د/ أحمد عبد الحميد عبد الحق
حث الإسلام على التداوي منذ إشراقة شمسه، وذلك حرصًا على مصلحة الإنسان الذي هو أكرم مخلوق على ظهر الأرض، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وقد قال رسول صلى الله عليه وسلم :" تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له الدواء " (1) وقال: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه شفاء علمه من علمه وجهله من جهلة " (2).
وهذان الحديثان كانا كفيلين بفتح باب الأمل أمام كل مريض وطبيب في البحث عن سبل لعلاج أي من الأمراض المستعصية وإن عظمت، والمضي قدمًا في هذا الشأن.
ولما كانت الأمة العربية محدودة الثقافة في هذا الأمر (3) زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان لا بد أن تمكث فترة حتى تؤتي تلك الدعوة ثمارها، حتى إذا ازدادت فتوحاتهم واستقرت أمورهم في عهد الأمويين " نشأت في الشام وفارس وغيرهما طائفة من الأطباء واسعة العلم عظيمة المقدرة " (4) وهؤلاء قاموا يترجمه بعض الكتب الطبية عن الأمم الأخرى، وخاصة الإغريق، والذين يعدون بحق أئمة العالم في هذا المجال (5).
وعلى يدي هؤلاء وجدت بوادر صنع الأدوية على أسس علمية عند المسلمين (6) ثم ازداد هذا الأمر شيئًا فشيئًا، حتى صار للمسلمين الريادة في صناعة الأدوية خلال العصر العباسي، وساعد على ذلك أيضًا تشجيع الأمراء العباسيين الجم للأطباء على اختلاف مللهم، إذ أجزلوا لهم العطاء، وقربوهم إليهم حتى ذكر أن بختيشوع طبيب هارون الرشيد والبرامكة جمع ثروة مقدارها 88.80.000 درهم (7).
ونظرة عجلى فيما كتبه يحيى بن ماسويه الذي عاصر المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل يتضح لنا مدى الازدهار في هذا المجال، فقد ذكر له ابن النديم من المؤلفات الطبية" كتاب دفع ضرر الأغذية" و"كتاب الإسهال " وكتاب علاج " الصداع " وكتاب " الدوار "وكتاب" لِمَ امتنع الأطباء عن علاج النساء الحوامل في بعض شهور حملهن" " وكتاب " مجسة الورم " وكتاب " الصوت " وكتاب " البحة " وكتاب " ماء الشعير " وكتاب " الفصد " وكتاب " الحجامة " وكتاب " المرة السوداء " وكتاب " علاج النساء اللاتي لا يحبلن " كتاب "إصلاح الأدوية المسهلة " وكتاب " الحميات " وكتاب "القولنج " (8).
وما كتبه الطبيب حنين بن إسحاق( ت 260 هـ) إذ عدد له ابن العديم مجموعة كتب منها كتاب " اللبن " كتاب " العين " كتاب " آلات الغذاء " كتاب " الأسنان واللثة " كتاب " الباه " وكتاب " أوجاع المعدة وعلاجها " وكتاب " الترياق " وكتاب " الفرُّوج " وكتاب " تولد الحصاة " وكتاب " اختيار الأدوية " (9) .
وهذه المؤلفات كانت تجمع بين الترجمة من اللغات الإغريقية والهندية والفارسية وبين التأليف الخالص (10) ولكن أهم ما اتسمت به أنها لم تكن مجرد مؤلفات نظرية ، وإنما لازمها التطبيق العملي , يؤكد ذلك ما قاله "ول ديورانت " صاحب كتاب قصة الحضارة الشهير : " إن المسلمين أدخلوا الملاحظة الدقيقة , والتجارب العملية , والعناية برصد نتائجها في الميدان الذي اقتصر فيه اليونان على ما نعلم ـ على الخبرة الصناعية والفروض الغامضة ـ فقد اخترعوا الأنبيق وسموه بهذا الاسم ، وحللوا عددًا لا يحصى من المواد تحليلاً كيميائياً، ووضعوا مؤلفات في الحجارة (الكريمة) وميزوا بين القلويات والأحماض ، وفحصوا عن المواد التي تميل إليها ، ودرسوا مئات من العقاقير الطبية ، وركبوا مئات منها (11) وأشار في موضع آخر إلى استخدام الحقن فقال : ومن الأدوية المركبة الحقنة … في الدبر وفي قبل المرأة ، وكذلك المراهم التي يعالج بها الجراحات والقروح ، وكثيرًا ما نجد عبارة " جربته " ومجرب " (12) عند وصفهم للأدوية.
