معا لغد افضل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
معا لغد افضل

+2
ابو عمر
محمد علي
6 مشترك

    حمزة أسد الله

    محمد علي
    محمد علي
    عضو متالق
    عضو متالق


    عدد المساهمات : 718
    رقم العضوية : 53
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 1475
    معدل تقييم الاداء : 16

    حمزة أسد الله Empty حمزة بن عبد المطلب

    مُساهمة من طرف محمد علي الأحد 10 أغسطس - 7:12

    حمزة بن عبد المطلب:

    حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، أبو عمارة عم النبي - صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة، ولد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم- بسنتين، وقيل: بأربع، أسلم في السنة الثانية من البعثة، ولازم نصر النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهاجر معه وآخى الرسول - صلى الله عليه وسلم- بينه وبين زيد بن حارثة، وشهد بدراً، وأبلى في ذلك وقتل شبية بن ربيعة وشارك في قتل عتبة بن ربيعة، أو العكس، وعقد له الرسول - صلى الله عليه وسلم- لواءً وأرسله في سرية سيف البحر في رمضان سنة 1هـ فكان ذلك أول لواء عقد في الإسلام، واستشهد بأحد، ولقبه الرسول - صلى الله عليه وسلم- أسد الله وسماه سيد الشهداء ويقال: إنه قبل أن يقتل بأحد قتل أكثر من ثلاثين نفساً.

    أسد الغابة (1/228-232)، سير أعلام النبلاء (1/171) الإصابة (1/286).
    ابو عمر
    ابو عمر
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 537
    رقم العضوية : 17
    تاريخ التسجيل : 02/06/2008
    نقاط التميز : 1019
    معدل تقييم الاداء : 11

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف ابو عمر الجمعة 15 أغسطس - 12:12

    حمزة سيد الشهداء ويالها من منزلة عظيمة
    avatar
    muslim
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 118
    رقم العضوية : 83
    تاريخ التسجيل : 01/09/2008
    نقاط التميز : 183
    معدل تقييم الاداء : 11

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف muslim الأربعاء 10 سبتمبر - 3:27

    حمزة أسد الله 21810
    avatar
    مجرد انسان
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 291
    رقم العضوية : 114
    تاريخ التسجيل : 30/09/2008
    نقاط التميز : 523
    معدل تقييم الاداء : 21

    حمزة أسد الله Empty حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مجرد انسان الخميس 23 أكتوبر - 0:51

    هو أسد الله حمزة بن عبد المطلب " أبو عمارة"، "أبو يعلي" عم الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، وأخوه في الرضاعة، تميز بشجاعته وغيرته على الإسلام ودفاعه عنه فكان صاحب هيبة ونفوذ بين زعماء مكة وسادات قريش، عندما توفي حمزة شهيداً في معركة "أحد" مثلت قريش بجثته وحزن لذلك الرسول " صلى الله عليه وسلم" والمسلمين كثيراً، لقب حمزة بلقب "سيد الشهداء"، و"أسد الله وأسد رسوله".



    إسلامه

    أعلن حمزة رضي الله عنه إسلامه بقوة في وسط قريش وكان ذلك في أحد المواقف القوية له والتي جاء فيها: قال ابن إسحاق : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا: فآذاه ونال منه ورسول الله "صلى الله عليه وسلم" ساكت، فقام "رسول الله صلى الله عليه وسلم" ودخل المسجد، وكانت مولاة لعبد الله بن جعدان في مسكن لها على الصفا تسمع ما يقول أبو جهل.

    يذكر أن حمزة رضي الله عنه كان عائداً من القنص متوحشاً قوسه وكان صاحب قنص يرميه ويخرج إليه وكان إذا عاد لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معه، فلما مر بالمولاة قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد "صلى الله عليه وسلم".

    فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته، فخرج يسعى ولم يقف على أحد، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما وصل إلى الكعبة وجده جالسا بين القوم، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له: "أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول؟... فرد ذلك علي إن استطعت".


    توجه حمزة بعد هذا الموقف إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم ولقي فيها محمد "صلى الله عليه وسلم" وأعلن إسلامه أمامه، وكان ذلك في العام السادس من البعثة وفرح به المسلمون واستبشروا به خيراً، و عرفت قريش أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قد عز وامتنع، وان حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.
    avatar
    مجرد انسان
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 291
    رقم العضوية : 114
    تاريخ التسجيل : 30/09/2008
    نقاط التميز : 523
    معدل تقييم الاداء : 21

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مجرد انسان الخميس 23 أكتوبر - 0:52

    مواقفه بعد الإسلام

    كانت أول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة رضي الله عنه، كما كانت أول راية عقدها الرسول "صلى الله عليه وسلم" لأحد من المسلمين كانت لحمزة ويوم بدر كان أسد الله يستبسل في القتال ويقاتل بسيفين، وبعدها أصبح هدفاً للمشركين في غزوة "أحد" والتي كتب له الاستشهاد فيها.

