معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق

    avatar
    صلاح محمود
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 60
    تاريخ التسجيل : 23/05/2009
    نقاط التميز : 103
    معدل تقييم الاداء : 7

    وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق Empty وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق

    مُساهمة من طرف صلاح محمود الثلاثاء 6 أكتوبر - 10:57

    المقدمة

    الحمد لله منزل الكتاب هدى ورحمة والصلاة والسلام على من اتم الله به النعمة فجعله خير هاد وخير قدوة وعلى اله خير الال وصحبة الابرار الذين كانوا لمن بعدهم خير سلف, نسال الله العظيم ان يجعلنا لهم خير خلف , وبعد:

    يقول ربنا تعالى ذكره :( هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين والف بين قلوبهم))(1) ففي هذه الاية الكريمة يخاطب ربنا عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بانه ايده بالنصر من عنده تعالى وايده بالمؤمنين الذين ينصرون نبيهم ويعملون لنصر دينهم ليستحقوا تنزل النصر الالهي عليهم وهو كما قال تعالى (( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ))(2) ولما كان من لوازم نصرة المؤمنين لدينهم اجتماع كلمتهم وتوحد صفوفهم وتالف قلوبهم , فقد منّ الله عليهم فالف بين هذه القلوب بعد اختلافها وتناحرها وتحقق الوعد الالهي لهم بالنصرة والتمكين.

    وقد بقي حال الامة ردحا من الزمن على هذا الهدي حتى دب الاختلاف الى القلوب واستبدلت الالفة بالوحشة والاجتماع بالفرقة والسنة بالبدعة عندها تمكن عدوها فنحرها بايدي ابنائها وغلبها حتى تسلط عليها وما تزال الامة حتى هذا اليوم طريحة جراحها لم تمتد اليها يد الطبيب المداوي.

    ان امتنا لن تعرف طعم العافية حتى تعود القلوب كما كانت اول امرها يجمعها الايمان ويؤلف بينها حتى يكون ابناؤها كالبنيان المرصوص وكالجسد الواحد , وهذا لا يكون الا بتصحيح الافكار والعقائد وتحريرها من البدع وتزكية القلوب وتحريرها من الشهوات والاهواء ويثار العاجلة.

    ومن هنا كان اختيارنا لموضوع حقيقة موت الحسن بن علي رضي الله عنه , لما له من خطورة واهمية في تفريق كلمة الامة وزرع الضغينة في قلوب ابنائها نظرا للروايات الكثيرة والمختلفة الواردة فيها , والتي كان للحاقدين على الاسلام والمتربصين به دورا في وضعها وشيوعها.

    اننا بتناولنا لهذه القضية نحاول تصحيح فكرة ووضع لبنة في طريق عود الامة الى سابق عهدها محاولين بذلك اماطة اللثام عن الحقيقة المغيبة منذ ذلك الزمن البعيد.

    وقد تناولنا في بحثنا حياة الحسن في ثلاثة فصول , فكان الاول منها في نسبه وكنيته ونشاته ورعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثم مكانته عند الخلفاء الراشدين وعموم الصحابة والمسلمين , اما الفصل الثاني فقد تحدثنا فيه عن بيعته للخلافة والظروف التي لابست ذلك , كما تحدثنا عن تنازله لمعاوية عن الحكم وما فيه من عبر وعظات وخصصنا الفصل الاخير لتحقيق روايات وفاته ومعرفة الحقيقة وراء هذه الحادثة .

    وقد استفدنا بشكل خاص من كتاب الصلابي (الحسن بن علي) لما ذكر فيه من الحقائق مع التبويب والترتيب والمناقشة والتعليق , مما يسهل تناول الاحداث المتفرقة في كتب غيره , ثم من كتاب ابن كثير (البداية والنهاية) وكتب اخرى تمت الاشارة اليها وذكرها.

    الفصل الاول

    (الحسن بن علي بن ابي طالب منذ ولادته حتى خلافته)

    المبحث الاول

    نسبة وكنيته ونشأته

    (هو ابو محمد الحسن بن علي بن ابي طالب بن هاشم بن عبد مناف القرشي) (3)

    وهو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته واشبه الناس به شكلا , امه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (4), وابوه علي بن ابي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم واربع الخلفاء الراشدين ومن السابقين الاولين.