ويقول أيضا: " وأضافوا إلى علم الأقرباذين العنبر والكافور وخيار الشنبر والقرنفل العطري والزنبق والسنالمكي والمر ، وأدخلوا في الأدوية مستحضرات طبية جديدة ، منها : أنواع الشراب , والجلاب , وماء الورد وما إليها، وكان من أهم الأعمال التجارية بين إيطاليا والشرق الأدنى استيراد العقاقير العربية، وكان المسلمون أول من أنشأ مخازن للأدوية والصيدليات، وهم الذين أنشئوا أول مدرسة للصيدلة " (13).
ولا يكاد الطب الحديث يزيد شيئًا على ما وصفوه من العلاج للجدري والحصبة ، وقد استخدموا التخدير بالاستنشاق في بعض العمليات الجراحية ، واستعانوا بالحشيش وغيره من المخدرات في النوم العميق (14) .
وهم أول من أدخل تغليف الحبوب بالذهب والفضة، وأول من حضّر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة .... واستخدموا في عمليات الترشيح والتبخير والتذويب ( الصهر ) والتبلور أدوات طبية تشبه الآلات المستخدمة حديثًا , مثل البوط والبوتقة والراط والمسبكة "القالب " والمكوى والماسك والمبرد والملعقة والمقص والمطرقة والمنفاخ والأتون والأثال والإنبيق والتنور والحريرة والدرج والرادوف من الخيش والسلة أو القفص والسكرجة والصلابة والقابلة والقارورة والقدور والقمع والمنخل والمهراس والنشابة والميزان لوزن وتقدير الثقل (15).
واستخدموا المباضع لإجراء العلميات الجراحية (16) والإبرة المجوفة لامتصاص ماء العين (17) وقاموا بتجريب الدواء على الحيوان لمعرفة مدى فاعليته وآثاره الجانبية قبل تناول البشر له (18) وسبقوا العالم الحديث في ذلك ، واستفادوا من الحشرات التي يظن أنها ضارة ولا يرجى منها فائدة مثل الذباب الذي يقول عنه الجاحظ :" من منافع الذباب أنها تحرق وتخلط بالكحل، فإذا اكتحلت به المرأة كانت عينها أحسن ما يكون وقيل: إن المواشط تستعمله (19).
وابتكروا منذ وقت مبكر أدوية للأمراض التي يُظن أنها لم تعالج إلا حديثًا مثل العقم ، فقد ذكر ابن العديم أن مسلمة بن هشام بن عبد الملك كان لا ينجب فوصف له برمك جد البرامكة دواء فتعالج به (20) ومثل السكتة الدموية أو انفجار المخ ، والذي يعد من أخطر الأمراض العصرية، وذلك عن طريق الجراحة واستخراج الدم الفاسد (21) واستطاعوا تحديد نوع الجنين ذكرا أم أنثى في الشهور المتقدمة من الحمل عن طريق فحص بول الأم (22).
ووضعوا من القواعد الصحية ما تنادي به منظمات الصحة العالمية الآن مثل ضرورة الاقتصاد في استعمال الأدوية قدر الإمكان ، يقول أحدهم: " لا تشرب الدواء إلا وأنت محتاج إليه، فإن شربته من غير حاجة ولم يجد داء يعمل فيه ،وجد صحة يعمل فيها ، فيحدث ضررًا "(23) ويقول الآخر:" مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية! ومهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب ! (24) ويقول ثالث : "دافع الدواء ما وجدت مدافعًا ! ولا تشربه إلا من ضرورة ! فإنه لا يصلح شيئًا إلا أفسد مثله (25) ..
وتوصلوا إلى أن الأحوال النفسية تؤثر في البدن تأثيرًا قويًا وفي صحة المريض سلبًا وإيجابًا (26).
