معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

    دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 9:50

    دافنتشي كما في \"الشيفرة\"!

    الكثير منا سمع برواية "شيفرة دافنتشي" للكاتب الأمريكي "دان براون" والكثير أيضاً سمع أنه قد أُثير الكثير من الجدل حولها، فقد تُرجمت لأكثر من خمسين لغة وطُبع منها أكثر من ثمانية ملايين نسخة في الأشهر الأولى من إصدارها، كما وأنه سيتم تحويلها إلى شريط سينيمائي سيقوم بإخراجه "رون هاوارد" وأخيراً أقول أنها قد مُنعت من التوزيع داخل لبنان، وأسوة بها طالب الأب رفعت بدر وهو عضو الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة ، بمنعها داخل الأردن التي سبق وسمحت بتداولها.

    أنا هنا لن أتحدث عن مضمون الرواية أو تناولها أدبياً أو الخوض في الفكر الذي تطرحه، لكنني سوف أضع بين أيديكم ما ورد في الرواية عن الرسام الغني عن التعريف \"ليوناردو دافنتشي\" وتحليل بعض لوحاته، مثل: الموناليزا، الرجل الفيتوري، سيدة الصخور، عذراء الصخور، العشاء الأخير.

    أتمنى أن أُوفَّق بالموضوع، وأريد أن أُشير، أن ما سأنقله هنا وأتناوله أعرفه للمرة الأولى تقريباً، وهذا يعني أنه لا يمكنني أن أصادق على ما ورد وأدافع عنه، كما أنني لا أدينه وأرفضه، وكم أتمنى أن يكون بيننا ( مُهتم ) بالأمر وعلى اطلاع أوسع يخبرنا عن ما ذُكر في الكتاب، كي تعم الفائدة والجمال.


    بعنوان \"حقائق\" في الصفحة الحادية عشرة في الرواية ورد التالي:
    جمعية سيون الدينية –هي جمعية أوروبية سرية تأسست عام 1099م وهي منظمة حقيقية.

    في عام 1975 اكتشفت مكتبة باريس الوطنية مخطوطات عرفت باسم "الوثائق السرية" ذكرت فيها أسماء أعضاء عدة اتمنوا على جمعية سيون الدينية ومن ضمنهم : السير اسحق نتيوتن، و ساندرو بوتيشلي، وفيكتور هوجو، وليوناردو دافنتشي.

    إن وصف كافة الأعمال الفنية والمعمارية والوثائق والطقوس السرية في هذه الرواية هو وصف دقيق وحقيقي.

    ليوناردو دافنتشي كما في "الشيـفرة"!
    تشير الرواية على أن دافنتشي كان يرأس جميعة سيون الدينية السرية لتسع سنوات امتدت بين عامي 1510- 1519. هذه الجمعية التي تؤمن أن الكنيسة الكاثوليكية تعمدت إخراج وتهميش بل وتحويل الآلهة الأنثى إلى شيطان في الدين الحديث –العهد الحديث. >> وقد كان دافنتشي يقبل القيام بمئات الأعمال المربحة التي كان الفاتيكان يكلفه بها وكان يرسم المواضيع المسيحة كتعبير عن معتقداته.... وقد كان يجسد في رسوماته المسيحية رموزاً خفية كانت أبعد ما تكون عن المسيحية<<

    والآن وبعد هذه المقدمة، أضع بين أيديكم اللوحات، وما ورد في الرواية عنها، وسوف أبدأ في الموناليزا.
    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty رد: دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 9:56

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    الموناليزا


    << بالرغم من الشهرة الواسعة التي تتمتع بها الموناليزا، كانت مجرد لوحة بطول 31 وعرض 21 إنش- هي اصغر حتى من الملصقات التي تحمل صورتها والتي تباع في محل الهدايا في اللوفر. كانت معلقة على الجدار الشمالي الغربي قي قاعة الدول خلف لوح بسماكة إنشين من الزجاج الواقي والغير القابل للكسر. وقد رسمت على لوحة من خشب الحور وكانت السمة الخيالية الضبابية التي تميز اللوحة تعود إلى براعة دافنتشي القائقة وتفوقه في أسلوب سفوماتو الضبابي الذي تبدو فيه الأشكال في العمل الفنية وكأن حدودها تتلاشى فتتداخل مع بعضها البعض.