    وهو اكبر ولد ابيه ولد للنصف من رمضان سنة ثلاث للهجرة النبوية الشريفة على الارجح فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بريقه وسماه حسنا.

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا حتى كان يقبل ذبيبته وهو صغير , وربما مص لسانه واعتنقه وداعبه (5)

    وقد اذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اذنيه (6) , وفي اليوم السابع لولادته حلقت له امه فاطمة رضي الله عنها شعره , وتصدقت بوزنه فضة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد عق عنه النبي صلى الله عليه وسلم بكبش وفي رواية بكبشين (7) وامر بختانه في ذات اليوم(8).

    نشا الحسن في كنف جده صلى الله عليه وسلم الذي احبه حبا جما كبيرا وخصاه بالعناية ما لم يخص غيره وقد وردت روايات عديدة تبين هذه المحبة وتلك العناية نذكر منها ما رواه البراء بن عازب , قال: رايت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن على عاتقه وهو يقول : اللهم اني احبه فاحبه .(9)

    وكان يحمل الحسن يوما على رقبته فلقيه رجل وهو على هذه الحالة فقال : نعم المركب ركبت يا غلام , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ونعم الراكب هو (10).

    وفي يوم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وهو على المنبر والحسن الى جنبه فكان ينظر اليه مرة والى الناس مرة ويقول :: ( ان ابني هذا سيد , ولعل الله ان يصلح به بين فئتين من المسلمين (11).

    كان الحسن من اكرم الناس وربما اجاز الرجل الواحد بمائة الف , وكان يقرا كل ليلة سورة الكهف قبل ان ينام , بعدما يدخل في الفراش , وكان اذا صلى الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة يجلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم يقصد ازوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امهات المؤمنين فيسلم عليه ثم ينصرف الى منزله وقد قاسم الله ماله ثلاث مرات , وخرج من ماله مرتين , وحج ماشيا خمسا وعشرين مرة وقيل خمس عشرة مره (12)

    سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرجل ((دع ما يريبك , فان الشر ريبة والخير طمانينة)), وعقل عنه الصلوات الخمس وانه صلى الله عليه وسلم ادخل اصبعه في فم الحسن فاستخرج تمرة فالقاها وقال (( ان محمدا وال محمد لا تحل لهم الصدقة)).(13)

    وهو احد اثنين انحصرت بهما ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اخيه الحسين(14) رضي الله عنه , قال عنه السيوطي ((كان الحسن رضي الله عنه له مناقب كثيرة , سيدا حليما , ذا سكينة ووقار وحشمة , جوادا , ممدوحا, يكره الفتن والسيف (15)

    المبحث الثاني

    الحسن بن علي زمن الخلفاء الراشدين

    كان للحسن بن علي رضي الله عنه مكانة خاصة في نفوس الخلفاء الراشدين وغيرهم من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعموم المسلمين , تجلى ذلك من خلال المواقف الكثيرة التي اوضحت ذلك بما لا يجعل فيه ادنى ريب والتي استفاضت اخبارها في الروايات التي اخرجتها كل طوائف وفرق المسلمين.

    ومن هذه المواقف ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه صلى بالناس العصر ايام خلافته وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج من المسجد ومعه علي بن ابي طالب , فلما راى الحسن يلعب مع الغلمان احتمله على عنقه وهو يقول:

    بأبي شبيه بالنبي ليس شبيها بعلي

    وكان عليا رضي الله عنه يضحك (16)

    وقد كان الصديق يجله ويعظمه ويكرمه ويحبه ويتفداه , وكذلك بقية الخلفاء , وقد بادلهم الحسن هذه المشاعر وتاثر بسيرهم الحسنة حتى انه اسمى احد ابنائه على اسم الصديق حبا له ومعرفة بفضله (17) , ولهذا نجده عندما صالح معاوية وتنازل عن الحكم له شرط عليه الالتزام بالكتاب والسنة ومنهج الخلفاء الراشدين(18).