وهذا التطور في المجال الطبي عند المسلمين كان له أثر على البشرية جمعاء , وما زال الناس يعترفون بفضل الأطباء المسلمين مثل : ابن سيناء والرازي (27) الذين عاشا في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي , وقد ظلت مؤلفاتهم الطبية , تدرس في الغرب حتى القرن السادس عشر الميلادي ، بل وعلقت لهما بمدرسة الطب بجامعة باريس صورتان ملونتان (28)
وقد لعبت الحكومات الإسلامية دورا هاما في ازدهار المجال الطبي , إذ كانوا ينظمون هيئات من الأطباء يطوفون في مختلف البلاد ليعالجوا المرضى، كما كان الأطباء يذهبون في كل يوم إلى السجون ليعالجوا نزلاءها (29) كما كان بعضهم يقوم بتوزيع الأدوية على المرضى في أوقات انتشار الأمراض دون أي مقابل (30) .
وأقاموا المستشفيات وأوجدوا لها الأطباء في كل التخصصات حسب احتياجات كل بلد , فكان بمستشفى دمشق عام 978م على سبيل المثال أربعة وعشرون طبيبًا (31) .
وبرع من المتخصصين في صناعة الأدوية كثير من العلماء خلال العصر العباسي مثل أبي عبد الله محمد بن سعيد التميمي وكان مقيمًا بالقدس، وكان له غرام وعناية فائقة في تركيب الأدوية ، وحسن اختيار مادتها ، وعنده غوص بأمور هذا النوع ، واستغرق في طلب غوامضه ، وهو الذي أكمل الترياق الفاروق بما زاده فيه من المفردات ، وذلك بإجماع الأطباء على أنه الذي أكمله .
وشجعه على ذلك الحسن بن عبد الله بن طغج الإخشيدي ، وكان مغرمًا به وبما يعالجه من المفردات والمركبات، وعمل له عدة معاجين ولخالخ طبية ودخنا دافعة للوباء, وسطر ذلك في أثناء مصنفاته ، وكذلك الوزير ابن كلس حيث أهدى له هذا العالم كتابًا سماه مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأبدان (32) .
ولنسمع له وهو يصف أحد أدويته حيث يقول : هذا ترياق ألفته بالقدس ، وأحكمت تركيبه ، مختصر نافع الفعل ، دافع لضرر السمومات القاتلة الشريرة والمصحوبة في الأبدان بلسع ذوات السم من الأفاعي والثعابين ، وأنواع الحيات المهلكة والعقارب …. وغيرها ، وذوات الأربع والأربعين رجلاً .. مجرب ليس له مثيل ، ثم قدم لنا وصفًا دقيقًا للأشجار التي يأخذ منها مواده الأولية وأوقات جمعها ، وكيفية عجن هذا الدواء (33) .
واشتهر من العلماء في صناعة الأدوية أيضًا أبو عثمان الدمشقي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي ( القرن الرابع الهجري) وابن دينار الذي عاش في القرن الحادي عشر ( القرن الخامس هـ ) والذي كان خبيرًا بصناعة الأدوية , وينسب إليه دواء الشراب المعروف بالديناري وله كتاب الأقرباذين (34) وابن بطلان الذي عاش في القرن الخامس الهجري( الحادي عشر الميلادي) (35)وغيرهم الكثير الذين امتلأت خزائن المستشفيات بما أنتجوه من أدوية (36) .
وكان منهم من يقوم بصناعة الأدوية وتوزيعها مجانًا على المحتاجين مثل أحمد بن عبد الملك الهاشمي الذي كان يعد العلاجات والأدوية والأشربة التي لا توجد عند أحد إلا هو(37).
وشاع بيعها في الحوانيت الخاصة بها والمنتشرة في سائر البلاد الشامية(38) على اختلاف أصنافها حتى قال المقدسي : "وبه ـ الشام ـ عقاقير كل دواء" (39).
حث الإسلام على التداوي منذ إشراقة شمسه، وذلك حرصًا على مصلحة الإنسان الذي هو أكرم مخلوق على ظهر الأرض، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وقد قال رسول صلى الله عليه وسلم :" تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له الدواء " (1) وقال: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه شفاء علمه من علمه وجهله من جهلة " (2).
وهذان الحديثان كانا كفيلين بفتح باب الأمل أمام كل مريض وطبيب في البحث عن سبل لعلاج أي من الأمراض المستعصية وإن عظمت، والمضي قدمًا في هذا الشأن.
