معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

3 مشترك

    لا بديل عن الدين

    ahmad
    ahmad
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 66
    رقم العضوية : 52
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 80
    معدل تقييم الاداء : 2

    لا بديل عن الدين Empty لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف ahmad الثلاثاء 5 أغسطس - 12:12

    ومن الناس من يتصور إمكان الاستغناء عن الدين بالعلم الحديث حينا ٬ أو المذاهب
    الفكرية "الأيديولوجيات" الحديثة حينا آخر.
    وكلا التصورين خطأ.
    فقد بين الواقع الناطق أنه لا شيء يغني عن الدين ٬ ويقوم بديلا عنه في أداء رسالته
    الضخمة في حياة الإنسان.
    العلم ليس بديلا عن الدين:
    أما العلم فليس بديلا عن الدين والإيمان بحال. فإن مجال العلم غير مجال الدين. وأريد ب
    "العلم" هنا العلم بمفهومه الغربي المحدود ٬ لا بمفهومه الإسلامي الشامل الذي


    يشمل العلم بالظواهر الجزئية للكون ٬ والعلم بحقائق الوجود الكبرى أي ما يشمل
    علم الدنيا ٬ وعلم الدين. فليس هو علم المادة وخواصها فحسب ٬ بل العلم المتعلق
    بالكون والحياة والإنسان ٬ وخالقها سبحانه.
    العلم بالمفهوم الغربي لا يصلح بديلا عن الدين ٬ لأن مهمة هذا العلم أن ييسر للإنسان
    أسباب الحياة ٬ لا أن يفسر له ألغازها. العلم يعين الإنسان على حل مشكلة العيش ٬
    ولكنه لا يعينه على حل مشكلة الوجود وقضاياه الكبرى.
    ولهذا نرى أعظم البلاد في عصرنا تقدما في العلم ٬ وأخذا بأسبابه ٬ يشكو أهلها من
    الفراغ الروحي ٬ والقلق النفسي ٬ والاضطراب الفكري ٬ والشعور الدائم بالتفاهة
    والاكتئاب والضياع. ونرى شبابها ينقلبون بين شتى البدع الفكرية والسلوكية ٬ ثائرين
    على آلية الحياة ٬ ومادية الحضارة ٬ وإن لم يهتدوا إلى المنهج السليم ٬ والصراط
    المستقيم.
    وهذا هو سر العوج والشذوذ والانحرافات ٬ التي لمسها العالم كله في سلوك أولئك
    الشباب الحائرين ٬ الذين يسمونهم "الخنافس" أو "الهيبيين" وأشباههم ممن ضاق
    ذرعهم بتفاهة العيش ٬ وتمردوا على حضارة الغرب وإن نشأوا بين أحضانها.
    إن العلم الحديث محدود الوسع ٬ محدود القدرة ٬ محدود المجال.
    في وسع العلم أن يمنح الإنسان الوسائل والآلات ٬ ولكن ليس في وسعه ولا من
    اختصاصه أن يمنحه الأهداف والغايات ٬ وما أتعس الإنسان إذا تكدست لديه الوسائل
    دون أن يعرف لنفسه هدفا ولا لحياته قيمة ٬ إلا أهداف السباع في العدوان ٬ أو أهداف
    البهائم في الأكل والسفاد. أما هدف رفيع يليق بمواهب الإنسان ٬ وخصائص الإنسان ٬
    وكرامة الإنسان ٬ فلا.
    إن الدين وحده هو الذي يمنح الإنسان أهدافا عليا للحياة وغايات كبرى للوجود ٬ ويجعل
    له فيه مهمة ورسالة ٬ ولحياته قيمة واعتبارا ٬ كما يمنحه القيم الخلقية والمثل العليا
    التي تحبسه عن الشر ٬ وتحفزه على الخير ٬ لغير منفعة مادية عاجلة.
    لقد قوى العلم الجانب المادي في الإنسان إلى أبعد حد ٬ ولكنه أضعف الجانب الروحي
    فيه إلى أدنى مستوى.

