969م، وتُوفي سنة 1989م دون أن يتزوج، لكنه أعطى حياته كلها لأفكاره.
تكمن الأهمية الحقيقة لحسن فتحي في كونه مهندسًا له وجهة نظر خاصة مرتكزة على تراث أمته ومستفيدة في الوقت نفسه من إنجازات الآخرين. فالبناء عنده لم يكن مجرد جدران وسقف، بل كان حياة وحضارة، وتراثًا لم يمت، بل ما زالت روحه حية، وإعدادًا جيدًا لمستقبل متواصل مع هذا التراث تواصلاً جديًّا في غير انقطاع.
كان حسن فتحي يرى أن أهم مشكلات المعمار والإسكان في الدول الفقيرة كمصر تكمن في الفوارق الرهيبة بين القدرات المادية والدخل السنوي للأهالي وتكاليف البناء، مما يؤدي إلى عدم القدرة على بناء العدد الكافي من المساكن التي يحتاجها أفراد المجتمع، فيحظى بالمساكن من يملكون تكاليفها، وتبقى الأغلبية الفقيرة بلا مأوى، إلا الأكشاك أو الخيام أو التكدس كل عشرة أفراد في شقة من حجرة واحدة وصالة، مما يؤدي بدوره إلى مشاكل اجتماعية نفسية لا نهائية.
ويرى أن الإصرار على حل المشكلة بالمساعدات المالية التي تُمْنح للأهالي عن طريق الحكومات أو الهيئات الدولية لن تأتي بنتيجة، كذلك لن تكون ميكنة البناء واستخدام المباني الجاهزة أو الطرق الغربية في البناء حلاًّ لعظم تكاليفها.
ويطرح المهندس حسن فتحي حلولاً أهمهما: قيام الأهالي بالبناء بأنفسهم لأنفسهم عن طريق التعاون التقليدي، وليس الجمعيات التعاونية لذات الموظفين البيروقراطيين، وإخضاع علوم الهندسة والتكنولوجيا الحديثة لاقتصاديات الأهالي ذوي الدخول شديدة الانخفاض، بما يسمح بإيجاد مسكن يتفق مع هذه الدخول، ويؤكد حسن فتحي هنا أن ذلك يستلزم إيجاد النظام الاجتماعي – إداري / مالي- بما يسمح باستمرار فاعلية النظام التعاوني التقليدي في الظروف الحالية غير التقليدية، ذات النظام الذي بطلت فاعليته قبل الأوان بالنسبة للغالبية العظمى من الأهالي من جراء عمليات التحول الاجتماعي والاقتصادي التي شملت العالَم المُصَنِّع وجَرَّتْ معها العالَم غير المصنِّع أو العالم الثالث.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الاقتصادية الرئيسية في عملية البناء تتمثل في السقف؛ لأنه يتطلب "استعمال مواد تتحمل جهود الشد والانحناء والقص بالخرسانة المسلحة والخشب، ومن هنا كان تمسك الخبراء بهذه المواد المصنعة، وحل هذه المشكلة الفنية عند حسن فتحي مُسْتَمَدٌّ من تراثنا المعماري الذي انتهجه الأجداد الذين أعطوا السقف شكل قبو ذي منحنى سلسلي، وبذلك امتنعت كل جهود الشد والانحناء والقص، واقتصرت على جهود الضغط، والطوب الأخضر يتحمل هذه الضغوط بكل يسر، إن القدامى حلوا المشكل عن طريق الشكل الهندسي للسقف وليس عن طريق استعمال المواد المصنعة الغالية، وهكذا أخضع القدماء التكنولوجيا لاقتصاديات الأهالي الفقراء بحيث تسمح بإنشاء هذه الأسقف المقببة بدون صلبات أو عبوات خشبية، إنهم يثبتونها في الهواء، بكل بساطة بالطرق التي كانت سائدة إلى الأمس القريب في بلاد النوبة، التي لم تزل سائدة في إيران إلى اليوم وخاصة في إقليم يرد".
كان المفهوم الواسع لكلمتي الثقافة والتراث هو مدخل حسن فتحي إلى فلسفته في مجال العمارة، فهو يرى أن "الثقافة عُرفت بأنها نتيجة تفاعل ذكاء الإنسان مع البيئة في استيفاء حاجاته المادية والروحية، وينطبق أكثر ما ينطبق صدق هذا التعريف على الفنون التشكيلية ومنها العمارة؛ لأنه ليس من المعقول أن يصور مصور سويسري لوحة بها جِمال ونخيل عن طبيعة بلاده، كما لا يمكن ولا يُعْقل أن يقوم مهندس معماري عربي ببناء شاليه سويسري في مصر أو الكويت، وبجواره نخيل وجمال، إنه يكون أمرًا مضحكًا كما هو في الأفلام الهزلية، ولكن للأسف هذا هو الحادث اليوم في كافة البلاد العربية، ليس ببناء شاليهات سويسرية في المنطقة العربية، وإنما ببناء عمارات أمريكية على الطراز الغربي الحديث الذي يتنافى مع طبيعة البلاد وأشكال الناس وملامحهم التي تصبح عندما نراهم بجوار تلك المباني كأشكال النخيل والجِمال بجوار الشاليه السويسري".