    سأل حمزة الرسول "صلى الله عليه وسلم" أن يريه جبريل في صورته ، فقال: "إنك لا تستطيع أن تراه"... قال: "بلى"... قال: "فاقعد مكانك"... فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت، فقال: "أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ"... فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر، فخرّ مغشياً عليه.


    وقد استبسل حمزة منذ إسلامه في الدفاع عن الإسلام والرسول فكان شجاعاً لا يخشى شيء حتى أطلق عليه الرسول "عليه الصلاة والسلام" لقب "أسد الله وأسد رسوله".





    استشهاد الأسد

    بعد معركة بدر والتي أظهر فيها حمزة رضي الله عنه الكثير من الشجاعة والإقدام، وحصد فيها الكثير من رؤوس الكافرين من قريش، توعدت له قريش للانتقام منه فأرسلت عبدها الحبشي " وحشي" ووعدته بالعتق إذا قتل حمزة بالإضافة للمال والذهب الأمر الذي كان حافز له لكي يظفر بحياة حمزة، جاءت معركة "أحد" والتي أظهر بها حمزة الكثير من الشجاعة والإقدام كالعادة فاخذ يضرب يميناً ويساراً بسيفه، وترصده العبد الحبشي حتى تمكن من النيل منه وقتله.

    ولم تكتفي قريش بمقتل حمزة بل عمدت إلى التمثيل بجثته فجاءت هند بنت عتبة وبعض النسوة وأخذن يمثلن بجثته وجثث غيره من شهداء المسلمين، يقطعن الأذان والأنوف، وانهالت هند بالهدايا على عبدها "وحشي" وعادت إلى جثة حمزة وبقرت كبده واكلته لكنها لم تستسغه فلفظته، وقد كانت هند زوجة أبي سفيان قد فقدت في معركة "بدر" كل من أبيها وعمها وأخوها، فخرجت في " أحد" تحث القرشيين على القتال.





    حزن الرسول عليه

    خرج رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يبحث عن جثة حمزة بين غيرها من جثث الشهداء، فوجدها ببطن الوادي وقد بقر بطنه عن كبده، ومثل به، فجدع أنفه وأذناه فقال الرسول "صلى الله عليه وسلم" حين رأى ما رأى: " لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !".


    قال ابن هشام : ولما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة قال: لن أصاب بمثلك أبدا ما وقفت موقفاً قط أغيظ إلي من هذا، ثم قال جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السموات السبع حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد، إخوة من الرضاعة أرضعتهم مولاة لأبي لهب .


    عندما رأى المسلمون حزن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وغضبه مما فعل بعمه قالوا: "والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب".

    ثم نزل قول الله تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.


    فعفا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ونهى عن المثلة، وأمر بحمزة فسجي ببردة، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالشهداء فوضعوا إلى حمزة، وصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة، وكان ذلك في شهر شوال في السنة الثالثة من الهجرة.


    قال عنه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" (سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب)، كما قال لعلي بن أبي طالب: يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب.
    avatar
    said
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 56
    رقم العضوية : 209
    تاريخ التسجيل : 12/01/2009
    نقاط التميز : 59
    معدل تقييم الاداء : 1

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف said الأحد 22 مارس - 21:06

    اشكرك
    مصري
    مصري
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 505
    رقم العضوية : 28
    تاريخ التسجيل : 27/06/2008
    نقاط التميز : 835
    معدل تقييم الاداء : 59

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مصري الأربعاء 14 أكتوبر - 23:26

    حمزة بن عبد المطلب

    أسد الله وسيّد الشهداء



    كانت مكة تغطّ في نومها، بعد يوم مليء بالسعي، وبالكدّ، وبالعبادة وباللهو..

    والقرشيون يتقلبون في مضاجعهم هاجعين.. غير واحد هناك يتجافى عن المضجع جنباه، يأوي الى فراشه مبركا، ويستريح ساعات قليلة، ثم ينهض في شوق عظيم، لأنه مع الله على موعد، فيعمد الى مصلاه في حجرته، ويظل يناجي ربه ويدعوه.. وكلما استيقظت زوجته على أزير صدره الضارع وابتهالاته الحارّو الملحة، وأخذتها الشفقة عليه، ودعته أن يرفق بنفسه ويأخذ حظه من النوم، يجيبها ودموع عينيه تسابق كلماته:

    " لقد انقضى عهد النوم يا خديجة"..!!

    لم يكن أمره قد أرّق قريش بعد، وان كان قد بدأ يشغلا انتباهها، فلقد كان حديث عهد بدعوته، وكان يقول كلمته سرا وهمسا.