ولما كانت الأمة العربية محدودة الثقافة في هذا الأمر (3) زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان لا بد أن تمكث فترة حتى تؤتي تلك الدعوة ثمارها، حتى إذا ازدادت فتوحاتهم واستقرت أمورهم في عهد الأمويين " نشأت في الشام وفارس وغيرهما طائفة من الأطباء واسعة العلم عظيمة المقدرة " (4) وهؤلاء قاموا يترجمه بعض الكتب الطبية عن الأمم الأخرى، وخاصة الإغريق، والذين يعدون بحق أئمة العالم في هذا المجال (5).
وعلى يدي هؤلاء وجدت بوادر صنع الأدوية على أسس علمية عند المسلمين (6) ثم ازداد هذا الأمر شيئًا فشيئًا، حتى صار للمسلمين الريادة في صناعة الأدوية خلال العصر العباسي، وساعد على ذلك أيضًا تشجيع الأمراء العباسيين الجم للأطباء على اختلاف مللهم، إذ أجزلوا لهم العطاء، وقربوهم إليهم حتى ذكر أن بختيشوع طبيب هارون الرشيد والبرامكة جمع ثروة مقدارها 88.80.000 درهم (7).
ونظرة عجلى فيما كتبه يحيى بن ماسويه الذي عاصر المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل يتضح لنا مدى الازدهار في هذا المجال، فقد ذكر له ابن النديم من المؤلفات الطبية" كتاب دفع ضرر الأغذية" و"كتاب الإسهال " وكتاب علاج " الصداع " وكتاب " الدوار "وكتاب" لِمَ امتنع الأطباء عن علاج النساء الحوامل في بعض شهور حملهن" " وكتاب " مجسة الورم " وكتاب " الصوت " وكتاب " البحة " وكتاب " ماء الشعير " وكتاب " الفصد " وكتاب " الحجامة " وكتاب " المرة السوداء " وكتاب " علاج النساء اللاتي لا يحبلن " كتاب "إصلاح الأدوية المسهلة " وكتاب " الحميات " وكتاب "القولنج " (8).
وما كتبه الطبيب حنين بن إسحاق( ت 260 هـ) إذ عدد له ابن العديم مجموعة كتب منها كتاب " اللبن " كتاب " العين " كتاب " آلات الغذاء " كتاب " الأسنان واللثة " كتاب " الباه " وكتاب " أوجاع المعدة وعلاجها " وكتاب " الترياق " وكتاب " الفرُّوج " وكتاب " تولد الحصاة " وكتاب " اختيار الأدوية " (9) .
وهذه المؤلفات كانت تجمع بين الترجمة من اللغات الإغريقية والهندية والفارسية وبين التأليف الخالص (10) ولكن أهم ما اتسمت به أنها لم تكن مجرد مؤلفات نظرية ، وإنما لازمها التطبيق العملي , يؤكد ذلك ما قاله "ول ديورانت " صاحب كتاب قصة الحضارة الشهير : " إن المسلمين أدخلوا الملاحظة الدقيقة , والتجارب العملية , والعناية برصد نتائجها في الميدان الذي اقتصر فيه اليونان على ما نعلم ـ على الخبرة الصناعية والفروض الغامضة ـ فقد اخترعوا الأنبيق وسموه بهذا الاسم ، وحللوا عددًا لا يحصى من المواد تحليلاً كيميائياً، ووضعوا مؤلفات في الحجارة (الكريمة) وميزوا بين القلويات والأحماض ، وفحصوا عن المواد التي تميل إليها ، ودرسوا مئات من العقاقير الطبية ، وركبوا مئات منها (11) وأشار في موضع آخر إلى استخدام الحقن فقال : ومن الأدوية المركبة الحقنة … في الدبر وفي قبل المرأة ، وكذلك المراهم التي يعالج بها الجراحات والقروح ، وكثيرًا ما نجد عبارة " جربته " ومجرب " (12) عند وصفهم للأدوية.
ويقول أيضا: " وأضافوا إلى علم الأقرباذين العنبر والكافور وخيار الشنبر والقرنفل العطري والزنبق والسنالمكي والمر ، وأدخلوا في الأدوية مستحضرات طبية جديدة ، منها : أنواع الشراب , والجلاب , وماء الورد وما إليها، وكان من أهم الأعمال التجارية بين إيطاليا والشرق الأدنى استيراد العقاقير العربية، وكان المسلمون أول من أنشأ مخازن للأدوية والصيدليات، وهم الذين أنشئوا أول مدرسة للصيدلة " (13).