    واما الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد فرض للحسن مع اخيه الحسين لما عمل الديوان مع اهل بدر خمسة الاف (19)

    وكان عمر شديد الاكرام لال رسول الله صلى الله عليه وسلم وايثارهم حتى على ابنائه واسرته وله في ذلك مواقف معروفة (20)

    وقد شارك الحسن في غزو افريقيا ضمن جيش المسلمين الذي وجهه الخليفة حينذاك وهو عثمان بن عفان ففتح الله عليهم وحققوا النصرثم عاد الى المدينة ومعه اخيه الحسين بن علي (21)

    وقد كان عثمان يكرم الحسن والحسين ويحبهما وفي يوم الدار كان الحسن متوشحا سيفه يدافع عن عثمان ضد من حاصروا بيته حتى اقسم عليه عثمان ان يرجع الى منزله خوفا عليه (22)

    وفي عهد ابيه علي بن ابي طالب ان الحسن يكرم ويعظم ويبجل من ابيه خليفة المسلمين وامير المؤمنين(23)

    وذات يوم وقد كان الحسن في طريق مكة فينزل عن راحلته ويمشي على قدميه , فينزل جميع من كان في الرحلة , ويمشون على اقدامهم وممن كان في القافلة الصحابي الجليل سعد بن عبادة فنزل عن راحلته ومشى الى جنب الحسن (24)

    وكان عبد الله بن الزبير يقول ((والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي))(25) وهذا القول من ابن الزبير يرد قول بعضهم انه كان حاقدا على اهل البيت وحاسدا لهم.

    وقد بلغ من تعظيم المسلمين للحسن بن علي كونه من اهل بيت رسول الله انه كان يبسط له فراش على باب داره فاذا خرج وجلس عليه انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله اجلالا له , فاذا علم بذلك قام ودخل بيته فيمر الناس (26)

    وكان الحسن واخوه الحسين اذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما من الازدحام عليهما (27
    avatar
    صلاح محمود
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 60
    تاريخ التسجيل : 23/05/2009
    نقاط التميز : 103
    معدل تقييم الاداء : 7

    وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق Empty رد: وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق

    مُساهمة من طرف صلاح محمود الثلاثاء 6 أكتوبر - 11:03

    الفصل الثاني

    الحسن بن علي خليفة للمسلمين

    المبحث الاول

    بيعة الحسن للخلافة

    وقد بايع الناس الحسن رضي الله عنه بعد موت ابيه على بن ابي طالب الذي قتله الخارجي عبد الرحمن بن عمرو المعروف بابن ملجم الحميري عندما كان يوقظ الناس لصلاة الفجر في الكوفة لسبعة عشر ليلة خلت من رمضان (28) .

    كانت بيعة الحسن سنة اربعين للهجرة بالكوفة يوم موت ابيه رضي الله عنه وقيل بعد موته بيومين(29) , وكان اول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة على كتاب الله وسنة رسوله فسكت الحسن ولم يجبه فبايعه قيس بن سعد ثم بايعه الناس بعده(30).

    وقد كانت خلافة الحسن رضي الله عنه خلافة راشدة على منهاج النبوة ويعد هو خامس الخلفاء الراشدين واستدل العلماء والمؤرخون على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا)) (31) وقالوا انما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي فانه نزل عنها لمعاوية في شهر ربيع الاول سنة احدى واربعين للهجرة فيكمل ثلاثون سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الاول سنة احدى عشرة للهجرة(32).



    واما مدة خلافته فقد اختلف المؤرخون في تحديدها , فمنهم من جعلها شهرين فقط وقيل اربعة اشهر (33) , وقيل ستة اشهر كما قيل انها كانت ثمانية اشهر والذي رجحه الصلابي في كتابه الحسن بن علي سبعة اشهر فقط (34)

    وتحدثنا المصادر التاريخية ان الحسن اشترط على اهل العراق عندما ارادوا بيعته ان يدخلوا فيما دخل فيه , ويرضوا بما رضي به , وان يسالموا من سالم ويحاربوا من حارب وهذا يدل على نية الحسن التمهيد للصلح بين المسلمين الذين كانوا قد انقسموا الى شقين احدهما مع علي والاخر مع معاوية فور تسلمه الخلافة (35)