    ومنذ أن استقرت الموناليزا –أو الجوكوندا كما يلقبونها في فرنسا- في اللوفر تعرضت للسرقة مرتين، كان آخرها في العام 1911 عندما اختفت من "القاعة التي لا يمكن ختراقها" – الصالون المربع. في ذلك اليوم تعالى نواح الباريسيين وبكاؤهم في الشوارع وكتبوا مقالات في الصحف توسلوا فيها اللصوص ليعيدوا اللوحة. وبعد سنتين عثر على الموناليزا مخبأة أسفل صندوق في غرفة فندق في فلورنسا.
    .
    .
    .
    وكان لانغدون يعلم أن المنزلة الرفيعة التي تحتلها الموناليز كأشهر تحفة فنية في العالم، لا تعود إلى ابتسامتها الغامضة ولا إلى التأويلات الغريبة التي نسبها إليها بعض مؤرخي الفني والمحذلقين ممن يومنون بنظرية المؤامرة. والأمر ببساطة هو أن الموناليزا كانت مشهورة لأن ليناردو دافنشي أعلن على الملأ أنها كانت أفضل إنجازاته. كما يحمل اللوحة معه أينما سافر ومهما كانت وجهته وإذا سئل عن السبب أجاب أنه صعب عليه أن يبتعد عن أسمى عمل عبّر فيه عن الجمال الأنثوي.
    وبالرغم من ذلك فقد شك كثيرون من مؤرخي الفن بأن حب دافنشي للموناليزا كان مرده براعته الفنية الفائقة في رسمها. لأن الحقيقة هي أن اللوحة لم تكن أكثر من صورة عادية جدا رسمت بأسلوب سفوماتو الضبابي.
    وقد ادعى كثير من الباحثين أن تبجيل دافنشي لعمله هذا كان لسبب أكثر عمقا ألا وهو الرسالة الخفية التي تكمن في طبقات الألوان. فقد كانت الموناليزا في الواقع واحدة من أكثر الدعابات الخفية في العالم. وقد تم الكشف عن تركيبة المعاني المزدوجة والتلميحات الهازلة الموثقة والواضحة في اللوحة، في معطم كتب تاريخ الفن. وبالرغم من ذلك كانت الغالبية العظمى من الناس لازالت تنظر إلى ابتسامة الموناليزا على أنها سر عظيم وغامض.
    .
    .
    .
    وقف لانغدون عند جهاز عرض الصور في مكتبة السجن المعتمة وأخذ يشاطر السجناء الحاضرين –الذين كانوا رجالا أذكياء بالرغم من فظاظتهم وخشونتهم- سر الموناليزا.
    "يمكنكم أن تلاحظوا " قال لهم لانغدون وهو يتجه نحو صورة الموناليزا المعروضة على حائط المكتبة " أن الخلفية المرسومة وراء وجهها غير مستوية" وأشار لانغدون إلى الاختلاف الواضح. "لقد رسم دافنشي خط الأفق من جهة اليسار أخفض بشكل كبير من اليمين".
    "لقد أخطأ في رسمها إذن" سأل أحد السجناء.
    أطلق لانغدون ضحكة خافتة. "كلا. لم يفعل دافنشي ذلك في معظم الأحيان. في الواقع أن هذه خدعة بسيطة قام بها دافنشي. عندما رسم دافنشي الريف من جهة اليسار بشكل أخفض، جعل الموناليزا تبدو أكبر بكثير من جهة اليسار عما هي في جهة اليمين. وهي تلميح خفي قام به دافنشي. فعلى مر العصور حددت مفاهيم الذكر والأنثرى جهتين، فاليسار هو الأثنى واليمين هو الذكر. وبما أن دافنشي كان شديد الاعجاب المبادئ الأنثوية، لذا جعل الموناليزا تبدو أعظم من الجانب الأيسر".
    "لقد سمعت أنه كان لوطياً منحرفاً". قال ذلك رجل قصير القامة ذو لحية صغيرة.
    تبدلت ملامح وجه لانغدون لدى سماعه تلك الكلمة. "لم يستخدم المؤرخون تلك الكلمة بهذه الطريقة تماما. لكن هذه صحيح، فقد كان دافنشي شاذاً جنسياً"
    "هل كان ذلك هو السبب الذي جعله مهتما بالشؤون الأنثوية والأمور من هذا القبيل؟"
    "في الواقع، كان دافنشي يؤمن بالتوازن بين الذكر والأثنى. ويعتقد بأن الروح البشرية لا يمكنها أن ترتقي إلا بوجود العناصر المذكرة والمؤنثة"
    "أتقصد أعضاء الرجال والنساء؟" هتف أحدهم.
    وأثار ذلك موجة من الضحك. فكر لانغدون بأن يقدم لهم كمعلومة جانبية تفسيرا لغويا لكلمة "خنثى" وعلاقتها بالإله هيرمس والإلهة أفروديت حيث أن أصل كلمة خنثى هو "هيرمافروديت" إلا أن إحساسه أنبأه بأن ذلك سيضيع هباء على هذه المجموعة.
    "يا سيد لانغفورت" ناداه رجل مفتول العضلات. "أصحيح أن الموناليزا هي صورة ليوناردو دافنشي نفسه؟ لقد سمعت أن تلك هي حقيقة تلك اللوحة".
    "احتمال وارد", أجاب لانغدون. "فدافنشي كان شخصا يحب المزاح والمقالب، كما أنه قد تم تحليل بواسطة الكمبيوتر للموناليزا وصورة دافنشي نفسه أكد وجود نقاط تشابه مذهل بين وجهيهما. لكن مهما كان يريد دافنشي قوله في اللوحة "قال لانغدون" فإن موناليزته هي لا ذكر ولا أنثى إنها التحام بين الاثنين وهي رسالة أراد دافنشي من خلالها الإشارة إلى الجنسين معا في آن واحد"
    "أمتأكد أنت أن هذا ليس مجرد هراء هارفردي للقول ببساطة أن الموناليزا ليست إلا فتاة قبيحة؟"
    عندئذ ضحك لانغدون. "قد تكون على حق. لكن دافنشي قد ترك بالفعل دليلاً واضحا يؤكد أنه يفترض باللوحة أن تكون خنثى. هل سبق لأحدكم أن سمع بإله مصري يدعى أمون؟"
    "طبعاً!" قال الرجل الضخم. "إنه إله الخصوبة الذكرية!"
    دهش لانغدون.
    "إن هذا مكتوب على كل علبة من علب الواقي الذكري أمون" ابتسم الرجل المفتول العضلات ابتسامة عريضة. "فعلى العلبة من الامام كانت هناك صورة رجل برأس خروف وكتابة تقول أنه الإله المصري للخصوبة الذكرية".
    لم تكن تلك الماركة مألوفة للانغدون إلا أنه كان مسرورا لأن مصنعي الواقيات الذكرية قد أصابوا بالهيروغليفية!"
    "أحسنت، إن أمون بالفعل ممثل على هيئة رجل برأس خروف وترتبط قرونه المقوسة الغريبة بالكلمة الدارجة التي نستخدمها بالانجليزية للدلالة على شخص مثار جنسياً عندما نقول هورني "Horny" التي أتت من هورن "Horn" أي قرن"
    "أنت تمزح!"
    "كلا أبدا". قال لانغدون. "وهل تعلم من هو نظير أمون؟الإلهة المصرية للخصوبة الأنثوية؟"
    وقوبل سؤاله بصمت دام عدة لحظات
    "إنها إيزيس"، قال لانغدون وقد أمسك بقلم شمعي. "لدينا إذن الإله الذكر أمون" وكتب ذلك والإلهة المؤنثة إيزيس والتي كانت تكتب بحروف تصويرية ليزا L`isa "
    انتهى لانغدون من الكتابة ثم تراجع إلى الوراء مبتعدا عن جهاز عرض الصور
    AMON L`ISA
    أمون ليزا
    "هل يذكركم هذا بشيء ما؟"
    "موناليزا... يا للهول!" هتف أحدهم
    أومأ لانغدون برأسه. "أيها السادة، ليس وجه الموناليزا هو الذي يبدو خنثى فحسب بل واسمها ايضا الذي هو عبارة عن كلمة مدموجة تدل على الاتحاد المقدس بين الذكر والأثنى. وهذا، أصدقائي الأعزاء هو سر دافنشي وسبب ابتسامة الموناليزا الغامضة".>>
    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty رد: دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 10:00

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    سيدة الصخور "مادونا أوف ذا روكس" (موجودة حالياً في متحف اللوفر)