ولا يكاد الطب الحديث يزيد شيئًا على ما وصفوه من العلاج للجدري والحصبة ، وقد استخدموا التخدير بالاستنشاق في بعض العمليات الجراحية ، واستعانوا بالحشيش وغيره من المخدرات في النوم العميق (14) .
وهم أول من أدخل تغليف الحبوب بالذهب والفضة، وأول من حضّر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة .... واستخدموا في عمليات الترشيح والتبخير والتذويب ( الصهر ) والتبلور أدوات طبية تشبه الآلات المستخدمة حديثًا , مثل البوط والبوتقة والراط والمسبكة "القالب " والمكوى والماسك والمبرد والملعقة والمقص والمطرقة والمنفاخ والأتون والأثال والإنبيق والتنور والحريرة والدرج والرادوف من الخيش والسلة أو القفص والسكرجة والصلابة والقابلة والقارورة والقدور والقمع والمنخل والمهراس والنشابة والميزان لوزن وتقدير الثقل (15).
واستخدموا المباضع لإجراء العلميات الجراحية (16) والإبرة المجوفة لامتصاص ماء العين (17) وقاموا بتجريب الدواء على الحيوان لمعرفة مدى فاعليته وآثاره الجانبية قبل تناول البشر له (18) وسبقوا العالم الحديث في ذلك ، واستفادوا من الحشرات التي يظن أنها ضارة ولا يرجى منها فائدة مثل الذباب الذي يقول عنه الجاحظ :" من منافع الذباب أنها تحرق وتخلط بالكحل، فإذا اكتحلت به المرأة كانت عينها أحسن ما يكون وقيل: إن المواشط تستعمله (19).
وابتكروا منذ وقت مبكر أدوية للأمراض التي يُظن أنها لم تعالج إلا حديثًا مثل العقم ، فقد ذكر ابن العديم أن مسلمة بن هشام بن عبد الملك كان لا ينجب فوصف له برمك جد البرامكة دواء فتعالج به (20) ومثل السكتة الدموية أو انفجار المخ ، والذي يعد من أخطر الأمراض العصرية، وذلك عن طريق الجراحة واستخراج الدم الفاسد (21) واستطاعوا تحديد نوع الجنين ذكرا أم أنثى في الشهور المتقدمة من الحمل عن طريق فحص بول الأم (22).
ووضعوا من القواعد الصحية ما تنادي به منظمات الصحة العالمية الآن مثل ضرورة الاقتصاد في استعمال الأدوية قدر الإمكان ، يقول أحدهم: " لا تشرب الدواء إلا وأنت محتاج إليه، فإن شربته من غير حاجة ولم يجد داء يعمل فيه ،وجد صحة يعمل فيها ، فيحدث ضررًا "(23) ويقول الآخر:" مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية! ومهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب ! (24) ويقول ثالث : "دافع الدواء ما وجدت مدافعًا ! ولا تشربه إلا من ضرورة ! فإنه لا يصلح شيئًا إلا أفسد مثله (25) ..
وتوصلوا إلى أن الأحوال النفسية تؤثر في البدن تأثيرًا قويًا وفي صحة المريض سلبًا وإيجابًا (26).
وهذا التطور في المجال الطبي عند المسلمين كان له أثر على البشرية جمعاء , وما زال الناس يعترفون بفضل الأطباء المسلمين مثل : ابن سيناء والرازي (27) الذين عاشا في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي , وقد ظلت مؤلفاتهم الطبية , تدرس في الغرب حتى القرن السادس عشر الميلادي ، بل وعلقت لهما بمدرسة الطب بجامعة باريس صورتان ملونتان (28)
وقد لعبت الحكومات الإسلامية دورا هاما في ازدهار المجال الطبي , إذ كانوا ينظمون هيئات من الأطباء يطوفون في مختلف البلاد ليعالجوا المرضى، كما كان الأطباء يذهبون في كل يوم إلى السجون ليعالجوا نزلاءها (29) كما كان بعضهم يقوم بتوزيع الأدوية على المرضى في أوقات انتشار الأمراض دون أي مقابل (30) .
وأقاموا المستشفيات وأوجدوا لها الأطباء في كل التخصصات حسب احتياجات كل بلد , فكان بمستشفى دمشق عام 978م على سبيل المثال أربعة وعشرون طبيبًا (31) .