فحسن فتحي كما نرى يؤكد على أن يكون المعماري ليس مجرد مهندس، ولكنه مدرك للأبعاد المختلفة للبيئة والسكان تاريخيًّا واجتماعيًّا وسيكولوجيًّا وبيولوجيًّا، كما يهتم بمراعاة مناسبة البناء للمكان (وادٍ / صحراء / جبل) حتى لا يكون قبيحًا وغير متناسب مع البيئة، وهو يرفض أن يصبح الطابع الفرعوني أو القبطي أو البابلي أو الآشوري أو الإسلامي مجرد حلية زائفة في بناء معماري على النمط الغربي، وهو يعبر عن سعة أفقه وذكاء فهمه بقوله: "إن ثَمَّة عناصر قديمة بائدة في العمارة التقليدية لا تصلح اليوم، مقابل عناصر أخرى فعالة متطورة هي التي يجب استخلاصها وإثراؤها بوحي من مواد البناء المحلية".. فالفن المعماري عند حسن فتحي "ليس صيغة ثابتة لكل العصور، بل هو مرهون بالملامح والقوى والسمات السائدة وبالظروف الخاصة الدائمة التغير".
لقد طبق حسن فتحي فلسفته في قرية القرنة في البر الغربي – جنوب وادي النيل - في مواجهة الأقصر، وشرحها تفصيليًّا في كتابه "عمارة الفقراء" الذي نُشر بعدة لغات أجنبية وأعطى حسن فتحي الشهرة العالمية، كما طبق أفكاره المعمارية أيضًا في قرية "مشربية
ولد المهندس حسن فتحي عام 1900م ميلادية، وتخرج في "المهندسخانة" بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1959م، وجائزة الدولة التقديرية سنة 1969م، وتُوفي سنة 1989م دون أن يتزوج، لكنه أعطى حياته كلها لأفكاره.
تكمن الأهمية الحقيقة لحسن فتحي في كونه مهندسًا له وجهة نظر خاصة مرتكزة على تراث أمته ومستفيدة في الوقت نفسه من إنجازات الآخرين. فالبناء عنده لم يكن مجرد جدران وسقف، بل كان حياة وحضارة، وتراثًا لم يمت، بل ما زالت روحه حية، وإعدادًا جيدًا لمستقبل متواصل مع هذا التراث تواصلاً جديًّا في غير انقطاع.
كان حسن فتحي يرى أن أهم مشكلات المعمار والإسكان في الدول الفقيرة كمصر تكمن في الفوارق الرهيبة بين القدرات المادية والدخل السنوي للأهالي وتكاليف البناء، مما يؤدي إلى عدم القدرة على بناء العدد الكافي من المساكن التي يحتاجها أفراد المجتمع، فيحظى بالمساكن من يملكون تكاليفها، وتبقى الأغلبية الفقيرة بلا مأوى، إلا الأكشاك أو الخيام أو التكدس كل عشرة أفراد في شقة من حجرة واحدة وصالة، مما يؤدي بدوره إلى مشاكل اجتماعية نفسية لا نهائية.
ويرى أن الإصرار على حل المشكلة بالمساعدات المالية التي تُمْنح للأهالي عن طريق الحكومات أو الهيئات الدولية لن تأتي بنتيجة، كذلك لن تكون ميكنة البناء واستخدام المباني الجاهزة أو الطرق الغربية في البناء حلاًّ لعظم تكاليفها.
ويطرح المهندس حسن فتحي حلولاً أهمهما: قيام الأهالي بالبناء بأنفسهم لأنفسهم عن طريق التعاون التقليدي، وليس الجمعيات التعاونية لذات الموظفين البيروقراطيين، وإخضاع علوم الهندسة والتكنولوجيا الحديثة لاقتصاديات الأهالي ذوي الدخول شديدة الانخفاض، بما يسمح بإيجاد مسكن يتفق مع هذه الدخول، ويؤكد حسن فتحي هنا أن ذلك يستلزم إيجاد النظام الاجتماعي – إداري / مالي- بما يسمح باستمرار فاعلية النظام التعاوني التقليدي في الظروف الحالية غير التقليدية، ذات النظام الذي بطلت فاعليته قبل الأوان بالنسبة للغالبية العظمى من الأهالي من جراء عمليات التحول الاجتماعي والاقتصادي التي شملت العالَم المُصَنِّع وجَرَّتْ معها العالَم غير المصنِّع أو العالم الثالث.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الاقتصادية الرئيسية في عملية البناء تتمثل في السقف؛ لأنه يتطلب "استعمال مواد تتحمل جهود الشد والانحناء والقص بالخرسانة المسلحة والخشب، ومن هنا كان تمسك الخبراء بهذه المواد المصنعة، وحل هذه المشكلة الفنية عند حسن فتحي مُسْتَمَدٌّ من تراثنا المعماري الذي انتهجه الأجداد الذين أعطوا السقف شكل قبو ذي منحنى سلسلي، وبذلك امتنعت كل جهود الشد والانحناء والقص، واقتصرت على جهود الضغط، والطوب الأخضر يتحمل هذه الضغوط بكل يسر، إن القدامى حلوا المشكل عن طريق الشكل الهندسي للسقف وليس عن طريق استعمال المواد المصنعة الغالية، وهكذا أخضع القدماء التكنولوجيا لاقتصاديات الأهالي الفقراء بحيث تسمح بإنشاء هذه الأسقف المقببة بدون صلبات أو عبوات خشبية، إنهم يثبتونها في الهواء، بكل بساطة بالطرق التي كانت سائدة إلى الأمس القريب في بلاد النوبة، التي لم تزل سائدة في إيران إلى اليوم وخاصة في إقليم يرد".