    المبحث الثاني

    صلح الحسن بن علي مع معاوية –عام الجماعة-

    تبين مما سبق ان الحسن بن علي رضي الله عنه ومنذ بيعته للخلافة اظهر ما يدل على رغبته في وحدة صف الامة وحقن دماء ابنائها وكان يمهد للصلح بين المسلمين , ويؤكد هذا الذي نقول ما كان منه ايام خلافة ابيه علي رضي الله عنه كان يامر والده باعتزال الفتنة والخروج من المدينة يوم احيط بعثمان رضي الله عنه فيقتل وليس هو فيها , ثم انه امر والده ان يعتزل طلحة والزبير رضي الله عنهما حين خرجا عليه حتى يصطلحا وهذا يدل على نفوره من الفتنة بين المسلمين وكرهه لها وسعيه في انهائها(36).

    ولما عزم علي على قتال اهل الشام ابان خلافته قال له الحسن ((يا ابت دع هذا فان فيه سفك دماء المسلمين ووفوع الاختلاف بينهم))(37)

    وقد تاكد للحسن صحة ما ينوي القيام به من عقد الصلح بين المسلمين عندما ثار اهل الكوفة وانتهبوا سرادق الحسن وهو من الفسطاط الذي يجتمع فيه الناس , حتى نازعوه بساطا كان جالسا عليه , وحاول بعضهم قتله غيلة حين طعنوه وجرحوه وقد تم هذا عندما اشيع قتل سعد بن عبادة قائد المقدمة في الجيش وما رافقها من احداث تمثلت في طلب المختار ابي عبيد من عمه سعد بن مسعود عمل الحسن على المدائن تسليم الحسن الى معاوية طمعا في الغنى والشرف , وكان الحسن حسنها جريحا في القصر الابيض بالمدائن(38)

    كل هذه الاحداث عززت قناعة الحسن ونظرته الى اتباعه وجنده في عدم نصرته والذب عنه مما جعله يقبل الصلح مع معاوية وينزل عن الخلافة على امور اشترطها عليه وقبل بها معاوية.

    وقد اخرج المسعودي في مروج الذهب ان الحسن لما صالح معاوية كبر معاوية فكبر اهل المسجد , وعندما سال في ذلك قال: اتاني البشير بصلح الحسن وانقياده فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه واله: ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين فالحمد لله الذي جعل فئتي احد الفئتين(39)

    وقد سمي هذا العام عام الجماعة وكان اوائل سنة احدى واربعين للهجرة(40)

    الفصل الثالث

    وفاة الحسن ودفنه وتحقيق ما ورد في ذلك

    المبحث الاول

    روايات وفاة الحسن ودفنه وما جرى اثناءه

    بعد نزول الحسن عن الخلافة لمعاوية وجمعه لشمل المسلمين والعودة الى الجماعة , رحل الحسن ومعه اخوه الحسين وبقية اخوتهم وابن عمهم عبد الله بن جعفر من العراق الى المدينة النبوية وهو راض وقانع بما صنع رغم لوم وتانيب الناس له حينذاك(41).

    ظلت علاقة الحسن ومعاوية ودية بعد الصلح , وكان معاوية يجيز الحسن بمائة الف وقيل ان تلك كانت كل سنة وربما اجازه باربعمائة الف وكان الحسن يقبلها منه وكان يقدم على معاوية الذي كان حينها خليفة المسلمين فيجيزه وكان يجيز الحسين وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير(42).

    وكان اذا استقبل الحسن قال له: مرحبا واهلا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم واذا تلقى الزبير قال له : مرحبا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم(43)

    وبعد مضي سنين عدة تقترب من العشرة على الصلح وخلافة معاوية مرض الحسن بن علي وما زال المرض حتى توفي على اثره , وتحدثنا الروايات التاريخية في حادثة وفاة الحسن انه سقي السم مرارا حيث ورد فيها ان الحسن دخل المخرج ثم خرج فقال((لقد لفظت طائفة من كبدي اقلبها بهذا العود , ولقد سقيت السم مرارا وما سقيت مرة هي اشد من هذه)) وان الحسين اخيه ساله فقال : ((أي اخي :من صاحبك؟ قال: تريد قتله, قال نعم, قال لئن كان صاحبي الذي اظن لله اشد نقمة (......) وان لم يكن ما احب ان تقتل بي بريئا(44)