وبرع من المتخصصين في صناعة الأدوية كثير من العلماء خلال العصر العباسي مثل أبي عبد الله محمد بن سعيد التميمي وكان مقيمًا بالقدس، وكان له غرام وعناية فائقة في تركيب الأدوية ، وحسن اختيار مادتها ، وعنده غوص بأمور هذا النوع ، واستغرق في طلب غوامضه ، وهو الذي أكمل الترياق الفاروق بما زاده فيه من المفردات ، وذلك بإجماع الأطباء على أنه الذي أكمله .
وشجعه على ذلك الحسن بن عبد الله بن طغج الإخشيدي ، وكان مغرمًا به وبما يعالجه من المفردات والمركبات، وعمل له عدة معاجين ولخالخ طبية ودخنا دافعة للوباء, وسطر ذلك في أثناء مصنفاته ، وكذلك الوزير ابن كلس حيث أهدى له هذا العالم كتابًا سماه مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأبدان (32) .
ولنسمع له وهو يصف أحد أدويته حيث يقول : هذا ترياق ألفته بالقدس ، وأحكمت تركيبه ، مختصر نافع الفعل ، دافع لضرر السمومات القاتلة الشريرة والمصحوبة في الأبدان بلسع ذوات السم من الأفاعي والثعابين ، وأنواع الحيات المهلكة والعقارب …. وغيرها ، وذوات الأربع والأربعين رجلاً .. مجرب ليس له مثيل ، ثم قدم لنا وصفًا دقيقًا للأشجار التي يأخذ منها مواده الأولية وأوقات جمعها ، وكيفية عجن هذا الدواء (33) .
واشتهر من العلماء في صناعة الأدوية أيضًا أبو عثمان الدمشقي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي ( القرن الرابع الهجري) وابن دينار الذي عاش في القرن الحادي عشر ( القرن الخامس هـ ) والذي كان خبيرًا بصناعة الأدوية , وينسب إليه دواء الشراب المعروف بالديناري وله كتاب الأقرباذين (34) وابن بطلان الذي عاش في القرن الخامس الهجري( الحادي عشر الميلادي) (35)وغيرهم الكثير الذين امتلأت خزائن المستشفيات بما أنتجوه من أدوية (36) .
وكان منهم من يقوم بصناعة الأدوية وتوزيعها مجانًا على المحتاجين مثل أحمد بن عبد الملك الهاشمي الذي كان يعد العلاجات والأدوية والأشربة التي لا توجد عند أحد إلا هو(37).
وشاع بيعها في الحوانيت الخاصة بها والمنتشرة في سائر البلاد الشامية(38) على اختلاف أصنافها حتى قال المقدسي : "وبه ـ الشام ـ عقاقير كل دواء" (39).
الأحد 16 مارس - 16:45 من طرف love for ever
» عالم مصريات ألماني يضع نظرية جديدة عن أصل الاهرام
الثلاثاء 24 ديسمبر - 9:08 من طرف adel.ebied.14
» فرح جامد آخر حاجه
الأحد 11 مارس - 7:46 من طرف عمرو سليم
» ملحمة الثورة في السويس
الأربعاء 27 أبريل - 3:54 من طرف عادل
» موقعة الجمل 2-2-2011
الأحد 24 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» معركة قصر النيل في يوم جمعة الشهداء (الغضب) 28 -1 - 2011
السبت 23 أبريل - 3:10 من طرف عادل
» احداث يوم 25 يناير في ميدان المطرية
السبت 23 أبريل - 1:24 من طرف عادل
» تفاصيل يوم الغضب "25 يناير" لحظة بلحظة
السبت 23 أبريل - 1:20 من طرف عادل
» كتاب حقيقة البهائية لدكتور مصطفى محمود
الجمعة 22 أبريل - 8:01 من طرف هشام الصفطي
» لماذا قامت الثورة ؟
الخميس 21 أبريل - 7:51 من طرف Marwan(Mark71)
» مواهب خرجت من رحم الثورة
الخميس 21 أبريل - 2:55 من طرف سعاد خليل
» تفاصيل يوم الغضب الثالث "27 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:52 من طرف صبري محمود
» تفاصيل يوم الغضب الثاني "26 يناير" لحظة بلحظة
الأربعاء 20 أبريل - 3:39 من طرف صبري محمود