    فقد أعطى العلم الإنسان جناحي طائر فحلق في الفضاء ٬ وأعطاه خياشيم حوت فغاص
    في أعماق الماء ٬ ولكنه لم يعطه قلب إنسان!
    وحين يعيش الإنسان في الحياة بغير "قلب الإنسان" تستحيل أدوات العلم في يديه
    إلى مخالب وأنياب تقتل وترهب ٬ وإلى معاول وألغام تنسف وتدمر.
    تستحيل أدوات العلم إلى أسلحة ذرية ٬ وقنابل نابالم ٬ وغازات سامة ٬ وأسلحة كيماوية ٬
    وجرثومية تنشر الموت والخراب عند استعمالها ٬ وتشيع الذعر والخوف قبل استعمالها.
    أجل قد استطاع العلم أن يضع قدم الإنسان على سطح القمر ٬ ولكنه لم يملك أن يضع
    يده على سر وجوده وغاية حياته!
    لقد اكتشف الإنسان بالعلم ٬ "أشياء" كثيرة ٬ ولكنه لم يكتشف حقيقة نفسه! أوصله
    علم القرن العشرين إلى القمر. ولكن لم يوصله إلى السعادة والطمأنينة على ظهر
    الأرض! جلب من هناك بعض الصخور والأتربة ٬ ولكنه لم يجد هناك ما يخرجه من
    التعاسة والقلق والضياع في كوكبه!
    أصلح العلم ظاهر الإنسان ٬ وعجز عن إصلاح باطنه ٬ لم يستطع أن ينفذ إلى تلك
    "اللطيفة الربانية" المدركة الواعية ٬ الشاعرة الحساسة ٬ التي إذا صلحت صلح الإنسان
    كله ٬ وإذا فسدت فسد الإنسان كله ٬ ألا وهي القلب ٬ أو النفس ٬ أو الروح ٬ سمها ما
    شئت ٬ فهي حقيقة الإنسان!
    أعطى العلم إنسان القرن العشرين سلاحا انتصر به على بعض قوى الطبيعة ٬ ولم
    يعطه ما ينتصر به على نفسه: على شهواته ٬ وشكه ٬ وقلقه ٬ وخوفه ٬ وتخبطه ٬ وصراعه
    الداخلي والاجتماعي.
    لقد تقدم الطب الحديث والجراحة إلى أقصى حدودهما في هذا القرن ٬ وبدأ الأطباء
    يقولون: إن العلم يستطيع القضاء على كل مرض غير الموت والشيخوخة!! ولكن
    الأمراض تكثر وتتشعب وتنتشر بسرعة مذهلة ٬ ومنها "الأمراض العصبية" و"النفسية"
    التي هي نتائج وأعراض "التناقض" الشديد الذي يمر به الفرد والمجتمع. وسر ذلك أن
    العلم المادي على سعته واكتشافاته لم يعرف حقيقة الإنسان ٬ الذي عرف المادة
    وقوانينها ٬ ولكنه لم يعرف نفسه ٬ ولا غرو أن كتب أحد أقطاب العلم "ألكسيس كاريل"
    في كتابه الشهير: "الإنسان ذلك المجهول".
    ومن هنا حاول العلم الحديث أن يغذي كل الجوانب المادية في الجوانب المادية في
    الجسم الإنساني ٬ ولكنه فشل في تغذية النفس الإنسانية مما فيها من شعور وأماني
    وإرادة . . . وكانت حصيلة ذلك جسما طويل القامة ٬ قوي العضلات ٬ ولكن الجانب الآخر
    وهو أصل الإنسان أصبح يعانى من أزمات لا حل لها.
    لقد أكدت إحصائية: أن ثمانين في المائة ( ۸۰ %) من مرضى المدن الأمريكية الكبرى
    يعانون أمراضا ناتجة عن أزمات نفسية وعصبية من ناحية أو أخرى.
    ويقول علم النفس الحديث: إن من أهم جذور هذه الأمراض النفسية: الكراهية والحقد
    والخوف والإرهاق واليأس والترقب والشك والآثرة والانزعاج من البيئة ٬ وكل هذه
    الأعراض تتعلق مباشرة بالحياة المحرومة من الإيمان بالله.
    ahmad
    ahmad
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 66
    رقم العضوية : 52
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 80
    معدل تقييم الاداء : 2