    كان الذين آمنوا به يومئذ قليلين جدا..

    وكان هناك من غير المؤمنين به من يحمل له كل الحب والاجلال، ويطوي جوانحه على شوق عظيم الى الايمان به والسير في قافلته المباركة، لا يمنعه سوى مواضعات العرف والبيئة، وضغوط التقاليد والوراثة، والتردد بين نداء الغروب، ونداء الشروق.

    من هؤلاء كان حمزة بن عبد المطلب.. عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة.



    **



    كان حمزة يعرف عظمة ابن أخيه وكماله.. وكان على بيّنة من حقيقة أمره، وجوهر خصاله..

    فهو لا يعرف معرفة العم بابن أخيه فحسب، بل معرفة الأخ بالأخ، والصديق بالصديق.. ذلك أن رسول الله وحمزة من جيل واحد، وسن متقاربة. نشأ معا وتآخيا معا، وسارا معا على الدرب من أوله خطوة خطوة..



    ولئن كان شباب كل منهما قد مضى في طريق، فأخذ حمزة يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة، وافساح مكان لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش.. في حين عكف محمد على اضواء روحه التي انطلقت تنير له الطريق الى الله وعلى حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة الى التأمل العميق، والى التهيؤ لمصافحة الحق وتلقيه..

    نقول لئن كان شباب كل منهما قد اتخذ وجهة مغايرة، فان حمزة لم تغب عن وعيه لحظة من نهار فضائل تربه وابن أخيه.. تلك الفضائل والمكارم التي كانت تحلّ لصاحبها مكانا عليّا في أفئدة الناس كافة، وترسم صورة واضحة لمستقبله العظيم.

    في صبيحة ذلك اليوم، خرج حمزة كعادته.

    وعند الكعبة وجد نفرا من أشراف قريش وساداتها فجلس معهم، يستمع لما يقولون..

    وكانوا يتحدثون عن محمد..

    ولأول مرّة رآهم حمزة يستحوذ عليهم القلق من دعوة ابن أخيه.. وتظهر في أحاديثهم عنه نبرة الحقد، والغيظ والمرارة.

    لقد كانوا من قبل لا يبالون، أو هم يتظاهرون بعدم الاكتراث واللامبالاة.

    أما اليوم، فوجوههم تموج موجا بالقلق، والهمّ، والرغبة في الافتراس.

    وضحك حمزة من أحاديثهم طويلا.. ورماهم بالمبالغة، وسوء التقدير..



    وعقب أبو جهل مؤكدا لجلسائه أن حمزة أكثر الانس علما بخطر ما يدعو اليه محمد ولكنه يريد أم يهوّن الأمر حتى تنام قريش، ثم تصبح يوما وقد ساء صاحبها، وظهر أمر ابن أخيه عليها...

    ومضوا في حديثهم يزمجرون، ويتوعدون.. وحمزة يبتسم تارّة، ويمتعض أخرى، وحين انفض الجميع وذهب كل الى سبيله، كان حمزة مثقل الرأس بأفكار جديدة، وخواطر جديدة. راح يستقبل بها أمر ابن أخيه، ويناقشه مع نفسه من جديد...!!!



    **



    ومضت الأيام، ينادي بعضها بعضا ومع كل يوم تزداد همهمة قريش حول دعوة الرسول..

    ثم تتحوّل همهمة قريش الى تحرّش. وحمزة يرقب الموقف من بعيد..

    ان ثبات ابن أخيه ليبهره.. وان تفانيه في سبيل ايمانه ودعوته لهو شيء جديد على قريش كلها، برغم ما عرفت من تفان وصمود..!!

    ولو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحدا عن نفسه في صدق الرسول وعظمة سجاياه، فما كان هذا الشك بقادر على أن يجد الى وعي حمزة منفا أو سبيلا..

    فحمزة خير من عرف محمدا، من طفولته الباكرة، الى شباب الطاهر، الى رجولته الأمينة السامقة..

    انه يعرفه تماما كما يعرف نغسه، بل أكثر مما يعرف نفسه، ومنذ جاءا الى الحياة معا، وترعرعا معا، وبلغا أشدّهما معا، وحياة محمد كلها نقية كأشعة الشمس..!! لا يذكر حمزة شبهة واحدة ألمّت بهذه الحياة، لا يذكر أنه رآه يوما غاضبا، أو قانطا، أو طامعا،أو لاهيا، أو مهزوزا...

    وحمزة لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب، بل وبرجاحة العقل، وقوة اارادة أيضا..

    ومن ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلف عن متابهة انسان يعرف فيه كل الصدق وكل الأمانة.. وهكذا طوى صدره الى حين على أمر سيتكشّف في يوم قريب..



    **



    وجاء اليوم الموعود..