    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    عذارء الصخور "فيرجن أوف ذا روكس" (موجودة حالياً في متحف لندن المحلي)


    "كانت المهمة الأصلية التي أوكل بها ليناردو دافنتشي هي رسم لوحة مادونا أوف ذا روكس -سيدة الصخور- وقد كلفته بها جميعة دينية كاثوليكية تطلق على نفسها اسم "الروح الطاهرة" والتي كانت بحاجة لوحة لتزين القطعة المركزية بين الاقسام الثلاثة من المذبح في كنيستهم "كنيسة سان فرانشيسكو" في ميلانو. وقد اعطت الراهبات ليناردو الأبعاد المحددة والتفاصيل التي أردوا أن تكون موجودة اللوحة -مريم العذراء والطفل يوحنا المعمدان ويورييل والمسيح الطفل يحتمون جميعا في مغارة. وبالرغم من أن دافنشي فعل ما طلب منه إلا أنه عندما سلم العمل كان رد فعل الجماعة هو الاشمئزاز والرعب. فقد كانت اللوحة مليئة بتفاصيل خطيرة ومزعجة.
    لقد أظهرت اللوحة مريم العذراء بثوبها الازرق جالسة تحتضن طفلا المفروض أنه المسيح وجلس في المقابل يورييل وهو يحضن طفلا أيضا المفروض أنه يوحنا المعمدان.
    والأمر الذي كان غريبا هو أنه بدل الوضع المعروف الذي يكون فيه المسيح مباركا يوحنا المعمدان كان هنا يوحنا هو الذي يبارك المسيح.... وكان المسيح هو الذي يخضع لسلطة يوحنا‍ وكان الأمر الأسوأ هو رسم مريم رافعة يدها عاليا فوق رأس الطفل يوحنا وتقوم بإشارة تهديد- حين كانت اصابعها تبدو كمخالب النسر تقبض فيها على رأس غير مرئي. وأخيرا الصورة الأكثر وضوحا ورعبا: تحت اصابع مريم مباشرة كان يورييل يقوم بحركة قاطعة بيده كما لو انه يقص رقبة الرأس غير المرئي الذي تمسك به مريم بيدها.

    دافنشي قد هدأ من روع تلك الجمعية الدينية برسمه لوحة ثانية نسخة عن مادونا اوف ذا روكس -سيدة الصخور- كان جميع الاشخاص فيها كما ارادتهم الجمعية بشكل يتناسب مع الكنيسة الكاثوليكية. وهذه النسخة محفوظة اليوم في متحف لندن المحلي تحت اسم فيرجن اوف ذا روكس -عذراء الصخور-"
    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty رد: دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 10:02

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


    الرجل الفيتورفي

    "الرجل الفيتوري" قال لانغدون بلهفة، لقد أبدع سونيير نسخة مطابقة بالحجم البشري عن أشهر رسم لليوناردو دافنشي.
    وباعتبارها اكثر لوحة دقة من الناحية التشريحية في زمانها، أصبحت رائعة دافنشي، الرجل الفيتورفي اليوم أيقونة للحضارة، فترها في كل أنحاء العالم على الملصقات ووسائد فأرة الكمبيوتر والقمصان، ويتكون هذا الرسم المشهور من دائرة مثالية رسم داخلها رجل عار... ذراعيه ورجليه ممدودين في وضعية نسر باسط جناحيه.

    أحس لانغدون، برعشة من الذهول، إن وضوح مقاصد سونيير كان أمرا لا يمكن إنكاره، ففي اللحظات الأخيرة في حياته، تعرّى القيِّم من كل ثيابه وشكَّل جسده في صورة واضحة مثَّلت الرجل الفيتورفي لليوناردو دافنشي.

    كانت الدائرة هي العنصر الأساسي المفقود، رمز أنثوي يمثل الحماية، فالدائرة المرسومة حول جسد الرجل العالي أكملت القصد من رسالة دافنشي -التناغم بي الرجل والمرأة.

    "سيد لانغدون"، قال فاش "أنا متأكد أنك بحكم خبرتك، على علم بنزعة ليوناردو دافنشي نحو الفنون الغامضة والسرية".
    تفاجأ لانغدون من سعة معلومات فاش عن دافنشي وهي تفسر بوضوح شكوك النقيب حول موضوع عبادة الشيطان. لقد شكّل دافنشي دائما موضوعا محيرا بالنسبة للمؤرخين وبخاصة في ما يتعلق بالتقاليد المسيحية،فالبرغم من عبقرية الفنان الحالم، كان دافنشي شاذاً جنسياً متطرفاً وأحد عبدة نظام الطبيعة المقدس، وكلتا الصفتين وضعاه باستمرار في خانة الخطيئة ضد الرب. وبالاضافة إلى ذلك كله كانت غرابة أطوار الفنان المخيفة تحيطه باعتراف الجميع بهالة شيطانية فقد كان دافنشي ينبش الجثث ليدرس البنة التشريحية عند الانسان، كما كان يحتفظ بمذكرات كان يكتبها بخط غير مقروء بطريقة يعكس فيها اتجاه الكتابة."
    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty رد: دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 10:07