    لا بديل عن الدين Empty رد: لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف ahmad الثلاثاء 5 أغسطس - 12:13

    الفلسفة ليست بديلا عن الدين:
    لقد تبين لنا أن إنسان العلم الحديث هو "ذلك المجهول" الذي لم يستطع العلم أن
    يسبر غوره ٬ وأن يتعرف على حقيقته ٬ وأن ينفذ إلى أعماقه ٬ كما بين ذلك "ألكسيس
    كاريل" و "رينيه دوبو" ٬ وغيرهما. لقد عرف العلم الجمادات أو المادة ٬ وحللها واكتشف
    قوانينها ٬ ولكنه عجز عن معرفة الإنسان ٬ لأن الإنسان من التركيب والتعقيد بحيث لا
    يعرفه إلا من خلقه فسواه: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
    ومادام العلم يجهل الإنسان ٬ فلا يؤمل منه أن يحسن توجيهه وتربيته والتشريع له ٬ بل
    بدا اليوم أن العلم بعبارة أدق: تطبيقاته التكنولوجية أصبح خطرا على فطرة الإنسان ٬
    وبيئة الإنسان.
    و"إنسان الفلسفة" ليس أحسن حظا من إنسان العلم ٬ والفلسفة رغم اهتمامها
    بالإنسان منذ أنزلها "سقراط" من السماء إلى الأرض ووجه العقل الإنساني إلى
    محاولة اكتشاف ذاته: اعرف نفسك لم تتفق على رأي في نظرتها إلى الإنسان: أهو
    روح أم مادة؟ جسم يفنى أم روح يبقى؟ عقل أم شهوة؟ ملاك أم شيطان؟ الأصل فيه
    الخير أم الشر؟ أهو إنسان كما نراه ٬ أم ذئب مقنع؟ أو أناني أم غيري؟ أهو فردي أم
    جماعي؟ أهو ثابت أم متطور؟ أتجدي فيه التربية أم لا تجدي؟ أهو مختار أم مجبور؟
    اختلفت الفلسفات في الإجابة عن هذه التساؤلات وتناقضت ٬ فلا تستطيع أن تخرج
    منها بطائل ٬ حتى قال شيخنا الدكتور عبد الحليم محمود وهو أستاذ الفلسفة في
    كلية أصول الدين قبل أن يكون شيخا للأزهر: "الفلسفة لا رأي لها ٬ لأنها تقول الرأي
    وضده ٬ والفكرة ونقيضها".
    هنا نجد الفلسفة الإلهية مناقضة للفلسفة المادية ٬ والفلسفة المثالية مناقضة
    للفلسفة الواقعية ٬ وفلسفة الواجب معارضة لفلسفة المنفعة أو اللذة ٬ إلى آخر ما
    نعرفه من تناقضات في الساحة الفلسفية ٬ فهذا يثبت ٬ وذاك ينفي ٬ وهذا يبني ٬ وذاك
    يهدم.
    ومن هنا لا تستطيع الفلسفة وحدها أن تهدى الإنسان سبيلا أو تشفي له غليلا ٬ أو
    تمنحه منهجا يركن له ويطمئن إليه ٬ ويقيم حياته على أساسه.
    وأبعد الفلسفات عن هداية الإنسان وإسعاده هي الفلسفات المادية ٬ التي تنكر أن