    وتذكر المصادر التاريخية ان زوجة الحسن (جعدة بنت الاشعث)هي التي سقته السم بعد ان وعدها معاوية بان يزوجها من ابنه يزيد وانه بعث اليها بمائة الف درهم(45)

    مما سبق ذكره نستطيع ان نثبت الملاحظات التالية لغرض مناقشتها وبيان الحقيقة فيها ما امكننا ذلك.

    1-ان الحسن كان يعاني من اعراض المرض قبل وفاته تمثلت في قوله ((ولقد لفظت طائفة من كبدي اقلبها بهذا العود))

    2-صرح الحسن في الرواية انه سقي السم مرارا وان هذه اشدها .

    3-انه رفض اخبار احد بمكن كان يشك في انه سقاه السم حتى لاخيه الحسين تاثما وورعا.

    4-ان تسمية جعدة بنت الاشعث ووصفها بانها هي التي سقته السم هو من ذكر المصادر التاريخية وليس من الحسن نفسه رضي الله عنه.

    وعندما اخذ الحسن بالاحتضار اوصى لاخيه الحسين فقال: ((ادفنوني عند ابي –يعني النبي صلى الله عليه وسلم- الا ان تخافوا الدماء , فان خفتم الدماء فلا تريقوا دما , وادفنوني في مقابر المسلين(46) , فلما توفي تسلح الحسين وجمع ليدفن اخيه الى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان جابر بن عبد الله , وابن عمر , وابو هريرة , وغيرهم راجعوه في ذلك خوف الفتنة حتى رجع عن عزمه ودفنوه في بقيع الغرقد بجانب امه فاطمة الزهراء رضي الله عنها(47)

    وكان مرضه اربعين يوما وصلى عليه سعيد بن العاص العامل على المدينة(48)

    المبحث الثاني

    تحقيق روايات وفاة الحسن

    عرضنا فيما مر لروايات وفاة الحسن , وفي هذا المبحث نتعرض لهذه الروايات بالتحقيق والمناقشة والتثبت وفي هذا التحقيق نحب ان نوضح ان موت الحسن مضى عليه ازمنة متطاولة وان الروايات الواردة فيه منها الغث والسمين واختلطت فيها الحقيقة بالكذب والظن وعملنا في تحقيقها هو محاولة للتمحيص والتسديد والمقاربة كي نصل الى الحقيقة او نقترب منها بحسب الامكان , ولما لم يجزم الاولون ومن عاصروا الاحداث انذاك على الصحيح المقطوع به فلن يستطيع من جاء بعدهم ان يجزم على قول بانه الصحيح المطابق لما حصل وانما هي كما اشرنا محاولة لمعرفته او الاقتراب من حقيقة تلك الاحداث.

    ونحب ان نذكر انا وجدنا تحقيقا جيدا لهذه الحادثة قام به الصلابي في كتابه (الحسن بن علي) نحب ان ننقل منه بتصرف لاتمام الفائدة (49)

    ان روايات سم الحسن لم تثبت وهي روايات ضعيفة, فرواية ام موسى –سرية علي- ان جعدة بنت الاشعث دست السم للحسن راوية ضعيفة ولا يصح اسنادها

    والروايات التي اتهمت يزيد بن معاوية بانه ارسل الى جعدة ان سمي الحسن واوعدها بالزواج منها في سندها يزيد بن عياض, ابن جعدية كذبه مالك وغيره.

    واما الرواية التي تقول ان معاوية امر الاشعث بن قيس ان يامر ابنته جعدة ان تسم الحسن فقد قال فيها ابن تيمية (ان الاشعث بن قيس مات سنة اربعين وقيل سنة احدى واربعين , ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي في العام الذي كان يسمى علم الجماعة وهو عام واحد واربعين , وكان الاشعث حما الحسن بن علي , فلو كان شاهدا لكان يكون له ذكر في ذلك , واذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين فكيف يكون هو الذي امر ابنته)

    كما ان جعدة بنت الاشعث ليست بحاجة الى شرف او مال لتقبل اغراء معاوية وابنه بالمال والزواج فهي ابنة امير قبيلة كندة الاشعث بن قيس , وزوجها الحسن بن علي افضل الناس شرفا ومكانة فهي رواية غير مقبولة متنا كما بينا انها غير مقبولة سندا.