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    لوحة العشاء الأخير



    دار فجأة ثم أشار بيده إلى الحائط في آخر الغرفة. وهناك كانت نسخة من لوحة العشاء الأخير بطول ثمانية أقدام، معلقة على الحائط. لقد كانت هذه الصورة هي نفس الصورة التي كانت صوفي تنظر إليها بالضبط. "ها هي!".
    كانت صوفي واثقة من أنه لا بد أن يكون هناك شيء قد فاتها. "لكن هذه هي نفس اللوحة التي أريتني إياها لتوك".
    فغمزها "أعرف ذلك، لكنها تبدو أكثر إثارة وروعة وهي بهذا الحجم. ألا تظنين ذلك؟"
    التقت صوفي نحو لانغدون لتستنجد له. "أنا لا افهم شيئاً"
    ابتسم لانغدون. "يبدو في النهاية أن الكأس المقدسة كانت حاضرة بالفعل في العشاء الأخير. فقد أظهرها دافنشي بوضوح في لوحته".
    "انتظر لحظة" قالت صوفي. "لقد أخبرتني أن الكأس المقدسة هي امرأة. لكن العشاء الأخير هو لوحة لثلاثة عشر رجل".
    "هل هي كذلك؟" قوّس تيبينغ حاجبيه. "اقتربي منها أكثر ودققي النظر فيها".
    اقتربت صوفي من اللوحة بتردد وأخذت تتفحص الأشكال الثلاثة عشر. كان يسوع المسيح في الوسط وستة من أتباعه على يساره وستة على يمينه. "انهم جميعا رجال" أكدت صوفي.
    "متأكدة؟" قال تيبينغ. "ماذا عن الشخص الذي يجلس في مكان الشرف على يمين المسيح؟"
    دققت صوفي بالشخص الذي كان إلى يمين المسيح مباشرة. وركزت نظرها عليه، وعندما تفحصت وجه الشخص وجسده، أحست بموجة عارمة من الذهول تسري في جسدها. كان ذلك الشخص ذو شعر أحمر كثيف ويدان ناعمتان مطويتين وصدر صغير. لقد كان ذلك الشخص دون أي شك... امرأة.
    "إنها امرأة" صاحت صوفي بدهشة.
    كان تيبينغ يضحك. "مفاجأة ... صدقيني، لم تكن تلك غلطة. فليوناردو كان بارعا في رسم الفوارق بين الجنسين"
    لم تستطع صوفي أن ترفع عينيها عن المأة التي كانت جالسة بجانب المسيح. هذا مستحيل... فلوحة العشاء الأخير يفترض أن يكون فيها ثلاثة عشر رجلا. من هي هذه المرأة؟ بالرغم من أن صوفي كانت قد رأت هذه الصورة الكلاسيكية مرات عديدة، إلا أنها لم تلاحظ هذا التناقض الواضح ولا مرة.
    "لا أحد ينتبه إليها"، قال تيبينغ. فأفكارنا المسبقة التي كونها عقلنا عن هذا المشهد، قوية لدرجة أن عقلنا ينكر ما يتعارض مع تلك الأفكار ويتجاهل ما تنقله إليه أعيننا"
    "إن هذه الحالة تدعى سكيتوما"، أضاف لانغدون، تحصل هذه الحالة في الدماغ عندما يتعامل مع رموز قوية.
    "قد يكون هناك سبب آخر وراء عدم انتباهك لتلك المرأة" قال تيبينغ، "وهو أن معظم الصور الموجودة في كتب الفن تعود إلى ما قبل عام 1945م عندما كانت التفاصيل مازالت مخبأة تحت طبقات من الأوساخ المتراكمة عليها وترميما أجريت فوقها بأيد خرقاء في القرن الثامن عشر. أما الآن فقد تم تنظيف اللوحة الجدارية أخيرا حتى عادت إلى حالتها الأصلية عندما رسمها دافنشي". وأشار إلى الصورة. "ها هي ذي"
    اقتربت صوفي من الصورة أكثر. كانت المرأة الجالسة على يمين المسيح صبية صغيرة في السن ويبدو عليها الورع وذات وجه يتسم بالرزانة والحشمة وشعر احمر كثيف ويدين مطوقتين بطمأنينة. هذه هي المرأة التي بإمكانها ببساطة قلب الكنسية راسا على عقب؟
    " من هي هذه المرأة؟". سألت صوفي.
    "تلك يا عزيزيتي" وأجابها تبينغ، "هي مريم المجدلية".
    ألتفتت صوفي. "المومس؟"
    أخذ تيبنغ نفسا قصيرا، كما لو أن الكلمة جرحته في الصميم. "لم تكن المجدلية كذلك أبدا. وتلك الفكرة الخاطئة هي الإرث الذي خلفته الحملة القذرة التي أطلقتها الكنسة الأولى.
    فقد كانت الكنسية بحاجة لتشويه سمعة مريم المجدلية وذلك للتغطية على سرها الخطير وهو دورها ككأس مقدسة.
    "دورها؟"
    "كما ذكرت"، أوضح تيبينغ، "فإن الكنيسة كانت بحاجة لاقناع العالم بأن النبي الفاني يسوع المسيح كان كائنا إلهيا. ولهذا فإن أي إنجيل من الأناجيل كان يتضمن في طياته وصفا لمظاهر إنسانية فانية من حياة المسيح، كان يجب حذفه من الإنجيل الذي جمع في عهد قسطنطين. لكن من سوء حظ المحررين الأوائل، كان هناك موضوع بشري مزعج يتكرر في كل الأناجيل. وهو موضوع مريم المجدلية". صمت لحظة "وبكلمات أصح، موضوع زواجها من يسوع المسيح".
    "عفوا؟ ماذا قلت؟" نظرت صوفي إلى لانغدون ثم نظرت إلى تيبنغ ثانية.
    "إن ذلك كله مذكور في السجلات التاريخية، لم يكن ذلك كلامي أنا" قال تيبينغ، "وكان دافنيشي على علم تام بهذه الحقيقة". ولوحة العشاء الأخير هي صرخة للعالم للفت نظرهم إلى أن يسوع والمجدلية كانا زوجين".
    حدقت صوفي من جديد في اللوحة الجدارية.
    "لاحظي أن يسوع والمجدلية يلبسان ثياباً متماثلة تماماً لكن بألوان متعاكسة" أشار تيبينغ إلى الشخصين اللذين كانا في وسط اللوحة الجدارية.
    كانت صوفي تكاد لا تصدق عينيها. هذا صحيح، لقد كانت ثيابهما متعاكسة في اللون، فيسوع كان يرتدي ثوبا أحمر وفوقه عباءة زرقاء في حين أن مريم المجدلية كانت ترتدي ثوباً ازرق وفوقة عباءة حمراء. ين ويانغ.
    "والآن لننتقل إلى ما هو أكثر غرابة"، قال تيبينغ، "لاحظي أن يسوع وعروسه يبدوان وكأنهما متصلين عند الورك، ثم يبتعدان عن بعضهما في الطرف العلوي وكأنهما بهذه الوضعية يرسمان شكلا واضحا الا وهو الكأس..."
    رأت صوفي شكل V الواضح تماما في مركز اللوحة بالضبط، قبل أن يمرر تيبينغ إصبعه على اللوحة ليريها إياه. كان ذلك هو نفس الرمز الذي رسمه لانغدون قبل قليل كناية عن الكأس المقدسة، القدح... رحم الأنثى.
    "وأخيرا" قال تيبينغ، "إذا نظرت إلى المسيح والمجدلية باعتبارهما عناصر تركيبية لا على أنهما شخصين، ستجدين أنهما يكونان شكلا أخر أكثر وضوحا" صمت لحظة "وهو حرف من حروف الأبجدية"
    فلاحظته صوفي في الحال. وفجأة كان هذا الحرف هو الشيء الوحيد الذي استطاعت صوفي رؤيته في اللوحة
    كانت الخطوط التي تشكل حرف M عملاق دقيقة إلى حد لا يترك مجالا للشك، وكانت ساطعة في مركز اللوحة بشكل يعمي الأبصار تصرخ بصوت عال لتلفت نظر المشاهد إليها.