    للكون إلها ٬ وأن للإنسان روحا ٬ وأن وراء الدنيا آخرة. وعلى رأس هذه الفلسفات:
    الفلسفة الماركسية القائمة على المادة الجدلية ٬ والتي تتبنى مقولة بعض الفلاسفة
    الماديين: ليس صوابا أن الله خلق الإنسان ٬ بل الصواب أن الإنسان هو الذي خلق الله !!
    ومثل ذلك: الفلسفات العبثية والعدمية والشكية ٬ فكلها فلسفات تهدم ولا تبني.
    وتميت ولا تحيى.
    ويبين شيخنا الدكتور دراز الفرق بين: الفلسفة والدين ٬ فيرى أن الفلسفة فكرة هادئة
    باردة ٬ أما الدين فهو قوة دافعة ٬ فعالة ٬ خلاقة ٬ لا يقف فيسبيلها شيء في الكون إلا
    استهانت به أو تبلغ هدفها.
    ذلك هو فصل ما بين الفلسفة والدين ٬ غاية الفلسفة المعرفة ٬ وغاية الدين الإيمان ٬
    مطلب الفلسفة فكرة جافة ٬ ترتسم في صورة جامدة ٬ ومطلب الدين روح وثابة ٬ وقوة
    محركة.
    لا نقول كما يقول كثير من الناس: إن الفلسفة تخاطب العقول ٬ وإن الدين في كل
    أوضاعه لا يقنع بعمل العقل قليلا أو كثيرا حتى يضم إليه ركون القلب.
    الفلسفة تعمل إذا في جانب من جوانب النفس ٬ والدين يستحوذ عليها في جملها.
    ومن هنا يستنبط فرق دقيق بين الفلسفة والدين:
    ذلك أن غاية الفلسفة نظرية ٬ حتى في قسمها العملي ٬ وغاية الدين عملية ٬ حتى في
    جانبه العلمي ٬ فأقصى مطالب الفلسفة أن تعرفنا الحق والخير ما هما؟ وأين هما؟ ولا
    يعنيها بعد ذلك موقفنا من الحق الذي تعرفه ٬ والخير الذي تحدده. أما الدين فيعرفنا
    الحق لا لنعرفه فحسب ٬ بل لنؤمن به ونحبه ونمجده ٬ ويعرفنا الواجب لنؤديه ونوفيه ٬
    ونكمل نفوسنا بتحقيقه.
    ثم يبين شيخنا أن الدين حركة شعبية (ديمقراطية) عامة ٬ والفلسفة حركة
    (أرستقراطية) خاصة. فالدين يسعى بطبيعته إلى الانتشار ٬ والفلسفة تجنح إلى
    العزلة ٬ داعية الدين وسط الجماهير ٬ ورجل الفلسفة في برجه العاجي ٬ فإذا رأيت
    فيلسوف يدعو إلى مذهبه فقد تغير وضعه ٬ وتحولت فكرته إلى إيمان ٬ وإذا رأيت مؤمنا لا
    يهتم إلا بنفسه فقد استحالت نار إيمانه إلى رماد.
    ahmad
    ahmad
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 66
    رقم العضوية : 52
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 80
    معدل تقييم الاداء : 2