    اما راوية الاصفهاني في مقاتل الطالبيين والتي تذهب قريبا مما ذكرنا , فهي مروية عن احمد بن عبد الله بن عماد وهو من رؤوس الشيعة وفي اسانيدها ايضا عيسى بن مروان رافضي كذاب , قال عنه الخطيب من شياطين الرافضة.

    وفي رواية البلاذري ان زوجة الحسن التي بعث اليها معاوية بالمال هي هند بنت سهل بن عمرو وفي سندها الهيثم بن عدس وهو كذاب.

    وبالنسبة لاعراض مرض الحسن والتي سبق ذكرها فقد عرضت على المختص الدكتور كمال الدين حسين الطاهر فاوضح ان عدم وجود نزف دموي سائل يرجح عدم اعطائه اي مادة كيمياوية سامة , وعن طبيعة قطع الدم المتجمد التي ذكرتها الروايات فقال: اني ارجح ان ذلك المريض قد يكون مصابا باحد سرطانات او اورام الامعاء هذا بالاستناد الى روايات ضعيفة توضح تلك الاعراض.

    وقد انتهى ذلك التحقيق ان حادثة سم الحسن ان صحت فالمتهم الاول فيها هم اعداء الامة المتربصين من السبئية اتباع عبد الله بن سبا والذين غاضهم ما قام به الحسن من لم الشمل ولكي تضطرب الاحداث وتعود الفتن كان لا بد من تصفيته والقضاء عليه لان وجوده بمثابة صمام الامان لوحدة الامة والمتهم الثاني هم الخوارج الذين قتلوا والده وهم الذين طعنوه في فخذه كما تذكر الروايات انتقاما لقتلاهم في النهروان وغيرها, والله تعالى اعلم.

    وقد ذكر البحث اقول العلماء المحققين وتفنيدهم لهذه الروايات مثل ابن العربي وابن تيمية والذهبي وابن كثير وابن خلدون والدكتور جميل المصري وفيها استدلالات قوية منها ان هذه الروايات مفتعلة بعد ذلك العصر لان الحسين بن علي لم يذكر شيئا منها عند قيامه ضد الامويين او حتى قبل ذلك , ولمن شاء التوسع فليرجع اليها في كتاب الصلابي المذكور في الهوامش
    avatar
    صلاح محمود
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 60
    تاريخ التسجيل : 23/05/2009
    نقاط التميز : 103
    معدل تقييم الاداء : 7

    وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق Empty رد: وفاة الحسن بن علي عرض وتحقيق

    مُساهمة من طرف صلاح محمود الثلاثاء 6 أكتوبر - 11:08

    الخاتمة





    تبين لنا مما سبق ذكره ان الحسن بن علي رضي الله عنه كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته وقرة عينه مع اخيه الحسين , نشا في اتقى بيت واكثرها طهرا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيت علي وفاطمة.

    وعرفنا مدى حب الناس له وتعظيمه في قلوبهم خصوصا اصحاب جده صلى الله عليه وسلم , فقد كانوا اكثر الناس معرفة بحقه وفضله.

    وقد تبينت لنا صفاته الجليلة وزهده ورحمته بالمسلمين عندما نزل عن الحكم من غير ذلة حرصا على دماء الامة وتوحيدا لصفها.

    كما توضح لنا كذب الروايات التي ادعت سمه من قبل معاوية وابنه يزيد وحملت زوجته جعدة وزر هذه الحادثة.

    واخيرا ترجح لنا ان وراء هذه الحادثة , ان صحت , السبئية الذين اغاظهم التئام الشمل واجتماع الكلمة او الخوارج الذين قتلوا اباه وحاولوا قتله فترة حكمه وقبل تسليم زمام الامور الى معاوية ثأرا لقتلاهم في معارك علي معهم.