    "لا تعتقدين أنها شديدة الوضوح والتناسق لدرجة أنها لا يمكن أن تكون هناك بمحض الصدفة؟" سألها تيبنغ
    لكن صوفي كانت مذهولة. "لكن ما هو القصد وراء رسمها هنا؟"
    هز تيبينغ كتفيه وأجابها. "إذا سألت الباحثين الذين يقولون بنظرية المؤامرة فسيجيبونك بأن ذلك الحرف يرمز إلى كلمة ماتريمونيو –زواج- أو مريم المجدلية. ولكي أصدقك القول لا أحد يعرف الإجابة على ذلك السؤال بشكل أكيد. لكن الحقيقة الوحيدة المؤكدة هي أن وجود حرف M بشكل مخفي في تلك اللوحة، لم يكن عن طريق الخطأ. وهذا بالإضافة إلى أنه كانت هناك أعمال كثيرة جدا ذات صلة بالكأس المقدسة احتوت على حرف M بشكل مخفي سواء كان ذلك كعلامة مائية أو بشكل مخبأ تحت اللوحات أو كإشارات مبتكرة لا تظهر للناظر إلا إذا دقق فيها. إلا أن أوضح M بلا منازع هي تلك التي تزين مذبح كنسة سيدة باريس في لندن، والتي صممت على يد زعيم كبير سابق لأخوية سيون، وهو كان كوكتو".
    فكرت صوفي للحظات في المعلومات التي سمعتها لتوها. "إنني أعترف أن حروف M المخفية تثير الفضول والدهشة، إلا أنه من غير المعقول أن يدعي أي أحد أن ذلك يعد دليلا دامغا على زواج يسوع بالمجدلية"
    "لا..لا نهائيا"، قال تيبينغ وذهب نحو أحد الطاولات المليئة بالكتب. "كما قلت لك سابقاً، إن يسوع تزوج وريم المجدلية وهو جزء من حقيقة وسجلات تاريخية" وأخذ ينبش في مجموعة الكتب التي كانت بين يديه. "علامة على أن يسوع كرجل متزوج هو أمر منطقي أكثر من فكرتنا الإنجيلية التقليدية التي تقول إنه كان عازبا"
    "لماذا" سألت صوفي.
    "لأن يسوع كان يهوديا"، قال لانغدون وقد استلم دفة الحديث عن تيبينغ الذي كان يبحث عن كتاب يريد أن يريه لصوفي، " وقد كان العرف الاجتماعي في ذلك العصر يحرم تماما على الرجل اليهودي أن يكون أعزبا. كما أن الامتناع عن الزوج كان ذنبا يعاقب عليه بحسب التقاليد اليهودية، وكان واجب الأب اليهودي أن يجد زوجة مناسبة لابنه. فلو كان المسيح أعزبا، لكان ذلك ذكر في أحد الأناجيل وتم تفسير حالة عدم زواجه غير المألوفة على الإطلاق"
    عثر تيبينغ على كتاب كبير وسحبه نحوه من فوق الطاولة. كانت هذه النسخة من كالكتاب ذو الغلاف الجلدي الفاخر بحجم ملصق كبير وتبدو أشبه بأطلس ضخم. كان عنوان الكتاب "الأناجيل الغنطوسية. فتحه تيبينغ بحماس وانضم إليه لانغدون وصوفي. لاحظت صوفي أن الكتاب يضم بين دفتيه صورا بدت كأنها مقاطع مكبرة لوثائق قديمة اتضح انها أوراق بردي ممزقة تحتوي على نص مكتوب بخط اليد. لم تتمكن من التعرف على اللغة القديمة إلا أن الصفحات المقابلة حملت ترجمة مطبوعة لتلك النصوص.
    "هذه صورا للفائف البردي التي عثر عليها في واحة حمادي وفي البحر الميت، التي قد حدثتك عنها"، قال تيبينغ."إنها السجلات المسيحية الأولى. والتي لا تتوافق معلوماتها للأسف مع الأناجيل التي جمع منها إنجيل قسطنطين" قلب تيبينغ صفحات الكتاب حتى وصل إلى منتصفه ثم أشار إلى أحد المقاطع." إن إنجيل فيليب هو دائما أفضل واحد نبدأ به".
    قرأت صوفي المقطع الذي أشار إليه.
    "ورفيقة المخلِّص هي مريم المجدلية. أحبها المسيح أكثر من كل الحواريين واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من فمها. وقد تضايق باقي الحواريين من ذلك وعبروا عن استيائهم وقالوا له "لماذا تحبها أكثر منا؟"
    لقد فاجأت تلك الكلمات صوفي، إلا أنها لم تكن تبدو مقنعة.
    "إنها لم تأت على ذكر الزواج نهائيا"
    "بالعكس" قال تيبينغ بالفرنسية ثم ابتسم مشيرا إلى السطر الأول." إذا سأل أي عالم باللغة الآرامية فسيقول لك أن كلمة رفيقة في تلك الأيام كانت تعني حرفيا الزوجة"
    وافقه لانغدون على ذلك بإيماءة من رأسه.
    قرأت صوفي السطر الأور مرة أخرى. ورفيقة المخلص هي مريم المجدلية.
    قلّب تيبينغ في الكتاب ثانية وأشار إلى عدة مقطاع أخرى دلت بوضوح لى أن يسوع والمجلية كانا على علاقة عاطفية، مما أثار دهشة صوفي الشديدة. .
    .
    .
    .
    كان تيبينغ لا زال يتكلم . "لن أضجرك بقراءة العدد الكبير من الشواهد التي تدل على زواج يسوع والمجدلية. فقد قام المرخون المعاصرون بالبحث في هذا الموضوع مرارا وتكرارا, إلا أنني أشير إلى المقطع التالي وهو مأخوذ من إنجيل مريم المجدلية"
    لم تكن صوفي على علم بوجود إنجيل بكلمات المجدلية. قرأت النص:
    وقال بطرس، هل قام المخلص فعلا بالتحدث مع امرأة دون علمنا، هل سينصرف عنا وهل سنضطر جميعا للانصياع لأمرها؟ هل فضلها علينا؟
    وأجابه ليفي" بطرس لقد كنت دائما حاد الطباع، وأرى الآن أنك تعارضها وكأنك خصمها. إذا كان المخلص قد جعلها شخصا مهما، فمن أنت لترفضها؟ من المؤكد أن المخلّص يعرفها حق المعرفة، لذلك هو يحبها أكثر منا"
    " إن المرأة التي يتحدثان عنها هي مريم المجدلية. وبطرس يغار منها" فسر لها تيبينغ
    "لأن يسوع فضل مريم عليهم؟"
    "ليس هذا فقط، بل إن الأمر يصبح أخطر من مجرد الإعجاب. وفي تلك الفترة حسب ما يذكر الإنجيل، يشعر يسوع بأنه سوف يتم القبض عليه وصلبه قريبا. لذا فهو يقوم بإعطاء مريم المجدلية تعليمات حول كيفية متابعة كنيسته بعد أن يموت. ونتيجة لذلك يعبر بطرس عن استيائه حول قيامه بدور ثانوي لامرأة تحتل البطولة. يمكنني القول أن بطرس كان متعصبا للرجال"
    كانت صوفي تحاول استيعاب ما قاله. "هذا الذي تتحدث عنه هو القديس بطرس. الصخرة التي بنى عليها يسوع كنيسته؟"
    "هو بذاته، إلا أن هناك خطأ بسيطا. فبحسب هذه الأناجيل غير المحرّفة لم يكن بطرس هو الحواري الذي أعطاه المسيح تعليمات تتضمن كيفية تأسيس الكنيسة المسيحية، بل كانت مريم المجدلية"
    نظرت صوفي إليه بدهشة" أنت تقول أن الكنيسة المسيحية كانت ستقوم على يد امرأة؟"
    " تلك كانت الخطة. فيسوع كان أول نصير للمرأة. كان يريد لمستقبل كنيسته أن يكون بين يدي مريم المجدلية"
    "وكان بطرس يعارض هذا الأمر" قال لانغدون مشيرا إلى لوحة العشاء الأخير.
    "ها هو بطرس هناك. يمكنك أن تري إن دافنشي كان على علم بمشاعر بطرس حيال مريم المجدلية"
    مرة أخرى ذهلت صوفي ولم تستطع أن تنبس ببنت شفة. ففي اللوحة، كان بطرس ينحني بطريقة مخيفة نحو مريم المجدلية واضعا يده الشبيهة بالسيف أمام عنقها كما لو أنه يريد ذبحها. نفس الحركة المرعبة في لوحة سيدة الصخور!
    "وهنا ايضا" قال لانغدون وقد أشار الآن إلى المجموعة الكبيرة من الحواريين بالقرب من بطرس. "مخيف بعض الشيء، أليس كذلك؟"
    دققت صوفي في اللوحة أكثر فرأت يداً تظهر من بين جماعة الحواريين. " هل تحمل هذه اليد خنجرا؟"
    "نعم"، والأغرب من ذلك هو أنك اذا قمت بعد الأذروع ستجدين ان هذه اليد لا تعود إلى أي أحد على الإطلاق ... إنها مفصولة عن الجسد.. يد مجهولة"