    وخرج حمزة من داره،متوشحا قوسه، ميمّما وجهه شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة، ورياضته الأثيرة، الصيد.. وكان صاحب مهارة فائقة فيه..

    وقضى هناك بعض يومه، ولما عاد من قنصه، ذهب كعادته الى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعا الى داره.

    وقريبا من الكعبة، لقته خادم لعبدالله بن جدعان..

    ولم تكد تبصره حتى قالت له:

    " يا أبا عمارة.. لو رأيت ما اقي ابن أخيك محمد آنفا، من أبي الحكم بن هشام.. وجده جالسا هناك ، فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره"..

    ومضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله..

    واستمع حمزة جيدا لقولها، ثم أطرق لحظة، ثم مد يمينه الى قوسه فثبتها فوق كتفه.. ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الطعبة راجيا أن يلتقي عندها بأبي جهل.. فان هو لم يجده هناك، فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه..

    ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة، حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسط نفرا من سادة قريش..

    وفي هدوء رهيب، تقدّم حمزة من أبي جهل، ثم استلّ قوسه وهوى به على رأس أبي جهل فشجّه وأدماه، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة، صاح حمزة في أبي جهل:

    " أتشتم محمدا، وأنا على دينه أقول ما يقول..؟! الا فردّ ذلك عليّ ان استطعت"..



    وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الاهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل والدم لذي ينزف من رأسه، وشغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم طالصاعقة.. الكلمة التي أعلن بها حمزة أنه على دين محمد يرى ما يراه، ويقول ما يقوله..

    أحمزة يسلم..؟

    أعزّ فتيان قريش وأقواهم شكيمة..؟؟

    انها الطامّة التي لن تملك قريش لها دفعا.. فاسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالاسلام، وسيجد محمد حوله من القوة والبأس ما يعزز دعوته ويشدّ ازره، وتصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطم أصنامها وآلهتها..!!

    أجل أسلم حمزة، وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره، وترك الجمع الذاهل يجترّ خيبة أمله، وأبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج.. ومدّ حمزة يمينه مرّة أخرى الى قوسه فثبتها فوق كتفه، واستقبل الطريق الى داره في خطواته الثابتة، وبأسه الشديد..!
    مصري
    مصري
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 505
    رقم العضوية : 28
    تاريخ التسجيل : 27/06/2008
    نقاط التميز : 835
    معدل تقييم الاداء : 59

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مصري الأربعاء 14 أكتوبر - 23:27

    كان حمزة يحمل عقلا نافذا، وضميرا مستقيما..

    وحين عاد الى بيته ونضا عنه متاعب يومه. جلس يفكر، ويدير خواطره على هذا الذي حدث له من قريب..

    كيف أعلن اسلامه ومتى..؟

    لقد أعلنه في لحظات الحميّة، والغضب، والانفعال..

    لقد ساءه أن يساء الى ابن اخيه، ويظلم دون أن يجد له ناصرا، فيغضب له، وأخذته الحميّة لشرف بني هاشم، فشجّ رأس أبي جهل وصرخ في وجهه باسلامه...

    ولكن هل هذا هو الطريق الأمثل لك يغدار الانسان دين آبائه وقومه... دين الدهور والعصور.. ثم يستقبل دينا جديدا لم يختبر بعد تعاليمه، ولا يعرف عن حقيقته الا قليلا..

    صحيح أنه لا يشك لحظة في صدق محمد ونزاهة قصده..

    ولكن أيمكن أن يستقبل امرؤ دينا جديدا، بكل ما يفرضه من مسؤوليات وتبعات، في لحظة غضب، مثلما صنع حمزة الآن..؟؟؟



    وشرع يفكّر.. وقضى أياما، لا يهدأ له خاطر.. وليالي لا يرقأ له فيها جفن..

    وحين ننشد الحقيقة بواسطة العقل، يفرض الشك نفسه كوسيلة الى المعرفة.

    وهكذا، لم يكد حمزة يستعمل في بحث قضية الاسلام، ويوازن بين الدين القديم، والدين الجديد، حتى ثارت في نفسه شكوك أرجاها الحنين الفطري الموروث الى دين آبائه.. والتهيّب الفطري الموروث من كل جيد..



    واستيقظت كل ذكرياته عن الكعبة، وآلهاها وأصنامها... وعن الأمجاد الدينية التى أفاءتها هذه الآلهة المنحوتة على قريش كلها، وعلى مكة بأسرها.

    لقد كان يطوي صدره على احترام هذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءها..

    ولكن اذا كان مقدورا له أن يكون أح أتباع هذه الدعوة، المؤمنين بها، والذائدين عنها.. فما الوقت المناسب للدخول في هذا الدين..؟

    لحظة غضب وحميّة..؟ أم أوقات تفكير ورويّة..؟

    وهكذا فرضت عليه استقامة ضميره، ونزاهة تفكيره أن يخضع المسألأة كلها من جديد لتفكر صارم ودقيق..