» مصابي موقعة الجمل في يوم 2-2- 2011
الثلاثاء 19 أبريل - 13:24 من طرف عادل
» الثورة المصرية بالطريقة الهتلرية
الثلاثاء 19 أبريل - 13:19 من طرف عادل
» المتحولون
الثلاثاء 19 أبريل - 10:28 من طرف عادل
» دعوات للنزول للمشاركة في يوم 25
الإثنين 18 أبريل - 20:51 من طرف عادل
» لقاءات مع بعض الثوار بعيدا عن برامج التوك شو
الإثنين 18 أبريل - 0:15 من طرف عادل
» الثورة الضاحكة ( مواقف وطرائف )
الأحد 17 أبريل - 23:20 من طرف عادل
» يوميات الثورة فيلم وثائقي من انتاج bbc
الأحد 17 أبريل - 20:21 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في سوهاج
الأحد 17 أبريل - 20:07 من طرف عادل
» احداث ثلاثاء الصمود 8-2-2011 في مدينة جرجا بسوهاج
الأحد 17 أبريل - 19:54 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في محطة الرمل بالاسكندرية
الأحد 17 أبريل - 4:00 من طرف عادل
» احداث يوم الغضب 25 يناير في شبرا
الأحد 17 أبريل - 2:12 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في شبرا
الأحد 17 أبريل - 1:36 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في حدائق القبة
الأحد 17 أبريل - 0:44 من طرف عادل
» احداث يوم جمعة الشهداء ( الغضب ) في ميدان المطرية
الأحد 17 أبريل - 0:10 من طرف عادل
» يوم 24 يناير ما قبل ساعة الصفر
الخميس 14 أبريل - 21:45 من طرف عادل
» اول ساعة ثورة
الخميس 14 أبريل - 20:47 من طرف عادل
» ثم ماذا بعد ؟
الخميس 14 أبريل - 19:18 من طرف عادل
» ذكريات اول ايام الثورة
الخميس 14 أبريل - 19:13 من طرف عادل
» ندااااااااء
الخميس 23 ديسمبر - 13:58 من طرف love for ever
» دحمبيش الغربيه
الخميس 23 ديسمبر - 13:53 من طرف love for ever
» الحجاب والنقاب في مصر
الخميس 23 ديسمبر - 13:52 من طرف love for ever
» كل سنه وكلكوا طيبيبن
الإثنين 15 نوفمبر - 13:44 من طرف love for ever
» لماذا الصمت والسكوت عن هؤلاء
الأحد 31 أكتوبر - 5:57 من طرف هادي
» شخصيات خلبية وهزلية
الأحد 31 أكتوبر - 5:47 من طرف هادي
» msakr2006
السبت 30 أكتوبر - 5:49 من طرف marmar
» ente7ar007
السبت 30 أكتوبر - 5:46 من طرف marmar
» Nancy
السبت 30 أكتوبر - 5:44 من طرف marmar
» waleed ali
السبت 30 أكتوبر - 5:42 من طرف marmar
» hamedadelali
السبت 30 أكتوبر - 5:41 من طرف marmar
» ياسر عشماوى عبدالفتاح
السبت 30 أكتوبر - 5:39 من طرف marmar
» علي عبد الله رحاحلة
السبت 30 أكتوبر - 5:38 من طرف marmar
» sheriefadel
السبت 30 أكتوبر - 5:36 من طرف marmar
» خالد احمد عدوى
السبت 30 أكتوبر - 5:33 من طرف marmar
» khaled
السبت 30 أكتوبر - 5:29 من طرف marmar
» yasser attia
السبت 30 أكتوبر - 5:28 من طرف marmar
» abohmaid
السبت 30 أكتوبر - 5:26 من طرف marmar
» ملك الجبل
السبت 30 أكتوبر - 5:24 من طرف marmar
» elcaptain
السبت 30 أكتوبر - 5:21 من طرف marmar
» حاتم حجازي
السبت 30 أكتوبر - 5:20 من طرف marmar
» aka699
السبت 30 أكتوبر - 5:19 من طرف marmar
» wasseem
السبت 30 أكتوبر - 5:16 من طرف marmar
» mohammedzakarea
السبت 30 أكتوبر - 5:14 من طرف marmar
» حيدر
السبت 30 أكتوبر - 5:12 من طرف marmar
» hamadafouda
السبت 30 أكتوبر - 5:10 من طرف marmar
» كل سنه وألأمه الأسلاميه بخير