    تحياتي
    avatar
    ناصر العربي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 53
    تاريخ التسجيل : 30/05/2009
    نقاط التميز : 83
    معدل تقييم الاداء : 4

    دافنتشي كما في "الشيفرة"! Empty رد: دافنتشي كما في "الشيفرة"!

    مُساهمة من طرف ناصر العربي الثلاثاء 13 أكتوبر - 10:15

    حول رواية شيفرة دافنشي



    أكرم أنطاكي



    "كل نقد يبدأ بنقد الدين..."

    كارل ماركس



    1

    هي رواية جميلة وممتعة. كتاب حطَّم، حتى تاريخ اليوم، جميع أرقام المبيعات القياسية في العالم. فقد تجاوز تعدادُ قرائه الثمانية ملايين قارئ! كتاب مثير استنكرتْه بعضُ الأوساط المسيحية الكاثوليكية المتعصِّبة، وقبلتْ به بطرافة بعض الأوساط الليبرالية المسيحية وغير المسيحية الأخرى. ففي منطقتنا، شجب هذا الكتاب في لبنان (المتحرِّر)، مثلاً، لصالح مكتبات دمشق (الأقل تحررًا)، حيث هو متوفر ويحقق مبيعات جيدة (ليس حصرًا). كتاب لن يدخل التاريخ حتمًا كأحد روائع الأدب العالمي، لكنك، إن أمسكت به، أخي القارئ، فإنه لن يكون في وسعك فعلاً تركُه قبل الانتهاء من صفحته الأخيرة!

    فعمَّ يتحدث هذا الكتاب يا ترى؟ ولِمَ كل هذا الضجيج المثار حوله؟

    2

    على خلفية صراع "مخابراتي" عنيف بين إحدى أكثر المجموعات الكاثوليكية تعصبًا، المعروفة بالـOpus Dei، وبين أتباع مجموعة سرَّانية (مجهولة، وإن أضحت شهيرة في السنوات الأخيرة) تدعى بـ"مصلَّى صهيون" Prieuré de Sion (وليس "جمعية زيون"، كما جاء في الترجمة "المعرَّبة" للكتاب!)...



    مقر جمعية Opus Deiفي نيويورك

    ... يقال إن الـOpus Dei اغتالت، على يد قاتل (منوَّم) من أتباعها، قادة ذاك التنظيم الآخر بهدف الحصول على مفتاح يقود إلى سرٍّ عظيم من شأنه أن يهزَّ أركان الكنيسة، ويبدو من حيث الشكل وكأنه بحث عن الكأس المقدسة (أو الـHoly Grail). ووسط ديكور سياحي ساحر، حيث تتسارع أحداثُ القصة (كما في الأفلام) بين متحف اللوفر وكنيسة سان سولبيس (في باريس) ودير ويستمنستر (في لندن)...