    لا بديل عن الدين Empty رد: لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف ahmad الثلاثاء 5 أغسطس - 12:15

    تفنيد مقولة (الدين أفيون الشعب)
    أما دعوى الماركسيين: أن الدين (أفيون الشعوب) يفعل في عقولها ما تفعله المخدرات
    بالأفراد ٬ ويشغلهم عن حقوقهم المسلوبة ٬ بأماني الآخرة ٬ ويخضعهم لإرادة الظلمة
    والطغاة ٬ فيطيعونهم وهم راضون فهي دعوى مردودة .
    ذلك أن الدين الصحيح لا يخدر الشعب ٬ ولا يلهيه عن المطالبة بحقه في الدنيا ٬
    استغراقا بطلب النعيم في الآخرة! الدين الصحيح لا يقر الظلم ٬ ولا يرضى بالفساد
    والانحراف ٬ فإن صح هذا الادعاء في شأن بعض الأديان ٬ فلا يصح بحال في شأن
    الإسلام.
    الإسلام في الحقيقة ثورة إنسانية كبرى ٬ ثورة لتحرير الإنسان كل إنسان من
    العبودية والخضوع لغير خالقه. ثورة في عالم الفكر والضمير والشعور ٬ وثورة في عالم
    الواقع والتطبيق.
    وكان عنوان هذه الثورة هي هذه الكلمة العظيمة ٬ كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" فكل
    مدع أو متعاط للألوهية في الأرض ٬ بالقول أو بالفعل ٬ هو مزور لا وجود له ٬ ولا يستحق
    البقاء. وكل الذين زعموا لأنفسهم أو زعم لهم بعض الناس أنهم أرباب مع الله ٬ أو من
    دون الله ٬ يجب أن يسقطوا إلى الأبد ٬ ويتواروا عن مسرح الحياة.
    الناس إذن سواسية ٬ لا يجوز أن يتعبد بعضهم بعضا ٬ أو يطغى بعضهم على بعض ٬ فإذا
    ظلم بعض الناس وطغى وأفسد ٬ كان على الناس أن يعترضوا طريقه ٬ ويأخذوا على
    يديه ٬ وإلا كانوا شركاءه في الإثم واستحقاق العقوبة العادلة من الله .
    يقول القرآن الكريم: (ولا تركنوا إلى الدين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من
    أولياء ثم لا تنصرون).
    ويقول: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ٬ واعلموا أن الله شديد العقاب).
    ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه
    أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده".
    ويوجب على كل من رأى منكرا أي ظلما أو فسادا أو انحرافا أن يعمل على تغييره
    بكل ما يستطع من قوة: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ٬ فإذ لم يستطع فبلسانه ٬
    فإن لم يستطع فبقلبه ٬ وذلك أضعف الإيمان".
    والتغيير بالقلب الذي هو أدنى الدرجات وأضعف الإيمان ليس أمرا سلبيا تافها. إنها
    جمرة الغضب والكراهية للفساد والمنكر تتوهج وتتقد في الجوانح حتى تجد الفرصة
    للتغيير بالقول أو الفعل ٬ باللسان أو اليد ٬ وأدنى ثمراته العاجلة النفور من الظلمة
    والمفسدين والمقاطعة لهم ٬ فلا يؤاكلهم ولا يشاربهم ٬ ولا يجالسهم ولا يصاحبهم.
    وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم مقاومة الظلم والفساد الداخلي ٬ كمقاومة الغزو
    والعدوان الخارجي ٬ كلاهما جهاد في سبيل الله ٬ بل حين سئل: أي الجهاد أفضل؟ قال:
    "كلمة حق عند سلطان جائر". فاعتبر ذلك أفضل الجهاد وأعلاه.
    فهذا دين يحرض على مقاومة الظلم حتى الموت ٬ ويعد الميت في سبيل ذلك شهيدا
    في سبيل الله ٬ بل في طليعة الشهداء المرموقين ٬ بجوار حمزة بن عبد المطلب ٬ سيد
    الشهداء ٬ كما قال عليه الصلاة والسلام:
    "سيد الشهداء حمزة ٬ ورجل قام إلى إمام جائر ٬ فأمره ونهاه فقتله".
    إن الإسلام يربي المسلم على الشعور بالكرامة وعزة النفس ٬ ويجعل ذلك من خصائص
    الإيمان وآثاره: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) ٬ بل من خصائص الإنسانية ولوازمها:
    (ولقد كرمنا بني آدم).
    ولهذا يبرأ الإسلام من كل من يرضى لنفسه بالذل والمهانة ٬ ويصبر على القيد يوضع
    في رجله ٬ أو الغل يوضع في عنقه دون أن يقاوم الظلم ٬ أو يحاول التخلص منه ٬ ولو
    بالهجرة إلى أرض الله الفسيحة. يقول القرآن:
    (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في