كان المفهوم الواسع لكلمتي الثقافة والتراث هو مدخل حسن فتحي إلى فلسفته في مجال العمارة، فهو يرى أن "الثقافة عُرفت بأنها نتيجة تفاعل ذكاء الإنسان مع البيئة في استيفاء حاجاته المادية والروحية، وينطبق أكثر ما ينطبق صدق هذا التعريف على الفنون التشكيلية ومنها العمارة؛ لأنه ليس من المعقول أن يصور مصور سويسري لوحة بها جِمال ونخيل عن طبيعة بلاده، كما لا يمكن ولا يُعْقل أن يقوم مهندس معماري عربي ببناء شاليه سويسري في مصر أو الكويت، وبجواره نخيل وجمال، إنه يكون أمرًا مضحكًا كما هو في الأفلام الهزلية، ولكن للأسف هذا هو الحادث اليوم في كافة البلاد العربية، ليس ببناء شاليهات سويسرية في المنطقة العربية، وإنما ببناء عمارات أمريكية على الطراز الغربي الحديث الذي يتنافى مع طبيعة البلاد وأشكال الناس وملامحهم التي تصبح عندما نراهم بجوار تلك المباني كأشكال النخيل والجِمال بجوار الشاليه السويسري".
فحسن فتحي كما نرى يؤكد على أن يكون المعماري ليس مجرد مهندس، ولكنه مدرك للأبعاد المختلفة للبيئة والسكان تاريخيًّا واجتماعيًّا وسيكولوجيًّا وبيولوجيًّا، كما يهتم بمراعاة مناسبة البناء للمكان (وادٍ / صحراء / جبل) حتى لا يكون قبيحًا وغير متناسب مع البيئة، وهو يرفض أن يصبح الطابع الفرعوني أو القبطي أو البابلي أو الآشوري أو الإسلامي مجرد حلية زائفة في بناء معماري على النمط الغربي، وهو يعبر عن سعة أفقه وذكاء فهمه بقوله: "إن ثَمَّة عناصر قديمة بائدة في العمارة التقليدية لا تصلح اليوم، مقابل عناصر أخرى فعالة متطورة هي التي يجب استخلاصها وإثراؤها بوحي من مواد البناء المحلية".. فالفن المعماري عند حسن فتحي "ليس صيغة ثابتة لكل العصور، بل هو مرهون بالملامح والقوى والسمات السائدة وبالظروف الخاصة الدائمة التغير".
لقد طبق حسن فتحي فلسفته في قرية القرنة في البر الغربي – جنوب وادي النيل - في مواجهة الأقصر، وشرحها تفصيليًّا في كتابه "عمارة الفقراء" الذي نُشر بعدة لغات أجنبية وأعطى حسن فتحي الشهرة العالمية، كما طبق أفكاره المعمارية أيضًا في قرية "مشربية
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
» فرح جامد آخر حاجه
» ملحمة الثورة في السويس
» موقعة الجمل 2-2-2011
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
» لماذا قامت الثورة ؟
» مواهب خرجت من رحم الثورة
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
» المتحولون
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
» اول ساعة ثورة
» ثم ماذا بعد ؟
» ذكريات اول ايام الثورة
» ندااااااااء
» دحمبيش الغربيه
» الحجاب والنقاب في مصر
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
» شخصيات خلبية وهزلية
» msakr2006
» ente7ar007
» Nancy
» waleed ali
» hamedadelali
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
» علي عبد الله رحاحلة
» sheriefadel
» خالد احمد عدوى
» khaled
» yasser attia
» abohmaid
» ملك الجبل
» elcaptain
» حاتم حجازي
» aka699
» wasseem
» mohammedzakarea
» حيدر
» hamadafouda
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
» same7samir
» تامر الباز
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
» امجد
» ahmedelmorsi
» محمد امين
» MrMoha12356
» نوسه الحلو
» ibrahem545
» يوسف محمد السيد
» memo
» هاكلن
» لماذا نريد التغيير
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
» الفساد في مصر بلا حدود 2
» الفساد في مصر بلا حدود
» العمال والتغيير السياسي في مصر
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
» علماء مصر و التغيير السياسي
» معا ننقذ فؤادة
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
» حوده
» وليد الروبى
» dr.nasr
» المشير أحمد إسماعيل
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
» wessam
» عذب ابها
» soma
» islam abdou
» رسالة ترحيب
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
» اصول العقائد البهائيه