    اللوفر وهر مه، باريس


    كنيسة سان سولبيس، باريس


    دير ويستمنستر، لندن


    ... يقدم الكاتب دان براون – وهو أستاذ جامعي أمريكي شاب وكاتب مرموق – منظورًا آخر للأسطورة المسيحية، فيفترض أنه كان ليسوع خلال حياته علاقة خاصة بمريم المجدلية التي كانت، كما يقال، زوجته، والتي هاجرت، بعيد مغادرته هذا العالم إلى فرنسا، لتصبح أمًّا لسلالة ملكية كانت متمثلة بالميروفنجيين، الذين كان منهم كلوفيس، أول ملك مسيحي لفرنسا. وهو "سر خطير" عتَّمتْ عليه الكنيسة، وفق ما يدِّعيه الكتاب، طوال تاريخها؛ لكنه أيضًا، سر كانت تعلمه وتحميه جيدًا، على ما يبدو، جمعية "مصلَّى صهيون"، التي يقال إن مؤسِّسها (في العام 1099 م) كان أول ملك للقدس اللاتينية (إبان الحروب الصليبية)، غودفروا دُهْ بويون. وهي جمعية مستمرة إلى الآن (على ما يقال)، وكانت تضم من بين عمدائها البارزين على مرِّ تاريخها العديد من الشخصيات الإنسانية الطليعية التي عُرِفَتْ بتوجهاتها وميولها الباطنية: ليوناردو دافنشي، بوتيتشيلي، روبرت فلود، إسحق نيوتن، فكتور هوغو، كلود دوبوسي، جان كوكتو، و... من أواخرهم (وهذا لم يذكره الكتاب) شخص إشكالي جدًّا، توفي في العام 2002، يدعى بيير بلانتار دُهْ سان كلير [الذي يبدو الشق الأول من اسم عائلته (بلانتار) فرنسيًّا عاديًّا جدًّا، بينما الشق الثاني (دُهْ سان كلير) يبدو أنه نسب نبيل).

    ويستعرض الكتاب، عن طريق بطله روبرت لانغدون، الذي يفترضه أستاذًا في جامعة هارفارد، ذلك البحث عن "الكأس المقدسة" من خلال فكِّ شفرات تضمَّنتْها في صورة رئيسية الأعمالُ الأشهر لليوناردو دافنشي – ومن هنا جاء عنوان الكتاب...



    ليوناردو دافينشي

    3

    ونتوسع قليلاً من خلال المرور السريع على تلك الأعمال الأهم لدافنشي التي يستعرضها الكتاب، مبتدئين أولاً بإنسان فانتوري الذي يفتتح به كاتبُنا مسرح جريمة قتل مَن يفترضه رئيسًا لجمعية مصلَّى صهيون وحافظًا لمتحف اللوفر في باريس؛ وقد أسماه سونيير (ولنا عودة إلى هذا الاسم ضمن سياق مقالتنا).



    إنسان فانتوري

    ثم ينقلنا إلى الموناليزا (الجوكوندة)، أشهر لوحات دافنشي، وأشهر لوحة في العالم على الإطلاق... فسيدة الصخرة...





    "الموناليزا" و"سيدة الصخرة"

    فالعشاء السرِّي...



    العشاء السرِّي

    حيث نلاحظ، ضمن هذا السياق، أن وراء كلَّ لوحة رمزًا و/أو فكرةً إشكاليةً يمرِّرها الكاتب من خلال تلك الأعمال: كتلك التي في لوحة العشاء السرِّي، مثلاً، حيث يظهر وكأن الشخص الذي على يسار يسوع ليس رجلاً، بل هو في الحقيقة امرأة تلبس ثيابًا مشابهة، وإنْ معاكسة في اللون لثياب يسوع؛ امرأة تبدو في هذا العشاء وكأنها الشخصية الأهم بين التلاميذ الذين كان تعدادهم (معها حسب اللوحة) اثني عشر؛ امرأة يفترض أنها تلك المجدلية التي رافقتْه إبان حياته العلنية وحتى النهاية، والتي كان أول مَن ظهر لها بعيد قيامته. ونتساءل حول...

    4

    ... الجديد في الأمر، خاصةً وأن هذا الكتاب ما هو إلا تذكير – أضعف بكثير من حيث التوثيق – بكتاب آخر سَبَقَه في أوائل الثمانينات (في العام 1982 تحديدًا) وضَرَبَ، مثله أيضًا حينذاك، الأرقام القياسية في المبيعات؛ كتاب كان عنوانه، وفق نسخته الإنكليزية، الدم المقدس والكأس المقدسة The Holy Blood and the Holy Grail واللغز المقدَّس أو L’énigme sacrée، وفق نسخته الفرنسية.




    ونستعيد ذلك الكتاب الإشكالي الآخر، والواسع الانتشار أيضًا، حيث حاول مؤلِّفوه الثلاثة، السادة مايكل بيجنت وريتشارد ليي وهنري لنكولن، من خلال تحقيق موثَّق توثيقًا لا بأس به، وابتداءً بالبحث عن سرِّ الاغتناء المفاجئ، في أواخر القرن الماضي، لكاهن صادف أن وُجِدَ في منطقة نائية من جنوب فرنسا، في قرية تدعى رين لوشاتو Rennes le Château، كانت فيما مضى إحدى معاقل الكاثاريين.[1] فيقودنا السياق الذي بدأ مفترضًا ما يمكن أن يكون قد اكتشفه آنذاك ذلك الكاهن الذي كان يدعى بيرانجيه سونيير[2] من وثائق هامة جدًّا (كان يمتلكها الكاثاريون)، ليستعرض تاريخًا طويلاً يصل بنا – ككتاب دان براون – إلى الكاثاريين، ففرسان الهيكل، فجمعية مصلَّى صهيون، فعلاقة المسيح بالمجدلية وسلالتهما الميروفنجية المفترَضة، إلخ. ونستنتج طبعًا أن هذا الكتاب السابق إنما يشكل الخلفية الوثائقية التي استند إليها بعدئذٍ كتاب شيفرة دافنشي اللاحق، الذي لا ينفي "أصوله" تلك، بل ينوِّه بها صراحة ضمن حواراته. ونتساءل:

    ما الجديد فعلاً؟ – خاصةً وأن السرَّ الذي يفترض أن يكشفه كتاب شيفرة دافنشي لم يكن سرًّا، فقد كان يعلمه، على الأقل منذ صدور الكتاب الأسبق (أي الدم المقدس والكأس المقدسة) منذ الثمانينات، ملايين القراء. ونتساءل حول الجديد والسر في انتشار هذا الكتاب حقيقةً، خاصةً وأن هذا "السر"، الذي لم يكن سرًّا أصلاً، إنما كان متداوَلاً فعلاً على مرِّ العصور، مرورًا بدافنشي الذي لم يفعل الكاتب سوى التذكير بالرموز (المعروفة) والمتضمَّنة في لوحاته وأعماله، وصولاً إلى القرن الماضي ونيكوس كازانتزاكيس، الذي قدَّم في كتابه الشهير الإغواء الأخير للمسيح[3] رؤاه الخاصة لتلك الفرضية نفسها المتعلقة بالعلاقة المفترَضة بين يسوع والمجدلية. ونتفكر في الموضوع قليلاً، وبمزيد من العمق...