    وبدأ الانسلاخ من هذا التاريخ م\كله.. وهذا الدين القديم العريق، هوّة تتعاظم مجتازها..

    وعجب حمزة كيف يتسنى لانسان أن يغادر دين آبائه بهذه السهولة وهذه السرعة.. وندم على ما فعل.. ولكنه واصل رحلة العقل.. ولما رأى أن العقل وحده لا يكفي لجأ الى الغيب بكل اخلاصه وصدقه..

    وعند الكعبة، كان يستقبل السماء ضارعا، مبتهلا، مستنجدا بكل ما في الكون من قدرة ونور، كي يهتدي الى الحق والى الطريق المستقيم..

    ولنضع اليه وهو يروي بقية النبأ فيقول:

    ".. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي.. وبت من الشك في أمر عظيم، لا أكتحل بنوم..

    ثم أتيت الكعبة، وتضرّعت تاة الله أن يشرح صدري للحق، ويذهب عني الريب.. فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقينا..

    وغدوت الى رسول الله صلى الل عليه وسلم فأخبرته بما كان من أمري، فدع الله أن يثبت قلبي على دينه.."

    وهكذا أسلم حمزة اسلام اليقيم..



    **



    أعز الله الاسلام بحمزة..ز ووقف شامخا قويا يذود عن رسول الله، وعن المستضعفين من أصحابه..

    ورآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين، فأدرك أنها الحرب لا محالة، وراح يحرّض قريشا على انزال الأذى بالرسول وصحبه، ومضى يهيء لحرب أهليّة يشفي عن طرقها مغايظة وأحقاده..

    ولم يستطع حمزة أن يمنع كل الأذى ولكن اسلامه مع ذلك كان وقاية ودرعا.. كما كان اغراء ناجحا لكثير من القبائل التي قادها اسلام حمزة أولا. ثم اسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك الى الاسلام فدخلت فيه أفواجا..!!

    ومنذ أسلم حمزة نذر كل عافيته، وبأسه، وحياته، لله ولدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم:

    "أسد الله، وأسد رسوله"..

    وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو، كان أميرها حمزة..

    وأول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة..

    ويوم التقى الجمعان في غزوة بدر، كان أسد الله ورسوله هناك يصنع الأعاجيب..!!



    **



    وعادت فلول قريش من بدر الى مكة تتعثر في هزيمتها وخيبتها... ورجع أبو سفيان مخلوع القلب، مطأطئ ال{اس. وقد خلّف على أرض المعركة جثث سادة قريش، من أمثال أبي جهل.. وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأميّة بن خلف. وعقبة بن أبي معيط.. والأسود بن عبدالله المخزومي، والوليد بن عتبة.. والنفر بن الحارث.. والعاص بن سعيد.. وطعمة ابن عديّ.. وعشرات مثلهم من رجال قريش وصناديدها.

    وما كانت قريش لتتجرّع هذه الهزيمة المنكرة في سلام... فراحت تعدّ عدّتها وتحشد بأسها، لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها.. وصمّمت قريش على الحرب..



    **



    وجاءت غزوة أحد حيث خرجت قريش على بكرة أبيها، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب، وبقيادة أبي سفيان مرة أخرى.

    وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه الى رجلين اثنين: الرسول صلى اله عليه وسلم، وحمزة رضي الله عنه وأرضاه..

    أجل والذي كان يسمع أحاديثهم ومؤامراتهم قبل الخروج للحرب، يرى كيف كان حمزة بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة..



    ولقد اختاروا قبل الخروج، الرجل الذي وكلوا اليه أمر حمزة، وهو عبد حبشي، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة، جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصيّد حمزة ويصوّب اليه ضربة قاتلة من رمحه، وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر، مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال.

    ووعدوه بثمن غال وعظيم هو حريّته.. فقد كان الرجل واسمه وحشي عبدا لجبير بن مطعم.. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير"

    " اخرج مع الناس وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق"..!!

    ثم أحالوه الى هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضا ودفعا الى الهدف الذي يريدون..

    وكانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها، وعمها، وأخاها، وابنها.. وقيل لها ان حمزة هو الذي قتل بعض هؤلاء، وأجهز على البعض الآخر..

    من أجل هذا كانت أكثر القرشيين والقرشيّات تحريضا على الخروج للحرب، لا لشيء الا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة..!!

    ولقد لبثت أياما قبل الخروج للحرب، ولا عمل لها الا افراغ كل حقدها في صدر وحشي ورسم الدور الذي عليه أن يقوم به..