    الأرض ٬ قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ٬ فأولئك مأواهم جهنم ٬ وساءت
    مصيرا).
    و يرد الرسول صلى الله عليه وسلم منطق الإسلام الجبري أو السلبي لأحداث الحياة
    ووقائع الدهر ٬ باسم الإيمان بالقدر. ويعتبر ذلك ضربا من العجز المذموم في دين الله. إن
    النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين ٬ فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي
    الله ونعم الوكيل! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يلوم على العجز ٬ ولكن
    عليك بالكيس ٬ فإذا غلبك أمر ٬ فقل: حسبي الله ٬ ونعم الوكيل".
    كره النبي صلى الله عليه وسلم من الرجل أن يواري عجزه بالحسبلة والحوقلة ٬ بدل أن
    يواجه الأمر بما ينبغي له من الحكمة والتفطن. فذكر الله في غير موضعه عجز
    واستسلام.
    ومن هنا جاء في وصاياه صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من
    المؤمن الضعيف… احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.
    وجاء في أدعيته التي علمها لبعض أصحابه: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ٬
    وأعوذ بك من العجز والكسل ٬ وأعوذ بك من الجبن والبخل ٬ وأعوذ بك من غلبة الدين
    وقهر الرجال".
    ففي هذا الدعاء استعاذة بالله تعالى من كل مظاهر الضعف التي تعتري الإنسان
    فتغلبه وتقهره وتذله.
    ومثل ذلك ما جاء في دعاء القنوت الذي يرويه ابن مسعود ٬ ويقرؤه الأحناف في صلاة
    الوتر كل ليلة: "اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ٬ ونؤمن بك ونتوكل
    عليك ٬ ونثني عليك الخير كله ٬ نشكرك ولا نكفرك ٬ ونخلع ونترك من يفجرك".. فانظر ما
    تحمله هذه العبارة : "ونخلع ونترك من يفجرك" من تحريض سافر على خلع ومقاومة
    كل ظالم فاجر ٬ مهما تكن مكانته ومنصبه في الناس.
    فهل يقال في مثل هذا الدين الذي يدعو إلى الثورة على الباطل والضعف والعجز
    والعبودية ٬ ويحرض على نصرة الحق والقوة والحرية إنه أفيون الشعب: يخدره ويمنيه
    بنعيم الجنة ٬ ليسكت على مظالم حياته الدنيا؟!!
    لعل "ماركس" كان معذورا حين قال ما قال ٬ لأنه لم يعرف الإسلام ٬ ولم يعرف موقفه
    من الظلم والبغي والفساد ٬ مع أن المنهج العلمي كان يلزمه ألا يصدر حكمه عاما
    شاملا إلا بعد استقراء كامل ٬ ودراسة تامة لكل الأديان أو للأديان الكبرى على الأقل
    وأثرها في الأمم على مدار التاريخ ٬ فإن لم يستطع كان عليه أن يحكم على الدين
    الذي عرفه لا على غيره. هذا هو مقتضى الأمانة العلمية ٬ والمنهج العلمي.
    avatar
    africano
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 201
    رقم العضوية : 75
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008
    نقاط التميز : 259
    معدل تقييم الاداء : 0

    لا بديل عن الدين Empty رد: لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف africano الأحد 12 أكتوبر - 11:15

    لا بديل عن الدين 146903
    هانى
    هانى
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 116
    رقم العضوية : 118
    تاريخ التسجيل : 01/10/2008
    نقاط التميز : 119
    معدل تقييم الاداء : 3

    لا بديل عن الدين Empty رد: لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف هانى الأربعاء 14 يناير - 3:24

    لك جزيل الشكر
    وان كان من رايي انك تجمع الاجزاء دي كلها في موضوع واحد افضل
    ahmad
    ahmad
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 66
    رقم العضوية : 52
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 80
    معدل تقييم الاداء : 2

    لا بديل عن الدين Empty رد: لا بديل عن الدين

    مُساهمة من طرف ahmad الإثنين 4 يناير - 2:45

    اشكركم اخوتي الاعزاء
    اخ هاني
    اترك هذة المسالة لتقدير المشرفين

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 8 مايو - 0:07