    5

    فنلاحظ أن دان براون، الذي وعى هذه النقطة (التي قد يجادله فيها بعضهم) حول "سرِّه" المفترَض، اختتم قصته بتلك النهاية الذكية التي تتخيل "الكنز" وكأنه مدفون في أسفل هرم اللوفر، تمامًا تحت ذلك الهرم المقلوب الذي يتوقف عنده جميع زوار المتحف، والذي ليس في وسع أحد الوصول إليه لأنه، كالبحث عن الكأس المقدسة، مجرد خيال...



    متحف اللوفر، الهرم المقلوب

    أو لنقل مجرد حلم جميل، كذلك الذي كانت – وستبقى – تبحث عنه الإنسانية إبان مسيرتها...

    حلم بدين إنساني يتجاوز ذكورة أدياننا الحالية ويستعيد أنوثته من خلال بشر أرقى وأكثر تقدمًا.

    ونسجِّل هنا، لتأكيد هذه الفكرة، أن هذه هي المعلومة الإضافية الرئيسية التي أضافها دان براون إلى الكتاب السابق، المتعلِّقة بمصلَّى صهيون؛ هذه هي تحديدًا الفكرة، حيث يبدو وكأن جمعيته التي يتعاطف معها إنما تمارس طقوسًا ذات علاقة بأنوثة الألوهة، وتؤمن بهذه الأنوثة، التي يقول الكتاب إن يسوع حاول فَرْضَها على تلاميذه من خلال المجدلية...

    6

    وأتفكر أنه حتى هذه الفكرة لم تأتِ من فراغ، لأننا، إن توقفنا قليلاً عند إنجيل توما (المنحول)، سنجد، في "سورته" الختامية تحديدًا، ذلك القول الذي قد يستحق بعض التأمل، حيث جاء:

    114. قال لهم سمعان بطرس: "على مريم أن تغادرنا، فإن الإناث لسن أهلاً للحياة."

    فقال يسوع: "أنظر، فإني سوف أُرشِدها لأجعلها ذكرًا، حتى تصير هي الأخرى روحًا حيَّة تشبهكم أنتم الذكور. فإن كلَّ أنثى تجعل نفسها ذكرًا تدخل ملكوت السماوات. "[4]

    نعم، لم يكن هناك سر.

    وبالتالي، فإن ما كشفه، أو لنقل ما تحدث عنه دان براون في الحقيقة، بأسلوبه الروائي الشيق، لا ولن يدمِّر الكنيسة التي يفترض أنها تطورت كثيرًا اليوم، بحيث صار في وسعها استيعاب طروحات كهذه قد لا تتوافق، ربما، مع الفهم التقليدي و/أو العامي لمقدَّساتها. وهو واقع إن دلَّ على شيء فإنما يدل، ربما أيضًا، على أن عامة الناس (في المسيحية واليهودية وسواهما) قد بدأت تنظر وتتفهَّم دينها بشكل أعمق وأكثر إنسانية. من هنا، يمكن ربما تفسير ذلك التلهف لقراءة كتب كهذه تتعرض للمقدسات وتتجاوز المألوف في طرحها، وخاصة حين تتعلق كتب كهذه بأمور الدين – لأن...

    7

    المشكلة الأساسية بالنسبة لأيِّ دين و/أو فكرة إنسانية جامعة إنما تكمن في علاقتها بأصولها. فمشكلة المسيحية الأولى كانت قطعًا – ولم تزل – أصولها اليهودية والرواقية والغنوصية؛ كما كانت مشكلة الإسلام الرئيسية في أصوله النصرانية واليهودية؛ ومشكلة اليهودية في أصولها المصرية والبابلية والعربية. أما المشكلة الثانية، التي لا تقل عن الأولى أهمية (وأنا أعني هنا جميع الأديان والأفكار الجامعة، لا أستثني منها دينًا أو فكرة)، فهي تكمن في علاقتها بعوامها.

    وأتفكر أن لتلك المشاكل أوجُهًا متعددة ومتشابكة. فكل فكرة تنبع من أخرى أقدم منها، ومن تفاعلات وظروف محيطة، تجعل ظهورها من بعدُ محتمًا، إن لم نقل ضرورة. ووعاؤها هو الإنسان، وجدليَّتها هي جدلية الحياة النابعة من احتكاكات البشر وصراعاتهم وتفاعلاتهم... تراكمات كمِّية تتفاعل في الأعماق الإنسانية لتولِّد تحولات نوعية تبدو لنا، فيما بعد، وكأنها "جديد" يختلف نوعيًّا عمَّا سَبَقَه.

    فالقديم قد يموت أحيانًا حين يظهر ذلك الجديد. لكنه غالبًا لا يموت، وإنما ينحسر فقط؛ ويبقى في الأعماق متفاعلاً، ليشكل تراكمات أخرى، تتحول، بدورها، إلى تحولات نوعية من نوع آخر. هكذا كانت الحال بالنسبة لجميع الأديان والأفكار الجامعة، الأمر الذي يشرح عمومًا تحولاتها وتفاعلاتها اللاحقة.

    وأتفكر أن هذا بالضبط بعض ما نشهده اليوم، ويتعلق بـ"شيفرة دافنشي" وبأصول المسيحية، مثلاً وليس حصرًا. إنها تراكمات – مجرد تراكمات – تعود بين الحين والحين، بهذا الشكل أو ذاك، لتطفو على السطح، مذكِّرة بتلك الأصول...



    *** *** ***





    [1] راجع حول هذا الموضوع مقالة أكرم أنطاكي "الكاثاريون: محاولة تاريخية وفلسفية"، في إصدار معابر لتشرين الأول 2003.

    [2] وهو اسم العائلة نفسه الذي يفترضه دان براون لأمين اللوفر المقتول.

    [3] راجع حول هذا الموضوع مقالة أكرم أنطاكي، "قراءة في رواية الإغواء الأخير للمسيح"، في إصدار معابر لتشرين الأول 2004.

    [4] راجع معابر، الإصدار الرابع أو المكتبة: إنجيل توما.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل - 1:56