    ولقد وعدته ان هو نجح في قال حمزة بأثمن ما تملك المرأة من متاع وزينة، فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين وقلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها، ثم قالت وعيناها تحدّقان في وحشي:

    " كل هذا لك، ان قتلت حمزة"..!!

    وسال لعاب وحشي، وطارت خواطره توّاقة مشتاقة الى المعركة التي سيربح فيها حريّته، فلا يصير بعد عبدا أو رقيقا، والتي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزيّن عنق زعيمة نساء قريش، وزوجة زعيمها، وابنة سيّدها..!!

    كانت المؤمرة اذن.. وكانت الحرب كلها تريد حمزة رضي الله عنه بشكل واضح وحاسم..



    **



    وجاءت غزوة أحد...

    والتقى الجيشان. وتوسط حمزة أرض الموت والقتال، مرتديا لباس الحرب، وعلى صدره ريشة النعام التي تعوّد أن يزيّن بها صدره في القتال..

    وراح يصول ويجول، لا يريد رأسا الا قطعه بسيفه، ومضى يضرب في المشركين، وكأن المنايا طوع أمره، يقف بها من يشاء فتصيبه في صميمه.!!



    وصال المسلمون جميعا حتى قاربوا النصر الحاسم.. وحتى أخذت فلول قريش تنسحب مذعورة هاربة.. ولولا أن ترك الرماة مكانهم فوق الجبل، ونزلوا الى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم.. لولا تركهم مكانهم وفتحوا الثغرة الواسعة لفرسان قريش لكانت غزوة أحد مقبرة لقريش كلها، رجالها، ونسائها بل وخيلها وابلها..!!



    لقد دهم فرسانها المسلمين من ورائهم على حين غفلة، واعملوا فيهم سيوفهم الظامئة المجنونة.. وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديدو ويحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد وضعه حين رأى جيش محمد ينسحب ويولي الأدبار.. ولكن المفاجأة كانت قاسية عنيفة.

    ورأى حمزة ما حدث فضاعف قوته ونشاطه وبلاءه..

    وأخذ يضرب عن يمينه وشماله.. وبين يديه ومن خلفه.. ووحشيّ هناك يراقبه، ويتحيّن الفرصة الغادرة ليوجه نحنوه ضربته..

    ولندع وحشا يصف لنا المشهد بكلماته:

    [.. وكنت جلا حبشيا، أقذف بالحربة قذف لحبشة، فقلما أخطئ بها شيئا.. فلما التقى الانس خرجت أنظر حمزة وأتبصّره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق.. يهدّ الناس بسيفه هدّا، ما يقف امامه شيء، فوالله اني لأتهيأ له أريده، وأستتر منه بشجرة لأقتحمه أو ليدنو مني، اذ تقدّمني اليه سباع بن عبد العزى. فلما رآه حمزة صاح به: هلمّ اليّ يا بن مقطّعة البظرو. ثم ضربه ضربة فما أخطأ رأسه..

    عندئذ هززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها فوقعت في ثنّته حتى خرجت من بين رجليه.. ونهض نحوي فغلب على امره ثم مات..

    وأتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت الى المعسكر فقعدت فيه، اذ لم يكن لي فيه حاجة، فقد قتلته لأعتق..]



    ولا بأس في أن ندع وحشيا يكمل حديثه:

    [فلما قدمت مكة أعتقت، ثم أقمت بها حتى دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فهربت الى الطائف..

    فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم تعيّت عليّ المذاهب. وقلت : الحق بالشام أو اليمن أو سواها..

    فوالله اني لفي ذلك من همي اذ قال لي رجل: ويحك..! ان رسول اله، والله لا يقتل أحد من الناس يدخل دينه..

    فخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرني الا قائما أمامه أشهد شهادة الحق. فلما رآني قال: أوحشيّ أنت..؟ قلت: نعم يا رسول الله.. قال: فحدّثني كيف قتلت حمزة، فحدّثته.. فلما فرغت من حديثي قال: ويحك.. غيّب عني وجهك.. فكنت أتنكّب طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان، لئلا يراني حتى قبضه الله اليه..

    فلما خرج المسلمون الى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم، وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة.. فلما التقى الانس رأيت مسيلمة الكذاب قائما، في يده السيف، فتهيأت له، وهززت حربتي، حتى اذا رضيته منها دفعتها عليه فوقعت فيه..

    فان كنت قد قتلت بحربتي هذه خير الناس وهو حمزة.. فاني لأرجو أن يغفر الله لي اذ قتلت بها شرّ الناس مسيلمة]..
    مصري
    مصري
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    عدد المساهمات : 505
    رقم العضوية : 28
    تاريخ التسجيل : 27/06/2008
    نقاط التميز : 835
    معدل تقييم الاداء : 59

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مصري الأربعاء 14 أكتوبر - 23:28

    هكذا سقط أسد الله ورسوله، شهيدا مجيدا..!!