    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الامين وعلى اله وصحبه والتابعين









    (1) الانفال /الاية 62-63

    (2) محمد/الاية 7

    (3) الصلابي, محمد علي /الحسن بن علي , شخصيته وعصره , دار المعرفة بيروت , ط 4 (2006م)

    (4) عماد الدين , ابي الفداء اسماعيل بن كثير ت 774 : البداية والنهاية (8/29) مكتبة الصفا , الطبعة الاولى 1423 هـ / 2006 م

    (5) المصدر نفسه : (8/29) , وينظر الحسني, هاشم معروف :سيرة الائمة الاثني عشرية (1/461),دار التعارف , بيروت , ط6

    (6)الصلابي, علي محمد /الحسن بن علي , ص 22 , وينظر الحسني , هاشم معروف : سيرة الائمة الاثني عشرية(1/662)

    (7) الصلابي, /الحسن بن علي , ص 25 , الحسني : سيرة الائمة الاثني عشرية(1/662)

    (8) الصلابي, /الحسن بن علي , ص 26 , الحسني : سيرة الائمة الاثني عشرية(1/662)

    (9) (10)الحسني : سيرة الائمة الاثني عشرية(1/664), وينظر السيوطي , جلال الدين

    (11) السيوطي: تاريخ الخلفاء , ص 188 , الحسني : سيرة الائمة الاثني عشر (1/463)

    (12) ابن كثير : البداية والنهاية (8/33) وينظر احمد بن اسحق/ تاريخ اليعقوبي (2/157)

    (13) احمد بن اسحاق : تاريخ اليعقوبي (2/157)

    (14) الحسني / سيرة الائمة الاثني عشر (1/362)

    (15) تاريخ الخلفاء , ص 189

    (16) ابن كثير : البداية والنهاية (8/29)

    (17) الصلابي , علي محمد : الحسن بن علي , ص 91

    (18) المصدر نفسه , ص97

    (19) ابن كثير: البداية والنهاية . (8/32)

    (20) من اراد الاستزادة فليراجع كتاب الصلابي : الحسن بن علي ص 109 وما بعدها

    (21)المصدر نفسه 129

    (22) ابن كثير , البداية والنهاية (8/32)

    (23)المصدر نفسه (8/32)

    (24)الحسني:سيرة الائمة الاثني عشرية (1/463)

    (25)المصدر نفسه

    (26) الحسني : سيرة الائمة (1/463)

    (27) المصدر نفسه (1/464)

    (28) ابن كثير : البداية والنهاية (7/266)

    (29) المصدر نفسه (8/13) وينظر المسعودي : مروج الذهب (3/5)

    (30) الطبري , محمد بن جديد : تاريخ الطبري (5/158) . ابن كثير : البداية النهاية (8/13)

    (31)صحيح: صحيح الجامع (3341) ينظر ابن كثير : البداية والنهاية (8/14)

    (32)ابن كثير : البداية والنهاية (8/14-15)

    (33)احمد بن اسحق: تاريخ اليعقوبي (2/149)

    (34)المصدر السابق ص 185

    (35)للاستزادة ينظر: الصلابي :الحسن بن علي . ص 175-176

    (36) الصلابي , علي محمد : الحسن بن علي , ص 140

    (37)المصدر نفسه : ص 321

    (38) ابن كثير : البداية والنهاية (8/13-14) وينظر المسعودي مروج الذهب (3/10)

    (39) المصدر السابق(3/10)

    (40) المصدر السابق(8/14)

    (41) ابن كثير : البداية والنهاية (8/17)

    (42)الصلابي: الحسن بن علي ص 375

    (43) المصدر نفسه ص 376

    (44) ابن كثير : البداية والنهاية (8/37) , وينظر احمد بن اسحق : تاريخ اليعقوبي (2/165), المسعودي :مروج الذهب(3/6)

    (45) ابن كثير : المصدر السابق (8/38) وينظر مقاتل الطالبيين ص 50 , والمسعودي : مروج الذهب (3/6)

    (46)الصلابي: الحسن بن علي , ص 386

    (47) المصدر نفسه ص386

    (48) المصدر نفسه ص 387

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 6 مايو - 22:03