الجمعة 24 سبتمبر - 4:02 من طرف love for ever
» same7samir
الأحد 18 يوليو - 9:26 من طرف love for ever
» تامر الباز
الجمعة 9 يوليو - 7:31 من طرف love for ever
» تعالوا نلضم اسمينا الفلة جنب الياسمينا
الجمعة 11 يونيو - 7:37 من طرف love for ever
» امجد
الأحد 16 مايو - 8:42 من طرف marmar
» ahmedelmorsi
الأحد 16 مايو - 8:40 من طرف marmar
» محمد امين
الأحد 16 مايو - 8:38 من طرف marmar
» MrMoha12356
الأحد 16 مايو - 8:36 من طرف marmar
» نوسه الحلو
الأحد 16 مايو - 8:34 من طرف marmar
» ibrahem545
الأحد 16 مايو - 8:32 من طرف marmar
» يوسف محمد السيد
الأحد 16 مايو - 8:30 من طرف marmar
» memo
الأحد 16 مايو - 8:27 من طرف marmar
» هاكلن
الأحد 16 مايو - 8:25 من طرف marmar
» لماذا نريد التغيير
السبت 15 مايو - 22:02 من طرف نرمين عبد الله
» دعوة للتوقيع "فعليا" على بيان الجمعية الوطنية للتغيير
السبت 15 مايو - 8:13 من طرف طائر الليل الحزين
» السياسيون والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 5:40 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود 2
الخميس 13 مايو - 3:07 من طرف osman_hawa
» الفساد في مصر بلا حدود
الخميس 13 مايو - 2:56 من طرف osman_hawa
» العمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 2:23 من طرف osman_hawa
» رجال الأعمال والتغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:43 من طرف osman_hawa
» الطلبة و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 1:16 من طرف osman_hawa
» الأدباء و التغيير السياسي في مصر
الخميس 13 مايو - 0:57 من طرف osman_hawa
» فلاحون مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:41 من طرف osman_hawa
» علماء مصر و التغيير السياسي
الخميس 13 مايو - 0:30 من طرف osman_hawa
» معا ننقذ فؤادة
الإثنين 26 أبريل - 21:49 من طرف marmar
» وثيقة المثقفين لتأييد البرادعى
الإثنين 26 أبريل - 5:34 من طرف طائر الليل الحزين
» نوام بالبرطمان يطالبون باطلاق الرصاص علي المطالبين بالاصلاحات الدستورية
الإثنين 26 أبريل - 4:28 من طرف طائر الليل الحزين
» أول مناظرة رئاسية بين أيمن نور وحمدين صباحي
الإثنين 26 أبريل - 4:17 من طرف طائر الليل الحزين
» لقاءقناة العربيه مع الدكتور محمد البرادعي
الإثنين 26 أبريل - 2:31 من طرف طائر الليل الحزين
» مبارك يهنئ إسرائيل بعيد تأسيسها واحتلال فلسطين وهزيمتها لمصر
الجمعة 23 أبريل - 11:33 من طرف love for ever
» حوده
الخميس 22 أبريل - 10:47 من طرف marmar
» وليد الروبى
الخميس 22 أبريل - 7:55 من طرف اشرف
» dr.nasr
الخميس 22 أبريل - 7:52 من طرف اشرف
» المشير أحمد إسماعيل
الإثنين 19 أبريل - 9:44 من طرف osman_hawa
» تحية اعزاز وتقدير في يوم العزة والكرامة, الي شهداء 10 رمضان
الإثنين 19 أبريل - 9:03 من طرف osman_hawa
» wessam
الإثنين 19 أبريل - 7:26 من طرف اشرف
» عذب ابها
الإثنين 19 أبريل - 7:23 من طرف اشرف
» soma
الإثنين 19 أبريل - 7:22 من طرف اشرف
» islam abdou
الإثنين 19 أبريل - 7:18 من طرف اشرف
» رسالة ترحيب
الإثنين 19 أبريل - 7:05 من طرف marmar
» الحقيقة حول ما حدث يوم 6 ابريل
السبت 17 أبريل - 10:44 من طرف marmar
» اصول العقائد البهائيه
السبت 17 أبريل - 10:20 من طرف marmar