    وكما كانت حياته مدوّية، كانت موتته مدوّية كذلك..

    فلم يكتف أعداؤه بمقتله.. وكيف يكتفون أو يقتنعون، وهم الذين جنّدوا كل أموال قريش وكل رجالها في هذه المعركة التي لم يريدوا بها سوى الرسول وعمّه حمزة..

    لقد أمرت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان.. أمرت وحشيا أن يأتيها بكبد حمزة.. واستجاب الحبشي لهذه الرغبة المسعورة.. وعندما عاد بها الى هند كان يناولها الكبد بيمناه، ويتلقى منها قرطها وقلائدها بيسراه، مكافأة له على انجاز مهمته..





    ومضغت هند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر، وزوجة أبي سفيان قائد جيوش الشرك الوثنية،مضغت كبد حمزة، راجية أن تشفي تلك الحماقة حقدها وغلها. ولكن الكبد استعصت على أنيابها، وأعجزتها أن تسيغها، فأخرجتها من فمها، ثم علت صخرة مرتفعة، وراحت تصرخ قائلة:

    نحن جزيناكم بيوم بدر

    والحرب بعد الحرب ذات سعر

    ما كان عن عتبة لي من صبر

    ولا أخي وعمّه وبكري

    شفيت نفسي وقضيت نذري

    أزاح وحشي غليل صدري



    وانتهت المعركة، وامتطى المشركون ابلهم، وساقوا خيلهم قافلين الى مكة..

    ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه معه الى أرض المعركة لينظر شهداءها..

    وهناك في بطن الوادي. وا هو يتفحص وجوه أصحابه الذين باعوا لله أنفسهم، وقدّموها قرابين مبرورة لربهم الكبير. وقف فجأة.. ونظر. فوجم.. وضغط على أسنانه.. وأسبل جفنيه..



    فما كان يتصوّر قط أن يهبط الخلق العربي على هذه الوحشية البشعة فيمثل بجثمان ميت على الصورة التي رأى فيها جثمان عمه الشهيد حمزة بن عبد المطلب أسد الله وسيّد الشهداء..

    وفتح الرسول عينيه التي تألق بريقهما كومض القدر وقال وعيناه على جثمان عمّه:

    " لن اصاب بمصلك أبدا..

    وما وقفت موقفا قط أغيظ اليّ من موقفي هذا..".



    ثم التفت الى أصحابه وقال:

    " لولا أن تحزن صفيّة _أخت حمزة_ ويكون سنّه من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير.. ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن، لأمثلن بثلاثين رجلا منهم.."

    فصاح أصحاب الرسول:

    " والله لئن ظفرنا بهم يوما من الدهر، لنمثلن بهم، مثلة لم يمثلها أحد من العرب..!!"



    ولكن الله الذي أكرم حمزة بالشهادة، يكرّمه مرة أخرى بأن يجعل من مصرعه فرصة لدرس عظيم يحمي العدالة الى الأبد، ويجعل الرحمة حتى في العقوبة والقصاص واجبا وفرضا..

    وهكذا لم يكد الرسول صلى الله عليه وسلم يفرغ من القاء وعيده السالف حتى جاءه الوحي وهو في مكانه لم يبرحه بهذه الآية الكريمة:

    (ادع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بالمهتدين.

    وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين.

    واصبر وما صبرك الا بالله، ولا تحزن عليهم، ولا تك في ضيق مما يمكرون.

    ان الله مع الذين اتقوا، والذين هم محسنون..)

    وكان نزول هذه الآيات، في هذا الموظن، خير تكريم لحمزة الذي وقع أجره على الله..



    **



    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه أعظم الحب، فهو كما ذكرنا من قبل لم يكن عمّه الحبيب فحسب..

    بل كان اخاه من الرضاعة..

    وتربه في الطفولة..

    وصديق العمر كله..

    وفي لحظات الوداع هذه، لم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم تحية يودّعه بها خيرا من أن يصلي عليه بعدد الشهداء المعركة جميعا..

    وهكذا حمل جثمان حمزة الى مكان الصلاة على أرض المعركة التي شهدت بلاءه، واحتضنت دماءه، فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم جيء يشهيد آخر، فصلى عليه الرسول.. ثم رفع وترك حمزة مكانه، وجيء بشهيد ثاث فوضع الى جوار حمزة وصلى عليهما الرسول..

    وهكذا جيء بالشهداء.. شهيد بعد شهيد.. والرسول عليه الصلاة والسلام يصلي على كل واحد منهم وعلى حمزة معه حتى صلى على عمّه يومئذ سبعين صلاة..



    **



    وينصرف الرسول من المعركة الي بيته، فيسمع في طريقه نساء بني عبد الأشهل يبكين شهداءهن، فيقول عليه الصلاة والسلام من فرط حنانه وحبه:

    " لكنّ حمزة لا بواكي له"..!!



    ويسمعها سعد بن معاذ فيظن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يطيب نفسا اذا بكت النساء عمه، فيسرع الى نساء بني عبد الأشهل ويأمرهن أن يبكين حمزة فيفعلن? ولا يكاد الرسول يسمع بكاءهن حتى يخرج اليهن، ويقول

    " ما الى هذا قصدت، ارجعن يرحمكن الله، فلا بكاء بعد اليوم"

    ولقد ذهب أصحاب رسول الله يتبارون في رثاء حمزة وتمجيد مناقبه العظيمة.



    فقال حسان بن ثابت:

    دع عنك دارا قد عفا رسمها

    وابك على حمزة ذي النائل

    اللابس الخيل اذا أحجمت

    كالليث في غابته الباسل

    أبيض في الذروة من بني هاشم

    لم يمر دون الحق بالباطل

    مال شهيدا بين أسيافكم

    شلت يدا وحشي من قاتل



    وقال عبد الله بن رواحة:

    بكت عيني وحق لها بكاها

    وما يغني البكاء ولا العويل

    على أسد الاله غداة قالوا:

    أحمزة ذاكم الرجل القتيل

    أصيب المسلمون به جميعا

    هناك وقد أصيب به الرسول

    أبا يعلى، لك الأركان هدّت

    وأنت الماجد البرّ الوصول



    وقالت صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخت حمزة:

    دعاه اله الحق ذو العرش دعوة

    الى جنة يحيا بها وسرور

    فذاك ما كنا نرجي ونرتجي

    لحمزة يوم الحشر خير مصير

    فوالله ما أنساك ما هبّت الصبا

    بكاءا وحزنا محضري وميسري

    على أسد الله الذي كان مدرها

    يذود عن الاسلام كل كفور

    أقول وقد أعلى النعي عشيرتي

    جزى الله خيرا من أخ ونصير



    على أن خير رثاء عطّر ذكراه كانت كلمات رسول الله له حين وقف على جثمانه ساعة رآه بين شهداء المعركة وقال:

    " رحمة الله عليك، فانك كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات"..



    **



    لقد كان مصاب النبي صلى الله عليه وسلم في عمه العظيم حمزة فادحا. وكان العزاء فيه مهمة صعبة.. بيد أن الأقدر طكانت تدّخر لرسول الله أجمل عزاء.

    ففي طريقه من أحد الى داره مرّ عليه الصلاة والسلام بسيّدة من بني دينار استشهد في المعركة أبوها وزوجها، وأخوها..

    وحين أبصرت المسلمين عائدين من الغزو، سارعت نحوهم تسألهم عن أنباء المعركة..

    فنعوا اليها الزوج..والأب ..والأخ..

    واذا بها تسألهم في لهفة:

    " وماذا فعل رسول الله"..؟؟

    قالوا:

    " خيرا.. هو بحمد الله كما تحبين"..!!

    قالت:

    " أرونيه، حتىأنظر اليه"..!!

    ولبثوا بجوارها حتى اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما رأته أقبلت نحوه تقول:

    " كل مصيبة بعدك، أمرها يهون"..!!



    **



    أجل..

    لقد كان هذا أجمل عزاء وأبقاه..

    ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم قد ابتسم لهذا المشهد الفذّ الفريد، فليس في دنيا البذل، والولاء، والفداء لهذا نظير..

    سيدة ضعيفة، مسكينة، تفقد في ساعة واحدة أباها وزوجها وأخاها.. ثم يكون ردّها على الناعي لحظة سمعها الخبر الذي يهدّ الجبال:

    " وماذا فعل رسول الله"..؟؟!!



    لقد كان مشهد أجاد القدر رسمه وتوقيته ليجعل منه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عزاء أي عزاء.. في أسد الله، وسيّد الشهداء..!!
    avatar
    مجرد انسان
    عضو مجتهد
    عضو  مجتهد


    عدد المساهمات : 291
    رقم العضوية : 114
    تاريخ التسجيل : 30/09/2008
    نقاط التميز : 523
    معدل تقييم الاداء : 21

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف مجرد انسان الأحد 8 نوفمبر - 23:49

    اشكرك مصري علي الاضافة القيمة
    محمد علي
    محمد علي
    عضو متالق
    عضو متالق


    عدد المساهمات : 718
    رقم العضوية : 53
    تاريخ التسجيل : 01/08/2008
    نقاط التميز : 1475
    معدل تقييم الاداء : 16

    حمزة أسد الله Empty رد: حمزة أسد الله

    مُساهمة من طرف محمد علي الخميس 10 ديسمبر - 15:57

    يارك الله فيكم

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس - 17:43